ج5 - ف19

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الخامس/ القسم الأول

 

19- (الأُمّ الكنعانيّة)

 

15 / 11 / 1945

 

«هل المعلّم معكَ؟» يَسأَل يونا، القرويّ العجوز، يوضاس تدّاوس الذي يَدخُل إلى المطبخ. فلقد أُضرِمَت النار لتسخين الحليب وتدفئة الغرفة، ذلك أنّ الساعات الأولى مِن صبيحة يوم مِن نهاية كانون الثاني (يناير)، على ما أظنُّ، أو بداية شباط (فبراير)، باردة قليلاً. الصبيحة جميلة جدّاً ولكنّ البرد قارس قليلاً.

 

«يُفتَرَض أنّه خَرَجَ ليصلّي. فإنّه غالباً ما يَخرُج عند الفجر، عندما يَعلَم أنّ بإمكانه أن يكون وحيداً. سيصل عمّا قليل. لماذا تَسأَل؟»

 

«لقد سألتُ الآخرين كذلك، وقد تفرّقوا الآن بحثاً عنه، ذلك أنّ امرأة، وهي الآن مع زوجتي، وهي مِن قرية خلف الحدود، لستُ أدري حقّاً كيف عَلِمَت أنّ المعلّم هنا، ولكنّها عَلِمَت، وهي الآن تريد التحدّث إليه.»

 

«حسناً. سوف تتحدّث إليه. قد تكون هي التي ينتظرها، ومعها طفلة مريضة. روحها هو الذي قادها إلى هنا.»

 

«لا. إنّها بمفردها، وليس معها أيّ طفل. أَعرِفها جيّداً، لأنّ القرى قريبة جدّاً... والوادي للجميع. ثمّ، أنا أعتقد أنّه يجب على المرء ألّا يكون فظّاً مع الجيران، حتّى ولو كانوا فينيقيّين، مِن أجل خدمة الربّ. قد أُخطِئ ولكن...»

 

«هذا كذلك ما يقوله المعلّم على الدوام، يجب أن تأخذنا الرحمة بالجميع.»

 

«هذا ما يفعله هو، أليس كذلك؟»

 

«نعم.»

 

«لقد قال لي حانان أيضاً، إنّهم إلى الآن يسيئون معاملته. يسيئون، دائماً يسيئون!... في اليهوديّة، وفي الجليل، وفي كلّ مكان. لماذا إذن إسرائيل سيّئة إلى هذه الدرجة مع مَسيّا الذي هو لها؟ أقصد بقولي، الأكثر عظمة مِن بيننا نحن أبناء إسرائيل، ذلك أنّ الشعب يحبّه.»

 

«كيف تَعرِف هذه الأمور؟»

 

«آه! إنّني أحيا هنا بعيداً، ولكنّني إسرائيليّ مؤمن. ويكفي أن أذهب إلى الهيكل في الأعياد الموجبة لأعرف كلّ الخير وكلّ الشر! ويُعرَف الخير أقلّ مما يُعرَف الشرّ، لأنّ الخير متواضع ولا يُحدِث دعاية. المستفيدون منه يُعلِنون عنه، ولكن المعترفين بالجميل، بعد الحصول على النعمة، قليلون جدّاً. فالإنسان يتلقّى الإحسان وينساه... أمّا الشرّ فعلى العكس، يَجعَل أبواقه تَطنّ وكلماته ترنّ، حتّى في آذان مَن لا يودّون السماع. وأنتم، يا مَن تكونون تلاميذه، ألا تعرفون إلى أيّ مدى يَذمّون مَسيّا ويتّهمونه في الهيكل؟ فلا تعليمات جديدة لدى الكَتَبَة سِوى عنه. أظنُّهم قد أَلَّفوا ديواناً مِن التعليمات حول طريقة اتّهام المعلّم بشكل يمكن تقديمها كمبرّرات قانونيّة لاتّهامه. ويجب أن يَمتَلِك المرء ضميراً مستقيماً جدّاً وثابتاً وحرّاً، لِيَعرِف كيف يُجابِه ويَحكم بحكمة. هو، هل هو على عِلم بهذه التحرّكات؟»

 

«يَعرِفها كلّها. ونحن تقريباً على عِلم بها، أمّا هو فلا يتأثّر بها. يُتابِع عمله، وعدد التلاميذ أو المؤمنين يتزايد يوماً إثر يوم.»

 

«لتكن مشيئة الله أن يثبتوا حتّى النهاية، ولكنّ الإنسان غير ثابت في تفكيره. هو ضعيف... هو ذا المعلّم يُقبِل إلى البيت مع ثلاثة مِن التلاميذ.»

 

ويَخرُج العجوز، يتبعه يوضاس تدّاوس، لتكريم يسوع المفعم مَهابة، والذي يتوجّه إلى البيت.

