ج3 - ف72
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثالث / القسم الثاني
72- (في الطريق إلى الخليل. مبرّرات العالم ومبرّرات الله)
06 / 07 / 1945
«ولكنّني لا أظنُّكم تَنوُون القيام برحلة حجّ إلى كلّ الأماكن الشهيرة في إسرائيل.» يقول بِتَهَكُّم الاسخريوطيّ الذي يُناقِش ويُجادِل ضِمن مجموعة فيها مريم التي لحلفى وسالومة بالإضافة إلى أندراوس وتوما.
«لِم لا؟ ما المانع؟» تَسأَل مريم التي لحلفى.
«أمّا أنا، فإنّ أُمّي تنتظرني منذ زمن طويل...»
«اذهب إلى أُمّكَ. وسَنَلحَق بكَ فيما بعد.» تقول سالومة، وهي تبدو وكأنّها تُضيف بشكل ذهنيّ: «لن يتألّم أحد مِن غيابكَ.»
«ليس ذاك! أَذهَب هناك مع المعلّم، الآن والأُمّ ليست موجودة كما كان متّفَقاً عليه. وما كان ينبغي لذلك أن يَحدُث، لأنّ الوَعد كان أن تأتي.»
«لقد تَوَقَّفَت في بيت صور مِن أجل فِعل محبة. فتلك المرأة كانت جِدّ تعيسة.»
«كان بإمكان يسوع أن يشفيها دفعة واحدة. ولم يكن في حاجة إلى أن يُعيدَها تدريجيّاً إلى حالتها الطبيعيّة. لستُ أدري لماذا لا يحب الآن اجتراح معجزات مُبهِرة.»
«إذا ما تَصَرَّف هكذا فلأنّ له مبرّرات مقدَّسة.» يقول أندراوس بهدوء.
«آه! نعم! فإنّه هكذا يَفقُد الـمُهتَدين الجُّدُد. الإقامة في أورشليم! يا لخيبة الأمل! كلّما كانت الحاجة أكبر إلى أعمال تُحدِث ضجّة، كلّما اختَبَأَ هو في الظلّ أكثر. كنتُ قد وعدتُ نفسي كثيراً برؤية... بمحاربة...»
«اعذرني على سؤالي... ولكن ما الذي كنتَ تَبغي رؤيَتَه، ومَن الذي كنتَ تَبغي محاربته؟» يَسأَل توما.
«ماذا؟ مَن؟ ولكن رؤية أعماله الـمُعجِزة، ثُمّ إمكانيّة مُجابهة الذين يَزعمون أنّه نبيّ كاذِب، وأنّ بِه مسّاً. لأنّ ذلك ما يُقال. أَتَفهَم؟ يُقال إنّه لولا أنَّ بعلزبول يؤازره، فإنّه لا يَعدو كونه إنساناً مسكيناً. معلوم أنّ مزاج بعلزبول مُتقلِّب، ومعروف أنّه يستمتع في أن يأخذ وأن يترك، كما يفعل النمر بفريسته، وبما أنّ الأفعال تبرّر طريقة الرؤية تلك، فإنّني قَلِق بالتفكير أنّه لا يَفعل شيئاً. كَم نبدو دون المستوى! رُسُل لِمُعلّم... لا يفعل سوى التعليم. لا مجال لإنكار ذلك، إنّما لا شيء سواه.» ويتوقّف يهوذا فجأة عند كلمة «معلّم» ممّا يجعلني أظنُّ أنّه كان يودُّ قول شيء أَسوَأ.
النساء ذُهِلنَ، ومريم التي لحلفى، كونها قريبة ليسوع، تقول بوضوح: «أنا لستُ أُذهَل مِن هذا، بل إنّما مِن أنّه يتحمَّلكَ أنتَ أيّها الوَلَد!»
