ج4 - ف128

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الرابع / القسم الأول

 

128- (توجيهات للرُّسُل مِن أجل البدء بالتبشير)

 

28 / 08 / 1945

 

يسوع مع الرُّسُل، وجميعهم موجودون، مما يدل على أنّ يهوذا الاسخريوطيّ، بعد إنهاء عمله، قد انضمّ إلى رفاقه. إنّهم يَجلسون إلى الطاولة في بيت كفرناحوم. الوقت مساء. ضوء النهار الذي يتلاشى يَلِج مِن الباب والنوافذ المفتوحة على مصراعيها، وقد أَفسَحَت المجال لرؤية تحوّل أرجوان الغَسَق إلى الأحمر البنفسجيّ الخياليّ، المتهدِّب على أطرافه بتعرّجات مِن اللون البنفسجيّ إلى الرماديّ الداكن. وهذا ما يجعلني أُفكِّر بورقة أُلقِيَت في النار، وتلتَهِب كالفحم الذي أُلقِيَت فيه ولكنّها، على أطرافها، بعد الشُّعلة، تلتوي وتُطفَأ بلون الرصاص الـمُزرَقّ الذي ينتهي برماديّ لؤلؤيّ يكاد يكون أبيضاً.

 

«ستكون هذه حرارة.» يقول بطرس بأسـلوب الحِكَم مُشيراً إلى الغمامة الكبيرة التي تغطّي الغرب بتلك الألوان. «حرارة وليس ماء. إنّه ضباب وليس غَيماً. وأنا في هذه الليلة، سأنام في الـمَركَب لأكون في جوّ أكثر انتعاشاً.»

 

«لا. بل هذه الليلة سنمضي وسط بستان الزيتون. أودُّ أن أُكلِّمكم. ها قد عاد يهوذا الآن. وآن أوان الحديث. أعرف مكاناً مُهوّى. سنكون على ما يرام. انهضوا وهيّا بنا.»

 

«هل المكان بعيد؟» يَسأَلون وهُم يأخذون معاطفهم.

 

«لا، بل هو قريب جدّاً. على بُعدِ رَمية حجر مِن آخر بيت. يمكنكم ترك المعاطِف. في هذه الأثناء، خُذوا الصُّوفان والقدّاحة لِتَروا الطريق أثناء العودة.»

 

يَخرُجون مِن الغرفة التي في الأعلى، ويَهبطون السلّم بعد تحيّة ربّ البيت وزوجته اللذين يتنفّسان الهواء الرَّطب على الشُّرفة. يُدير يسوع ظهره إلى البحيرة، وبعد اجتياز البلدة، يقطع مائتين أو ثلاثمائة متر وسط أشجار الزيتون على رابيـة صغيرة أُولى موجودة خلف البلدة. يتوقّف على أَكَمَة، بِحُكم موقِعها المنفرد والخالي مِن العوائق، تستفيد مِن كلّ الهواء الذي يمكن الاستمتاع به في هذه الليلة الخانقة.

 

«فلنجلس وأعيروني انتباهكم. لقد آن الأوان بالنسبة إليكم لتُبشّروا. أوشَكتُ أن أكون في منتصف حياتي العلنيّة لتهيئة القلوب لملكوتي. آن الأوان ليُساهِم التلاميذ كذلك في تهيئة هذا الملكوت. الملوك يتصرّفون هكذا عندما يُقرِّرون غزو مملكة. في البداية يُحقّقون ويُعاشِرون الأشخاص ليتنبّهوا إلى ردود الفعل، ويَكسَبونهم للفكرة التي يَسعون وراءها. ثمّ يتوسّعون في التهيئة للمشروع مع إرسالهم كَشَّافين ذَوي ثِقة إلى البلد المراد اجتياحه. ويُرسِلونهم في أعداد متزايدة حتّى تُصبِح خصوصيّات البلد كلّها معروفة، الجغرافيّة منها والخلقيّة. ثمّ، بعد ذلك، يُتِمّ الـمَلِك عَمَله بإعلانه وتتويج نفسه مَلِكاً على هذا البلد. وللتوصّل إلى ذلك تسيل الدماء، لأنّ ثَمَن النصر دائماً هو الدم...»

 

«نحن جاهِزون للمحاربة مِن أجلكَ ولسفكِ دَمنا.» يَعِد الرُّسُل بالإجماع.

 

«لن أريق دماً غير دم القدّيس والقدّيسين.»

 

«هل تودُّ البدء باجتياح الهيكل وذلك بالغزو ساعة التّقادم؟...»

 

«نحن لا نَهذِي أيّها الأصدقاء. المستقبل ستعرفونه في حينه. لا ترتَجِفوا مِن الرعب. أؤكّد لكم أنّني لن أبلبل الاحتفالات بعنف الغزو. ومع ذلك سوف تَضطَرِب وسيكون مساء يَمنَع فيه الذُّعر الصلوات الطقسيّة. ذُعر الخَطَأَة. أمّا أنا في ذاك المساء فسأكون في سلام. في سلام بروحي وبجسدي. سلام كامل ومغبوط...»