 

«السلام معكَ يا يونا، اليوم ودائماً.»

 

«المجد والسلام معكَ على الدوام، يا معلّم.»

 

«السلام لكَ يا يوضاس. ألم يَعُد بعد أندراوس ويوحنّا؟»

 

«لا، ولم أسمعهما يَخرُجان. لا أحد. لقد كنتُ تَعِباً ونمتُ كالأرومة (الأرومة هي ما يتبقى في الأرض مِن الشجرة بعد قطعها)

 

«ادخل يا معلّم، ادخلوا. الهواء بارد هذا الصباح. يُفتَرَض أن يكون الجوّ بارداً جدّاً في الغابة. هنا يوجد حليب ساخن للجميع.»

 

وأثناء شربهم للحليب، والجميع يَغمسون الخبز فيه، ما عدا يسوع، يُقبِل أندراوس ويوحنّا ومعهما حانان الرّاعي.

 

«آه! أنتَ هنا؟ كُنّا عائِدين لنقول إنّنا لم نجدكَ...» يَهتف أندراوس.

 

يُلقي يسوع تحيّة السلام على الثلاثة، ويُضيف: «كُلوا بسرعة، ولنمض، لأنّني أريد أن أكون، أقلّه، عند أسفل جبل أَكزِيب، قبل حلول المساء. فهذا المساء يبدأ السبت.»

 

«ولكنّ نعجاتي؟»

 

يبتسم يسوع ويجيب: «لقد شُفِيَت بعد أن باركتُها.»

 

«ولكنّني في شرقيّ الجبل! وأنتَ تمضي إلى الغرب للذهاب إلى تلك المرأة...»

 

«دع الله يعمل، وهو يُدبِّر كلّ الأمور.»

 

ينتهي الأكل، ويَصعَد الرُّسُل لأخذ الحقائب استعداداً للرحيل.

 

«يا معلّم... تلك المرأة التي هنا... ألا تستمع إليها؟»

 

«لا وقت لديَّ، يا يونا. الطريق طويلة، عدا عن أنّني أتيتُ مِن أجل نِعاج إسرائيل. وداعاً يا يونا. فليكافئك الله على محبّتكَ. ولتحلّ بركتي عليكَ وعلى كلّ أهل بيتكَ. هيّا بنا.»

 

ولكن العجوز أَخَذَ يَصيح: «أيّها الأولاد! أيّتها النساء! المعلّم يرحل! أسرعوا!»

 

وكأفراخ صيصان مُبعثَرَة في مخزن قشّ تَهرع على نداء الدجاجة الأُمّ تناديهم، فهكذا، ومِن كلّ أرجاء البيت يَهرَع رجال ونساء منهمكون في أعمالهم أو ما يزالون في شِبه نومهم، والأطفال نصف عُراة يبتسمون بوجوههم التي بالكاد قد استفاقت... يَكتَظّون حول يسوع الموجود في وسط الفناء، والأُمّهات تلفّ أبناءهن بتنانيرهنّ لتحمينهم مِن الهواء، أو تغمرهنّ بشدة بين ذراعيهنّ إلى أن تركض إحدى الخادمات جالبة الثياب الصغيرة التي تُلبَس بسرعة.

 

إنّما ها هي ذي امرأة مِن خارج البيت تَهرَع، امرأة مسكينة تبكي خَجِلة... تسير مُحدودبة، تكاد تزحف، وحينما تَصِل قريبة مِن الجمع الذي يقف يسوع في وسطه، تبدأ بالهتاف: «ارحمني، يا ربّ، يا ابن داود! ابنتي الصغيرة يعذّبها الشيطان كثيراً، ويجعلها تقوم بما يُخجِل. ارحمني فأنا أتألّم كثيراً، ويحتقرني الجميع لذلك السبب. كما لو أنّ ابنتي مسؤولة عمّا تفعل... ارحمني، يا ربّ، أنتَ القادر على كلّ شيء. ارفع صوتكَ ويدكَ ومُر الروح النجس أن يَخرُج مِن بالما. ليس لي وَلَد سِواها، وأنا أرملة... آه! لا ترحل! ارحمني!...»

 

بالفعل، يسوع الذي انتهى مِن مباركة أفراد العائلة، والذي بَكَّتَ الكبار على تحدّثهم عن مجيئه -وهُم يعتذرون قائلين: «لم نتكلّم، ثِق يا سيّد!»- يَمضي مُظهِراً قسوة لا تفسير لها تجاه المرأة المسكينة التي تجرّ نفسها على ركبتيها مادّة ذراعيها متضرّعة، لاهثة وهي تقول: «هي أنا، أنا التي رأتكَ أمس بينما كنتَ تجتاز السيل، وسمعتُهم ينادونكَ: "معلّم". تبعتكَ بين الأدغال، وسمعتُ أحاديثهم. وأدركتُ مَن تكون... وهذا الصباح، أتيتُ، بينما كان ما يزال ليلاً، لأمكث هنا على العَتَبَة مثل كلب صغير إلى أن استيقَظَت سارة وأدخَلَتني. آه! يا ربّ الرحمة! الرحمة! بأُمّ وبابنة!»