ولكنّ أندراوس، وهو اللطيف على الدوام، يَنفذ صبره، ويمتَقِع لونه ويَثور مثل أخيه هذه المرّة، ويَصرخ: «لكن، اذهب! ولا تَعُد تبدو دون المستوى بسبب المعلّم! وأنتَ مَن دعاكَ؟ أمَّا نحن، فهو مَن أرادَنا، أمّا أنتَ فلا. فلقد ألحَحتَ ولِمرّات عديدة لتجعله يَقبَلكَ. أنتَ فَرَضتَ نفسكَ. لستُ أدري ما الذي يمنعني مِن أن أجعل الآخرين كلّهم يَعرفون...»
«الحديث معكم مستحيل. صَدَق الذين يقولون عنكم إنّكم مُشاكِسون وَجَهَلَة...»
يَمزَح توما ليَتَدارَك زوبعة تَقتَرِب: «بحقّ، أنا كذلك لا أُدرِك أين تَجِد الخطأ لدى المعلّم. لَم أكن على عِلم بتلك الأهواء الـمُتقلِّبة لدى الشيطان. المسكين! بكلّ تأكيد يُفتَرَض ألّا يكون ذكيّاً. فلو كان مُتوازِناً لما ثار ضدّ الله، إنّما سوف أُسجِّل ذلك.»
«لا تمزح، فأنا لستُ أمزَح. هل يمكنكَ القول مثلاً، إنّه عَرَّفَ بنفسه في أورشليم؟ فلعازر قالها كذلك، على كلّ حال...»
يَنفَجِر توما ضاحكاً بِجَلَبَة، ثمّ ضاحكاً أيضاً، وقد حَيَّر ضحكه الاسخريوطيّ، يقول: «ألم يفعل شيئاً؟ اذهب إذاً واسأل بُرص سلوان وهنّوم. أو بالحريّ ليس في هنّوم، إذ لَم يَعُد هناك بُرص، لقد تمّ شفاؤهم جميعاً. وإذا لم تكن أنتَ هناك، فلأنّكَ كنتَ على عجلة للذهاب لدى... أصدقاء. وبالنتيجة فلا عِلم لكَ بذلك، وهذا لا يَمنَع مِن أنّ أودية أورشليم وأودية أخرى كثيرة تترجّع فيها أصداء أناشيد أوشعنا مِن الذين بَرئوا.» ولكي يُنهي الكلام، يَتَّخِذ توما نَغمة جادّة، ويُضيف بصراحة: «لديكَ نوبة مرارة يا صديقي، وهي تجعلكَ تَجِد كلّ شيء مُرّاً، وتَرى كلّ شيء مُتَّشِحاً بالسّواد. مِن المفترض أن يكون مَرَضاً يتكرّر لديكَ كثيراً. وثِق تماماً أنّ العيش مع امرئ مثلكَ لا يُستَحسَن كثيراً. يجب أن تتغيّر. وأنا لن أقول شيئاً لأحد، وإذا أرادت النساء الإنصاتَ إليَّ، فإنّهنَّ يَبقين صامتات مثلي، وكذلك يفعل أندراوس. إنّما لا بُدَّ مِن أن تتغيّر. لا تظنّ نفسكَ خائباً، إذ لا خَيبة. لا تظنّ نفسكَ مُهِمّاً، فالمعلّم يَعرف ما يَفعَل. لا تزعم أنّكَ معلّم المعلّم. فإذا كان هو قد تصرّف هكذا مِن أجل إليز المسكينة، فذلك لأنّه كان قد فَعَلَ خيراً بتلك الطريقة. دع الأفاعي تفحّ وتبصق كما يحلو لها. ولا تشغل نفسكَ في لعب دور الوسيط بينهم وبينه، وأقلّ مِن ذلك، تفقد اعتباركَ ببقائكَ معه. فهو حتّى ولو لم يكن يشفي مجرّد زكام بسيط، فإنّ هذا لا يمنعه أبداً مِن أن يكون ذا سلطان على الدوام. فكلمته معجزة مستمرّة. وكن مرتاحاً، فلا رُماة نِبال في إثرنا! سوف نتوصّل بكلّ تأكيد، سوف نتوصّل إلى إقناع العالم بأنّ يسوع هو يسوع. وكن مطمئنّاً كذلك أنّ مريم، إذا ما وَعَدَت بالمجيء إلى أُمّكَ، فستأتي إليها. ونحن، في هذه الأثناء، نمضي في حَجيج عَبْر تلك الأصقاع الجميلة، إنّه عملنا! وطبعاً! نُرضي النساء التلميذات برؤية قبر إبراهيم وشجرته، ثمّ قبر يسّى و... ماذا قلتم أيضاً؟»
«يُقال إنّ هنا يَقَع الموضع الذي قَطَنَ فيه آدم وقُتِل فيه هابيل...»
