الدفاتر: 01 / 06 / 1943
دفاتر 1943
ماريا فالتورتا
I QUADERNI - THE NOTEBOOKS - LES CAHIERS
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
(01 / 06 / 1943)
يقول يسوع:
«كي تخلصوا، أيّها البشر المساكين الّذين ترتجفون خوفاً، لكان كافياً، كما أبناء حقيقيّين لي، لا كما أبناء زنى لستُ أباهم إلاّ بالاسم، بينما الأب الحقيقيّ هو الآخر، لكان كافياً أن تختطفوا مِن قلبي شرارة مِن رحمتي، وليس بي رغبة أكثر مِن رغبتي بأن تختطفوها.
إنّني ألبث وصدري مفتوحاً لتتمكّنوا مِن بلوغ قلبي بأكثر سهولة. لقد وَسَّعتُ جرح قلبي الّذي فتحته الحربة لتستطيعوا الولوج إليه. ولكن عبثاً. لقد استخدمتُ إهاناتكم الّتي لا تُحصى كسكّين المضحّي لأوسّعه أكثر على الدوام، لأنّ الحبّ قادر على فعل ذلك. إنّه أيضاً يُحسِن تحويل الشرّ إلى خير، بينما أنتم، تستخدمون كلّ الخير الّذي منحتُكم -لدرجة منحكم ذاتي، أنا الخير الأعظم- بشكل فاحش لدرجة أنّه يصبح بالنسبة لكم أداة شرّ.
إنّني ألبث وقلبي مفتوحاً والدم يقطر منه، تماماً كما يسيل الدمع مِن عينيّ. وعلى الأرض يسقط دمي وكذلك دموعي عبثاً. إنّ الأرض أكثر عطفاً منكم تجاه خالقها. إنّها تفتح رمالها لتتقبّل دم إلهها. وأنتم، بدل ذلك، تغلقون بوجهي قلوبكم، وهي الكأس الوحيد الّذي يودّ دمي الانسكاب فيه كي يجد الحبّ ويمنح الفرح والسلام.
إنّني أنظر إلى قطيعي... قطيعي؟ ما عاد لي. لقد كنتم نعجاتي الصغيرة ولكنّكم غادرتم مراعيّ... وخارجاً صادفتم الشرّير الّذي أفسدكم ولم تعودوا تتذكّرون أنّني بثمن دمي كنتُ قد جمعتُكم وأنقذتُكم مِن الذئاب والمأجورين الّذين كانوا يريدون قتلكم. أنا مَن متّ لأجلكم، لأمنحكم الحياة وملء الحياة كتلك الّتي لي في الآب. وأنتم فضّلتم الموت. لقد وضعتم أنفسكم تحت علامة الشرّير وهو حوّلكم إلى تيوس برّية. لم يعد لديّ قطيع. الراعي يبكي.
لم يبق لي سوى بضع حملان أمناء، مستعدّين لمدّ رقابهم لسكين المضحّي ليمزجوا دمهم، ليس البريء إنّما المحبّ، بدمي فائق البراءة، وإملاء الكأس الّذي سيرفع في اليوم الأخير، للقدّاس الأخير، قبل استدعائكم للدينونة الرهيبة. بفضل هذا الدم وهذه الدماء الأخرى، سوف أستطيع، في الساعة الأخيرة، جني محصولي الأخير مِن آخر الـمُخَلَّصين. كلّ الآخرين... سيكونون مِـَحفّات لراحة الشياطين وغصينات للنار الأبديّة.
ولكنّ حملاني سيكونون معي. في مكان مختار من قِبَلي لراحتهم المغبوطة بعد جهاد كثير. إنّ مكانهم مختلف عن مكان الـمُخَلَّصين. بالنسبة للكرماء هناك مكان خاصّ. ليس وسط الشهداء ولا وسط الـمُخَلَّصين. إنّهم بمرتبة أقلّ مِن الأوّلين وأعلى بكثير مِن الأخيرين، ويقيمون ما بين الحاشيتين.
واظبوا، أنتم يا مَن تحبّونني. فهذا المكان يستحقّ جهودكم الحاضرة كلّها ذلك أنها منطقة شركاء الفادي، وعلى رأسهم مريم، أُمّي.»
يقول يسوع أيضاً:
«يظنّون أنّ التوبة عديمة الفائدة، عفا عليها الزمن، هوس ساكن. وحدهما التوبة والحب لهما ثقل في عينيّ الله لوقف الأحداث وتغيير مجراها.
أنتم بحاجة إلى الحبّ أكثر مِن حاجتكم للخبز. ومع ذلك أنتم تكدّون في تأمين الخبز، تسرقون كسرة الخبز بعضكم مِن بعض كما كلاب جائعة، أنتم الذين، بحقّ، لا تختلفون عنها كثيراً، مستعدّين مثلها لتمزيق بعضكم مِن أجل حفنة مِن التراب ودخان كبرياء. بينما مِن أجل بلوغ وامتلاك الحبّ، لا تفعلون شيئاً. لستم تهتمّون بذلك.
إنّما أيا أيّتها المخلوقات البائسة، هل تعلمون ما الّذي تفعلونه بإهمالكم الحبّ؟ تفقدون الله، عونه على الأرض، ورؤيته في السماء. ما الذي عليّ فعله كي أجعلكم تدركون ذلك، إذا لم تكن ويلاتي كافية، وأفضالي لا تفيد في شيء؟ كيف عليّ أن أُنزل الباراقليط، تحت أيّ شكل، لكي يخترقكم ويخلّصكم؟ لو أنّ كرة النار المحمولة بالريح السريعة نزلت على كلّ واحد منكم في عنصرة جديدة، دون أن تتجزّأ إلى ألسنة النار الّتي كانت كافية آنذاك لصيّادين مساكين، جلفين وجهلة إنّما محبّين، لو أنّها نزلت كاملة على كلّ واحد منكم، لما كان ذلك كافياً على حدّ سواء كي تتّقدوا بالله. يجب أوّلاً تخليص نفسكم مِن آلهتكم الكاذبة، وأنتم لا تريدون فعل ذلك لأنّكم تفضّلونها عليّ، أنا الله الحقّ.
مصيركم الضياع إن لم تُجترح معجزة. غيّروا مساركم والتمسوا الحبّ.»