 

يَنظُر يسوع إلى الاثني عشر، الواحد تلو الآخر، وكأنّه كان يَنظُر إلى الصفحة ذاتها اثنتي عشرة مرّة، ويقرأ اثنتي عشرة مرّة العبارة المكتوبة فيها: عَدَم فَهم. يبتسم ويُتابِع.

 

«لقد قرّرتُ أن أُرسِلكم لتَختَرِقوا إلى الأمام، إلى العمق، أكثر ممّا يمكنني فِعله وحدي. في هذه الأثناء سـتكون بين أسـلوبي في التبشير وأسلوبكم اختلافات تَفرضها الحِيطة، عليَّ استخدامها، لكيلا أُعرِّضكم إلى مصاعب كبيرة جدّاً، إلى أخطار هائلة لنَفْسكم وجسدكم، ولكيلا أُسيء إلى عملي. لَم تُصبِحوا مؤهَّلين بشكل كاف لتتمكّنوا مِن التصدّي لأيّ كان دون أذى لكم أو له، وأنتم ما زلتم أقلّ بطولة مِن أن تَتَحَدَّوا العـالم بالفكرة متجاوزين انتقامات العالم.

 

وكذلك في جولاتكم، لن تَمضوا لِتُبشّروا بي وسط الوثنيّين، ولن تَدخُلوا مُدُن السامريّين، بل سوف تَنطَلِقون إلى الخِراف الضالّة مِن بيت إسرائيل. ما زال هناك عمل كثير يجب القيام به بينها، فالحقّ أقول لكم إنّ الجُّموع التي تبدو لكم كثيرة جدّاً حولي، تُشكّل جزءاً مِن مائة مِن الذين يَنتَظِرون مَسيّا في إسرائيل، ولا يَعرِفونه، ولا يَعرِفون أنّه حيّ. احملوا لهم الإيمان ومعرفة شَخصي. بَشِّروا في طريقكم قائلين: "إنّ ملكوت السماوات قريب". وليكن هذا أساس ما تُعلِنون. وارتَكِزوا عليه في تبشـيركم. لقد سَمِعتُموني كثيراً أتحدّث عن الملكوت! وليس عليكم سوى ترديد ما قُلتُه لكم. ولكن لكي يُشَدَّ الإنسان ويقتَنِع بالحقائق الروحيّة، يحتاج إلى حلاوات مادّيّة، كما لو أنّه طفل أزليّ لا يَدرُس فَصلاً ولا يتعلّم مهنة، إن لم تُغْرِه أُمُّه بقطعة حلوى، أو يَعِده معلّم المدرسة أو معلّم الكار بمكافأة. وأنا، لكي تكون لديكم الوسيلة، كي يُصدِّقوكم ويبحثوا عنكم، فسوف أَمنَحكُم هِبة اجتراح المعجزات...»

 

يَهبّ الرُّسُل واقِفين، عدا يعقوب بن حلفى ويوحنّا، صارِخِين، مُحتجّين، مُنفَعِلين، كلّ حسب مزاجه.

 

في الحقيقة، اختيالاً بفكرة اجتراح المعجزة، وحده الاسخريوطيّ، بفعل اتّهام خاطئ باللاشعور، واهتمام، يصيح: «آن الأوان لنفعل ذلك كي يكون لنا الحدّ الأدنى مِن السُّلطة على الجموع!»

 

يَنظُر إليه يسوع، ولا يقول شـيئاً. بطرس والغيور اللذان كانا ما زالا يقولان: «لا يا معلّم! فنحن لسنا أهلاً لمثل هذه الأمور العظيمة! فهذا يعود للقدّيسين»، يُربِكان يهوذا الذي يقول له الغيور: «كيف تسمح لنفسكَ بأن تلوم المعلّم، أيّها الأبله المتكبّر؟» وبطرس: «الحدّ الأدنى؟ وماذا تريد أن تعمل أكثر مِن المعجزة؟ أن تُصبِح الله، أنتَ كذلك؟ هل لديكَ رغبة لوسيفوروس عينها؟»

 

«صمتاً!» يأمُر يسوع، ويُتابِع: «هناك ما هو أكثر مِن المعجزة، ويُقنِع الجموع أكثر، وبأكثر عمقاً وأكثر ديمومة: حياة قَداسة. ولكنّكم ما زلتم بعيدين عنها، وأنتَ يا يهوذا، أَبعَد مِن الآخرين. إنّما دعوني أتكلّم، فالتوجيهات طويلة.

