ج4 - ف90

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الرابع / القسم الأول

 

90- (يسوع يتحدّث في بيت صيدا)

 

25 / 07 / 1945

 

يسوع يتحدّث مِن بيت فليبّس. جمع غفير  مُجتَمِع في الأمام، يسوع واقف عند العَتَبَة التي يَرقى إليها عَبْر سُلّم مُضاعَف.

 

خَبَر تبنّي بطرس لِوَلَد جاء مع ثروته الضئيلة، وهي عِبارة عن ثلاث نِعاج، لِيَجِد غِنى عائلة عظيم، قد انتَشَرَ مثل بقعة زيت على قطعة قماش. الجميع يتحدّثون عنه، ويتهامسون مُعلِّقين، كلّ حسب مَنطقه. فالصديق الوفيّ لبطرس وبرفيريه يُشاطِرهُما فَرحهما. أمّا الخبيث فيقول: «لَم يَكُن لِيَقبَل به لولا أَمَله بِدوطا (مَهر تدفعه المرأة لعروسها حسب عادة اليهود).» والإنسان الشَّهم يقول: «جميعنا سَيحبّ هذا الوَلَد الذي يحبّه يسوع.» والشرّير يقول: «كَرَّمَ سمعان؟ نعم، طبعاً! سيكون له مَصدَر رِبح، وإلّا...» أمّا الجَّشِعون فيقولون: «لو تَيَسَّر لي وَلَد مع نِعاج، لِفَعَلتُها أنا كذلك. ثلاث، تصوَّروا!؟ قطيع صغير. وهي جميلة! الصوف والحليب مُتوفِّران، ثمّ الحِملان للبيع أو للاحتفاظ بها! إنّها ثروة! والولد يفيد في العمل...» آخرون يَرفَعون الصوت: «آه! يا للعار! قَبَضَ ثَمن فِعل خير؟ حتماً لم يُفكِّر سمعان بذلك. فهو، بِدَخله البسيط كصيّاد سمك، عَرفناه جميعنا كريماً مع المساكين، خاصّة الأولاد. إنّه بارّ، والآن، وقد انقَطَعَ عنه دَخْل الصيد، وزاد عدد أفراد أسرته واحداً، فليكن له مورد ضئيل بطريقة أخرى.»

 

وبينما يُدلي كلّ بتعليقاته، مُخرِجاً مِن قلبه ما هو صالح وما هو سيّئ، مُلبِساً إيّاه الكلام، يتحدّث يسوع إلى رجل مِن كفرناحوم جاء للقائه وليقول له بأن يأتي بأقصى سرعة، لأنّ ابنة رئيس المجمع في نزاع الموت، وكذلك لأنّ سيّدة ومعها خادمتها تَبحَثان عنه منذ بضعة أيّام. فَيَعِده يسوع بأن يأتي في صبيحة اليوم التالي، وهذا ما أحزَنَ أهالي بيت صيدا الذين أرادوا الاحتفاظ به عدّة أيام.

 

«إنّ حاجتكم إليَّ أقلّ مِن حاجة الآخرين. دعوني أمضي. فيما عدا ذلك، فطالما الوقت ما يزال صيفاً، فسأبقى في الجليل، وعلى الأغلب في كفرناحوم. سوف نرى بعضنا بسهولة. هناك أب وأُمّ قَلِقان، ونجدتهما تُعتَبَر مِن قبيل المحبّة. سوف تُقِرّون بصلاح وطيبة سمعان تجاه اليتيم. الصالحون منكم. فَحُكم الصالحين فقط هو الـمُعتَبَر ذا قيمة. أمّا الذين ليسوا كذلك، فيجب عدم الإنصات إلى أحكامهم التي تكون على الدوام مُشرَّبة بالسمّ والكذب. حينئذ، أنتم الصالحين، ينبغي لكم كذلك أن تُقِرّوا بصلاحي، لذهابي مِن أجل التخفيف عن أب وأُمّ. تَنبَّهوا كيلا يكون تحبيذكم عقيماً، بل إنّما فليحملكم على الاقتداء بي.

 

كلّ الخير الذي يتأتّى مِن فِعل صلاح تتحدّث عنه صفحات الكتاب. فلنتذكّر طوبيت. لقد استحقَّ أن يحفظ رئيس الملائكة ابنه طوبيّا، ويدلّه على كيفية معاودة النَّظَر إلى أبيه. ولكن أيّة محبّة، ودون التفكير بالمنفعة، مارَسَها البارّ طوبيت، رغم اتّهامات زوجته والأخطار التي هَدَّدَت حياته! وتذكّروا كلام رئيس الملائكة: "إنّ الصلاة التي تُرافِق الصوم أمر حَسَن، والصَّدَقَة لها قيمة أكثر مِن جِبال مِن الذهب، لأنّ الصَّدَقَة تُنجّي مِن الموت وتُطهِّر مِن الخطايا، وتجعل المرء يَجِد الرحمة والحياة الأبديّة... عندما كنتَ تُصلّي ودموعك تَنهَمِر، وكنتَ تَدفُن الموتى... كنتُ أُقدّم صلواتكَ للربّ."

 

الحقّ أقول لكم، إنّ سمعان سيتجاوز طوبيت أشواطاً بالفضائل. وسيبقى لكم الدعامة لِتُثبِّت نفوسكم في حياتي، بعد أن أكون قد مَضيتُ. والآن هو يبدأ أُبوّته لِنَفْس، لِيُصبح غداً الأب القدّيس لكلّ النُّفوس التي ستكون وفيّة لي. لا تَنُمّوا إذن، ولكن، إذا ما صادفتُم يوماً، على طريقكم، يتيماً كعصفور ساقِط مِن عُشّه، تَقبَّلوه. فَلُقمة الزَّاد التي يقاسمكم إيّاها ذاك اليتيم، لن تُفقِر الابن الحقيقيّ، بل، على العكس، هي تَجلب إلى البيت بَرَكات الله. اصنعوا ذلك، لأنّ الله هو أبو الأيتام، وهو نفسه الذي يُقدِّمهم لكم لِتُساعدوهم في إعادة بناء العشّ الذي خَرَّبَه الموت. واصنعوا ذلك، لأنّه تعليم الشريعة التي أعطاها الله لموسى، ذلك أنّه وَجَدَ في أرض العداء والوثنيّة قَلباً ممتلئاً رحمة تجاه ضُعفه كطفل، وانحنى لِيُخلِّصه مِن الموت، مُنقِذاً إيّاه مِن المياه، بعيداً عن الاضطهادات، لأنّ الله كان قد اختاره ليكون يوماً مُحرِّر إسرائيل. فَفِعل رَحمة أكسَبَ إسرائيل زعيمه. إنّ مُنعَكَسات فِعل الخير هي كالأمواج الصوتية التي تنتشر بعيداً جدّاً عن النقطة التي حَدَثَت عندها، أو بالحريّ، كأمواج الريح التي تحمل البِذار إلى البعيد البعيد، إلى أرض خصيبة.

 

امضوا الآن، وليصحبكم السلام.»