«الأساطير الاعتياديّة المنافية للعقل...» يُدمدِم يهوذا.
«في خلال قَرن، سوف يُقال عن مغارة بيت لحم إنّها أسطورة، وأشياء أخرى كثيرة! ثمّ اعذرني! فأنتَ أردت الذهاب إلى ذلك الكهف النَّتِن في عين دور الذي، وعليكَ الإقرار بذلك، لم يكن يخصّ أية... حَلقة قُدسيّة، أيمكن ألّا يبدو لكَ ذلك؟ بينما هنّ يذهبن إلى حيث يقال بوجود دم ورماد قدّيسين. وعين دور أعطتنا يوحنّا، ومَن يدري...»
«مَكسَب رائع هو يوحنّا!» يُدمدِم الاسخريوطيّ.
«ليس في مظهره، بل إنّما في نفسه، فقد يكون أفضل منّا.»
«هو إذن! مع ذلك الماضي!»
«اصمت. فلقد قال المعلّم إنّه علينا ألّا نُعيد التذكير به.»
«تساهُل جيّد! أريد رؤية إذا ما كنتم أنتم لا تتذكّرون شيئاً مشابهاً، لو كنتُ أنا مَن قد فَعَلتُه!»
«وداعاً يا يهوذا. يستحسن أن تبقى بمفردكَ، فإنّكَ مُضطَرِب للغاية. ولو كنتَ على الأقلّ تَعلَم ما بكَ!»
«ما بي يا توما؟ ما بي هو أنّني أرى أنّه يتمّ التخلّي عنّا مِن أجل أوّل القادمين. ما بي هو أنّني أرى أنّ الجميع مُفَضَّلون عليَّ. ما بي هو أنّني أُلاحِظ كيف يَنتَظِر غيابي لتعليم الصلاة. وهل تريد لهذه الأمور أن ترضيني؟»
«هذا لا يرضي. ولكنّني أريد أن أُبيِّن لكَ أنّكَ لو أتيتَ معنا إلى عشاء الفصح لكنتَ معنا كذلك على جبل الزيتون، عندما عَلَّمَنا المعلّم الصلاة. لستُ أرى بماذا يتخلّى عنّا لأوّل القادمين. هل تتحدّث عن ذلك الصغير البريء، أم عن ذلك البائس يوحنّا؟»
«عن الأوّل وعن الثاني. فيسوع لم يَعُد يتحدَّث إلينا. انظر إليه الآن أيضاً... إنّه هناك يتأخّر، ليتحدّث إلى الصبيّ الذي يجب أن ينتظر مدّة طويلة ليتمكّن مِن جعله مِن ضمن التلاميذ! ثمّ الآخر، الذي لن يكون منهم أبداً. متكبّر كثيراً، مثقّف، صَلب وميوله سيّئة. ومع ذلك "يوحنّا هنا... يوحنّا هناك"...»
«يا أبانا إبراهيم امنحني الصبر!!! بأيّ شيء يَظهَر لكَ أنّ المعلّم يُفضِّل الآخرين عنكَ؟»
«ولكن ألا ترى حتّى الآن؟ عندما حان الوقت لمغادرة بيت صور، بعد إقامة فيها لتثقيف ثلاثة رعاة، كان يمكنهم التثقّف على يد إسحاق، مَن يَترُك مع أُمّه؟ أنا، أنت؟ لا. إنّه يترك سمعان، العجوز الذي لا يتكلّم!...»