 

امضوا، إذن، لتشفوا ذَوي العاهات وتُطهِّروا البُرص، مُقيمين موتى الجسد والروح، إذ يمكن للجسد والروح على السواء أن يكونا مِن ذَوي العاهات، أو مِن البُرص أو الأموات. وأنتم كذلك، اعلَموا كيف عليكم أن تتصرّفوا لتَصنعوا المعجزة: بحياة تَوبة، وصلاة حارّة، ورغبة صادقة في جَعل قُدرة الله تتألّق، تَواضُع عميق، محبّة مُفعَمة حيويّة، إيمان متأجِّج، ورجاء لا تُزعزِعه الصعوبات مِن أيّ شكل. الحقّ أقول لكم إنّ كلّ شيء مُستطاع لِمَن يملك هذه العناصر في ذاته. حتّى الشياطين ستهرب باسم الربّ الذي تتلفّظون به أنتم، إذا كان فيكم ما أقول. هذا السلطان قد أُعطِيَ لكم منّي ومِن أبينا. وهو لا يمكن شراؤه بالمال. إرادتنا وَحدها تَمنَحه، وحياة الاستقامة وَحدها هي التي تُحافِظ عليه. ولكن مجّاناً أخذتم فمجّاناً أعطوا الآخرين، أولئك الذين في حاجة. الويل لكم إذا ما هَبطتم بموهبة الله بتسخيرها لملء كيس نقودكم. فالسلطان ليس سلطانكم، إنّه سلطان الله. استخدموه، إنّما لا تجعلوه مِن ممتلكاتكم بقولكم: "إنّه يخصّني". فكما أُعطِيَ لكم يُمكِن أن يُنـزَعَ منكم. قبل لحظات قال سمعان بن يونا ليهوذا بن سمعان: "هل لديكَ رغبة لوسيفوروس عينها؟" لقد أعطى تعريفاً دقيقاً. فالقول: "أَفعَل ما يفعله الله لأنّني مثل الله" هو اقتداء بلوسيفوروس. وعقابه معروف. كما هو معروف ما حَصَلَ للّذين كانا في الفردوس الأرضي وأَكَلا مِن الثمرّة المحرّمة، بتحريض مِن الحَسود الذي كان يريد وضع بائِسِين آخرين في جحيمه، بالإضافة إلى الملائكة المتمرّدين الذين كانوا فيه آنذاك، ولكن برغبتهم الذاتية لكبريائهم الكامل. الثَّمَرة الوحيدة لما تَفعَلون، والتي يُسمَح لكم أن تَأخُذوها، هي النُّفوس التي تَكسبونها للربّ بالمعجزة، والتي ينبغي أن تُعطى له. هذا هو مالكم، وليس شيئاً سواه. وستَفرحون بهذا الكنـز في الحياة الأخرى.

 

امضوا دون ثروات. لا تَحملوا معكم ذهباً ولا فضّة ولا دراهم في زنانيركم، ولا حقائب سفر بثوبين أو أكثر، ولا أحذية إضافيّة للتبديل، ولا عصا سفر ولا أسلحة. إذ إنّ زياراتكم الرسوليّة في الوقت الراهن ستكون قصيرة، وفي كلّ ليلة سبت سوف نلتقي، وستتمكّنون مِن تبديل ثيابكم التي بلَّلَها العَرَق، دون الحاجة إلى حَمل ثياب إضافيّة. لا حاجة بكم إلى العصا لأنّ الطريق أسهل، وما ينفع في الروابي والسـهول مختلف تمـاماً عمّا ينفع في الصحارى وفي الجبال العالية. لا حاجة للأسلحة. فهي صالحة للناس الذين لا علم لهم بالفقر المقدّس ويجهلون الغفران الإلهيّ، أمّا أنتم فلا ثروات لكم تحفظونها وتُدافِعون عنها مِن اللصوص. الوحيد الذي تَخشَونه، اللصّ الوحيد بالنسبة إليكم هو الشيطان. ويمكن الانتصار عليه بالثبات والصلاة، وليس بالسيوف والخناجر. وإذا أساؤوا  إليكم فسـامِحوا. وإذا انتَزَعوا منكم معطفكم، فأعطوهم كذلك رِداءكم. وابقوا حتّى عُراة بوداعة وبتجرّد عن الثروات، ولن تشكّكوا ملائكة الربّ، ولا عفاف الله اللامتناهي كذلك، لأنّ المحبّة تكسو جسمكم العاري بالذهب، والوداعة تمنطقكم، والتسامُح، بالنسبة للسارق، يمنحكم معطفاً وكذلك تاجاً ملكيّاً. وتكونون بأفضل مِن رِداء الـمَلِك. بِرِداء ليس مِن أقمشة قابلة للفساد، إنّما مِن مواد غير قابلة للفساد.

