الدفاتر: 02 / 07 / 1943

 

دفاتر 1943

ماريا فالتورتا

 

I QUADERNI - THE NOTEBOOKS - LES CAHIERS

MARIA VALTORTA

 

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

(02 / 07 / 1943)

الساعة العاشرة والربع

 

يقول يسوع:

 

«اكتبي على الفور بينما أنا ما زلتُ فيكِ بجسدي ودمي ونفسي ولاهوتي، ممّا يجعل ملء الحكمة فيكِ.

 

عاشت مريم إفخارستيّاً خلال ما يقارب حياتها كلّها.

 

لا تختلف الأُمّ عن ابنها. لا في الطبيعة البشريّة، ولا في رسالة الفداء فائقة البشر.

 

إنّ الابن، كي يبلغ ذروة الألم، كان لا بدّ له مِن اختبار انفصاله عن الآب: في الجتسمانيّة، على الصليب. لقد وصل الألم إلى أعلى درجاته وبشدّة لا حدود لها. الأُمّ، كي تبلغ قمة الألم، كان لا بدّ لها مِن اختبار انفصالها عن الابن: خلال أيّام دفني الثلاثة.

 

مريم آنذاك كانت قد لبثت وحدها. لم يبقَ لها سوى الإيمان، الرجاء والمحبّة. أنا قد كنتُ غائباً. لم يطعنها السيف وحسب؛ إنّما اخترق قلبها ونقبه. إنّها لم تمت فقط بمشيئة من الأزليّ. لأنّه، بالنسبة للممتلئة نعمة، البقاء محرومة مِن الاتحاد بابنها وإلهها كان ألماً بحيث لو لم يكن بنعمة خاصّة، لماتت بسببه.

 

كثيرة هي الصفحات السرّيّة الّتي لا تعرفونها حول حياة الكلّيّة الطهارة الشريكة في الفداء. لقد قلتُ لكم ذلك (في إملاء 19 / 06): ’أسرار مريم طاهرة وإلهيّة لدرجة يصعب على العقل البشريّ معرفتها‘. أقول لكم منها بالضبط ما يكفي لينمو فيكم الإجلال تجاه الأكثر قداسة في السماء بعد الله.

 

ساعة الآلام العظيمة تلك، في بحر الآلام الّذي كان حياة أُمّي، المكرّسة للألم الأعظم والمسرّة العظمى لحبلها، كان لا بدّ منها لإكمال ما كان ينقص مِن آلامي.

 

مريم هي شريكة في الفداء. وبالتالي، فكلّ ما فيها هو فقط أدنى مِن الله، فألمها كذلك لا بدّ أن يكون بحيث لا يمكن لأيّ ألم بشريّ أن يعادله.

 

الآن امضي قُدُماً وصلّي. في الحقيقة، كنتُ قد جعلتُكِ تفهمين ذلك، ولكن اللاكمال البشري فيكِ كان قد بلبل كلّ شيء. أكرّره لكي يكون واضحاً للأب (ميغليوريني) ولكِ.»

 

وها نحن ذا أمام الحقيقة الحتمية!...

 

أرى يسوع-المعلّم، مرتدياً الأبيض، إلى جانب سريري، حيث تقف أنتَ لتقبّل اعترافي.

----------

اليوم ذاته في الثانية بعد الظهر

 

يقول يسوع:

 

«في إنجيلي، ما مِن نصّ إلّا وله مرجع يعود للفائق الطبيعة. اليوم، أجعلكِ تفكّرين بقصّة المرأة التي بقيت حدباء لثمانية عشر عاماً.

 

إنّ الذين يظنون أنفسهم فوق البشر في هذا الزمن، ينكرون قدرة الشيطان بأن يكون السبب في آفات جسديّة. إنّهم ينكرون أموراً كثيرة. إنّ كثيرون، لا ينتبهون إلى أنّهم هم أنفسهم ’المستحوَذ‘ عليهم، في هذا الزمن. ينكرون أنّ هناك عاهات تسبّبها قوى فائقة للطبيعة. إنّهم بالتالي لا يستطيعون، بالقدرات الطبيعيّة، فهم وشفاء بعض العاهات. لا يستطيعون ذلك تحديداً لأنّ بعض العاهات تكون لها جذور خارج الجسد وتعييه ولكنّها لا تتأتّى منه. إنّها تنشأ حيث تكون ممالك الروح فاعلة.

 

هناك مملكتان للروح: الواحدة سماويّة، تأتي مِن الله؛ الأخرى شرّيرة، تتأتّى مِن الشيطان.

 

الله يترك أحياناً مختاريه مع عاهات تكون بمثابة جواز السفر إلى الملكوت الإلهيّ. والشيطان، يعطي غالباً عاهات تكون بمثابة الانتقام مِن خادم الله أو عبء على المساكين الّذين رضخوا لأضاليله. المساكين لدرجة مريعة لأنّ ذلك هو فقدان الغنى الحقيقيّ: غنى النعمة الّتي تجعل منكم أبناء الله وورثته.

 

الأدوية البشريّة هي عديمة الفائدة في تلك الحالات. فقط إصبع الله يمحو مرسوم البؤس ويخطّ مرسوم التحرّر. الّذي يتحرّر يبرأ مِن ’الاستحواذ‘ إذا كان مستحوذاً عليه. الّذي تحرّر يدخل السماء، إذا كانت عاهته قد سمح بها الله.

 

ولكن إضافة إلى عاهات الجسد، هناك عاهات الروح. وهي عمل الشرّير. فهي تحنيكم، تجعلكم تتخبّطون وتزبدون؛ توهن الحواسّ والكلام، تأخذكم إلى انحرفات أخلاقية أسوأ مِن الأمراض الجسديّة، لأنّها تحني وتوهن النَّفْس.

 

يمكنني أن أشفيها، فقط أنا. النَّفْس المتحرّرة مِن المسبّب الّذي يجعلها حدباء تنتصب وتمجّد الربّ، مثل امرأة الإنجيل.

 

أنتِ تختبرين ذلك. جسدكِ يحتضر وأنتِ تشعرين بذلك. إنّما كم تشعرين أنّكِ حرّة وقويّة لأنّ معلّمكِ شفاكِ! سيادة قويّة وسلاميّة اجتاحت روحكِ. تشعرين وكأنّ سلاسل تحطّمت وسقطت عند قدميكِ.

 

الآن أقول لكِ: ’اتبعيني. اتبعيني بروحكِ الجديد ولا تعودي تخطئي كي لا يعود بإمكان الشيطان بعد أن ينصب فخه لكِ. إذا كنتِ تتبعينني عن قرب، فلا يستطيع إيذاءكِ ذلك أنّ مَن يتبعني لا يخطئ، وبعدم ارتكاب الخطيئة، لا يخضع للّذي يريد جعلكم أعداء لي‘.»