ج3 - ف71
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثالث / القسم الثاني
71- (في منزل إليز. "اجعلوا ألمكم يُثمِر")
05 / 07 / 1945
انتَشَرَ في البلدة خَبَر عَزْم إليز على الخروج مِن كآبتها المأساويّة. لدرجة أنّ يسوع، حينما كان ذاهباً إلى البيت، يَتبَعه الرُّسُل والتلاميذ، مُجتازاً البلدة، كان الكثير مِن الناس يُمعِنون التأمّل فيه، بل حتّى يَسألون هذا وذاك مِن الرُّعاة عن سبب مجيئه، وعن أولئك الذين معه، وعَمَّن هو الصبيّ، ومَن هُنَّ النساء، وما الدواء الذي أعطاه لإليز ليُبعدها عن ليل الجنون، بسرعة هائلة، منذ ظَهَرَ، وماذا سيفعل، وماذا سيقول... وكلّ مَن رَغب بطرح المزيد مِن الأسئلة يَطرَحها…
وفي النهاية طُرِحَ السؤال: «ألا نستطيع المجيء نحن كذلك؟» ويجيب الرُّعاة: «هذا ما لا نَعلَمه نحن. يَجِب سؤال المعلّم عنه. اذهبوا إليه.»
«وإذا أساء استقبالنا؟»
«إنّه لا يسيء استقبال أحد مطلقاً، ولا حتّى الخَطَأَة. اذهبوا اذهبوا. وسيكون مسروراً مِن ذلك.»
مجموعة أشخاص: نساء ورجال، والأكثريّة مُسِنّون مثل إليز، يتساءلون فيما بينهم ثمّ يتقدّمون، يَقتَرِبون مِن يسوع الذي يتحدّث إلى بطرس وبرتلماوس، وينادونه، غير واثقين مِن أنفسهم: «يا معلّم...»
«ماذا تريدون؟» يَسأَل برتلماوس.
«نودُّ التحدّث إلى المعلّم لنسأله...»
«فليحلّ السلام عليكم. ما الأسئلة التي تَبغُون طَرحَها؟»
لدى رؤيته يبتسم، يتجاسر الناس ويقولون: «إنّنا جميعاً أصدقاء إليز وبيتها. وقد سَمِعنا أنّها شُفِيَت. نودُّ رؤيتها، والاستماع إليكَ. هل يمكننا المجيء؟»
«للاستماع إليَّ، بكلّ تأكيد. أَمّا لرؤيتها، فلا أيّها الأصدقاء. ضَحّوا بصداقتكم وكذلك بفضولكم، حيث لا يخلو الأمر منه. واحتَرِموا ألماً عظيماً يجب ألّا يُستثار.»
«ولكن أَلَم تُشفَ؟»
«إنّها تعود إلى النور، إنّما حينما ينتهي الليل. هل يَحلّ الظُّهر دفعة واحدة؟ وعندما نعيد إضرام نار مُطفأة، هل تُصبح النار متأجّجة على الفور؟ والأمر ذاته بالنسبة إلى إليز. وإذا هَبَّت رياح مفاجئة ألا يُحتَمَل أن تُطفِئها؟ كونوا إذن حَذِرين. فما المرأة إلا جرح، حتّى الصداقة يمكنها أن تزيده حدّة، إذ إنّها تحتاج إلى الراحة، إلى الصمت وإلى العُزلة غير المأساويّة كما كانت عليه بالأمس، إنّما إلى عُزلة صابِرة لاسترجاع ذاتها...»
«إذاً متى سنراها؟»
«خلال فترة هي أقلّ مما تفكّرون. لأنّها الآن تقتفي آثار السلام، وتتلمّس طريقه. ولكن لو كنتم تَعلَمون ماذا يعني الخروج مِن تلك الظلمات! إنّها أسوأ مِن الموت. ومَن يَخرُج منها يشعر في أعماقه بالخجل مِن وجوده فيها ومِن معرفة العالم بذلك.»
«هل أنتَ صالح؟»
«أنا المعلّم.»