 

ولكنّ يسوع يسير بسرعة صامّاً أُذُنيه عن كلّ نداء. ويقول أهل البيت للمرأة: «استكيني! لا يُريد سماعكِ. لقد قالها: أتى مِن أجل أبناء إسرائيل...»

 

ولكنّها نَهَضَت خائبة ومُفعَمَة إيماناً في آن معاً، وتُجيب: «لا. سوف أتضرّع إليه طالما هو يسمعني.» وجَعَلَت تَتبَع المعلّم وهي لا تكفّ عن الهتاف والتضرّع، ممّا جَعَلَ كلّ المستيقظين يُقبِلون إلى عتبات بيوت القرية، وكما في بيت يونا، أَخَذَ الكلّ يَلحَق بها ليرى كيف سينتهي بها الأمر.

 

وفي هذه الأثناء يَنظُر الرُّسُل إلى بعضهم مندهشين ويُهمهِمون: «لماذا يتصرّف هكذا؟ فهو لم يفعل ذلك مِن قبل مطلقاً!...» ويقول يوحنّا: «ومع ذلك ففي الإسكندروسين شَفَى ذينكَ الاثنين.»

 

«ومع ذلك فَهُما مِن الصابئة» يُجيب تدّاوس.

 

«والتي سيشفيها الآن؟»

 

«هي كذلك مِن الصابئة» يقول الرّاعي حانان.

 

«آه! إنّما كم مِن مرّة شفى وثنيّين كذلك! وماذا عن الفتاة الرومانيّة الصغيرة إذن؟...» يقول أندراوس حزيناً، وهو الذي لا يعرف الاستكانة أمام قسوة يسوع هذه تجاه المرأة الكنعانيّة.

 

«أنا سأقول لكم ماذا هناك» يُصرِّح يعقوب بن زَبْدي. «المعلّم قد أغتاظَ. وصَبره قد نَفَذ، أمام هذا الكَمّ مِن هجوم الشرّ البشريّ عليه. ألا تَرَون كم تغيّر؟ إنّه على حقّ! ومِن الآن هو لن يَبذل ذاته إلّا في سبيل الذين يَعرِفهم. وحسناً يفعل!»

 

«نعم. ولكنّها الآن تتبعنا وتصيح، وجمع غفير مِن الناس في إثرها. وهو، لو كان أراد العبور دون أن يراه أحد، لما كان قد اتَّبَع أسلوباً يُثير انتباه حتّى الشجر...» يُهمهِم متّى.

 

«هيّا بنا نقول له أن يَصرفها... انظروا هنا الموكب الجميل الذي يتبعنا! وإن وصلنا هكذا إلى الطريق القنصليّة، سوف نُسجَن! وهي، إن لم يَطردها، فلن تتركنا...» يقول تدّاوس غاضباً، وفوق ذلك يلتفت ليقول للمرأة: «اصمتي وانصرفي!» وهكذا يفعل يعقوب بن زَبْدي. ولكنّ المرأة لا تهتمّ للتهديدات والإيعازات وتستمرّ في الترجّي.

 

«هيّا بنا نقول للمعلّم أن يطردها هو، طالما لا يريد الاستماع إليها. لا يمكن أن يستمرّ الحال هكذا!» يقول متّى، بينما يُهمهِم أندراوس: «المسكينة!» ولا يكفّ يوحنّا عن ترديد: «أنا، لا أفهم... أنا، لا أفهم...» فيوحنّا قد هزّته طريقة تصرّف يسوع.

 

ولكن ها هُم، بإسراع مشيتهم، قد لحقوا بالمعلّم الذي يمضي مسرعاً وكأنّ أحداً كان يُلاحِقه. «يا معلّم! ولكن اطرد هذه المرأة! إنّها فضيحة! هي تَصرخ خلفنا! وتثير انتباه الجميع إلينا! ويزداد تجمهر المارّة على الطريق... وكثيرون يتبعونها. قُل لها أن تمضي.»

 

«قولوا لها ذلك، أنتم. فأنا قد أجبتُها.»

 

«إنّها لا تَسمع منّا. هيّا! قل لها ذلك أنتَ. وبصرامة.»

 

يتوقّف يسوع ويَلتَفِت. فتعتَبِر المرأة هذا إشارة حسنة، وتُسرع الخُطى، وتَرفع صوتها الذي أَصبَحَ حادّاً ويَشحبّ وجهها لأنّ رجاءها تعاظَمَ.

