ج5 - ف75

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الخامس/ القسم الثاني

 

75- (التّبشير عند مُفتَرَق الطُّرق قُرب قرية سليمان)

 

16 / 02 / 1946

 

تَخرُج الجماعة الصغيرة مِن البيت الصغير، وقد زاد عليهم العجوز المعجب بذاته في ثوب أحد الرُّسُل ذي القامة القصيرة.

 

«إذا شئتَ البقاء، أيّها الأب...» يسوع يهمّ بالقول له.

 

ولكنّ الرجل العجوز يُقاطِعه: «لا، لا. آتي أنا كذلك. آه! دعني آتي! لقد أكلتُ في الأمس! ونمتُ هذه الليلة، وفي سرير. لم أعد أتألّم في قلبي! فأنا قويّ كشابّ...»

 

«إذاً تعال. سوف تمكث معي، مع برتلماوس وأخي يوضاس. أنتم اذهبوا اثنين اثنين كما قلنا. قبل الساعة السادسة يكون الجميع هنا مجدّداً. اذهبوا وليكن السلام معكم.»

 

يتفرّقون، البعض مضى صوب النهر، والبعض الآخر صوب الأرياف. يَدَعهم يسوع يمضون إلى الأمام ثمّ، في الآخِر، هو يسير. يجتاز القرية على مهل، وقد لاحَظَ ذلك الصيّادون العائدون مِن النهر أو الذاهبون إليه، والمدبّرات النشيطات الناهضات للغسيل، لريّ الحدائق أو الخَبز. ولكنّ أحداً لا يتكلّم.

 

فقط فتى، يدفع سبع نِعاج صوب النهر، يَسأَل العجوز: «أين تذهب يا حنانيا؟ هل تغادر القرية؟»

 

«أنا ماضٍ مع الرابّي، ولكنّني أعود معه. أنا خادمه.»

 

«لا. أنتَ أبي. فكلّ عجوز مستقيم هو أب وبَرَكَة للمكان الذي يقطنه ولِمَن يغيثه. طوبى للّذين يُحبّون ويجلّون الشيوخ.» يقول يسوع بمهابة.

 

يَنظُر إليه الفتى، بخوف، ثمّ يُتمتِم: «أنا، كنتُ على الدوام أُعطي القليل مِن زادي لحنانيا...» كما ليقول: «لا توجِّه إليَّ لوماً لا أستحقّه.»

 

«نعم، كان ميخائيل طيّباً معي. كان صديقاً لأحفادي... وظَلَّ كذلك للجدّ. وأُمّه كذلك ليست سيّئة وكانت تغيثني، ولكنّها أُمّ لأحد عشر وَلَداً ويعيشون جميعاً مِن الصيد...»

 

تتقدّم نساء بدافع الفضول وينصتن.

 

«الله يساعد دائماً الذي يفعل ما يستطيع مِن أجل الفقير. وهناك دائماً مجال للمساعدة. فالقول أغلب الأحيان: "لا أستطيع" هو كذب. بالفعل، عندما يريد المرء ذلك، يَجِد دائماً اللقمة الفائضة، الغطاء المستعمَل، الثوب الموضوع جانباً، لمنحها لِمَن ليس له. والسماء تُكافِئ العطاء. الله يَردّ لك، يا ميخائيل، كلّ لقمة مَنَحتَها للعجوز.» يُلاطِف يسوع الفتى ويسير.

 

تمكث النساء حيث هنّ ذليلات، ثمّ يسألن الفتى الذي يقول ما يعرف. ويستولي الخوف على النساء البخيلات اللواتي كنّ قد أغلقن قلوبهنّ على احتياجات العجوز…

 

في تلك الأثناء، وحيث إنّ يسوع قد وَصَلَ إلى آخِر بيت، يتوجّه صوب مفترق طرق ينعطف صوب القرية الصغيرة عَبْر الطريق الرئيسيّة. من هنا يُرَى مرور القوافل على الطريق العائدة إلى المدن العشر والبيريه.