 

لا تهتمّوا لما تأكلون. ستنالون دائماً ما يُناسِـب ظرفكم وعملكم، لأنّ العامل يَستحقّ الطعام الذي يُقدّم له. على الدوام. وإذا لم يكن الناس يتدبّرون أمـر ذلك، فالله يتدبّر أمر احتياجات العامِل لديه. لقد بيّنتُ لكم أنّه ليس مِن الضروريّ للمرء أن يكون بطنه ممتلئاً طعاماً، ابتلعه هو، لكي يعيش ويُبشِّر. فذلك هو قَدَر الحيوانات النَّجِسة، التي لا شغل لها سوى أن تُسمَّن لِتُذبَح وتُساهِم في سمنة الناس. أمّا أنتم فعليكم ألا تُسمِّنوا روحكم إلّا بالغذاء الذي يَجلب الحكمة. والحكمة تَكشف عن ذاتها لروح لم تجعله زيادة الأطعمة مُظلِماً، ولقلب يتغذّى بأشياء فائقة الطبيعة. لم تكونوا أبداً بَليغين هكذا إلّا بعد خَلوتكم على الجبل. ولم تكونوا آنذاك تتناولون إلّا ما لا بدّ منه لاجتناب الموت. ومع ذلك في نهاية الخلوة، كنتم أكثر قوّة وفرحاً مِن أيّ وقت. أليس هذا صحيحاً؟

 

أيّة مدينة أو قرية تدخلونها، استَعلِموا عمّن يكون فيها أهلاً لاستقبالكم. ليس لأنّكم سمعان أو يهوذا أو برتلماوس أو يوحنّا أو يعقوب وهكذا دواليك، وإنّما لكونكم مُرسَلي الربّ. وعندما تكونون الآن تائبين وفي خدمتي، وحتّى ولو كنتم سـابقاً حثالة أو قَتَلة أو سارِقين أو عشّارين، فإنّكم تَستحقّون الاحترام لأنّكم مُرسَلون مِن قِبَلي. أقول أكثر مِن ذلك، أقول: الويل لكم إذا ما عَرَّفتم عن أنفسكم كمُرسَلين مِن قِبَلي وأنتم في أعماقكم خَسيسون كالشياطين، الويل لكم! فالجحيم قليل لمجازاة خديعتكم. ولكن حتّى لو كنتم في العَلَن مُرسَلين مِن قِبَلي، وفي السرّ خسيسين وعشّارين وسارقين وقتلة، أو حتّى لو كانت القلوب تحمل ريبة تجاهكم، فالمؤكّد أنّ على المرء احترامكم وإكرام وفادتكم، لأنّكم مُرسَلون مِن قِبَلي. على عين الإنسان تجاوز الوسيط والنَّظَر إلى الـمُرسِل والهدف، النَّظَر إلى الله وعمله فيما وراء الوسيط، الذي غالباً ما يكون مُعيباً. فقط في حالات الأخطاء الجسيمة التي تجرح إيمان القلوب، أنا حاليّاً وخلفائي فيما بعد، عليهم اتّخاذ قرار بَتر العضو الفاسد. بالفِعل لا يُسمَح بأن تَضلّ نفوس المؤمنين بسبب كاهن شيطان. لن يُسمَح أبداً، مِن أجل إخفاء جرح وُجِدَ في الجسم الرسوليّ، بالسماح بإبقاء أجسام مُصابة بالغنغرينا تُبعِد المؤمنين بمظهرها المنفِّر وتُسـمِّمهم بنتانتها الشيطانيّة.

 

تَستَعلِمون إذن عن العائلة الأكثر استقامة، حيث تَعرف النسـاء البقاء جانباً، وحيث الأخلاق لا غبار عليها. تَدخُلون هناك وتُقيمون حتّى رحيلكم عن المنطقة. لا تَفعَلوا كاليعسوب الذي بعد امتصاصه رحيق زهرة ينتقل إلى أخرى. أمّا أنتم فكونوا تحت رعاية أناس يُقدِّمون لكم المأوى والغذاء اللائِقَين، أو عائلة ليست غنيّة إلّا بالفضائل وامكثوا حيث أنتم. لا تبحثوا أبداً عن الأفضل للجسد الذي يَفنى، بل على العكس، أعطوه دائماً الأسوأ مُحافِظين على حقوق الروح كلّها. وأقول لكم هذا لأنّه مِن الخير لكم أن تفعلوه، حينمـا تستطيعون إلى ذلك سـبيلاً، فلتكن الأفضليّة للفقراء في اختياركم مكان إقامتكم، لكيلا يُحقَّروا، إكراماً لذكري، أنا الفقير وسأبقى فقيراً، ولي الفخر أن أكون فقيراً، وكذلك لأنّ الفقراء هُم في الغالب أفضل مِن الأغنياء. سوف تَجِدون على الدوام فقراء مستقيمين، بينما مِن النَّادِر أن تَجِدوا غنيّاً دون ظُلم. فلا عذر لكم للقول: "لم أجد الصَّلاح إلّا لدى الأغنياء" لتبرير رغبتكم في الرَّخاء.

