ج5 - ف52

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الخامس/ القسم الثاني

 

52- (على الضفّة الأخرى. لقاء الأُمّ)

 

16 / 12 / 1945

 

إنّهم الآن في الطرف الآخر مِن الأردن، ويسيرون بسرعة باتّجاه الجنوب الغربيّ، قاصدين سلسلة تلال ثانية، أكثر ارتفاعاً مِن الأولى، تلال منخفضة، خلفها يمتدّ سهل الأردن. مِن خلال أحاديثهم أدركتُ أنّهم تحاشوا السهل كي لا يقعوا ثانية في مطبّ الوحل الذي تركوه في الضفّة الأخرى، ويُفكّرون في الذهاب إلى حيث يشاءون متتبّعين الطرق الداخليّة الأفضل تأهيلاً والأكثر سلوكاً، خاصّة في أوقات المطر.

 

«أين يمكن أن نكون الآن؟» يَسأَل متّى الذي يخطئ التوجّه.

 

«بالتأكيد نحن بين شيلو وبيت إيل.» يقول توما. أنا أتعرّف على الجبال. لقد مررتُ بها منذ مدّة قريبة، مع يهوذا، الذي استقبَلَه فرّيسيّون في بيت إيل.»

 

«كان ذلك بإمكانكَ أنتَ أيضاً. أنتَ لم تُرِد المجيء، ولكن لا هُم ولا أنا لم نَقُل لكَ: "لا تأتِ".»

 

«وأنا لم أقل كذلك إنّكم قُلتُم لي ذلك. قُلتُ فقط إنّني فضَّلتُ المكوث مع التلاميذ الذين كانوا يُبشِّرون هناك.»

 

الحدث الطارئ انتهى. وحتّى أندراوس يُسَرّ قائلاً: «إذا كان لنا، في بيت إيل، فرّيسيّون أصدقاء، فلن يقبضوا علينا.»

 

«ولكنّنا نسير إلى الخلف بدل أن نمضي إلى أورشليم.» يَعتَرضون عليه.

 

«ينبغي لنا، مع ذلك الذهاب إلى هناك مِن أجل الفصح، ولستُ أدري ما الذي سنفعله...»

 

«أجل! لماذا قال إنّنا نعود إلى قانا؟ كان بإمكان النساء المجيء وإكمال رحلتنا...»

 

«كُتِبَ أن امرأتي لا تُعيِّد الفصح في أورشليم!» يُعلِن بطرس.

 

يوحنّا ينادي يسوع الغارق في حوار مع الغيور: «يا معلّم، ما العمل كي نذهب ونعود في الوقت المناسب؟»

 

«لا أدري. أنا أُسلِّم أمري لله. إذا كنّا قد تأخّرنا، فالذنب ليس ذنبي.»

 

«حسناً فعلتَ بأن تأخذ حذركَ.» يقول الغيور.

 

«آه! أنا، كنتُ سأستمرّ، لأنّ ساعتي لم تأتِ بعد. وأنا أحسّ بذلك. أمّا أنتم، كيف كنتم ستتحمّلون المغامرة، وأنتم منذ بعض الوقت... تَعِبون؟»

 

«يا معلّم... أنتَ على حقّ. يبدو أنّ شيطاناً قد عَصَفَ فيما بيننا. لقد تغيّرنا كثيراً!»

 

«الإنسان يَتعَب. يبغي أن تسير الأمور بسرعة؛ لديه أحلام غير معقولة. وعندما يُلاحِظ أنّ الحلم مخالف للواقع، يَضطَرِب، وعندما لا يتمتّع بالإرادة الصالحة، يتراخى. لا يتذكّر أنّ الكلّيّ القُدرة، الذي كان بإمكانه أن يُخرِج الكون مِن الخواء بلحظة، قد فَعَلَ ذلك على مراحل منتظمة ومنفصلة ضمن فسحات زمنيّة سُمِّيت أيّاماً. ينبغي لي أن أُخرِجُ مِن خواء روحي لعالم بأكمله ملكوت الله. وسوف أفعل. سأبني القواعد، وأنا الآن بصدد بنائها، وعليَّ تحطيم الصخرة القاسية للغاية لأنحت منها الأساسات التي لا تنهار. وأنتم سترفعون الجدران على مهل. وخُلفاؤكم سوف يتابعون العمل على المستوين العموديّ والأفقيّ. وكما سأموت أنا في العمل، كذلك أنتم ستموتون، وآخرون سيموتون مُريقين دمهم أو بدون إراقته، إنّما مضمحلّين بهذا العمل الذي يتطلّب روح التضحية والسخاء والدموع والدم وصبراً بلا قياس...»