 

«اصمتي أيّتها المرأة، وعودي إلى بيتكَ! فلقد قلتُ: "أنا إنّما أتيتُ مِن أجل نِعاج إسرائيل". لأُشفي المريضة منها وأبحث عمَّن هي ضالّة. وأنتِ لستِ مِن إسرائيل.»

 

ولكنّ المرأة كانت قد أَصبَحَت عند قدميه وتُقبِّلهما هائمة بهما متشبّثة بكاحليه، كما لو كانت غريقة حَظِيَت بصخرة نجاة، وهي تئنّ: «ربّي، هلمّ إلى نجدتي! يمكنكَ ذلك، يا ربّ. مُر الشيطان، أنتَ أيّها القدّوس... يا ربّ، يا ربّ، أنتَ سيّد كلّ شيء، النعمة كما العالم. كلّ شيء يَخضَع لكَ، يا ربّ. أَعرِف هذا. أؤمن به. فاستخدم سلطانكَ مِن أجل ابنتي.»

 

«لا يُحسَن أخذ خُبز أطفال البيت ورميه لكلاب الشارع.»

 

«أنا أؤمن بكَ. وبإيماني هذا تحوَّلتُ مِن كلب الشارع إلى كلب البيت. ولقد قلتُ لكَ: جئتُ قبل الفجر لأنام على عَتَبَة البيت الذي كنتَ فيه، ولو كنتَ خرجتَ مِن تلك الجهة لكنتَ اصطدمتَ بي. ولكنّكَ خرجتَ مِن الناحية الأخرى ولم تَرَني. لم تَرَ هذا الكلب المسكين المعذَّب، الجائع إلى نعمتكَ، الذي كان ينتظر ليدخُل إلى حيث أنتَ مقيم وهو يَزحَف، ليُقبِّل قدميكَ هكذا، راجياً إيّاكَ ألّا تطرده...»

 

«لا يُحسَن رمي خبز الأولاد للكلاب» يُكرِّر يسوع.

 

«إنّما الكلاب تدخل مع ذلك إلى الغرفة التي يأكل فيها المعلّم مع الأولاد، وتأكل ممّا يَسقُط مِن الطاولة، أو مِن البقايا التي يرميها لها أهل البيت، ممّا لا حاجة بعد لهم به. لا أطلب منكَ أن تُعامِلني كابنة وتُجلِسني إلى الطاولة معكَ. ولكن أعطني مِن الفُتات على الأقلّ...»

 

يبتسم يسوع. آه! كم يتبدل وجهه بابتسامة الفَرَح هذه!...

 

يَنظُر إليه الرُّسُل والناس والمرأة بشغف إعجاب، شاعِرِين أنّ شيئاً ما سيحصل.

 

ويقول يسوع: «آه! يا امرأة! عظيم هو إيمانكِ. وهو يُعزِّي روحي. امضي إذن، وليكن لكِ ما أردتِ. منذ هذه اللحظة خَرَجَ الشيطان مِن صغيرتكِ. اذهبي بسلام. وكما عرفتِ أن تتحوّلي مِن كلب شارد إلى كلب أهليّ، هكذا اعرفي في المستقبل أن تُصبِحي ابنة جالسة على طاولة الآب. وداعاً.»

 

«آه! يا ربّ! يا ربّ! يا ربّ!... أودُّ أن أُسرِع لأرى حبّيبتي بالما... أودُّ لو أبقى معكَ، أتبعكَ! أيّها المبارَك! أيّها القدوس!»

 

«اذهبي، اذهبي يا امرأة. اذهبي بسلام.»

 

ويُتابِع يسوع طريقه، بينما الكنعانيّة تبتعد جرياً، بأكثر رشاقة مِن وَلَد، يتبعها الجمع مدفوعاً بالفضول ليرى المعجزة…

 

«لكن لماذا، يا معلّم، جَعَلتَها ترجو كلّ هذا الرجاء لتستمع إليها فيما بعد؟» يَسأَل يعقوب بن زَبْدي.

 

«بسببكَ أنتَ، وبسببكم جميعاً. هذا ليس انهزاماً يا يعقوب. فهنا، أنا لم أُطرد ولم يَسخَر منّي أحد، ولم أُلعن... فلينتَشِل هذا روحكم المتداعي. لقد حصلتُ اليوم على غذائي اللذيذ. وأشكر الله على ذلك. والآن هيّا بنا نمضي إلى تلك الأخرى التي تَعرف أن تؤمن وتَنتَظِر بإيمان ثابت.»

 

«ونِعاجي، يا سيّدي؟ بعد قليل عليَّ أن أَسلك طريقاً مختلفة عن الطريق التي ستسلكها أنتَ لأذهب إلى أرض الرّعي...»

 

يبتسم يسوع، ولكنّه لا يُجيب.