 

والبيت الذي تَدخلونه، أَلقوا عليه السلام، سلامي الذي هو أعذب ما يقال. قولوا : "السلام لكم، السلام لهذا البيت". أو: "فليحلّ السلام على هذا البيت". بالفِعل، أنتم مُرسَلي يسوع والبُشرى الحَسَنة، تَحمِلون معكم السلام، ومجيئكم إلى مكان ما هو لجلب السلام إليه. وإذا كان ذاك البيت مُستَحِقّاً له، يأتي السلام ويُقيم فيه؛ وإذا لم يكن كذلك فسلامكم يعود إليكم. حينئذ اجتَهِدوا في أن تكونوا مُحبّين للسلام ليكون الله لكم أباً. والأب يُعين على الدوام. وأنتم، إذا ما أعانكم الله فإنّكم تَفعلون وتفعلون كلّ شيء بشكل جيّد.

 

وقد يحصل كذلك، بل سيحصل بكلّ تأكيد، ألّا تَستَقبِلكم مدينة أو بيت، حيث لا يريد الناس سماع كلامكم، ويَطردونكم، يَسخرون منكم أو حتّى يَتبَعونكم وهُم يرمونكم بالحجارة كأنبياء مُزعِجين. وحينئذ ستكونون، أكثر مِن أيّ وقت آخر، في حاجة إلى أن تكونوا مُحِبّين للسلام، مُتواضِعين، وُدَعاء في أسـلوب حيـاتكم. وإلّا فإنّ الغضب يطفو، وتُبشِّرون وأنتم سـبب شكّ للذين عليكم هدايتهم، وتزيدون قلّة إيمانهم. بينما لو تقبّلتم بسلام إهانة طَردِكم والسُّخرية منكم ومُلاحَقَتكم، فإنّكم تَهدون بأفضل ما يكون التَّبشير: التَّبشير الصامت بالفضيلة الحقيقيّة. وسوف تَجِدون يوماً أعداء اليوم على طريقكم، وسوف يقولون لكم: "لقد بحثنا عنكم، لأنّ طريقة سُلوككم قد أقنعتنا بالحقيقة التي تُبشِّرون بها. سـامِحونا مِن فضلكم، واقبَلونـا تلاميذ لكم. فإنّنـا لم نكن نعرفكم، والآن عرفنـاكم قدّيسين، ونؤمن الآن به". ولكن لدى خروجكم مِن المدينة أو البيت حيث لم يسـتقبلوكم، فانفضوا غُبار نعالكم لكيلا يَعلَق كِبرياء وقسوة ذلك المكان حتّى في نعالكم. الحقّ أقول لكم: "إنّ مصير صادوم وعامورة يوم الدينونة سيكون أخفّ وَطأة مِن مصير تلك المدينة".

 

ها أنا ذا أُرسِلكم كالنِّعاج بين الذئاب. فكونوا إذن حُكَماء كالحيّات وودعاء كالحمام. فإنّكم تَعلَمون كيف العالم، الذي في الحقيقة ذئابه أكثر مِن نِعاجه، يتصرّف معي أنا المسيح. أنا، أستطيع الدفاع عن نفسي بسلطاني، وسوف أفعل ذلك حتّى تحين ساعة الانتصار الزمنيّ في العالم. أمّا أنتم، فليس لكم ذاك السُّلطان، كما أنّكم في أمسّ الحاجة إلى أقصى درجات الحكمة والوداعة. إذن المزيد مِن الحِكمة لِتَحاشي السُّجون والجَّلد في الوقت الحاضر. ففي الحقيقة أنتم، حاليّاً، رغم احتجاجاتكم بأنّكم تَودُّون بَذْل دمكم مِن أجلي، فإنّكم لا تَحتَمِلون حتّى نَظرة سُخرية أو غَضَب. بعدئذ يأتي الزمن الذي تُصبِحون فيه أشـدّاء كالأبطال في مواجهة كلّ الاضطهادات، بل أكثر شِدّة مِن الأبطال، بطولة لا يفهمهـا العالم ولا يمكنه تفسيرها، والتي يَصِفها "بالجنون". لا لن يكون هذا جنوناً! بل ستكون مماثَلة الإنسان للإنسان-الإله بقوّة الحبّ، وسـوف تَعرِفون فِعل ما فعلتُه أنا. لإدراك هذه البطولة يجب رؤيتها، ودراستها والحكم عليها من وجهة نظر فوق-أرضيّة. ذلك أنّ ذاك الأمر هو فائق للطبيعة ويتجاوز كلّ حدود الطبيعة البشريّة. أبطالي يُصبِحون ملوكاً، ملوك الروح، ملوكاً وأبطالاً إلى الأبد…

 

وفي ذاك الوقت، سوف يقبضون عليكم بوضع اليد عليكم، وسيقودونكم إلى المحافل، أمام الرؤساء والملوك ليدينوكم ويحكموا عليكم لِما هو في عيون العالم خطيئة عظيمة، كونكم خُدّام الله، أدوات الخير والأوصياء عليه، مُعلّمي الفضيلة. وبسبب ذلك سوف تُجلَدون وتعاقبون بألف طريقة حتّى الموت. وسوف تشهدون لي أمام الملوك ورؤساء المحافل والأمم، مجاهرين بدمائكم أنّكم تحبّون المسيح، الابن الحقيقيّ لله الحقيقيّ.