 

يُمرّر بطرس رأسه الأشيب بين يسوع ويوحنّا. «هل يمكن معرفة ما تقولون؟»

 

«آه! يا سمعان! تعال هنا. كنّا نتحدّث عن كنيسة المستقبل. كنتُ أشرَح أنّه بدل استعجالكم وتعبكم وإحباطكم، وأمور أخرى مِن هذا القبيل، فهي تستوجب الهدوء والثبات والجهد والثقة. كنتُ أشرَح أنّها تتطلّب التضحية مِن جميع أعضائها. ابتداء منّي أنا، مؤسِّسها ورأسها السرّيّ، وصولاً إليكم، إلى كلّ التلاميذ، وحتّى كلّ الذين سيحملون اسم مسيحيّين، والذين سينتمون إلى الكنيسة الجامعة. وفي الحقيقة، في سُلّم المراتب العظيم، غالباً ما يكونون الأكثر تواضعاً، الذين يبدون بكلّ بساطة "أرقاماً"، هُم الذين سيجعلون الكنيسة بحقّ حيويّة. في الحقيقة سيكون لزاماً عليَّ اللجوء إليهم لمتابعة المحافظة على الإيمان والمدارس الرَّسوليّة دائمة الجِدّة، وسيكون لزاماً عليَّ ترك أولئك الرُّسُل يتعذّبون مِن قِبَل الشيطان وأناس غيورين، متكبّرين وكافرين. واستشهادهم الوجدانيّ لن يكون أقلّ ألماً وعذاباً مِن الاستشهاد المادّيّ، كونهم سَيَجِدون أنفسهم بين إرادة الله التي تدفعهم للعمل، وإرادة الإنسان السيّئة، أداة الشيطان، الذي لن يألو جهداً في مَنح كلّ اهتمامه وكلّ عنفوانه كي يجعلهم يَحسبون أنفسهم كاذبين، مجانين، مهووسين، وذلك كي يَشلّ عملي فيهم، وثماره التي ستكون في الأغلب ضربات منتصرة ضدّ العدو.»

 

«وهل سيصمدون؟»

 