يَصِلون أمام البيت. يَلتَفِت يسوع إلى الرُّعاة: «اذهبوا إلى الباحة، وليذهب معكم مَن يشاء. إنّما لا يُحدِثنّ أحد ضجّة، ولا يذهبنّ أحد أبعد مِن الباحة. انتبهوا لذلك أنتم أيضاً.» يقول للرُّسُل. «كي تسير كلّ الأمور بشكل جيّد. وأنتما (يتحدّث إلى سالومة ومريم التي لحلفى) انتبها لئلّا يُحدِث الصبيّ ضوضاء. وداعاً.» يَقرَع الباب بينما يَسلك الآخرون درباً لِيَمضوا إلى الموضع المحدّد.
تَفتَح الخادمة. ويَدخُل يسوع وسط انحناءات الخادمة المتكرّرة.
«أين هي المعلّمة؟»
«مع أُمّكَ... وتَصَوَّر، لقد نَزَلَت إلى الحديقة! يا للحَدَث! يا للحَدَث! ولقد جاءت أمس مساء إلى غرفة الطعام... كانت تبكي، ولكنّها جاءت. وَوَدَدتُ كذلك أن تتناول طعاماً بدل شرب نقطة الحليب الاعتياديّة، ولكنّني لم أفلح في ذلك!»
«سوف تتناوله. لا تلحّي. كوني صبورة كذلك في حبّكِ لمعلّمتكِ.»
«نعم يا مُخَلِّص، سأفعل كلّ ما تقول.»
بالفعل، أَعتَقِد أنّ يسوع، لو كان طَلَبَ مِن المرأة القيام بالأشياء الأكثر غرابة، لكانت ستفعلها دون مناقشة، لشدّة اقتناعها بأنّ يسوع هو يسوع، وأنّ كلّ ما يَفعَله حَسَن. في تلك الأثناء، رافَقَتهُ إلى الحديقة الواسعة والمليئة بالأشجار الـمُثمِرة والزهور. ولكن إذا ما كانت الأشجار قد فَكَّرَت مِن تلقاء ذاتها بعودة اكتسائها بالأوراق والإزهار وعقد الثمار ونَمائها، فإنّ الزهور المسكينة التي لم يَعتَنِ بها أحد منذ سنة، قد أَصبَحَت غيضة قَزَمة ومُتشابِكة، تَختَنِق فيها النباتات الأضعف تحت وطأة الأكثر قوّة. ممرّات ودروب، تختفي كلّها في تشابُك فوضويّ. في نهاية الحديقة فقط، حيث استنبَتَت الخادمة حاجاتها مِن الخضار، بعض الترتيب والتنظيم.
مريم بصحبة إليز تحت تعريشة مُشعّثة، أغصان الكرمة فيها تَصِل إلى الأرض. يتوقّف يسوع ويَنظُر إلى أُمّه الشابّة التي توقِظ فِكر إليز بوداعة فائقة، وتُوَجِّهها إلى أغراض مختلفة تماماً عن تلك التي كانت حتّى الأمس تستأثر بأفكار المرأة المحزونة.
تَمضي الخادمة إلى معلّمتها وتقول لها: «لقد أتى الـمُخَلِّص.»
وتَدور المرأتان لتذهبا إليه، الأولى بابتسامتها العذبة، والأخرى بوجهها التَّعِب والتَّائِه.
«السلام لكما. إنّها لَحَديقة جميلة.»
«لقد كانت جميلة...» تقول إليز.
«والأرض خصيبة، انظري أيّة فاكهة جميلة في طريقها إلى الإيناع! وكَم مِن الأزهار على شجيرات الورد تلك! وهذه هناك؟ أهي زنابق؟»
«نعم، حول البِركة، حيث لَعِب وَلَداي كثيراً. إنّما حينذاك كانت مُنتَظَمة ومُرتَّبة... أمّا الآن، فقد أَصبَحَ كلّ شيء هنا رُكاماً. ولم يَعُد يبدو لي أنّها حديقة وَلَديّ.»
«أيّام قليلة وتعود كسابق عهدها. سوف أساعدكِ أنا. أليس كذلك يا يسوع؟ سوف تتركني هنا بضعة أيام مع إليز. فلدينا الكثير نقوم به...»