 

عندما تَمثلون بين أيديهم، لا تهتمّوا بما عليكم الإجابة به أو ما عليكم قوله. لا تهتمّوا حينئذ إلا بالكَرب الذي لدى الحكام والمتَّهِمين الذين يُضلِّلهم الشيطان حتّى إنّه يعميهم عن الحقيقة. والكلام الذي عليكم التفوّه به سوف يُعطى لكم في حينه. وأبوكم سوف يضعه لكم على الشفاه، لأنّه حينئذ لن تكونوا أنتم الذين تتكلّمون لتهدوا إلى الإيمان وتجاهروا بالحقّ، إنّما روح أبيكم هو الذي سيتكلّم فيكم.

 

حينئذ يَقتُل الأخ أخـاه والأب ابنه، ويتصدّى الأبناء لآبائهم ويجعلونهم يموتون. لا، لا يغمى عليكم ولا تَشُكّوا! أجيبوني. بالنسبة إليكم، أيّة جريمة هي الأعظم: قتل أب أو ابن أو أخ أم قتل الله نفسه؟»

 

«الله، لا يمكن قتله.» يقول يهوذا الاسخريوطيّ بجفاء.

 

«صحيح. إنّه روح لا يمكن إدراكه.» يؤكّد برتلماوس. والآخرون رغم صمتهم يوافقونه الرأي.

 

«أنا الله وجسد.» يقول يسوع بهدوء.

 

«لا أحد يفكّر بقتلكَ.» يُجيب الاسخريوطيّ.

 

«أرجوكم، أجيبوا على سؤالي.»

 

«ولكن قتل الله أكثر جسامة! هذا أمر بديهيّ!»

 

«حسناً: سيَقتُل الإنسان الله، بجسده، كإله متجسّد، وفي نَفْس الذين يقتلون الله المتجسّد. إذن، فكما سيتوصّل المرء إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة مِن دون أن أن يُروّع مرتكبها مِن مَدى فظاعتهـا، فسوف يتوصّل الآباء والإخوة والأبناء بالمقابل، إلى ارتكاب الجرائم ضد أبنائهم وأخوتهم وآبائهم. سوف يكرهكم الجميع، بسبب اسمي، ولكنّ الذي يَثبُت إلى النهاية فذاك الذي يَخلص. وعندما يضطهدونكم في مدينة اهربوا إلى أخرى، ليس بدافع الجُّبن، إنّما لكي تَمنَحوا كنيسة المسيح الفتيّة المولودة حديثاً متّسعاً مِن الوقت، لِتَبلغ السنّ، ليس سنّ الرضيع الضعيف العاجز، بل إنّما سنّ البلوغ، حيث تُصبِح قادرة على مواجهة الحيـاة والموت دون خـوف مِن الموت. وأولئك الذين يَنصَحهُم الروح بالهرب فليهربوا. كما هربتُ أنا عندما كنتُ مـا أزال صغيراً جدّاً. في الحقيقة، في حياة كنيستي سوف تتكرّر كلّ تقلّبات حياتي كإنسان. كلّها. ابتداء بســرّ تَشَكُّلها، مروراً باتّضاع الأزمنة الأولى، وصولاً إلى الاضطرابات والمكائد التي تَنصبها وحشيّة البشر، وحتّى ضرورة الهرب لاستمرار الوجود؛ مِن الفقر والعمل الدؤوب، حتّى أمور أخرى كثيرة أحياها حاليّاً، وأُعاني منها بعدئذ، قبل الوصول إلى النصر الأبديّ. أمّا الذين، على العكس يَنصَحهم الروح بالبقاء، فليَبقوا، إذ إنّهم، إذا ما سقطوا أمواتاً، فسـوف يَحيَـون ويُصبِحون أكثر نفعاً للكنيسة. ذلك أنّ كلّ ما يَنصَح به روح الله هو خير دائماً.

 

الحقّ أقول لكم، لن تنتهوا، أنتم وخلفاؤكم، مِن اجتياز طرقات ومدن إسرائيل حتّى يأتي ابن الإنسان، إذ إنّ إسرائيل، بسبب خطيئته الرهيبة، سوف يتشتّت كالكُرة وسط الزوبعة، وينتشر في كلّ الأرض. وقروناً وألفيّات سوف تتوالى قبل أن يعود ليجتمع على أرض أرونا اليبوسيّة (أورشليم-القدس). وكلّما حاوَلَ ذلك قبل أن تأتي الساعة، فسوف تأخذه الزوبعة مِن جديد ويتبدّد، لأنّ على إسرائيل أن يبكي خطاياه خلال قرون تُقدَّر بعدد قطرات الدم المسفوكة مِن شرايين حمل الله المقدّم ذبيحة عن خطايا العالم. وسيكون على كنيستي كذلك، التي سيكون إسـرائيل قد ضَرَبَها بي وبرسلي وتلاميذي، أن تفتح ذراعيها كأُمّ وتَعمَل على جمع إسرائيل تحت معطفها كما تَجمَع الدجاجة فِراخها المتباعدة. وعندما تصبح إسرائيل كلّها تحت معطف كنيسـة المسيح، حينئذ آتي.

