ج3 - ف12
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثالث / القسم الأول
12- (في بيت زَبْدي. سالومة تُقبَل كتلميذة)
02 / 05 / 1945
يسوع موجود في بيت، أُدرِك أنّـه بيت يعقوب ويوحنّـا، مِن خلال أحاديث الـمُتواجِدين فيه. ومع يسوع، بالإضافة إلى التلميذَين، هناك بطرس وأندراوس وسمعان الغيور والاسخريوطيّ ومتّى. أمّا الآخرون فلستُ أراهم.
يعقوب ويوحنّا سعيدان. يَروحان ويَجيئان بين أُمّهما ويسوع مثل فراشَتَين حائِرَتَين، أيّة زهرة تُفضِّلان، فالزهرتان متساويتان في الحبّ. وفي كلّ مرّة، تُلاطِف مريم سالومة وَلَدَيها وهي سعيدة، بينما يسوع يبتسم. مِن المفروض أنّهم انتهوا مِن تناول الطعام، إذ إنّني أرى الطاولة مزدحمة. ولكنّهما يُصِرّان على إطعام يسوع عنباً أبيضاً، عَمِلَت أُمّهما على حفظه، ويُفتَرَض أنّه حلو مثل العسل. إنّهما لا يُمسِكان شيئاً عن يسوع.
ولكنّ سالومة تبغي أن تعطي وتأخذ شيئاً آخر غير العنب والملاطفات. وبعد برهة قَضَتها في التفكير وهي تَنظُر إلى يسوع وتَنظُر إلى زَبْدي، تتّخذ قراراً وتتوجّه إلى المعلّم الجالس وظَهره مُستَنِد إلى الطاولة، وتجثو أمامه.
«ماذا تريدين يا امرأة؟»
«يا معلّم، لقد قرّرتَ أن تَصطَحِب معكَ أُمّكَ وأُمّ يعقوب ويوضاس وكذلك سُوسَنّة، وبالتأكيد سوف تأتي يُوَنّا امرأة خُوزي العظيمة. كلّ النساء اللواتي يحترمنكَ ويوقّرنكَ سوف يأتين. وأَوَدُّ لو أكون واحدة منهن كذلك. خُذني يا يسوع وسوف أخدمكَ بكلّ الحبّ.»
«لديكِ زَبْدي الذي ينبغي أن تهتمّي به. أفما عِدتِ تحبّينه؟»
«آه! بلى أحبّه! ولكنّني أحبّكَ أكثر، أنتَ. آه! لستُ أقصد أنّني أحبّكَ كَرَجُل، فلقد بَلَغتُ الستين مِن عمري، وأنا زوجة منذ أربعين عاماً، ولم أَنظُر مُطلقاً إلى رجل غير زوجي. ولم أصبح مجنونة الآن في شيخوختي. والشيخوخة لم تُمِت الحبّ الذي أُكِنّه لزوجي زَبْدي... إنّما أنتَ... لا أعرف كيف أُعَبِّر. إنّني امرأة مسكينة. أتكلّم قَدر معرفتي: زَبْدي، أحبّه بكل كياني الذي كان حتّى الآن. أمّا أنتَ، فإنّني أحبّكَ بكل ما أُضيفَ إلى أعماقي بسبب كلامكَ والكلام الذي نَقَلَه إليَّ يعقوب ويوحنّا. إنّه أمر مختلف تماماً... ولكنّه ممتع للغاية.»
«لن يكون أبداً في بَهاء حبّ زوج رائع.»
«آه! لا! إنّه أمر أَسمى وأَرفَع!... آه! لا تفهمه خطأ يا زَبْدي! إنّني ما زلتُ أحبّكَ بكلّ كياني. إنّما هو فأحبّه بما هو ما يزال مريم، ولكنّه لم يعد مريم المسكينة زوجتكَ... إنّما بما هو أعظم كثيراً... آه! لا أعرف كيف أُعبِّر عنه!»
يبتسم يسوع للمرأة التي لا تريد أن تَجرَح زوجها ولكنّها لا تستطيع إسكات حُبّها العظيم الجديد. حتّى زَبْدي يبتسم ابتسامة عريضة وهو يَدنو مِن زوجته التي ما تزال جاثية وتَدور حول نفسها لكي تتوجّه بالتناوب صوب زوجها وصوب يسوع.
«ولكن، يا مريم، هل تعرفين أنّكِ سوف تُضطرّين إلى تركِ بيتكِ؟ وأنتِ مُتعلّقة به للغاية! طيور الحمام... زهراتكِ... تلك الكرمة التي تعطي هذا العنب اللذيذ الذي تَفخرين به... وخلايا النحل التي لديكِ والتي هي الأكثر شُهرة في البلدة... وأيضاً هذا النَّول الذي حِكْتِ عليه الكثير مِن الكتّان ومِن الصّوف لأحبّائكِ... وأبنائكِ الصغار؟ ما العمل للعيش دون أولئك الصغار؟»
«آه! ولكن، ربّي! ماذا تريد أن تكون بالنسبة لي الجدران والحَمَامات والزهور والكرمة وخلايا النحل والنّول، وكلّ الأشياء الحَسَنَة والغالية والعزيزة، إنّما تظلّ حقيرة جدّاً إذا ما قُورِنَت بكَ، بالحبّ تجاهكَ؟! أمّا الصغار... آه! نعم! هو أَلَم بالنسبة إليَّ ألّا أستطيع جعلهم ينامون على صدري وألّا أسمعهم ينادونني... ولكنّكَ أنتَ أَعظَم! آه! إنّكَ أَعظَم مِن كلّ ما ذَكَرتَه لي! وإذا كانت هذه الأشياء كلّها مجتمعة، وبسبب ضعفي، أغلى لديَّ مِن خدمتكَ وخدمة أتباعكَ، فإنّني أرميها جانباً باكية كامرأة، لاتّباعكَ بنَفْس مبتسمة. خُذني يا معلّم. قولا له أنتما، يا يعقوب ويا يوحنّا... وأنتَ يا زوجي، كُن طيّباً، وهَلمّوا إلى مساعدتي جميعكم.»
«حسناً. سوف تأتين مع الأُخريات. أَرَدتُ فقط أن أَجعَلكِ تُفكّرين مَليّاً بالماضي والحاضر، بما تتركين وبما تأخذين. إنّما تعالي يا سالومة. إنّكِ قد نضجتِ وبإمكانكِ الدخول في نطاق عائلتي.»
«آه! ناضجة! إنّني في ذلك أقلّ مِن طفل صغير. ولكنّكَ ستغفر لي أخطائي وتأخذ بِيَدي. أنتَ... لأنّني، لفظاظتي، سوف أَحمَرّ خَجَلاً أمام أُمّكَ ويُوَنّا. سَأَخجَل أمام الجميع، إنّما ليس أمامكَ لأنّكَ الصَّلاح وتُدرِك كلّ شيء، وتَعذُر كلّ شيء، وتُسامِح عن كلّ شيء.»