«وسيصمدون حتّى بدون وجودي المادّيّ معهم. وسيكون عليهم الإيمان ليس فقط بما لا بدّ مِن الإيمان به، بل كذلك برسالتهم السرّيّة، الإيمان المقدّس، الإيمان النافع، الإيمان بأنّها آتية منّي، بينما يعصف الشيطان حولهم ليرهبهم، ويرتفع صوت العالم ليسفّههم، وخُدّام الله، وهُم ليسوا بالضرورة مستنيرين دائماً، ليدينوهم. هذا هو مصير أصواتي المستقبليّة. ومع ذلك لن يكون لي مِن وسائل أخرى أهزّ بها الناس، وأجلبهم إلى إنجيل المسيح! ولكن مِن أجل كلّ ما أكون قد طلبتُهُ منهم، كلّ ما أكون قد فرضتُهُ عليهم وتلقّيتُهُ منهم، آه! سوف أمنحهم فرحاً أبديّاً، ومجداً خاصّاً! في السماء كتاب مغلق، وحده الله يمكنه قراءته. وهو يحتوي على كلّ الحقائق. ولكنّ الله أحياناً ينـزع الأختام، ويعيد إلى الأذهان الحقائق التي تكون قد قيلت للناس، مُرغِماً إنساناً، مختاراً لهذه المهمة، على معرفة الماضي، والحاضر، والمستقبل كما هي في الكتاب السرّيّ. هل رأيتم يوماً ابناً، الأفضل في العائلة، أو تلميذاً هو الأفضل في المدرسة، وقد أَرسَلَ أبوه في طلبه، أو معلّمه، لقراءة كتاب لعظماء مِن الناس وتلقّي الشرح؟ إنّه يقبع إلى جانب الأب أو المعلّم الذي يحيطه بذراعه، بينما يشير بسبّابة اليد الأخرى إلى السطور التي يريد أن يقرأها ويتعرّف إليها المفضَّل لديه. هكذا يفعل الله بالذين يدعوهم إلى قَدَر كهذا. يجلبهم ويحيطهم بذراعه ويرغمهم على قراءة ما يريد، وإدراك معناه، وقوله فيما بعد، ويكون لهم منه الاحتقار والألم. أنا، ابن الإنسان، متقدّم رتل الذين يقولون حقائق الكتاب السماويّ، وسأتلقّى لذلك السخرية والألم والموت. إلّا أنّ الآب يهيّئ لي الآن مجدي. وأنا، حينما أصعد إلى السماء، سوف أهيّئ مجد الذين أُرغِمهم على قراءة النقاط التي أريد مِن الكتاب المغلق، وبحضور الإنسانيّة القائمة مِن الموت كلّها، والجوقات الملائكيّة، سوف أُظهِرهم على حقيقتهم، منادياً إيّاهم إلى جانبي بينما أنزع أختام الكتاب الذي يكون مِن المفضَّل بقاؤه مغلقاً حتّى ذلك الحين، وسوف يبتسمون عندما يعودون ليروا ويعيدوا قراءة العبارات المكتوبة، والتي كنتُ قد أنرتُها لهم وهُم يتألّمون على الأرض.»

 

«والآخرون؟» يَسأَل يوحنّا المتنبّه جدّاً للتعليم.

 

«أيّ آخرين؟»

 

«الآخرون الذين، مثلي لم يقرؤوا ذلك الكتاب على الأرض، ألن يعرفوا أبداً ماذا يقول؟»

 

«في السماء، كلّ شيء سيكون معلوماً للمغبوطين. سوف يَعرفون، وقد استَحوَذَت عليهم الحكمة اللامتناهية.»

 

«حالاً؟ ما أن يموتوا؟»

 

«فوراً، حال الدخول في الحياة.»

 

«ولكن لماذا إذن تُظهِر في اليوم الأخير أنّكَ تدعوهم لمعرفة الكتاب؟»

 

«لأنّه لن يكون المغبوطون فقط هم الذين يَرَونه، بل إنّما الإنسانيّة جميعها. وفيما بين المدانين، سيكون الكثيرون ممّن حَوَّلوا بسخريتهم أصوات الله إلى مجانين أو ممسوسين، وعَذَّبوهم مِن أجل تلك النعمة التي منحتُهم إيّاها. إنّه ثأر طويل ولكنّه إلزاميّ، ممنوح لشهداء شرّ العالم الغليظ أولئك.»

 

«كم ستكون رؤيته رائعة!» يهتف يوحنّا مفتوناً.

 

«نعم، ورؤية كلّ الفرّيسيّين تصطكّ أسنانهم بِغَيظ.» يقول بطرس وهو يفرك يديه.

 

«آه! أنا، أظنّني سوف أنظر فقط إلى يسوع والمباركين الذين سيقرؤون الكتاب معه...» يُجيب يوحنّا الذي يحلم بتلك الساعة، وعيناه تائهتان في لستُ أدري أيّ رؤيا نور، وتشعّان أكثر بفعل دمعة انهمرت لتأثّره الذي دام في عينه جاعلاً القزحيّة الزرقاء تلمع، مع ابتسامة طفوليّة على شفتيه الحمراوين.

 

يَنظُر إليه الغيور، كذلك يسوع يَنظُر إليه. ولكنّ يسوع لا يقول شيئاً. أمّا الغيور، فعلى العكس، يقول: «سوف تَنظُر إلى نفسكَ إذن! لأنّه لو كان أحد فيما بيننا ينبغي له أن يكون "صوت الله" على الأرض، ويكون مدعوّاً لقراءة فصول الكتاب المختوم، ستكون حتماً أنتَ، يا يوحنّا، المفضَّل لدى يسوع وصديق الله.»