 

ولكنّ ذلك هو المستقبل. فلنتحدّث عن الأزمنة التي لن يتأخّر حلولها.

 

تذكّروا أنَّ ما مِن تلميذ أفضل مِن معلّمه، ولا خادِم أفضل مِن سيّده الآمر. وفي النتيجة حَسْبُ التلميذ أن يكون مثل معلّمه، ليكون ذلك شرفاً له غير مستحقّ، وأن يكون الخادم كَمَن يأمُره، وسيكون صلاحاً فائق الطبيعة أن تُمنحوا أن يكون الأمر هكذا.

 

فإذا دَعوا ربّ البيت بعلزبول، فماذا سَيَدعون خُدّامه؟ وهل يمكن للخُدّام أن يَثُوروا إذا لم يَثر المعلّم، ولم يَحقُد ولم يَلعَن، بل يُتابِع عمله هادئاً في استقامته وعدله، مُرجِئاً حكمه إلى وقت لاحق، عندما يُلاحِظ فيهم التصلّب في الشرّ، بعد الانتهاء مِن كلّ محاولاته في إقناعهم؟ لا. لن يتمكّن الخُدّام مِن فِعل ما لا يفعله معلّمهم، بل عليهم بالأحرى الاقتداء به متذكّرين أنّهم هُم كذلك خَطَأَة، بينما هو كان بلا خطيئة.

 

لا تخافوا إذن مِن الذين يَدعونكم: "شياطين". سيأتي يوم تُعرَف فيه الحقيقة، وآنذاك يُرى مَن كان "الشيطان". أنتم أم هُم. ما مِن خَفيّ إلّا وسيَظهَر، وما مِن مكتوم إلّا وسَيُعلَن.

 

ما أقوله لكم الآن في الظلّ وفي السرّ، حيث العالم ليس أهلاً لمعرفة كلّ ما يقوله الكلمة، ليس أهلاً لذلك بعد ولم تحن الساعة كذلك لإعلانه لغير المسـتحقّين، قولوه أنتم، عندما يحين الوقت الذي ينبغي فيه أن يُعرَف كلّ شيء، على رؤوس الأشهاد، صِيحوا مِن على السطوح بما أقوله لكم الآن بصوت خافت، متوجّهاً به إلى نفسـكم أكثر مِن أُذنيكم. إذ آنذاك يكون العالم قد تعمّد بالدم، ويكون الشيطان قد أصبح في مواجهة راية سيتمكّن العالم بفضلها، لو أراد، إدراك أسرار الله، بينما الشيطان لن يتمكّن من أذيّة أحد غير الذين يرغبون بعضّة الشيطان ويفضّلونها على قُبلَتي. ولكن ثمانية أجزاء مِن أصل عشرة مِن العالم لن يريدوا الإدراك. القلّة فقط سوف يريدون معرفة كلّ شيء لاتّباع كلّ ما هو مَذهبي. لا يهمّ. كما أنّه لا يمكن فصل هذين الجزأين المقدّسين مِن الكتلة المجحفة، بشّروا بعقيدتي كذلك مِن على السطوح، بشّروا بها مِن على قِمَم الجبال، مِن على البحار التي بلا حدود، في بطون الأرض. وعندما لا يشاء الناس حتّى أن يسمعوا، فسوف يَسمَع الطيور الكلام الإلهيّ، وكذلك الرياح والسمك والأمواج، والأرض تحفظ الصدى لتهمس به للينابيع والمعادن والجماد، وسوف تفرح به كلّها، لأنّ الله خلقها هي أيضاً لتكون مِرقاة لقدمي وبهجة لقلبي.

 

لا تخافوا ممّن يقتل الجسـد ولكنّه لا يستطيع قتل النَّفْس، بل خافوا فقط ممّن يستطيع إرسال نفسكم إلى الهلاك، وفي الدينونة الأخيرة يُعيدها إلى الجسد القائم ليرمي بهما في نيران جهنّم. لا تخافوا. أفلا يباع عصفوران بدرهم؟ ومع ذلك فلا يمكن لواحد منها أن يقع رغم كلّ فخاخ الإنسان بدون إذن الآب. لا تخافوا إذن. فأبي يعرفكم. ويعرف عدد الشعر الذي على رؤوسكم. وأنتم أغلى مِن عصافير كثيرة!