«ولكنّ القليل الذي يقوله، يقال دائماً حسناً.» يقول توما الذي أَصبَحَ بمفرده، إذ إنّ النساء وأندراوس قد انسَحَبوا، وهُم يَمضون مُسرعين في المقدّمة، كما للفرار مِن قسم مِن الطريق المشمسة.
الرَّسولان هائِجان لدرجة أنّهما لم يلاحظا وصول يسوع، لأنّ وقع خطواته يضيع تماماً في سحابة غبار الطريق. إنّما إذا كان هو لا يُحدِث جَلَبَة، فَهُما يَصرُخان بِقَدر عشرة، ويسوع يَسمَعهُما. خلف يسوع هناك بطرس ومتّى وابنا عمّ السيّد، وفليبّس وبرتلماوس وابنا زَبْدي ومعهم مارغزيام.
يقول يسوع: «حسناً قلتَ يا توما، فسمعان قليل الكلام، ولكنّ كلامه القليل حسن على الدوام. إنّه هادئ الخاطر ونزيه القلب. وهو بالأخصّ، إرادة حَسَنَة عظيمة. ولذلك تَرَكتُه مع أُمّي. إنّه رجل نزيه تماماً، وفي الوقت ذاته هو امرؤ يعرف كيف يعيش ويتألّم، وهو مسنّ. بالنتيجة -أتكلّم لأنّني أفتَرِض وجود مَن يبدو له الاختيار غير مُنصِف- بالنتيجة كان هو الأجدر بالبقاء. لم أكن أستطيع، يا يهوذا، أن أسمح ببقاء أُمّي بمفردها مع امرأة مسكينة ما زالت مريضة. وكان مِن العدل أن أُغادِرها. فأُمّي تُواصِل العمل الذي بَدَأتُه أنا إلى النهاية الحَسَنَة. ولكنّني لم أكن لأتركها مع إخوتي ولا مع أندراوس أو يعقوب أو يوحنّا ولا حتّى معكَ. إذا لم تُدرِك المبرّرات فلا أدري ما أقول...»
«لأنّ أُمّكَ شابة وجميلة، والناس...»
«لا! فالناس لديهم على الدوام حَمأة في فكرهم، على شفاههم وفي أيديهم، وخاصّة في قلبهم، الناس غير النـزيهين، الذين يَرَون في الجميع المشاعر التي يختبرونها في ذواتهم، ولكنّني لستُ أهتمُّ لحمأتهم. فهي ستقع مِن تلقاء ذاتها عندما تجفّ... ولكنّني فَضَّلتُ سمعان، لأنّه مُسنّ، فلا يُذَكِّر تلك المرأة المحزونة بِوَلَديها المائِتَين. بينما كنتم سَتُذكِّرونها أنتم الشباب بهما بشبابكم... سمعان يَعرِف كيف يَسهَر دون أن يُسمَع له صوت، ولا يُبالِغ في شيء، يَعرِف كيف يُشفِق، ويَعرِف أن يُراقِب نفسه. فكان يمكنني اتّخاذ بطرس، ومَن أفضل منه كان سيبقى إلى جانب أُمّي؟ ولكنّه ما زال نَزِقاً. وترى أنّني أقول له ذلك وَجهاً لِوَجه، وهو لا يستاء. بطرس صريح، ويحبّ الصراحة ولو كان فيها ضرر له. كان يمكنني اتّخاذ نثنائيل. ولكنّه لم يكن أبداً يعرف اليهوديّة مِن قَبل. بينما سمعان، على العكس، يَعرِف البلدة جيّداً، وسيكون هامّاً ليقود أُمّي إلى إسخريوط. وهو يَعرِف موقع بيتكَ الريفيّ، وبيت المدينة، ولا يَفعَل...»
«ولكن يا معلّم!... ولكن هل حقّاً ستأتي أُمّك إلى بيت أُمّي؟»
«هذا مُتَّفَق عليه. وعندما يُتَّفَق على أمر يتمّ فِعله. سوف نَمضي على مهل، متوقِّفين في تلك البلدات للكرازة. ألا تريد أن أَكرز في يهوديّتكَ؟»
«آه! نعم يا معلّم... ولكنّني كنتُ أظنُّ... ولكنّني كنتُ أُفكّر...»
