ج5 - ف8

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الخامس/ القسم الأول

 

8- (العاصفة والمعجزات على السفينة)

 

05 / 11 / 1945

 

البحر الأبيض المتوسط هو امتداد واسع لمياه زرقاء مشوبة بالأخضر، تتلاطم بعنف تحت شكل أمواج مرتفعة، يعلوها الزّبد. ما مِن ضباب اليوم. ولكنّ مياه البحر، إذ تُذَرّ بفعل صدمات الأمواج المتواصلة فيما بينها، تتحوّل إلى غبار مالح، حارق، يَلِج حتّى إلى ما تحت الثياب، يجعل العينين تحمرّان، يَحرِق البلعوم، ويبدو وكأنّه ينتشر في كل مكان كوِشاح مِن مسحوق ملحيّ، وكذلك في الهواء الذي يجعله غَبِشاً كما بفعل ضباب خفيف، وعلى الأغراض التي تبدو موشّاة بطحين بَرَّاق: الكريستالات الـمِلحيّة الناعمة. وذلك يكون حيث لا تَصِل صفقات الأمواج، أو بالحريّ غسلها الفعال الذي يغسل سطح السفينة مِن طرف لآخر، متهافتاً إلى الداخل، متجاوزاً تأزيرها، ليعود بعد ذلك فيسقط في البحر محدثاً صوت شلّال مِن خلال الفتحات المقابلة في التأزير.

 

تعلو السفينة وتنخفض كقشّة تحت رحمة المحيط. إنّها لا شيء في مواجهة الآخَر. تصرّ وتنتحبّ مِن القعر حتّى أعلى السارية... البحر معلّم حقيقيّ والسفينة بالنسبة إليه لعبة…

 

لا أحد على السطح ما عدا العاملين، ولا بضائع. فقط قوارب الإنقاذ. ورجال الطاقم، وعلى رأسهم نيقوميدوس، عُراة، يتأرجحون مع ترنّح السفينة، يركضون هنا وهناك إلى ملاذ أو إلى الأعمال التي أَصبَحَت أكثر صعوبة على السطح المبلَّل والزَّلِق.

 

الروزنات (فتحات في سطح السفينة تؤدّي إلى الأسفل) المغطّاة لا تسمح برؤية ما يحدث تحت السطح. ولكنّني لا أظنُّ أنّ الذين في الداخل هُم في سكون!...

 

لستُ أتوصّل إلى إدراك الموقع، إذ ليس هناك سوى البحر يحيط بالسفينة، وفي البعيد شاطئ يبدو كثير الجبال، جبال حقيقيّة وليست تلالاً. أظنُّ أنّ الإبحار دام أكثر مِن يوم، إذ يبدو جليّاً أنّها ساعات الصباح، ذلك أنّ الشمس التي تَظهَر وتغيب في الغيوم الكثيفة، ما تزال في جهة الشرق.

 

أظنُّ أن تقدّم السفينة قليل جدّاً رغم الحركة التي تهزّها، ويبدو أنّ هياج البحر يزداد باطّراد.

 

وبصوت رهيب تُفلِت قِطعة مِن السّارية، لا أعرف تماماً اسم هذا القسم منها، وبسقوطها، وقد أضحى يجرفها سيل الماء المتسارع على السطح، والمترافق بزوبعة، تُحطِّم قطعة مِن التأزير.

 

يُفتَرَض أن يتولَّد لدى الذين في الداخل الانطباع بأنّهم يَغرَقون... وللبرهان، بعد لحظة، يُرى باب روزنة يُفتح ويَبرُز رأس بطرس الذي يخطّه الشَّيب. يَنظُر، يَستَطلِع، ويُغلِق في الوقت المناسب ليمنع سيل ماء مِن النزول عبر الروزنة المفتوحة، إنّما، فيما بعد، بعد توقّف الموج، يَفتَح مجدّداً ويَقفِز إلى الخارج. يتمسّك بالدعامات، يُراقِب ذاك الجحيم الذي هو البحر، وتعبيراً عن كلّ تعليق، يُصفّر ويئنّ.