 

«هيّا بنا ولنكرز. هل تودّ فعل ذلك، أنتَ أيضاً، أيّها الأب؟»

 

«أنا لستُ أهلاً. ماذا عليَّ أن أقول؟»

 

«أنتَ أهل. نفسكَ تعرف حكمة الغفران والأمانة لله، وكذلك الاستكانة في ساعات الألم. وتعرف أنّ الله يغيث الذي له رجاء به. اذهب وقُل ذلك للمسافرين.»

 

«آه! هذا، نعم!»

 

«يوضاس، اذهب معه. وأنا سأمكث مع برتلماوس على الـمُفتَرَق.»

 

بالفعل، ما إن وَصَلَ هناك حتّى التجأ إلى ظلّ مجموعة مِن الدلب الـمُورِق وينتظر بصبر.

 

الريف المحيط حلوة مواسمه وجميلة بساتينه. مُفعَم انتعاشاً في هذه الساعة الصباحيّة، تَنظُر إليه العين بمتعة. تمرّ القوافل على الطريق... قليل من الناس نَظَروا إلى الاثنين المستَنِدَين إلى جذوع الدلب. قد يكونون يعتبرونهما مسافِرَين تَعِبَين. ولكنّ هناك مَن تعرّفوا على يسوع ويشيرون إليه بالأصابع، أو ينحنون وهُم يحيّونه.

 

أخيراً أَوقَفَ أحدهم حماره وحمير أهله وترجَّل ليتوجّه إلى يسوع: «ليكن الله معكَ، أيّها الرابّي! أنا مِن أربيلا. لقد سمعتُكَ في الخريف. تلك زوجتي وأختها الأرملة، وثمّ أُمّها. هذا الرجل الـمُسِنّ هو أخوها، وهذا الشاب هو أخو زوجتي. وهؤلاء جميع أولادنا. بركتكَ، يا معلّم. لقد عَلِمتُ أنّكَ تحدَّثتَ عند المخاضة. ولكنّني وصلتُ هناك في المساء... أما مِن كلمة لنا؟»

 

«الكلمة لا تُرفض مطلقاً. إنّما انتظر بضعة دقائق لأنّ آخرين سوف يأتون...»

 

بالفعل يُقبِل سكّان القرية على مهل إلى الـمُفتَرَق. آخرون، كانوا قد مرّوا على الطريق متوجّهين صوب الشمال، يعودون إلى الخلف؛ آخرون، وقد أثارهم الفضول، يتوقّفون ويترجّلون عن مطاياهم، أو حتّى يبقون ممتطينها. وتتشكّل جماعة حضور صغيرة تتعاظم باطّراد.

 

يعود كذلك يوضاس بن حلفى مع العجوز ومعهما مريضان وأناس صحيحون. يبدأ يسوع الحديث.

 

«السالكون في طرق الرب، الطرق المحدّدة مِن قِبَل الربّ، ويَسلكونها بِنيّة صالحة، ينتهون بلقاء الربّ. أنتم، تلتقون الربّ بعد إتمام واجبكم كإسرائيليّين أوفياء للفصح المقدّس. وها هي الحكمة تُحدِّثكم، كما ترغبون، في هذا الـمُفتَرَق حيث الصلاح الإلهيّ يجعلنا نلتقي.

 

كثيرة هي المفارق التي يلاقيها الإنسان على درب حياته. والـمَفارِق فائقة الطبيعة منها أكثر مِن الـمَفارِق الماديّة. والضمير يواجه يوميّاً مُفتَرَقات أو مَفارِق خير وشرّ. وعليه الاختيار بانتباه لئلاّ يضلّ. وإذا ما ضلّ، فعليه أن يعرف العودة إلى الوراء بتواضع عندما يُدعى أو يُنبَّه. وإذا ما بدا له طريق الشرّ أجمل، أو حتّى ببساطة: الفتور، فعليه معرفة اختيار طريق الخير الوَعِر ولكن الأكيد.

 

اسَمعوا هذا الـمَثَل.