«ولكنّكَ فوق كلّ شيء، كنتَ تسبّب الألم لنفسكَ، مِن أجل أوهام كنتَ تتخيَّلها. في الرُّبع الثاني مِن قَمَر شهر زيف (مايو-يونيو) سنكون، نحن جميعنا، عند أُمّكَ. نحن، يعني أُمّي كذلك مع سمعان. أمّا حاليّاً، فهي تَكرز في بيت صور، المدينة اليهوديّة، كما تَكرز يُوَنّا في أورشليم، ومعها صبيّة شابّة وكاهن، كان أبرصاً؛ كما أنّ لعازر ومرثا والعجوز إسماعيل يَكرزون في بيت عنيا؛ كما تَكرز سارة في يافا، وفي إسخريوط فإنَّ أُمّكَ تتحدّث بالتأكيد عن مَسيّا. فحتماً لا يمكنكَ القول إنّني أترك اليهوديّة دون صوت. بل، على العكس، إنّني أَمنَحها، وهي الـمُنغَلِقَة على نفسها والمتغطرِسة، أكثر مِن المناطق الأربع الأخرى، الأصوات الأكثر عذوبة، أصوات النساء، بالإضافة إلى إسحاق القدّيس ولعازر صديقي. النساء اللواتي يَضمُمنَ إلى الكلمة الفنّ الدقيق للمرأة التي تجيد جلب النُّفوس إلى حيث تريد. ألم تعد تتكلّم؟ لماذا أنتَ على وشك البكاء أيّها الصبيّ المزاجيّ الكبير؟ ماذا تستفيد مِن تسميم ذاتكَ بأوهام قاتِمة؟ هل ما زالت لديكَ دوافع للقلق؟ هيّا! تكلّم...»
«أنا سيّئ... وأنتَ صالح للغاية. وصلاحكَ يَصفَعني باطّراد، لأنّه نَضِر على الدوام وجديد... أنا... لا أعرف أبداً أن أتكلّم عندما أَجِده على دربي.»
«صَدَقتَ، لا يمكنكَ معرفة ذلك، إنّما ليس فقط لأنّه نَضِر وجديد. وإنَّما لأنَّه أزليّ أيضاً يا يهوذا. إنّه في كلّ مكان يا يهوذا... آه! إنّنا في تُخوم الخليل، ومريم وسالومة تُومِيان إلينا بحركات كبيرة. هيّا بنا. إنّهما تتحدّثان إلى رجال. مِن الـمُفتَرَض أنّهما سَأَلَتا أين هي الأمكنة التاريخيّة. إنّ أُمّكَ تستعيد شبابها، يا أخي، في هذه الدعوة الجديدة!»
يبتسم يوضاس لابن عمّه الذي يبتسم بدوره.
«جميعنا نستعيد شبابنا!» يقول بطرس «يبدو لي أنّني في المدرسة. ولكنّها مدرسة جميلة! أَفضَل مِن تلك الكئيبة التي لأليشع دائم التكشير. هل تَذكُر يا فليبّس؟ ولكن ماذا لَم نفعل له؟ آه! يا لِقِصَّة العشائر تلك! "قُولوا مُدن العشائر!"؛ "لَم تَقُولوها معاً مِثل جوقة... كَرِّروا..."؛ "سمعان، تبدو كضفدعة نائمة. فَتَبقى في الآخر. حاوِلوا مِن البداية". لَم أَكُن أعرف سوى قائمة مدن وبلدات الزمن القديم؛ لم أكن أعرف شيئاً غيرها. على العكس، هنا! إنّنا نتعلّم بحقّ! هل تَعلَم يا مارغزيام؟ في يوم مِن هذه الأيّام، سيجتاز أبوكَ الامتحان، الآن وقد أَصبَحَ يَعرِف...»
يضحك الجميع وهُم ماضُون إلى أندراوس والنساء.