 

يراه نيقوميدوس ويصيح: «اذهب! أَغلِق هذا الباب، إذا ثَقلت السفينة نغرق إلى الأعماق. يكفي أنّني لم أضطرّ على رمي الحمولة في البحر... لم أُصادِف في حياتي مثل هذه العاصفة! أقول لكَ اذهب! لا أريد رؤية عاملين بالأرض يُعيقون حركتنا. فهذا المكان ليس للبستانيّين، هنا، و...» لم يستطع إكمال الجملة لأنّ موجة أخرى كَنَسَت السطح وقد غطَّت كلّ ما كان عليه.

 

«أرأيتَ؟» يَصيح في وجه بطرس المبلّل.

 

«أرى، ولكنّ ذلك لا يثيرني. فأنا لستُ قادراً فقط على العناية بالبساتين. لقد وُلِدتُ على المياه، صحيح أنّها مياه البحيرة... ولكن حتّى البحيرة!... قبل أن أكون... فلّاحاً كنتُ صياداً وأَعرِف...»

 

بطرس هادئ جدّاً ويُجيد مجاراة الترنّح بشكل رائع بساقيه المتباعدتين والمفتولتيّ العضلات. ويلاحظ الكريتيّ ذلك بينما هو يتحرّك ليدنو منه.

 

«ألستَ خائفاً؟» يَسأَله.

 

«مطلقاً!»

 

«والآخرون؟»

 

«ثلاثة منهم صيّادون مثلي، أو بالحريّ كانوا كذلك... الآخرون، ما عدا المريض، أقوياء.»

 

«حتّى المرأة؟... انتبه! انتبه! تمسّك!»

 

سيل آخر يجتاح السطح. ينتظر بطرس عبوره، ثمّ يقول: «هذا الـمِرشّ هو الترحيب في هذا الصيف... صبراً! كنتَ تسألني ماذا تعمل المرأة؟ إنّها تصلّي... ويجدر بكَ أن تفعل مثلها، أنتَ كذلك. ولكن أين نحن الآن بالضبط؟ في قناة قبرص؟»

 

«ليته كان كذلك! لكنتُ رسوتُ في الجزيرة في انتظار السكون. إنّنا بالكاد في مستعمرة جوليا، أو بيريتس [بيروت] إن شئتَ. والآن يحصل ما هو أسوأ... هذه الجّبال هي جبال لبنان.»

 

«ألا يمكنكَ الدخول هنا ، في هذا البلد؟»

 

«المرفأ ليس صالحاً، وفيه صخور بحريّة خَطِرَة. مستحيل! انتبه!»

 

زوبعة أخرى، وقطعة أخرى مِن السارية تذهب بعد أن تَجرَح أحد الرجال، الذي لم تجرفه الموجة فقط لأنّه أرتطم بأحد الحواجز.

 

«امضِ إلى أسفل! امضِ إلى أسفل! أترى؟»

 

«أرى، أرى... ولكن هذا الرجل؟...»

 

«إذا لم يكن قد مات، فإنّه سيستعيد وعيه. لا يمكنني الاعتناء به... فأنتَ تراه!...» بالفعل كان على الكريتيّ أن يجعل عينه على كلّ شيء مِن أجل حياة الجميع.

 

«أعطني إيّاه، المرأة تعتني به...»

 

«افعل ما تشاء، إنّما اذهب!...»

 

يتزحلق بطرس حتّى يَصِل إلى الرجل الذي بلا حراك، يمسكه من إحدى قدميه ويسحبّه إليه. ينظر إليه، يُصفِّر... يُتمتِم: «رأسه مفتوح مثل رمّانة ناضجة. كان يجب أن يكون السيّد هنا... آه! لو كان هنا! أيّها الربّ يسوع! يا معلّمي، لماذا تركتنا؟» يرتجف صوته مِن الألم…

 

يَحمِل المحتضِر على كتفيه والدماء تسيل عليه، ويعود إلى الروزنة. ويصيح عليه الكريتيّ: «تعب بلا جدوى. لا يمكن فِعل شيء. أنتَ تراه!...»