 

جَمْع مِن المسافرين القادمين مِن البعيد بحثاً عن عمل، وُجِدَ على حدود بَلَد. وكان عند هذه الحدود مُستَخدِمون مَبعوثون مِن أرباب عمل مختلفين. كان منهم مَن يبحث عن رجال مِن أجل المناجم، وآخرون عن رجال مِن أجل الحقول والغابات، وآخرون عن خُدّام لأحد الأغنياء قبيحي السُّمعة، وآخرون عن جنود لِمَلِك كان يُقيم على قمّة أحد الجبال، في قصره الذي كان البلوغ إليه عَبْر طريق شديدة الانحدار. كان الـمَلِك يريد الحصول على مُجنّدين، ولكنّه كان يصرّ على أن يكونوا مُجنّدي حِكمة أكثر منهم مُجنّدي عُنف، كي يُرسِلهم فيما بعد إلى المدن لتقديس رعاياه. لذلك كان يعيش هناك في العالي، كما في صومعة، لتهيئة خُدّامه مِن غير أن تُفسِدهم التسليات العالمية بإبطاء أو إلغاء تكوين روحهم. لم يَعِد بمكافآت كبيرة. لم يَعِد بحياة سهلة، ولكنّه كان يؤكّد أنّ قداسة ومكافأة ستكونان نتيجة لخدمته.

 

هكذا كان المبعوثون يتحدّثون مع الذين يلتقونهم على الحدود. مِن جانبهم، كان مبعوثو أرباب العمل للمناجم أو الحقول يقولون: "لن تكون حياة سهلة، ولكنّكم حينذاك تكونون أحراراً وتَكسَبون ما تصرفونه على قليل مِن التسلية". والذين يَبحَثون عن خُدّام للغنيّ قبيح السمعة كانوا يَعِدون مباشرة بغذاء وفير، أوقات فراغ، بمتع وبثروات: "يكفي أن توافِقوا على نزواته الـمُلِحّة -آه! لا مشقّة فيها أبداً- وستتمتّعون كحُكّام أقاليم".

 

يتشاور المسافرون فيما بينهم. لا يريدون أن يتفرّقوا... يَسأَلون: "ولكن الحقول والمناجم وقصر الشهوانيّ وذلك الذي للمَلِك هل هي متجاورة؟"

 

"آه! لا!" يُجيب الـمُستَخدِمون. "تعالوا إلى هذا الـمُفتَرَق وسندلّكم على الطرق المختلفة".

 

وذَهَبوا.

 

"هاكُم! تلك الطريق الرائعة، الظليلة، الـمُزهِرة، المنبَسِطة، ذات الينابيع المنعشة، تَهبط إلى قصر السيّد". يقول المستخدِمون الباحثون عن خُدّام.

 

"هاكُم! تلك الترابيّة، عَبْر حقول هادئة، تقود إلى الحقول. هي مكشوفة للشمس، إنّما تَرَون أنّها جميلة رغم كلّ شيء". يقول الـمُستَخدِمون مِن أجل الحقول.

 

"هاكُم! تلك التي هي مُثلّمة هكذا بفعل الإطارات الثقيلة، والمغطّاة ببقع داكنة، تشير إلى اتّجاه المناجم. فهي لا جميلة ولا مُنَفّرة..." يقول الـمُستَخدِمون مِن أجل المناجم.

 

"هاكُم! هذا الدرب شديد الانحدار، المنحوت في الصخر، وقد أحرَقَته الشمس، وهو مغطّى بالعلّيق وتقطعه الوِهاد التي تُعيق المسير، إنّما بالمقابل تجعل الدفاع ضدّ هجمات الأعداء سهلاً. تقود صوب الشرق، إلى ذاك القصر الجادّ، نقول المقدّس، حيث تتكوّن الأرواح في الخير." يقول الـمُستَخدِمون مِن أجل الـمَلِك.

 

وكان المسافرون ينظرون وينظرون. كانوا يَحسبون... مُغوين بأمور كثيرة منها واحد فقط الصالح بالكامل. وانقَسَموا على مهل. كانوا عشرة: ثلاثة مالوا إلى الحقول... واثنان إلى المناجم. والذين ظلّوا نظروا إلى بعضهم وقال اثنان منهم: "تعالوا معنا إلى الـمَلِك. لن نربح كثيراً ولن نستمتع على الأرض، ولكنّنا سنكون قدّيسين إلى الأبد."

 

"هذا الدرب؟ نكون مجانين! لا أرباح؟ لا استمتاع؟ لم يكن الأمر مستأهلاً لترك كلّ شيء والمجيء إلى المنفى للحصول على أقلّ ما كان لنا في موطننا. نحن نريد أن نربح ونستمتع..."