 

وأقول لكم إنّ مَن يعترف بي قدّام الناس أعترف به أنا قدّام أبي الذي في السماوات. أمّا الذي يُنكِرني قدّام الناس، فسأنكره أنا كذلك قُدّام أبي. الاعتراف هنا يعني الاتّباع والتطبيق العملي؛ والإنكار يعني التخلّي عن دربي بِجُبن، بالشهوة الثلاثيّة، أو بحساب وضيع، بعاطفة بشريّة تجاه واحد منكم، وهو مناهض لي. لأنّ ذلك سوف يَحدُث.

 

لا تفكّروا بأنّني أتيتُ لإحلال الوئام على الأرض ومِن خلال الأرض. فسلامي أسمى مِن كلّ أنواع السلام الحاصل نتيجة حساب منفعة يوماً بعد يوم. لم آتِ لأُلقي سلاماً بل سيفاً. السيف البتّار ليقطع كلّ المعرِّشات التي تحتجز البشر في الوحل، ويَفتَح الدروب لتحليق الفائق الطبيعة، إذن فقد جئتُ لأفرّق الابن عن أبيه، والابنة عن أُمّها، والكنّة عن حماتها. فأنا الذي يَسود، ولي كلّ الحقوق على مَن أَسودهم. فليس مَن هو أعظم منّي في امتلاك الحقوق على العواطف. ففيَّ أنا تتمركز كلّ أنواع الحبّ وتسمو: أنا أب وأُمّ وأخ وزوج وصديق، هكذا أحبّكم، وهكذا ينبغي لي أن أكون محبوباً. وعندما أقول: "أريد"، فما مِن رابِط يمكنه الصمود والمقاومة، والخليقة هي ملك لي. فأنا الذي خلقتُها مع الآب، وأنا مَن أُخلّصها بذاتي، ولي أنا الحقّ في امتلاكها.

 

في الحقيقة، أعداء الإنسان هُم الناس، إضافة إلى الشياطين؛ وأعداء الإنسان المسيحيّ سيكونون أهل بيته بنحيبهم، بتهديداتهم أو بتوسّلاتهم. وبذلك فَمَن سيحبّ أباه أو أُمّه أكثر منّي فلن يستحقّني، مَن سيحبّ ابنه أو ابنته أكثر منّي فلن يستحقّني، ومن لا يَحمِل كلّ يوم صليبه الـمُعقّد، المصنوع مِن التسـليم وإنكار الذات والطـاعة والبطولة والآلام والأمراض والصراعات وكلّ ما تُظهِره إرادة الله، أو اختبار يأتي مِن الإنسان، ويتبعني معه فلا يستحقّني. ومَن يهتمّ بحياة الأرض أكثر مِن الحياة الروحيّة، فإنّه يَفقد الحياة الحقيقيّة. مَن يَفقد حياة الأرض حبّاً بي يَجِدها، أبديّة ومغبوطة.

 

مَن قَبِلَكُم فقد قَبِلَني. ومَن قَبِلَني قَبِلَ الذي أَرسَلَني. ومَن يَقبَل نبيّاً لأنّه نبيّ يَنل أجر محبّة ممنوحة لنبي. ومَن يَقبَل بارّاً لكونه بارّاً يَنل أجر محبّة ممنوحة لبارّ. وذلك لأنّ مَن يَكتَشِف في نبيّ أنّه نبيّ، فتلك إشـارة إلى أنّه نبيّ هو كذلك، أي قدّيس جدّاً، لأنّ روح الله يحمله بين ذراعيه؛ ومَن يتعرّف على بارّ كبارّ، يُثبِت أنّه هو كذلك بارّ، لأنّ النُّفوس المتشابهة تتعرّف على بعضها. إذن فكلّ امرئ يُعطى حسب برّه واستقامته.

 

ولكن كلّ مَن يُعطي كأس ماء نقيّ لأحد خدّامي، وإن يكن الأصغـر فيهم -وخُدّام يسوع هُم كلّ الذين يُبشّرون به بحياة مقدّسة، وقد يكونون مُلوكاً أو مُتسوِّلين، حُكماء أو جاهلين لا يفقهون شيئاً، مُسنّين أو أطفالاً، ففي كلّ الأعمار ومِن جميع الطبقات يمكن أن يكون تلاميذي- إذاً فمن يُعطِ أحد تلاميذي، وإن يكن كأس ماء باسمي ولأنّه تلميذي، الحقّ أقول لكم إنّ أجره لن يَضيع.

 

لقد تكلّمتُ. أمّا الآن فلنُصلِّ ولنذهب إلى البيت. سوف تَمضون عند الفجر على النحو الآتي: سمعان بن يونا مع يوحنّا، سمعان الغيور مع يهوذا الاسخريوطيّ، أندراوس مع متّى، يعقوب بن حلفى مع توما، فليبّس مع يعقوب بن زَبْدي، يوضاس أخي مع برتلماوس. هكذا مِن أجل هذا الأسبوع. بعدئذ سأعطيكم تعليمات جديدة. فلنُصلِّ.»

 

ويُصلّون بصوت مُرتَفِع...