 

ولكنّ بطرس، على حاله حاملاً الرجل، يشير إليه كما ليقول: «سوف نرى» ويلتَصِق بسارية ليُقاوِم موجة جديدة، ثمّ يَفتَح الروزنة ويهتف: «يعقوب، يوحنّا، إلى هنا!» وبمساعدتهما يُنـزِل الجريح ويَنـزِل هو كذلك مُغلِقاً الروزنة.

 

على نور المصابيح المدلّاة المدخّنة يَرَون أنّ بطرس مغطّى بالدماء فيسألونه: «هل أنتَ جريح؟»

 

«أنا، لا. إنها دماء ذاك... لكن... صلّوا لكي... سِنْتيخي، أنظري هنا قليلاً. لقد قلتِ لي يوماً إنّكِ تُجيدين مداواة الجرحى. أنظري إلى هذا الرأس، إذن...»

 

تكفّ سِنْتيخي عن مؤازرة يوحنّا الذي مِن عين دور المتألّم كثيراً، لتُقبِل إلى الطاولة التي تَمدَّد المسكين عليها وتَنظُر…

 

«جرح سيّئ! رأيتُه مرّتين، لدى عبدين، الواحد جَرَحه سيّده، والآخر بصخرة في كابارولا. يلزمنا ماء، الكثير مِن المياه لغسل الجرح وإيقاف النـزف...»

 

«إذا كنتِ لا تريدين سوى الماء!... فلدينا منه الكثير! تعال يا يعقوب، ومعكَ الدلو الخشبي. إذا حملناه معاً أفضل.»

 

يمضيان ويَعودان وهما يتصبّبان عرقاً. وسِنْتيخي، بِقِطع مِن قماش مبلّل، تغسل قفا العُنق وتضع الكمّادات عليه، فالعظم مكشوف. في هذه الأثناء يفتح الرجل عينيه، عينين مُبهَمَتين، ويتلعثم مُحشرِجاً. وقد أَخَذَه خوف غريزي مِن الموت.

 

« هدوءاً! هيّا! الآن ستُشفى» تقول له اليونانيّة بلهجة أموميّة لتشدّ مِن عزيمته، وتقولها له باليونانيّة، لأنّه هو يتكلّم اليونانيّة.

 

يَنظُر إليها الرجل، ورغم دواره، يَنظُر إليها مندهشاً وهو يَشرَع بابتسامة عندما يَسمَع مَن يتحدّث بلغته الأُمّ. يبحث عن يد سِنْتيخي... الرجل الذي يتحوّل إلى طفل عندما يتألّم، ويبحث عن المرأة التي هي في هذه الحال أُمّ دائماً.

 

«سوف أُجرّب مرهم مريم» تقول سِنْتيخي عندما يَخفّ نزف الجرح.

 

«ولكنّه مِن أجل الآلام» يَعتَرِض متّى الأصفر كالميت، لستُ أدري إذا ما كان هذا مِن جرّاء تأثير البحر، أو بسبب منظر الدم، أم الاثنين معاً.

 

«آه! إنّ مريم هي التي صَنَعَته بيديها! وأدهنه وأنا أُصلّي... صلّوا أنتم أيضاً. لا يمكن أن يُسبِّب أيّ أذى. فالزيت هو دائماً بمثابة دواء...»

 

تتوجّه إلى كيس بطرس، تأخذ منه إناء، أظنّه مِن البرونز، تفتحه، تأخذ قليلاً مِن المرهم، تُسخِّنه على أحد المصابيح في غطاء الإناء نفسه. تمدّه على قطعة مِن القماش مطويّة وتضعها على جرح الرأس. ثمّ تضمّده مشدوداً جيّداً بواسطة قِطَع مِن كتّان قَصَّتها كضمادات. تضع معطفاً مطويّاً تحت رأس الجريح الذي يبدو وكأنّه قد سَكَن، وتَجلُس إلى جانبه وهي تصلّي. ويُصلّي الآخرون أيضاً.

