ج1 - ف45

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الأول

 

45- (أن نحبّ يعني إرضاء مَن نحبّ بما يتجاوز الإحساس والمنفعة)

 

04 / 05 / 1944

 

تقول مريم:

 

«لن أضيف الشيء الكثير، فكلامي أصبَحَ عِبرة.

 

إنّي ألفت انتباه العروسات إلى نقطة هامّة. ارتباطات كثيرة قد انحَلَّت بسبب خطأ النساء اللواتي لا يتحلّين بهذا الحبّ الذي هو كلّ شيء: لُطف، عطف، رعاية وَدودَة، وعزاء للزوج. إنّ الرجل لا تُرهِقه المعاناة الجسمانيّة التي تُرهِق كاهل المرأة، إنّما يُرهِقه ثِقل كلّ الهموم المعنويّة: ضرورة العمل، القرارات الحاسمة، المسؤوليّة تجاه كلّ السلطات الشرعيّة وتجاه عائلته ذاتها... آه! كم مِن الأشياء لا تُرهِق الرجل! وكم هو كذلك بحاجة إلى السلوان! أمّا الأنانيّة فتكمن في أن تزيد المرأة على كاهل الرجل الـمُتعَب والـمُحبَط والـمُنتَقَص قدره والـمَهموم، ثِقل شكاواها غير المجدية وأحياناً غير الصحيحة وغير العادلة. كلّ ذلك لأنّها أنانيّة. فهي لا تحبّ.

 

الحبّ ليس البحث عن إرضاء الأحاسيس أو الاهتمامات الشخصيّة. إنّما الحبّ هو إرضاء مَن نحبّ بتجاوز الإحساس والمنفعة، هو أن نمنَح روحه المساعدة التي تحتاجها ليستطيع المحافظة على جناحيه مفتوحتين في سماوات الرجاء والسلام.

 

نقطة أخرى ألفت انتباهكم إليها. لقد تكلّمتُ عنها سابقاً، ولكنّي ألحّ عليها: الثقة بالله. فالثقة تُلخِّص في ذاتها كلّ الفضائل الإلهيّة. والتحلّي بالثقة يعني التحلّي بالإيمان. التحلّي بالثقة يَفتَرِض الرجاء. التحلّي بالثقة يعني اختبار الحبّ. ففي حبّ شخص والرجاء والإيمان به تكمن الثقة. وغير هذا فلا. الله يستحقّ مثل هذه الثقة التي يجب أن تكون ثقتنا نحن. فإذا كنّا نَمنَحها لأناس مساكين، قادرين على عدم الاستجابة، فلماذا نحجبها عن الله الذي لا يُقَصِّر معنا أبداً؟

 

الثقة هي أيضاً تواضُع. يقول المتكبّر: "أنا أكتفي بذاتي. أنا لا أثق بهذا لأنّه عاجز، كاذب ومغرور" أمّا المتواضع فيقول: "أنا أثق به. ولماذا لا أثق به؟ لماذا ينبغي لي أن أفكّر بأنّني أفضل منه؟" وبإدراك أكثر يتكلّم هكذا عن الله: "لماذا ينبغي لي ألّا أَثِق بـمَن هو صالح؟ لماذا ينبغي لي أن أفكّر أنّني أستطيع الاكتفاء بذاتي؟" الله يُعطي ذاته للمتواضع ولكنّه يَبتَعِد عن المتكبّر.

 

الثقة هي أيضاً طاعة. والله يحبّ المطيع. والطاعة تعني أن نتعرّف على بعضنا كأبناء له وأن نعرف الله أباً لنا. ولا يستطيع الأب سوى أن يحبّ عندما يكون أباً حقيقيّاً. والله هو أبونا الحقيقيّ، وهو أب كامل.

 

النقطة الثالثة التي أريدكم أن تتأمّلوا بها، وهي ترتكز دائماً على الثقة. لا يمكن أن يَحدُث شيء دون إذن الله. هل أنتَ قادِر؟ فأنتَ كذلك لأنّ الله قد سَمَحَ به. هل أنتَ خاضِع للسلطة؟ فأنتَ كذلك لأنّ الله قد سَمَحَ به.

 

اعْمَل إذاً أيّها القادر على ألّا ترتكب بِقُدرَتكَ شرّاً. فسيكون ذلك دائماً "شرّكَ" حتّى ولو كان في البداية شرّ الآخرين. لأنّه إن سَمَحَ الله فلا يَسمَح بكلّ شيء، وإذا ما تجاوَزتَ الحدود فإنّه يضربكَ ويحطّمكَ. مِن ناحيتكَ، يا مَن أنتَ مجرّد فاعل، اجتَهِد في أن تجعَل مِن هذا الظَّرف الذي هو ظَرفكَ مغناطيساً يَجذب إليكَ الحماية السماويّة. ولا تَلعَن أبداً. دع ذلك لله. فله، هو ربّ كلّ الناس، له وحده أن يُبارِك أو يَلعَن مخلوقاته.

 

اذهبي بسلام.»