«كلّ ما تريدينه أريده.»
تَنظُر إليه إليز وتُتَمتِم: «شكراً!»
يُداعِب يسوع رأسها الشايب، ثمّ يستأذن لِيَمضي إلى الرُّعاة. تبقى المرأتان في الحديقة، ولكن، بعد قليل، إذ تَسمَع صوت يسوع مُحيّياً الأشخاص الحاضرين الـمُنتَشِرين في الهواء الطلق الساكن، إليز، وكأنّ قوة لا تُقاوَم تَجذِبها، تَدنو على مهل مِن سياج مرتفع جدّاً يَفصل الحديقة عن الباحة. بادئ ذي بدء، يتحدّث يسوع إلى الرُّعاة الثلاثة. إنّه قريب مِن السياج، في مواجهة الرُّسُل وسكان بيت صور الذين تَبِعوه. مريم ومريم مع الصبيّ يَجلسون في أحد الأركان.
يقول يسوع للرُّعاة: «ولكن هل أنتم مُرتَبِطون بعقد أم إنّكم تستطيعون ترك عملكم ساعة تشاؤون؟»
«نَحن خُدّام أحرار، إنّما ترك العمل بشكل مفاجئ، الآن، والقطعان تتطلّب الكثير مِن العناية، ويَصعُب إيجاد رُعاة، فهذا لا يبدو حسناً.»
«لا، ذلك ليس بالحَسَن. ولكن ليس ضروريّاً أن يكون بشكل مُفاجئ، أقول لكم ذلك مُسبَقاً لتستعدّوا وتتصرّفوا بشكل عادل وسليم. فأنا أريدكم أحراراً لأضمّكم إلى تلاميذي وتَمدّوني بالعَون...»
«آه! يا معلّم!...» الثلاثة في نشوة الفرح. «ولكن هل سنكون أهلاً لذلك؟» يقولون بعدئذ.
«لا شكّ في ذلك. إذن اتّفقنا. عندما تتمكّنون مِن ذلك تنضمّون إلى إسحاق.»
«نعم يا معلّم.»
«اذهبوا أنتم أيضاً مع الآخرين. سأتحدّث إلى الناس.»
الرُّعاة، وقد صُرِفوا، يَعودون إلى الجمع.
«السلام معكم. بالأمس سَمِعتُ اثنين، مِن أكثر الناس حظّاً منكوداً، يتحدّثان. الأوّل في فَجر حياته والآخر في غُروبها: نَفْسان قد أبكاهما الحزن. وبكيتُ في قلبي معهما، لرؤيتي كَم مِن الآلام على الأرض. وكيف أنّ الله وحده يمكنه التخفيف منها. الله! معرفة الله الدقيقة، صلاحه اللامتناهي، وجوده المستمرّ، ووعوده. رأيتُ كيف يُعذِّب الإنسان أخاه الإنسان، وكيف يمكن للموت أن يَجرّه إلى انعزال يستغلّه الشيطان ليزيد الألم ويَجعَل مِن الإنسان حطاماً. حينئذ قلتُ لنفسي: "ينبغي ألّا يتألّم أبناء الله مِن ذاك العذاب ومِن عذاباتهم. فلنَمنَح معرفة الله لِمَن يَجهَلها، ولِنُعِدها إلى مَن نَسِيَها تحت وطأة الألم". ولكنّني رأيتُ كذلك أنّني لن أكون وحدي كافياً لاحتياجات الإخوة التي لا تنتهي. وقرَّرتُ أن أدعو كثيرين. ويتزايد عددهم باستمرار، حتّى يتمكّن كلّ الذين يحتاجون إلى عزاء معرفة الله مِن الحصول عليه.
