ج4 - ف161
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الرابع / القسم الثاني
161- (يسوع يَكْرِز في عِرا)
07 / 10 / 1945
يسوع يتحدّث في ساحة عِرا الرئيسيّة: «... وأنا، لا أودُّ أن أقول لكم، كما قلتُ في أمكنة أخرى، المبادئ الأوليّة لمعرفتها والعمل بها مِن أجل الخلاص. فِإنّكم تعرفونها، وبشكل جيّد جدّاً، والفضل في ذلك يعود إلى تيمون، حكيم الشريعة القديمة، وقد نَمَت حكمته الآن لأنّه يُجدِّدها بنور الشريعة الجديدة. ولكنّني أريد أن أُحذِّركم مِن خَطَر لا يمكنكم أن تَلحَظوه وأنتم في الحالة الروحيّة الحاليّة. خطر الانحراف نتيجة ضغوط وتلميحات تُحاوِل إبعادكم عن الإيمان بي الذي أنتم عليه الآن. الآن سأدع تيمون معكم بعض الوقت. وسوف يَشرَح لكم، مع الآخرين، كلمات الكِتاب على الضوء الجديد لحقيقتي الذي أَصبَحَ مُلمّاً به. إنّما قبل أن أترككم، بعد تفحّص قلوبكم ورؤيتها نزيهة في الحبّ، ومُفعَمَة إرادة صالحة وتَواضُعاً، فإنّني أريد أن أُعلّق معكم على نقطة مِن سِفر الملوك الرابع.
عندما تمّت مهاجمة حزقيّا مَلِك يهوذا مِن قِبل سنحاريب، أَقبَلَ ثلاثة مِن أعظَم الشخصيّات لدى الـمَلِك العدوّ إليه لِيُرهِبوه. لِيُرهِبوه بِخَشية قطع العلاقات، وبالقوّات التي كانت آنذاك تُحاصِره. ولدى تَكلُّم المقتَدِرين الـمُرسَلين، ردَّ حِلقِيّا وشِبْنة ويُواخ قائلين: "تكلّم بلغة لا يفهمها الشعب"، وذلك بهدف ألّا يَطلُب الشعب المروَّع السلام. ولكنّ هذا ما كان يريده مبعوثو سنحاريب، وقالوا بصوت عظيم باللغة العبرية: "لاَ تَسْمَعُوا لِحَزَقِيَّا. لأَنَّهُ هَكَذَا يَقُولُ مَلِكُ أَشُّورَ: اعْقِدُوا مَعِي صُلْحاً وَاخْرُجُوا إِلَيَّ، وَكُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَفْنَتِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِينَتِهِ وَاشْرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ مَاءَ بِئْرِهِ، حَتَّى آتِيَ وَآخُذَكُمْ إِلَى أَرْضٍ كَأَرْضِكُمْ، أَرْضَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ، أَرْضَ خُبْزٍ وَكُرُومٍ، أَرْضَ زَيْتُونٍ وَعَسَلٍ وَاحْيُوا وَلاَ تَمُوتُوا..." وقيل: "فَسَكَت الشعب ولم يُجيبوا، لأنّ الملك أَمَرَهُم قائلاً: لا تُجيبوا" (سِفر الملوك الثاني أصحاح 18: الآيات 17-36).
أنا كذلك. رأفة بنفوسكم الـمُحاصَرَة بِقوى أكثر وحشيّة، حتّى مِن قوى سنحاريب الذي كان يستطيع أن يستولي على الجسد، ولا يمكنه الوصول إلى الروح، أمّا أنتم فالحرب هي ضدّ نفوسكم، بواسطة جيش تحت إمرة طاغية، هو الأكثر كبرياء والأكثر وحشيّة بين كلّ المخلوقات، ولقد رجوتُ مَبعوثيه الذين، لكي يحاربوني مِن خلالكم، فَهُم يَسعَون إلى إرهابنا، أنا وأنتم، بالتهديد بعقوبات رهيبة، رجوتُهم قائلاً لهم: "تحدّثوا إليَّ فقط، ودَعوا النُّفوس التي تُولَد الآن للنور بسلام. ضايِقوني، عَذِّبوني، اتَّهِموني، واقتلوني، إنّما لا تَخمشوا أطفال النور أولئك. إنّهم ما يزالون ضعفاء. سيصبحون يوماً أقوياء، ولكنّهم الآن ما يزالون ضعفاء. لا تَثوروا عليهم. لا تُهاجِموا حريّة النّفوس في اختيار الطريق. لا تتمرّدوا على حقّ الله في أن يدعو إليه أولئك الذين يَبحَثون عنه ببساطة وحبّ".
ولكن هل يمكن للحقد الاستكانة لتوسُّلات الذي يَحقد عليه؟ هل يمكن لِمَن يتملّكه الحقد أن يعرف الحبّ؟ لا يمكنه ذلك. بالنتيجة، فبقسوة أكثر، قسوة أكثر باستمرار، يُقبِلون ليقولوا لكم: "لا يُفتِنْكم يسوع. تعالوا معنا وستحصلون على كلّ خير". وسوف يقولون لكم: "الويل لكم إن تَبِعتُموه. ستكونون مُضطَهَدين". وسوف يحثّونكم وهم يُبدُون لكم طِيبَة متصنِّعة قائلين: "أَنقِذوا نفوسكم. إنّه شيطان". سوف يقولون لكم أشياء كثيرة عنّي، أشياء كثيرة لِيُقنِعوكم بالابتعاد عن النور.