 

"ولكنّكم ستخسرون الخير الأبديّ! ألم تسمعوا أنّ المعلّم سيّئ السمعة؟"

 

"هراء! بعد بعض الوقت سوف نتركه، ولكنّنا نكون قد استمتعنا وأصبحنا أغنياء."

 

"لن تتحرّروا منه. الأوّلون أساؤوا الفِعل باتّباع جاذب المال. أمّا أنتم! فتتبعون جاذب المتعة. آه! لا تبدّلوا مصيركم الأبديّ بساعة زائلة!"

 

"أنتما غبيّان بإيمانكما بوعود مثاليّة. نحن ماضون إلى الواقعيّة. وداعاً!..." ويسلكون بنشاط الطريق الظليلة، المزهرة، ذات الينابيع المنعشة، المنتظمة، التي يتلألأ خلفها تحت الشمس قصر الاستمتاع السحريّ.

 

الاثنان اللذان بقيا يَسلُكان الدرب الشديد الانحدار وهما يبكيان ويصلّيان. وبعد بضعة خطوات، كان مِن المفروض أن تَفتُر همّتهما لشدّة صعوبته. ولكنّهما يُثابِران. وكلّما كانا يتقدّمان كان جسدهما يصبح أكثر خفّة. ووطأة التعب كانت تخف بفعل غِبطة غريبة. وَصَلا وهُما يَلهَثان، وقد خُدِشا، في قمّة الجبل أُدخِلا بوجود الـمَلِك. يقول لهما كلّ ما يتطلّبه ليجعل منهما شجاعَين مِقدامَين، ويقول في النهاية: "فَكِّرا بالأمر خلال ثمانية أيّام وبعد ذلك أجيبا."

 

فَكَّرا كثيراً وتحمّلا معارك ضارية ضدّ الـمُجَرِّب الذي حاوَلَ إخافتهما، بالجسد الذي كان يقول: "أنتما تضحّيان بي،" وبالعالم الذي كانت ذكرياته تغويهما أيضاً. ولكنّهما انتصرا. بقيا. أَصبَحَا بطليّ الخير. حانت لحظة الموت، أي التمجيد. مِن أعلى السماوات، رَأَيا في الهوّة اللذين كانوا قد ذَهَبوا إلى ربّ العمل سيّئ السمعة. مُقيَّدين كذلك فيما بعد الحياة، كانوا يئنّون في ظلمة الجحيم. "وكانوا يريدون أن يكونوا حرّين ويستمتعون!" قال القدّيسان.

 

رآهما الـمُدانون الثلاثة، وبِجَزَع لعنوهما، لعنوا الكلّ، بِدءاً مِن الله، قائلين: "لقد خدعتمونا جميعكم!"

 

"لا. لا يمكنكم قول ذلك. لقد قيل لكم الخطر. وأنتم أردتم السوء لكم" أجاب المغبوطان محافظَين على صفائهما حتّى وهما يَرَيان ويَسمَعان السخريات البذيئة والشتائم الفاحشة الموجّهة إليهما.

 

ورَأَيا كذلك الذين مضوا إلى الحقول والمناجم في مناطق مختلفة مِن المطهر، وهُم كذلك رأوهما وقالوا لهما: "لم نكن جيّدين ولا سيّئين، ولكنّنا الآن نُكفِّر عن فتورنا. صلّيا لأجلنا!"

 

"آه! سوف نفعل! ولكن لماذا لم تأتوا معنا؟"

 

"هذا لأنّنا لم نكن شياطين، بل بشراً... جَذَبنا السخاء. لقد أحببنا الزائل، رغم النـزاهة، أكثر ممّا هو أبديّ وقدّيس. والآن نتعلّم أن نعرف ونحبّ باستقامة."

 

انتهى الـمَثَل. كلّ إنسان هو على مُفتَرَق، مفترق دائم. طوبى للثابتين والكريمين في إرادتهم اتّباع درب الخير. وليكن الله معهم، وليلمس الله ويهدِ الذين ليسوا كذلك ويَقُدْهم إلى أن يصبحوا كذلك. اذهبوا بسلام.»