هؤلاء الاثنا عشر هُم الأوائل. وبمساعدتي، هُم قادِرون على أن يَجلبوا لي، وبالنتيجة إلى العزاء، كلّ الذين يُرهِق الألم الكبير كاهِلهم. الحقّ أقول لكم: تعالوا إليَّ يا جميع المحزونين والمتعبين ويا منكسري القلب، وسَأُشاطرِكم ألمكم وأمنحكم السلام. هَلمّوا بواسطة رُسُلي وتلاميذي، رجالاً ونساء، الذين يتزايد عددهم كلّ يوم بشكل طوعيّ، وسَتَجِدون العزاء في آلامكم، والرفقة في وحدتكم، وحبّ الإخوة ليُنسيكم حقد العالم. سَتَجِدون، فوق كلّ شيء، الـمُعزّي الفائق، الرفيق الكامل، حُبّ الله. لن تخشوا شيئاً. لن تقولوا مطلقاً: "لقد انتهى كلّ شيء بالنسبة إليَّ". بل إنّما سوف تقولون: "كلّ شيء يبدأ بالنسبة إليَّ في عالَم روحانيّ يلغي المسافات ويزيل الفُرقة". عالم ينضمّ فيه الأيتام إلى أهلهم الصاعدين إلى أحضان إبراهيم، فيه يَجِد الآباء والأُمّهات مِن جديد أبناءهم الضالّين، فيه تَجِد الزوجات والأرامل قرينهنّ.
ففي أرض اليهوديّة هذه، القريبة بعد مِن بيت لحم نُعْمي، أُذكِّركم كيف يُعالِج الحبّ الألم ويُعيد البهجة.
انظُروا، أنتم يا مَن تبكون، إلى نُعْمي، بعد أن بَقِيَ بيتها خالياً مِن الرجال. أَنصِتوا إلى وداعها اليائس لعُرفَة وراعوث: "انصَرِفا أنتما وارجِعا كلّ واحدة إلى بيت أُمّها، وليَصنع الربّ إليكما رحمة كما صَنَعتُما إلى الذين ماتوا وإليَّ..." أَنصِتوا إلى كلامها التَّعِب والـمُلحّ. لم تكن تتأمّل بشيء بعد في الحياة، وهي التي كانت يوماً نُعْمي الجميلة وأَضحَت نُعْمي المأساويّة التي حَطَّمَها الألم. كانت تفكّر فقط في العودة لتموت هناك، في الأماكن التي كانت فيها سعيدة أيّام شبابها بين حبّ زوجها وقبلات أبنائها. كانت تقول: "امضيا، امضيا. مجيئكما معي لا يفيد في شيء... فأنا كالميتة... لم تعد حياتي هنا، بل هناك فيما وراء الحياة، حيث هُم الآن، إذ لم أعد في الحقيقة سوى ‹شيء›. ولم أعد أبالي بشيء. فلقد أَخَذَ منّي الله كلّ شيء... إنّني انقِباض. وأُسبّب لكم الانقباض... وهو الذي يُثقِل على قلبي. والربّ يطلب منّي تكفيراً، وهو الذي فَجَعَني كثيراً، والاحتفاظ بكما، أنتما الحيّتين، إلى جانبي، أنا الميتة، يكون مِن قَبيل الأنانيّة. ارجِعا إلى أُمّكما ..."
ولكنّ راعوث بَقِيَت لِتُسرّي عن تلك الشيخوخة الأليمة. وكانت راعوث قد أَدرَكَت أنّ هناك آلاماً أعظم مِن تلك التي ينبغي تَحَمُّلها، وأنّ ألمها كأرملة شابّة كان أخفّ مِن ألم تلك التي، علاوة على فقدانها زوجها، فَقَدَت وَلَدَيها. كما أنّ ألم اليتيم الـمُكرَه على العيش مِن التسوّل مع الحرمان مِن الملاطفات ومن النصائح الجيّدة أعظم كثيراً مِن ألم أُمّ فَقَدَت أبناءها. كما أنّ ألم الذي، بسبب مؤثّرات كثيرة، يتوصّل إلى بُغض الجنس البشريّ، ويَرى في كلّ إنسان عدوّاً، عليه مجابهته والخشية منه، هو أعظم مِن كلّ الآلام الأخرى، لأنّ تأثيره لا يقتصر على اللحم والدم والمنطق، بل إنّما يؤثّر على النَّفْس بواجباتها وحقوقها الفائقة الطبيعة، ويودي بها إلى الضَّياع. كَم في العالم مِن أُمّهات بلا أولاد وأولاد بلا أُمّهات! كَم مِن أرامل لا أولاد لديهنّ يمكنهم مؤازرة الشيخوخة الموحشة! كَم هناك مِن المحرومين مِن الحبّ، لأنّهم جميعاً تعساء، يمكنهم استخدام حاجتهم إلى الحبّ في مقارعة الحقد بإعطائهم وإعطائهم وإعطائهم الحبّ للإنسانيّة البائسة، المتألّمة على الدوام لأنّها تحقد أكثر باستمرار!