 

مُمتِع هو السير، الآن وقد أشرَقَت الشمس لتُدفّئ الجوّ وتجعل أوراق الغابات الجديدة وعشب الحقول تسطع كالزمرّد، مُحوِّلة كلّ كأس زهرة إلى فصّ خاتم، بِفِعل حبّات النّدى التي تُشِعّ في بتلات زهيرات الحقول متعدّدة الألوان. ويمضي يسوع مبتسماً. والرُّسُل الذين استعادوا شجاعتهم فجأة، يَتبَعونه مُبتَسِمين…

 

يبلغون تقاطع الطُّرُق. يقول الراعي حانان بألم: «هنا عليَّ أن أترككَ... فأنتَ لن تأتي إذن لِتُشفي نعاجي؟ أنا كذلك أؤمن، وأنا مِن الصابئة... هل تَعِدني، على الأقلّ، أن تأتي بعد السبت؟»

 

«آه! حانان!‍ ألم تُدرِك بعد أن نعاجكَ شُفِيَت منذ اللحظة التي رفعتُ بها يدي صوب ليسيمدان؟ إذن فامض أنتَ كذلك لترى المعجزة وتُبارِك الربّ.»

 

أظنُّ أنّ امرأة لوط، عندما تحوَّلَت إلى ملح، لم تكن مُختَلِفة عن الرّاعي الذي تسمَّرَ في مكانه كما هو، منحنياً قليلاً، ولكنّ رأسه مرتفع لِيَنظُر إلى يسوع، ذراعه شِبه ممدودة في الهواء... يبدو وكأنّه تمثال. يمكن كتابة لافته عليه تقول: «المتوسِّل.» ولكنّه يَنتَصِب بعد ذلك ليجثو قائلاً: «بوركتَ! أنتَ الصالح! أنتَ القدّوس!... ولكننّي وعدتكَ بمال كثير، وهنا ليس لديَّ سوى القليل منه... تعال، تعال إلى بيتي بعد السبت...»

 

«سوف آتي، ليس مِن أجل المال، إنّما مِن أجل أن أبارككَ أيضاً لإيمانكَ البسيط. وداعاً، يا حانان. السلام معكَ.»

 

ويفترقون…

 

«وكذلك هذا ليس هزيمة، أيّها الأصدقاء! فهنا كذلك لَم يَسخَر منّي أحد، لم يَطردني أو يَلعنّي أحد!... هيّا بنا! هناك أُمّ تنتظرنا منذ عدّة أيّام...»

 

ويستمرّ المسير، مع وقفة قصيرة لتناول الخبز مع الجُّبن والشرب عند أحد الينابيع…

 

الشمس كانت عند الظهيرة عندما ظَهَرَ مفترق الطرق.

 

«ها هي بداية مراسي صور هناك في العمق» يقول متّى. ويُسَرّ لفكرة أنّ الجزء الأكبر مِن الرحلة قد انتهى.

 

امرأة تَسند ظهرها على إحدى النُصب الطرقيّة الرومانيّة. عند قدميها فتاة في حوالي السابعة أو الثامنة مِن عمرها، موضوعة على مقعد قابل للطيّ. تَنظُر المرأة في كلّ الاتّجاهات، صوب المراسي، إلى الصخور، صوب طريق بتولمايس [عَكّا]، وصوب الطريق التي يسلكها يسوع، وتنحني بين الفينة والأخرى لتداعب طفلتها، لتحمي لها الرأس بواسطة قطعة قماشيّة، ولتغطية قدميها ويديها بشال…

 

«ها هي ذي المرأة! ولكن أين تنام خلال هذه الأيّام؟» يَسأَل أندراوس.

 

«قد يكون في ذاك البيت القريب مِن الـمُفتَرَق. فما مِن بيت غيره في الجِوار.» يُجيب متّى.

 

«أو تحت النجمة الجميلة» يقول يعقوب بن حلفى.

 

«لا. بسبب الطفلة، لا.» يُجيب أخوه.

 

«آه! لتنال النعمة!...» يقول يوحنّا.

 

لا يتكلّم يسوع، بل هو يبتسم. الجميع في صفّ، ثلاثة مِن جهة وثلاثة مِن الأخرى، وهو في الوسط، يَشغلون الطريق في وقت راحة المسافرين المنهمكين في الأكل، حيث نال منهم مُنتَصَف النهار.

 

يبتسم يسوع، الكبير والوسيم، وسط الصفّ. ويبدو وكأنّ نور الشمس كلّه قد تركَّز على وجهه، لشدّة سطوعه. يبدو وكأنّه يُرسِل أشعّة.

 

ترفع المرأة عينيها... إنّهم ما يزالون على بُعد حوالي الخمسين متراً. قد يكون يسوع هو الذي ربّما استرعى انتباهها، بينما كانت ساهية للحظة بسبب تشكٍّ مِن الطفلة، وهي تحدّق فيها. فتنظر... تحمل يديها إلى صدرها بحركة لا إراديّة، مردّها إلى انقباضها، فتقفز.