 

على السطح ما يزال الترنّح: لا تكفّ السفينة عن الهيجان والغوص. وبعد برهة، تُفتح الروزنة ويَلِج أحد الملّاحين مُسرِعاً إلى الداخل.

 

«ماذا هناك؟» يَسأَل بطرس.

 

«سوف نغرق. وأتيتُ لأخذ البخور والتّقادم مِن أجل قربان...»

 

«دعكَ مِن هذه القصص!»

 

«ولكنّ نيقوميدوس يريد تقديم القربان لفينوس! فنحن في بحرها...»

 

«الذي هو مجنون مثلها» يُتمتِم بطرس بصوت خافت. ثمّ بصوت أقوى «أنتم، تعالوا. هيّا بنا إلى السطح. قد يكون هناك ما يجب القيام به... هل أنتَ خائف مِن البقاء مع الجريح وهاذين الاثنين؟» الاثنان هما متّى ويوحنّا الذي مِن عين دور اللذان حطَّمَهُما دُوار البحر.

 

«لا، لا. اذهبوا» تُجيب سِنْتيخي.

 

ما أن يَخرُجوا إلى السطح حتّى يُقابلوا الكريتيّ الذي يُحاوِل إحراق البخور، ويدنو منهم هائجاً لِيُعيدهم إلى الداخل وهو يصيح: «ولكن ألا تَرَون أنّه إن لم تحدث معجزة فسوف نغرق؟ إنّها المرّة الأولى! المرّة الأولى مُذ بدأتُ الإبحار!»

 

«انتبه! سوف يقول الآن إنّه بسببنا قد حَصَلَ السحر المؤذي!» يُتمتِم يوضاس بن حلفى.

 

بالفعل يَصرُخ الرجل بصوت أقوى: «أيّها الإسرائيليون الملاعين، ماذا أنتم حتّى حملتم إليَّ هذه اللعنة؟ اخرجوا مِن هنا! لِأُقدِّم القربان لفينوس...»

 

«لا، أبداً. نحن مَن سيُقدِّمون القربان...»

 

«اخرجوا مِن هنا! أنتم كَفَرَة، أنتم شياطين، أنتم...»

 

«اسمعه! أُقسِم لكَ أنّكَ لو تركتنا نفعل فسترى المعجزة.»

 

«لا، بل اخرجوا من هنا!» ويُشعِل البخور ليرميه في البحر، حسب معرفته، مع سوائل كان قد قَدَّمَها وذاقها ومساحيق لستُ أعرفها. ولكنّ الأمواج تُطفِئ البخور، وبدل أن يَسكُن البحر يزيد هياجه، وهو يَكنس كلّ مستلزمات الطقس، وكاد أن يَكنس نيقوميدوس نفسه…

 

«ردّ رائع مِن آلهتكَ! الآن جاء دورنا. نحن أيضاً لدينا واحدة أكثر طهراً مِن هذه التي مِن زَبَد، ثمّ... أَنشِد يا يوحنّا، مثلما فعلتَ أمس، ونحن نساعدكَ، وسوف نرى قليلاً!»

 

«نعم، لنرَ قليلاً! ولكن إذا ما ساء الأمر أكثر، فإنّني أرميكم إلى البحر ذبائح تكفيريّة.»

 

«حسناً. هيّا يا يوحنّا.»

