ج2 - ف80
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثاني / القسم الثاني
80- (عودة إلى بيت عنيا بعد عيد المظالّ)
20 / 02 / 1945
لستُ أدري كيف أتوصّل إلى كتابة هذا القَدر، لأنّني أُحِسُّ أنّ يسوع يريد أن يُقَدِّم نفسه مع إنجيله الـمُعاش، وقد عانَيتُ طوال الليل لأتذكّر الرؤيا التالية. فكَتَبتُ على مسودّة الكلام الذي سَمِعتُ، بقدر استطاعتي، لكي لا أنساه.
ثمّ الآن -والساعة هي الحادية عشرة- أرى ما يلي:
يسوع، مِن جديد، في بيت لعازر. بحسب ما أَسمَع، أُدرِك أنّ عيد المظالّ قد انتهى، وأنّ يسوع قد عاد إلى بيت عنيا نزولاً عند رغبة وإصرار صديقه الذي لم يكن يودّ أبداً الانفصال عنه. أُدرِك أيضاً أنّ يسوع في بيت لعازر برفقة سمعان ويوحنّا فقط، بينما الآخرون قد انتَشَروا في المنطقة. وأُدرِك، في النهاية، أنّ الأمر يتعلّق باجتماع أصدقاء للعازر ما يزالون مُخلِصين له، وقد دعاهم ليُعرّفهم على يسوع.
أُدرِك هذا كلّه لأنّ لعازر ما زال يُسَلِّط الأضواء على شخصيّة كلّ منهم. فهو يتحدّث عن يوسف الذي مِن الرّامة ويقدّمه باعتباره: «رجلاً مستقيماً، إسرائيليّاً حقيقيّاً.» يقول: «لا يجرؤ على قول ذلك لأنّه يَخشى السنهدرين الذي هو عضو فيه، والذي أَصبَحَ يكرهكَ، ولكنّه يتمنّى أن تكون أنتَ مَن تنبّأ عنه الأنبياء. لقد طَلَبَ منّي مِن تلقاء نفسه أن يأتي ليتعرّف عليكَ ويَحكُم بنفسه. فإنّ ما يقوله أعداؤكَ بحقّكَ يبدو له غير صحيح... ذلك أنّ فرّيسيّين أتوا مِن الجليل يتّهمونكَ بارتكاب الخطيئة. ولكن تقدير يوسف للموضوع كان هكذا: مَن يَجتَرِح المعجزات فإنّ الله معه، ومَن يكن الله معه فلا يمكن أن يكون في الخطيئة. بل على العكس، لا يمكن أن يكون إلّا واحداً مِن الذين يحبّهم الله". إنّه يودّ لو تذهب إلى الرّامة، إلى بيته. وقد طَلَبَ منّي أن أقول لكَ ذلك. وأنا بدوري أرجوكَ. فاستَجِب لرجائه ورجائي معاً.»
«لقد أتيتُ مِن أجل الفقراء والمتألّمين نفساً وجسداً، أكثر منه لأجل ذَوي السُّلطان الذين لا يَرَون فيَّ سوى حاجة تثير اهتمامهم. ولكنّني سوف أذهب إلى يوسف. فأنا لا أَتَّخذ موقفاً مُعادِياً مِن ذَوي السُّلطان، ويَشهَد على ذلك أحد تلاميذي. إنّه ذاك الذي، بدافع الفضول، ولكي يجعل لنفسه أهميّة، قد أتى إليكَ دونما طَلَب منّي... إلّا أنّه شاب، ويجب أن نعذره... يمكنه أن يَشهَد لاحترامي للطبقات ذات السُّلطة التي تُعلِن عن نفسها أنّها "دعامات الشريعة"، و... يُفهِمون الجميع أنّهم: "عُمُد (دَعائِم) العليّ". آه! العليّ يَدعَم ذاته بذاته! ولم يكن لدى أيّ مِن الفُقهاء إجلال مُشابِه للذي تحلّيتُ به تجاه مأموريّ الهيكل.»
«أعرف ذلك، والكثيرون يَعرفون، كثيرون... إنّما ليس سوى النُّخبة مَن يُطلِق على وضعكَ تسميته الصحيحة. أمّا الآخرون... فيسمّونه نِفاقاً.»
«كلّ إناء يَنضَح بما فيه، يا لعازر.»
«صحيح. ولكن فلتذهب إلى بيت يوسف. هو يودُّ لو تذهب إليه السبت القادم.»
«سوف أذهب، يمكنكَ إعلامه بذلك.»
«كذلك نيقوديموس رجل صالح. ولكنّه... قال لي... هل أستطيع أن أُبلِغكَ انتقاداً يتعلّق بواحد مِن تلاميذكَ؟»
«قُل. وإذا كان عادلاً، فسيكون حُكمه عادلاً. وإذا كان جائراً فَسَيَنتَقِد حتّى الهِداية. ذلك أنّ الروح يَهِب النور لنَفْس الإنسان إذا كان مستقيماً؛ ونَفْس الإنسان الـمُوجَّهة مِن قِبَل روح الله تمتلك حكمة فائقة وتقرأ ما في القلوب.»
«لقد قال لي: "أنا لا أنتَقِد وجود جَهَلَة ولا عشّارين بين تلاميذ المسيح، ولكنّني لا أجد مناسباً وجود إنسان بين أتباعه لا يعرف ما إذا كان معه أم عليه، وهو كالحرباء التي تتَّخِذ لون ومَظهَر ما يحيط بها.»
«إنّه يقصد الاسخريوطيّ. أَعلَم. إنّما ثِقوا جميعاً: الشباب كالخمرة التي تتخمّر ثمّ تَتَوَضَّح. وأثناء التخمُّر تَنتَفِخ وتُزبِد وتَطفَح مِن كلّ الجهات، بِفَيض الحياة. ورياح الربيع تهزّ الشجر في كلّ الاتجاهات، تبدو وكأنّها تُبَعثِر الأوراق بجنون. بينما المفروض أن نشكرها هي على إخصاب الزهر. ويهوذا هذا هو خمر ورياح. ولكنّه ليس سيّئاً. تصرّفاته تُكَدِّر وتُعَكِّر، بل تَصدُم حتّى وتُؤلِم. ولكنّه ليس سيّئاً بالأصل... إنّه مُهر ودمه حار.»
«أنتَ تقول ذلك... وأنا لستُ أهلاً لأدينه. إنّما ما بقي لي منه هي الذكرى الـمُرَّة مِن قوله لي إنّكَ رأيتَها...»
«ولكن هذه المرارة قد تَلَطَّفَت الآن بالعسل الذي يحمله لكَ وَعدي...»
«نعم. ولكنّني ما زِلتُ أحتفظ بذكرى تلك اللحظة. فالألم لا يُنسى حتّى ولو كان يخصّ الماضي.»
«لعازر، لعازر، إنّكَ مضطَرِب لأمور كثيرة... وقليلة الأهميّة! دع الزمن يفعل فِعله: إنّها فقاعات هواء تُفقأ وتضمحلّ مع مُنعَكَساتها، مُبهِجَة كانت أو مُحزِنة. انظر إلى السماء، فإنّها لا تزول، بل هي تدوم للأبرار.»
«نعم أيّها المعلّم والصَّديق. لا أريد أن أدين علاقات يهوذا بكَ، ولا وجوده معكَ أنتَ يا مَن قَبِلتَه. بل سوف أصلّي مِن أجله لكي لا يؤذيكَ.»
يبتسم يسوع وتنتهي الرؤيا.