 

تُشرِق ابتسامة يسوع. وتلك الابتسامة المشعّة، العَصيّة على الفهم، تَعني الكثير للمرأة التي لم تعد منقبضة، بل مبتسمة، كما لو أنّها تختبر سعادة مُقبِلة، فتنحني لتأخذ الطفلة، بإنهاضها مِن مقعدها، حاملة إيّاها بذراعين ممدودتين، كما لو أنّها تُقدِّمها لله، تتقدَّم، وعندما تبلغ قدميّ يسوع، تَجثو رافعة قَدر استطاعتها البنت الممدّدة، التي تنظر إلى وجه يسوع الجميل للغاية وهي منتشية.

 

لا تنبس المرأة ببنت شفة. وماذا يمكن أن تقول أعمق مما عَبَّرت عنه بمجمل مظهرها؟…

 

أمّا يسوع فلا يقول سوى كلمة واحدة، صغيرة، ولكنّها ذات سلطان، ولكنّها ذات غبطة مِثل «لِيَكُن» التي قالها الله في خَلق العالم: «نَعم.» ويَضع يده على صدر الطفلة الممدّدة.

 

والطفلة، بِصياح يمامة تَحرَّرَت مِن أَسْر القَفَص، تهتف: «ماما!» وتَجلس فجأة وتَنـزَلِق على قدميها، وتُقبِّل أُمّها التي تترنح وتكاد تَقلب على ظهرها، وقد غُشي عليها مِن التعب، ومِن الانقباض الذي سكن فجأة، ومِن الفرح الذي يتجاوز قوّة قلب أنهَكَته وأَضعَفَته الآلام السابقة.

 

يُمسك بها يسوع بسرعة. تَدخُّله فاعل أكثر مِن تدخُّل الطفلة التي، بِثِقلها الذي يزيد العبء على الذراعين الأموميّتين، لا تُساعدها بالتحديد بالإمساك بها. يسوع يُجلسها ويمنحها قوّة…

 

ويَنظُر إليها بينما تَنهَمِر دموع صامتة على وجه المرأة التَّعِب والـمُغتَبِط في آن معاً. ثمّ تأتي الكلمات: «الشكر لكَ، يا ربّي! الشكر والبركات! لقد تكلَّلَ رجائي... لقد انتظرتُكَ طويلاً... ولكنّني الآن سعيدة...»

 

وبعد أن تجاوَزَت المرأة غشيانها، تجثو، وَالِهة، عابدة، مُمسكة بالطفلة التي يُداعِبها يسوع. تَشرَح: «منذ سنتين، عَظْمة مِن سلسلة الظهر أُتلِفَت، فَشَلَّتها وكادت تموت ببطء وهي تتألّم كثيراً. عَرَضناها على أطبّاء مِن أنطاكية وصور وصيدا وحتّى مِن قيصريّة بانيادوس، وقد صرفنا الكثير مِن المال على الأطبّاء والأدوية، حتّى اضطررنا إلى بيع بيتنا في المدينة وسَكَنّا في القرية، وصَرَفنا خُدّام البيت، ولم نحتفظ سوى بِخُدّام الحقل، وبِعنا محاصيلنا التي كنّا نستهلكها في السابق... ولم يكن ليفيدنا شيء! رأيتُكَ. وكنتُ أَعلَم بما تَفعَله في أمكنة أخرى. ورجوتُ أن تُنعِم عليَّ كذلك... وقد حصلتُ على مُنيتي! الآن أعود إلى بيتي خفيفة فَرِحة... وسأنقل الفرح لزوجي... ليعقوبي، وهو الذي زرع الرجاء في قلبي، بروايته لي ما كان قد حصل في الجليل واليهوديّة بفعل سلطانكَ. آه! لو لم نكن خفنا عدم إيجادكَ، لكنّا مضينا مع الصغيرة. ولكنّكَ كنتَ دائم السفر!...»

 

«أثناء ترحالي أتيتُ إليكِ... ولكن أين أقمتِ خلال هذه الأيّام؟»

 

«في هذا البيت... ولكن البنت كانت تبقى وحدها فيه. هناك امرأة طيّبة: كانت تهتمّ بها بدلاً عنّي أثناء الليل. وأنا لم أبرح هذا المكان خوفاً مِن فقدانكَ إن مررتَ في الليل.»

 

يَضَع يسوع يده على رأسها: «إنّكِ امرأة صالحة. ولذلك يحبّكِ الله. وها أنتِ تَرَين أنّه ساعَدَكِ في كلّ شيء.»

 

«آه! بلى! لقد شعرتُ بذلك بينما كنتُ آتية. كنتُ قد جئتُ مِن البيت إلى المدينة، معتقدة إيجادكَ هناك، وبالتالي لم يكن معي سِوى دراهم قليلة، وكنتُ وحيدة. ثمّ، باتّباعي نصيحة الرجل، تابعتُ طريقي حتّى هذا المكان. أَرسَلتُ مَن يُخبِر البيت وأتيتُ... ولم ينقصني شيء. لا غذاء، ولا مأوى، ولا قوّة.»