أنا، أقول لكم: "رُدّوا على الـمُغويِن بالصمت". وبعد ذلك، عندما تنـزل قوّة الربّ في قلوب المؤمنين بيسوع المسيح مَسيّا ومخلّصاً، حينذاك سوف تتمكّنون مِن الكلام، لأنّكم لا تَعودون أنتم الذين تتكلّمون، بل إنّما روح الله ذاته هو الذي سيتكلّم مِن خِلال شفاهكم، وسوف تصبح أرواحكم كاملة النّموّ بالنعمة، وتصبح شديدة ومنيعة في الإيمان.
كونوا دؤوبين. لا أطلب منكم غير ذلك. وتذكّروا أنّ الله لا يمكن أن يستجيب لتعويذات عدوّ له. أمّا مرضاكم الذين نالت نفوسهم التعزية والسلام، فليتحدّثوا على الدوام، فقط بحضورهم، عن ذاك الذي أتى فيما بينكم ليقول لكم: "ثابروا في حبّي وفي مذهبي، وستنالون ملكوت السماوات". إنّ أعمالي تتكلّم أكثر بعد مِن أقوالي، ورغم أنّ غبطة معرفة الإيمان دون برهان كاملة هي، فإنّني سمحتُ بأن تروا معجزات الله لتتقوّوا في الإيمان. أجيبوا عقولكم التي يُجرّبها أعداء النور، بكلمات روحكم: "أؤمن لأنّني رأيتُ الله في أعماله". رُدّوا على أعدائكم بصمت فاعل. وبذينكِ الردَّين سوف تتقدّمون في النور. وليكن السلام معكم على الدوام.»
ويَصرفهم ليبتعد، بعد ذلك، عن المكان.
«لماذا حدَّثتَهم بهذا القَدْر مِن القِلّة يا ربّ؟ قد يَشعُر تيمون بخيبة أمل.» يقول نثنائيل.
«لن يكون كذلك، لأنّه بارّ ويُدرك أن تنبيه امرئ لخطر داهم هو حُبّ أقوى. وهذا الخطر وشيك.»
«دائماً الفرّيسيّون، أليس كذلك؟» يَسأَل متّى.
«هُم وغيرهم.»
«أأنتَ مغتمّ، يا سيّد؟» يَسأَل يوحنّا منـزعجاً.
«لا، ليس أكثر مِن المعتاد...»
«ومع ذلك، فقد كنتَ أكثر سعادة في الأيّام الأخيرة...»
«إنّه الحزن لعدم تواجد التلاميذ. ولكن لماذا صرفتَهم؟ قد تكون تريد متابعة السفر؟» يقول الاسخريوطيّ.
«لا، بل هي المرحلة الأخيرة. مِن هنا سوف نعود إلى البيت. أمّا النساء فلم يكنَّ قادرات على المتابعة في مثل هذا الطقس. لقد عَمِلن كثيراً. وليس لهنّ أن يعملن أكثر.»
«ويوحنّا؟»
«يوحنّا مريض. وهو في بيت مُضيف كما كنتَ أنتَ.»
بعد ذلك يستأذن يسوع مِن تيمون، ومِن التلاميذ الآخرين الباقين في المنطقة، والذين تلقّوا بالتأكيد أوامره للمرحلة القادمة، ذلك أنّه لا يُبدي نصائح أخرى.
إنّهم على عتبة بيت تيمون، ذلك أنّ يسوع أراد، مرّة أخرى، أن يُبارِك ربّة البيت. الجموع يراقبونه بكلّ احترام، ويتبعونه عندما يعاود المسير إلى الضاحية، البساتين، والريف. والأكثر تمسّكاً به يتبعونه جماعة، ويتناقصون باستمرار حتّى ظَلّوا تسعة، ثمّ خمسة، ثمّ ثلاثة، ثمّ واحد... وحتّى هذا الأخير يعود إلى عِرا، بينما يسوع يتوجّه صوب الغرب، وحده مع الرُّسُل الاثني عشر، لأنّ هرمست بقي مع تيمون.
يقول يسوع:
«وانتهت الرّحلة الرّسوليّة، الرحلة الكبيرة الثانية. والآن العودة إلى أرياف الجليل المعروفة.
ماريّا المسكينة، أنتِ مُنهَكة أكثر مِن يوحنّا الذي مِن عين دور. أَسمَح لكِ بتجاوز وصف الأمكنة. لقد أعطينا الكثير للباحثين الفضوليّين. والذين سيظلّون على الدوام "باحثين فضوليّين"، ليس أكثر. الآن يكفي. قوّتكِ تتلاشى. احتفظي بها مِن أجل الكلمة. وبنفس الروح الذي لاحظتِ به عدم جدوى الكثير مِن أتعابي، أرى عدم جدوى الكثير مِن أتعابكِ. لذلك أقول لكِ: "حافظي على نفسكِ فقط مِن أجل الكلمة".
إنّكِ "الناطقة باسم". آه! في الحقيقة يتكرّر في حالتكِ ما قيل: "عَزفنا على النّاي فلم تُغنّوا. ندبنا فلم تبكوا". لقد كرّرتِ كلماتي فقط، والعلماء المماحكون دسّوا أنفهم. لقد ضممتِ الوصف إلى كلامي، وأَوجَدوا اعتراضات. والآن كذلك سوف يجدون اعتراضات. لقد أُنهِكتِ. سوف أقول لكِ متى ينبغي لكِ وصف الرحلة. أنا فقط. ها قد مرَّ ما يُقارب العام وأنا أُرهِقكِ. ولكن هل تريدين أن تستريحي مِن جديد على قلبي قبل نهاية العام؟ تعالي إذن، أيّتها الشهيدة الصغيرة...»