ج2 - ف11

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الثاني / القسم الأول

 

11- (لقد كان يوحنّا كذلك عظيماً بالتّواضُع)

 

14 / 10 / 1944

 

بخصوص الرؤيا السابقة يقول لي يسوع هذا الصباح:

 

«أريدكِ والجميع أن تُلاحِظوا سلوك يوحنّا، في إحدى نواحيه التي تُغفَل دائماً. تُقَدِّرونه لأنّه طاهِر ومُحِبّ ووفيّ، ولكنّكم لا تلاحظون أنّه كان عظيماً بتواضُعه.

 

إنّه، وهو الذي كان له الفضل في مجيء بطرس إليَّ، يُخفي بكلّ تواضُع تلك النقطة الخاصّة. إنّه الرَّسول إلى بطرس، وبالنتيجة أَوَّل رُسُلي، فلقد كان يوحنّا أوّل مَن عَرفني، أوّل مَن كلّمني، أوّل مَن تَبعني وأوّل مَن بَشَّر بي. ومع ذلك انظروا إلى ما يقوله: "وكان أندراوس أخو سمعان أحد اللذَيَن سَمِعا كلام يوحنّا فَتَبِعا يسوع. وأوّل مَن التقى به أخو سمعان فقال له: وَجَدنا مَسيّا. وجاء به إلى يسوع".

 

بإنصافه، إضافة إلى صلاحه، يَعرف أنّ أندراوس مُرتَبِك لكونه لا يمتلك سوى شخصيّة مُنغَلِقَة وخجولة، وهو يريد فعل أشياء كثيرة، إلّا أنّه لا يُوَفَّق في ذلك، وهو يريد للأجيال القادمة أن تَعرِف طِيب إرادته. إنّه يريد أن يبدو أندراوس أوّل رسول للمسيح بالنسبة إلى سمعان رغم أنّ خَجَله وتلاشيه أمام أخيه قد حَمَلاه على الفشل في رسالته.

 

بين الذين يَفعَلون شيئاً مِن أجلي، مَن تُراه يَعرِف الاقتداء بيوحنّا ولا يُظهِر نفسه الرسول الذي لا يُقارَن؟ إنّهم لا يفكّرون أنّ نجاحهم ناجم عن مجموعة أمور، والأمر لا يتعلّق بالقداسة فقط، بل إنّما بالشجاعة البشريّة كذلك وبالحظّ وبفعل التواجد أمام آخرين أقلّ جرأة أو أقلّ حظّاً، إنّما قد يكونون أكثر قداسة منهم.

 

بعد نجاح عظيم، لا تُمَجِّدوا أنفسكم كما لو أنّ الفَضل لا يعود إلّا لكم. سَبّحوا الله، ربّ العاملين في حقل الرسالة. فلتكن لديكم النظرة الصافية والقلب الصادق لملاحظة وإعطاء مَن له الحقّ بالثناء الذي يستحقّ. نظرة صافية لملاحظة الرُّسُل الذين حَقَّقوا التضحية، والذين كانوا الركائز الأولى الحقيقيّة في عمل الآخرين. وحده الله يَراهم، هؤلاء الخجولين الذين يبدون وكأنّهم لا يفعلون شيئاً وهم، على العكس مِن ذلك، الذين يُخفون في السماء النار التي تُنَشّط الجَسورين. فينبغي على القلب الصادق أن يقول: "أنا أعمل إنّما ذاك يمتلك مِن الحبّ أكثر منّي، يصلّي أفضل منّي، يضحّي بنفسه كما لا أعرف أنا أن أفعل، وكما قال يسـوع: ’...ادخل مخدعكَ وأَغلِق على ذاتكَ في الخفاء لتصلّي بالسرّ‘. أنا الذي أرى فضيلته الـمُتواضِعة المقدّسة، أريد أن أُعلِنها على الملأ وأقول: ’أنا الأداة الفاعلة وهو القوّة التي لا تتزعزع لأنّه باتّحاده بالله أتلقّى أنا، بواسطة قناته، القوّة مِن العلاء‘".

 

وبَرَكة الآب التي تنزل لِتُكافِئ الـمُتواضِع الذي يُضَحّي بذاته بِصَمت لِيُؤَمِّن القوّة للرُّسُل، تنزل كذلك على الرسول الذي يعترف بصدق بالعون فائق الطبيعة والصامت الذي يأتيه مِن الـمُتواضِع الذي لا يلاحظه الأشخاص السطحيّون.

 

خُذوا منه جميعكم الأمثولة. هل يوحنّا هو المفضّل لديَّ؟ نعم. إنّما أَلَم يُصبِح بعد لديه هذا الشبه بي؟ طاهِر ومُحِبّ ومُطيع ولكنّه مُتواضِع أيضاً؟ لقد كنتُ أرى نفسي فيه، وفيه أرى فضائلي. وكنتُ أحبّه لهذا السبب مثل شخصي الآخر. كنتُ أرى فيه نظرة الآب الذي يعتبره مسـيحاً صغيراً. ولقد كانت والدتي تقول لي: "بسـببه ينتابني الشــعور بأن لديَّ وَلَداً ثانيـاً. يبدو لي أنّي أراكَ أنتَ، متجدّداً فيه وهو ليس سوى إنسان".

 

آه! الممتلئة حكمة، كم كانت تعرفكَ يا محبوبي! فلازوردا قلبيكما بالطهارة الكاملة قد ذابا بوشاح وحيد ليُشكّلا لي حماية بالحبّ، وأصبَحَا حبّاً واحداً، حتّى قبل أن أعطي الأُمّ ليوحنّا ويوحنّا للأُمّ. لقد تحابّا ليتعرّفا على تشابُههما: أبناء وإخوة للآب والابن.»