 

«ودائماً مع هذا الحِمل الثقيل على ذراعيكِ؟ ألم يكن بإمكانكِ استئجار عربة؟...» يَسأَل يعقوب بن حلفى.

 

«لا. كانت ستتألّم كثيراً، لدرجة الموت. فإنّ صغيرتي يُوَنّا قد وَصَلَت إلى النّعمة على ذراعيّ أُمّها.»

 

ويمسح يسوع بيده شعر الاثنتين: «امضيا الآن وكونا دائمتا الوفاء للربّ. ليكن الربّ معكما وسلامي لكما.»

 

يُتابِع يسوع مسيرته على الطريق المؤدّية إلى بتولمايس [عَكّا].

 

«وهذا أيضاً ليس هزيمة، أيّها الأصدقاء. وهنا أيضاً لم يطردني ولم يَسخَر منّي أو يلعنّي أحد.»

 

وباتّباعهم الطريق المستقيمة، يَبلغون بسرعة محلّ البيطار، قرب الجسر. البيطار الرومانيّ يأخذ قسطاً مِن الراحة تحت الشمس، جالساً ومستنداً إلى جدار البيت. يتعرّف على يسوع ويُحيّيه. يردّ يسوع التحيّة ويضيف: «هل تسمح لي بالبقاء هنا، للاستراحة قليلاً وتناول القليل مِن الزّاد؟»

 

«نعم، أيّها الرابّي. زوجتي كانت ترغب برؤيتكَ... ذلك أنّني رويتُ لها ما سمعتُهُ مِن حديثكَ في المرّة الماضية. إستير عبرانيّة، ولكنّني لم أكن أجرؤ على البوح لكَ بذلك، فأنا رومانيّ. وكنتُ سأرسلها لكَ...»

 

«نادِها إذن.»

 

ويَجلس يسوع على المقعد الـمُسنَد إلى الجدار، بينما يعقوب بن زَبْدي يوزّع الخبز والجبن…

 

امرأة في حوالي الأربعين تَخرُج، مضطربة وحمراء مِن الخجل.

 

«السلام لكِ، يا إستر. هل رغبتِ في رؤيتي؟ لماذا؟»

 

«بسبب ما قُلتَه... الرابّيون يحتقروننا، نحن المتزوّجات مِن رومانيّين... ولكنّ أولادي كلهم قد حملتُهُم إلى الهيكل، والصبيان منهم قد اختتنوا. وقد قلتُ ذلك مسبقاً لتيطس، عندما كان يريد الزواج بي... وهو طيّب... يَدَعني أفعل ذلك مع الأطفال على الدوام. العادات والطقوس جميعها عبرانيّة هنا!... ولكنّ الرابّيين، رؤساء المجامع، يلعنوننا. أمّا أنتَ فلا... أنتَ تقول عنّا كلام رحمة... آه! هل تَعلَم ماذا يعني هذا لنا؟ هذا يجعلنا نحسّ وكأنّنا محاطون بذراعيّ الأب والأُمّ اللذين قد تخلّيا عنّا ولَعَنَانا، أو اللذين هما صارِمَين معنا... وكأنّ قدمينا قد وطأتا البيت الذي تركنا ولم نَعُد غرباء فيه... إنّ تيطس طيّب. هو يُغلِق البيطرة أثناء أعيادنا، مُتحمّلاً خسارة الكثير مِن المال، ليرافقني مع الأولاد إلى الهيكل، ذلك أنّه يقول إنّه مِن غير الممكن أن نبقى بلا دِين. وهو يقول إنّ دِينه هو دِين العائلة والعمل، كما في السابق كان دِين واجب الجنديّة... أمّا أنا يا سيّدي... شئتُ أن أسألكَ شيئاً... أنتَ قلتَ إنّ على مَن يتبعون الله الحقيقيّ اقتطاع القليل مِن خميرتهم المقدّسة ووضعها في العجين لجعله يتخمّر بقداسة. ولقد فَعَلتُ ذلك مع زوجي. لقد حاولتُ، في خلال العشرين سنة التي عشناها معاً، أن أجعل نفسه الصالحة تتفاعل مع خميرة إسرائيل. ولكنّه لا نيّة له في ذلك أبداً... ولقد تقدَّمَ في السنّ... وأنا أريده أن يكون معي في الحياة الأُخرى... مُتَّحِدَين بالإيمان، كما نحن بالحبّ... أنا لا أطلب منكَ الثراء، وراحة البال والصحّة. فما لدينا يكفينا، والحمد الله! أمّا رغبتي هذه فأريدها... صَلِّ مِن أجل زوجي، وليكن انتماؤه لله الحقّ...»