الألم صليب. ولكنّه كذلك جَناح. الحِداد يُعرِّينا، إنّما لِيُعيد إلباسَنا. فانهَضوا أنتم يا مَن تبكون! افتحوا أعينكم واخرُجوا مِن الكوابيس ومِن الظلمات ومِن الأنانيّة! انظروا... إنّ العالم أرض بائرة، فيها نبكي وفيها نموت. والعالم يصرخ: "النجدة!". نعم، هُم الأيتام والمرضى والمنعزلين والمرتابين، نعم، إنّهم أولئك الذين جَعَلَت منهم الخيانة والشراسة سجناء الحقد. فاذهَبوا إلى الذين يَصرخون! انسوا أنفسكم وسط المنسيّين! اشفوا أنفسكم وسط المرضى! وليكن لديكم الأمل وسط البائسين! العالم مُنفَتِح على جميع الإرادات الحسنة التي تريد خدمة الله في القريب وكسب السماء: الاتّحاد بالله ومشاركة الباكين. هنا التمرين الخصيب وهناك النصر. تعالوا. اقتدوا براعوث أمام كلّ الآلام . قولوا أنتم كذلك: "سأكون معكم حتّى الممات". حتّى ولو أجابكم أولئك الـمَنكُوبو الحظّ الذين يَظنّون أنفسهم أنّ لا أمل في علاجهم: "لا تَدْعوني بعد نُعْمي، ولكن ادعوني مُرَّة، لأن القدير أَمَرَّني جدّاً". اثبَتوا. وأنا أقول لكم في الحقيقة إنّ هؤلاء التعساء سيقولون يوماً بفضل إصراركم: "تبارَكَ الربّ الذي أَخرَجَني مِن المرارة ومِن الحزن والوحدة، بفضل عناية إنسان عَرف أن يجعل ألمه يُثمِر بصلاح. فليباركه الربّ إلى الأبد، لأنّه كان بالنسبة إليَّ ‹السلام›".
صَلاح راعوث تجاه نُعْمي، فَكِّروا في ذلك، قد مَنَحَ العالم مَسيّا. لأنّ مَسيّا يتحدّر مِن داود المولود مِن يَسّى المولود مِن عوبيد وهذا الأخير مولود مِن بوعز وراعوث، وبوعز مِن سلمون، وسلمون مِن نحشون، ونحشون مِن عمّيناداب، وعمّيناداب مِن آرام، وآرام مِن حصرون، وحصرون مِن فارص. وهؤلاء هُم مَن أتوا لِسُكنى قرى بيت لحم وتهيئة أجداد الربّ. فكلُّ فِعل صلاح هو أساس لأمور عظيمة لا تفكّرون فيها. والجهد الذي يَبذله امرؤ ضدّ أنانيّته الخاصّة، يمكنه أن يُسبّب مَدّاً مِن الحبّ قادراً على الارتقاء والسموّ، محتفظاً بصفائه بمن تسبّب به، حتّى يحمله إلى الهيكل، إلى قلب الله.
وليمنحكم الله السلام.»
ويسوع، مِن غير أن يعود إلى الحديقة مِن خلال باب صغير مفتوح في السياج، يَحرص على ألّا يدنو أحد مِن السياج الذي، مِن خلاله، يَصِل أنين طويل... وحينما يمضي كلّ الذين مِن بيت صور، حينئذ فقط يبتعد مع أتباعه دون تكدير دموعها الشافية...