 

«آه! لا تقل هذا! أنا، أكثر الجميع جهالة. ولو لم يكن يسوع قد قال إنّ ملكوت السماوات للأطفال هو، لما ظننتني أحصل عليه، لشدّة عدم نفعي لشيء. أليست قيمتي الوحيدة، يا معلّم، تَكمُن في أنّني أُشبِه طفلاً؟»

 

«نعم، أنتَ تنتمي إلى الطفولة المغبوطة، ولتكن لذلك مباركاً!»

 

يسيرون أيضاً بعض الوقت، ثمّ بطرس، الذي يَنظُر وراءه إلى طريق القوافل الذي أَصبَحوا يسيرون عليه الآن، يَصيح: «يا للعناية الإلهيّة الرحيمة! ولكنّها عربة النساء.»

 

يلتفت الجميع. في الحقيقة إنّها عربة يُوَنّا الثقيلة التي تتقدّم على خبب جوادين قويّين. يتوقّفون في انتظارها. السِّتار الجلديّ المنسَدِل بشكل كامل لا يسمح برؤية مَن في الداخل. ولكنّ يسوع يشير بالتوقّف، والسائق يُطلِق صيحة تعجب عندما يرى يسوع واقفاً، ذراعاه مرفوعتان، على حافّة الطريق.

 

بينما يُوقِف الرجل الحصانين اللذين يلهثان، يَظهَر وجه إسحاق النحيل، ويهتف: «المعلّم! فلتفرحي أيّتها الأُمّ! إنّه هنا!»

 

أصوات نساء، جَلَبة خطوات، تَحصل في العربة، ولكن قبل أن تهبط أيّة واحدة منهنّ، يقفز إلى الأرض مَنَاين ومارغزيام وإسحاق، الذين يَهرَعون لتكريم المعلّم.

 

«مَنَاين أيضاً هنا؟»

 

«مُلتَزِم بأمانة بالتعليمات، والآن أكثر مِن أيّ وقت، لأنّ النساء كُنّ خائفات... ولكن... أطعناكَ لأنّ الطاعة واجبة، ولكن ثِق تماماً أنّه ما مِن شيء مُثير للقلق. أَعلَم مِن مصدر أكيد أنّ بيلاطس ذَكَّر بالأمر المتعلّق بالذين يثيرون الاضطراب، قائلاً إنّ أيّاً كان الذي يثير الاضطرابات في أيّام الأعياد هذه سيكون عقابه قاسياً. أظنُّ أنّ لامرأة بيلاطس يد في هذه الحماية وأقلّ منها صديقاتها. في البلاط يعرفون كلّ شيء ولا يعرفون شيئاً. إنّما تصلهم المعلومات بما فيه الكفاية...» ويبتعد مَنَاين ليفسح المجال لمريم التي هبطت مِن العربة وسارت على الطريق بضعة أمتار، مرتجفة ومتأثّرة.

 

يتعانقان بينما تُبجِّل كلّ النساء التلميذات المعلّم. في هذه الأثناء مريم ومرثا أختا لعازر ليستا موجودتين هناك.

 

تُتمتِم مريم: «يا له مِن ضيق، منذ ذلك المساء! يا بنيّ، كم يبغضكَ الجميع!» وتسيل الدموع على طول سمات حمراء، هي آثار كثير غيرها سَكَبَتها في الأيّام الأخيرة.

 

«ولكنّكِ تَرَين أنّ الآب يتدبّر أمر كلّ شيء. فلا تبكي إذن! إنّي أواجه بشجاعة كلّ بغض العالم، ولكنّ دمعة واحدة منكِ فقط تُنهِكني. هيّا، أيّتها الأُمّ القدّيسة!» وإذ يُعانِقها، يلتفت إلى النساء التلميذات ليحيّيهنّ، ويوجّه كلمة خاصّة ليُوَنّا التي عادت لترافق مريم.