 

«نعم، سوف ينال هذه النعمة. كوني واثقة مِن ذلك. أنتِ تطلبين طلباً مقدّساً وسوف تنالينه. لقد فَهِمتِ واجبات الزوجة تجاه الله وتجاه زوجها. يجب أن يكون ذلك لدى كلّ الزوجات! الحقّ أقول لكِ، إنّ على كثيرات أن يقتدين بكِ. استمرّي في أن تكوني كذلك، وستنالين فرح أن يكون تيطس إلى جواركِ، في الصلاة وفي السماء. دعيني أرى أولادكِ.»

 

تنادي المرأة أولادها الكثيرين: «يعقوب، يهوذا، لاوي، مريم، يوحنّا، حنّة، إليز، مرقس.» ثمّ تدخل إلى البيت لتعود بصحبّة وَلَد بالكاد يمشي وأُخرى في حوالي شهرها الثالث، على الأكثر: «وهذا إسحاق، والصغرى يهوديت» تقول وهي تُنهي التقديم.

 

«وَفرة!» يقول يعقوب بن زَبْدي وهو يضحك.

 

ويهتف يوضاس: «ستّة أولاد! وكلّهم مختونون! ويحملون أسماء صافية! أحسنتِ!»

 

المرأة سعيدة وتمدح يعقوب ويهوذا ولاوي الذين يُساعِدون أباهم «كلّ الأيّام عدا السبت، اليوم الذي يعمل فيه تيطس وحده، فيضع نِعال الحديد المصنوعة مسبقاً». وتمدح مريم وحنّة اللتين «تساعدان أُمّهما». ولا تُخطئ في مدح الأربعة الصغار الذين «هُم طيّبون وبلا نزوات. تيطس يساعدني في تربيتهم وتثقيفهم، هو الذي كان جنديّاً منضبطاً» تقول ذلك وهي تنظر بعطف وحنان إلى الرجل الذي يَسند ظهره إلى إطار الباب ويده على وركه، وقد استَمَع إلى كلّ ما قالته زوجته بابتسامة صافية تُزيّن وجهه مُنفَرِج الأسارير، ويزهو الآن لسماعه التذكير بمناقبه العسكريّة.

 

«عظيم. إنّ انضباط المجنَّدين لا يمقته الله عندما يُمارَس واجب الجنديّة الصّرف بإنسانيّة. المهمّ هو أن يكون المرء نزيهاً ضميريّاً، في كلّ عمل، ليبقى فاضلاً على الدوام. وعلى انضباط ذلك الوقت، الذي تورثه لأبنائكَ، أن يهيّئكَ لخدمة أسمى: لخدمة الله. نترككَ الآن. فلديَّ مِن الوقت تماماً ما يكفي للوصول إلى أَكزِيب قبل نهاية الغَسَق. السلام لكِ يا إستير، ولكلّ بيتكِ. ولتكونوا، قريباً، جميعكم للربّ.»

 

تجثو الأم مع الأولاد بينما يرفع يسوع يده ليباركهم. أمّا الرجل، وكأنّي به قد عاد مِن جديد جنديّاً لروما في حضرة إمبراطوره، يقف باستعداد ويُحيّي على الطريقة الرومانيّة.

 

ويَمضون... وبعد بضعة أمتار، يضع يسوع يده على كتف يعقوب: «ومرّة أخرى، وهي الرابعة في هذا اليوم، أَلفت انتباهكَ إلى أنّها ليست هزيمة، وليست طرداً وإهانة ولعناً... والآن ماذا تقول في ذلك؟»

 

«إنّني غبيّ، يا ربّ.» يقول يعقوب بن زَبْدي.

 

«لا. بل أنتَ وأنتم جميعكم ما تزالون مُغرِقين في البشريّة، وتختبرون كلّ أنواع التغيّرات الفجائيّة في المزاج لإنسان ما يزال تحت سيطرة البشريّة أكثر مِن الروح. فالروح، عندما يكون مُسيطِراً، لا يتغيّر مع كلّ هبة نسيم لا يمكن أن تكون دائماً نسيماً مُعطَّراً... قد يتألّم، ولكن دون أن يتبدّل. وأنا لا أكفّ عن الصلاة حتّى تَصِلوا إلى سيطرة الروح هذه. إنّما عليكم مساعدتي بمجهودكم... حسناً! انتهى بنا الرحيل. في هذه الأثناء، قد بَذَرتُ اللازم لتهيئة العمل للوقت الذي سيتعيّن عليكم أنتم أن تكونوا الـمُبَشِّرين. الآن يمكننا المضيّ إلى استراحة السبت مطمئنّين إلى أنّنا قمنا بواجبنا. وسننتظر الآخرين... ثمّ نمضي... أيضاً... وعلى الدوام... حتّى يتمّ كلّ شيء!...»