 

«والمرضى؟»

 

«ماذا بها المرأة؟»

 

«حرارة خبيثة تعضّ عظامها. مضت حتّى مياه البحر العظيم العجائبيّة، ولكن ما مِن تسكين.»

 

ينحني يسوع على المريضة ويَسأَلها: «مَن تعتقدين أنّني أكون؟»

 

«الذي كنتُ أبحث عنه. مَسيّا الله. ارحمني أنا التي بحثتُ عنكَ كثيراً!»

 

«فليمنحكِ إيمانكِ صحّة الأعضاء كما صحّة القلب. وأنتَ، أيّها الرجل؟»

 

الرجل لا يُجيب. المرأة التي ترافقه تتكلّم نيابة عنه: وَرَم يقرض لسانه. لا يستطيع الكلام ويموت مِن الجوع.» بالفعل الرجل عِبارة عن هيكل عظمي.

 

«هل لديكَ الإيمان الذي يمكنه أن يشفيكَ؟»

 

يشير الرجل برأسه أن نَعم.

 

«افتح فمكَ» يأمر يسوع ويُقرِّب وجهه مِن الفم الـمُريع الذي قَرَضَه الوَرَم. يَنفُخ فيه. يقول: «أريد.»

 

لحظة انتظار ثمّ صرختان: «عظامي عادت سليمة!»؛ «مريم، لقد شفيتُ! انظري! انظري إلى فمي. أوشعنا! أوشعنا!» ويودّ النهوض، ولكنّه يترنّح بسبب هزاله.

 

«أعطوه ليأكل.» يأمر يسوع ويهمّ بالانسحاب.

 

«لا تذهب! مرضى آخرون سيأتون! آخرون سيعودون... اشفهم، هُم كذلك!» يصيح الجمع.

 

«كلّ صباح، مِن الفجر وحتّى الساعة السادسة، سوف آتي إلى هنا. فليهتمّ بعض الرجال مِن ذوي الإرادة الصالحة بجمع المسافرين.»

 

«أنا، أنا، يا ربّ!» يقول كثيرون.

 

«فليبارككم الله مِن أجل ذلك.»

 

ويعود يسوع إلى القرية مع رفاقه الأوّلين وآخرين، أتوا جماعات صغيرة بينما كان يتحدّث، والجميع يرافقهم بعض الناس.

 

«ولكن أين بطرس ويهوذا الاسخريوطيّ؟» يَسأَل يسوع.

 

«لقد ذهبا إلى المدينة المجاورة ومعهما مال كثير. إنّهما يتسوّقان...»

 

«نعم. لقد أجرى يهوذا معجزة، وهو الآن في عيد.» يقول سمعان الغيور مبتسماً.

 

«أندراوس كذلك، وحَصَلَ على نعجة كتذكار. لقد شفى رِجل أحد الرُّعاة المكسورة وذاك كافأه هكذا. سوف نعطيها للأب. فالحليب مفيد للعجائز...» يقول يوحنّا وهو يُلاطِف العجوز المغتبط.

 

يعودون إلى البيت ويجهّزون بعض الطعام…

 

ويهمّون بالجلوس إلى الطاولة حين يَصِل الاثنان الغائبان محمَّلَين كالحمير، تتبعهما عربة محمّلة بالحصر هي بمثابة أَسِرّة للفلسطينيّين الفقراء (يسوع وأتباعه).

 

«نأسف يا معلّم. كان لا بدّ مِن ذلك. الآن وضعنا جيّد.» يقول بطرس.

 

ويهوذا: «لاحِظ. لقد أخذنا اللازم بالضبط، النظيف والفقير، كما تحبّ.» ويَشرَعان بتنـزيل الحِمل كي يَصرفا صاحب العربة.

 

«اثنا عشر فراش واثنتا عشرة حصيرة. بعض الأغطية. هنا البذور. هناك طيور الحمام ثمّ المال. وغداً أُناس كثيرون. أوف! يا لها مِن حرارة! إنّما الآن كلّ شيء على ما يُرام. ماذا فعلتَ يا معلّم؟...»

 

وبينما يَسرد يسوع روايته، يَجلسون إلى المائدة فَرِحين.

 

--- نهاية الجزء الخامس---