 

«آه! يا معلّم! لا عناء لنا بالمكوث مع أُمّكَ. فلقد كان لزاماً على مريم أن تبقى في بيت عنيا بسبب آلام أخيها. أنا  أتيتُ. تركتُ الأولاد في عُهدَةِ امرأة حارس القصر الطيّبة والحاضنة. ولكن هناك خُوزي كذلك الساهر على ألّا ينقص شيء على الحبيب ماتياس الذي يحبّه زوجي بشكل خاصّ! مع ذلك فقد قال لي خُوزي كذلك إنّه لا جدوى مِن الذهاب. إنذار الوالي حَطَّم أظافر حتّى هيروديا. وهو، حاكم الربع، يرتَجِف خوفاً، وتسيطر عليه فكرة واحدة: العمل على ألّا تحطّمه هيروديا في عينيّ روما. لقد أَلحَقَ موت يوحنّا أذى كثيراً بهيروديا. وقد تنبّه هيرودس كذلك، وبشكل جيّد جدّاً، أنّ الشعب ثار ضدّه بسبب قتل يوحنّا. فالثعلب يُدرِك أنّ أسوأ عقاب له يَكمُن في فقدان حماية روما البغيضة والخدّاعة. فالشعب ينقضّ عليه مباشرة. لذلك، آه! لا تشغل بالكَ! لن يتّخذ أيّة مبادرة!»

 

«إذن فلنعد إلى أورشليم! يمكنكم الذهاب بكلّ أمان. هيّا! فلتعد النساء إلى العربة ومعهنّ متّى والتَّعِبون. سوف نستريح في بيت إيل. هيّا بنا.»

 

تطيع النساء. ويصعد معهنّ متّى وبرتلماوس. الآخرون يُفضِّلون أن يتبعوا العربة سيراً على الأقدام مع مَنَاين وإسحاق ومارغزيام. ويَروي مَنَاين كيف استعلَمَ لمعرفة ما كان صحيحاً في ثرثرات الهيروديّ الذي زَرَعَ البلبلة في خلوة بيت عنيا الساكنة لدى لعازر «المتألّم كثيراً».

 

«هل أتت امرأة إلى بيت عنيا؟»

 

«لا، يا سيّدي. ولكنّنا غائبون منذ ثلاثة أيّام. مَن تكون؟»

 

«تلميذة. سوف أعهد بها إلى إليز، ذلك أنّها شابة، وحيدة وبغير معيل.»

 

«إليز في قصر يُوَنّا. كانت تودّ المجيء، ولكنّها مصابة بزكام شديد. تتحرّق لرؤيتكَ. وقد كانت تقول: "ولكنّكم لا تُدرِكون أنّ رؤيتي له تمنحني السلام؟"»

 

«سوف أمنحها كذلك فَرَحاً مع تلك الصبيّة. وأنتَ، يا مارغزيام، ألا تتكلّم؟»

 

«أَسمَع يا معلّم.»

 

«الصبيّ يسمع ويكتب. إنّه يجعل هذا وذاك يردّدون كلماتكَ، وهو يكتب. إنّما هل نردّدها بشكل صحيح؟» يقول إسحاق.

 

«سوف أنظر إليها، أنا، وأُضيف ما ينقص إلى عمل تلميذي.» يقول يسوع ملاطفاً خدّ مارغزيام خفيف السمرة. ويَسأَل: «والجدّ؟ هل رأيتَه؟»

 

«آه! نعم! لم يتعرّف عليَّ. لقد بكى مِن الفرح. ولكنّنا سوف نراه مجدّداً في الهيكل، ذلك أنّ إسماعيل يرسلهم. حتّى إنّه في هذه السنة قد مَنَحَهم أيّاماً أكثر. هو يَخشاكَ.»

 

«طبيعي! بعد المشكلة البسيطة التي حصلت لحنانيا في شهر شيبات (يناير-فبراير)!» يقول بطرس ضاحكاً.

 

«الخوف مِن الله حينذاك لا يَبني، بل حتّى هو يهدم. هذا ليس مِن قبيل الصداقة، إنّه التَّرقُّب الذي يتحوّل غالباً إلى بُغض. ولكنّ كلّ واحد يُعطي قدر استطاعته...»

 

يُتابِعون طريقهم ولا أعود أراهم.