 

ويَصدَح يوحنّا بنشيده، يؤازره الآخرون جميعاً، حتّى بطرس الذي لا يُنشِد عادة أبداً، لأنّه يُنشّز (يَخرُج عن اللحن). أمّا الكريتيّ، فإنه يَنظُر إليهم، ذراعاه متصالبتان، وعلى ثغره ابتسامة نصف غاضبة، نصف ساخرة. ثمّ، بعد النشيد، يُصلّون والذراعان مفتوحتان. المفروض أنّهم يُصلّون "أبانا الذي"، إنّما يتلونها بالعبريّة، فلا أفهم شيئاً. ثمّ يُنشِدون بصوت أقوى. ويتابعون هكذا بالتناوب، دون خوف، دون انقطاع، رغم الأمواج التي تصفعهم. لم يعودوا يتمسّكون بالعواميد، ومع ذلك هُم مُفعَمون ثقة كما لو أنّهم يُشكِّلون كتلة واحدة مع أرضيّة السطح. والأمواج تفقد حقيقة عنفها رويداً، رويداً. وهي لا تتوقّف نهائياً، كما أنّ الريح لا تنقطع نهائيّاً. إنّما لم يعد الهياج السابق، كما أنّ الأمواج لم تعد تبلغ السطح.

 

وجه الكريتيّ أَصبَحَ قصيدة ذهول... يَنظُر إليه بطرس بطرف عينه ولا يتوقّف عن الصلاة. يبتسم يوحنّا ويُنشِد بشكل أقوى... يساعده الآخرون وهم يسيطرون على الدوام وبجلاء على الصخب، بينما البحر يَسكُن متّخذاً حركته الطبيعية والهواء نسيم.

 

«والآن، ما قولكَ؟»

 

«ولكن ماذا قلتم؟ ما تكون تلك الصيغة؟»

 

« إنّها صيغة الله الحقّ وخادمته القدّيسة. ارفع إذن الأشرعة وصَحِّح وضعها، هناك... ولكن أليست تلك جزيرة؟»

 

«نعم، إنّها قبرص... والبحر في قناتها أكثر سكوناً... أمر غريب! ولكنّ تلك النجمة التي تعبدونها مَن تكون؟ أليست فينوس؟»

 

«يُقال: التي تُجِلّون. لا نعبد إلّا الله. ليست فينوس. إنّها مريم، مريم التي مِن الناصرة، مريم أُمّ يسوع، مَسيّا إسرائيل.»

 

«والشيء الآخر، ما كان؟ لَم يَكُن مِن العبرية...»

 

«لا، بل كانت لهجتنا المحليّة، لهجة بحيرتنا، وطننا. ولكن لا يمكننا قول ذلك لكَ، فأنتَ وثنيّ. إنّه حِوار مع يهوه، ولا يمكن أن يَطَّلِع عليه سِوى المؤمنين. وداعاً يا نيقوميدوس. ولا تأسف على ما ذَهَبَ إلى الأعماق. وسحر مؤذ بالناقص مِمّا يَحمِل لكَ مِن البؤس. وداعاً، هيه؟ هل أنتَ مِن ملح؟»

 

«لا... ولكن... المعذرة... لقد أهنتُكم في البداية!»

 

«آه! دع عنكَ! إنّه نتيجة ال... عبادة فينوس... يا أولاد، هيّا بنا نرى الآخرين...» ويتوجّه بطرس إلى الروزنة وهو يضحك فَرَحاً.

 

ويتبعهم الكريتيّ: «اسمعوا! والرجل؟ هل مات؟»

 

«ولكن لا! قد نعيده إليكَ على الفور بصحّة جيّدة... إنّها فكاهة أخرى مِن... سِحرنا المؤذي...»

 

«آه! اعذروني! اعذروني! ولكن قُولوا، أين يمكن تَعلُّم ذلك، للحصول على العَون؟ أنا مستعدّ للدفع كثيراً مِن أجل ذلك...»

 

وداعاً يا نيقوميدوس! إنّها قصّة طويلة و...ليست متاحة. لا تُعطى الأشياء المقدّسة إلى الوثنيّين! وداعاً! كُن في صحّة جيّدة يا صديقي! كُن في صحّة جيّدة!»

 

وبطرس، يتبعه الجميع، يَهبط إلى ما تحت السطح وهو يضحك، بينما يضحك البحر الساكن كذلك، والريح الشماليّة تيسِّر الإبحار، بينما الشمس تميل إلى الغروب، وفي الشرق يرتسم ربع أوّل يميل إلى القمر البدر...