ج5 - ف38

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الخامس/ القسم الأول

 

38- (تعليم التلاميذ بعد التجلّي)

 

04 / 12 / 1945

 

إنّهم الآن مِن جديد في بيت الناصرة، بل حتّى، توخّياً لدقّة أكثر، إنّهم متفرّقون على أكمة الزيتون في انتظار أن يَفتَرِقوا مِن أجل الاستراحة. أَضرَموا ناراً خفيفة لِيُضيئوا العتمة، فلقد هبط الليل، والقمر يتأخّر ظهوره. ولكنّ الليلة دافئة، «تقريباً كثيراً» حسب قول الصيّادين الذين يتوقّعون هطول مطر وشيك، وجميل أن يكونوا هنا كلّهم مجتمعين، النساء في الحديقة الـمُزهِرة حول مريم، والرجال في الأعلى، على قمّة المنحدر بشكل يكونون مع هؤلاء وأولئكَ، ويسوع يُجيب هذا وذاك بينما النساء ينصتن بإمعان. المفروض أن يكون الحديث حول المصاب بالصرع الذي شُفِيَ عند أسفل الجبل، وما يزال التعليق جارياً.

 

«بحقّ كان يجب أن تكون أنتَ!» يقول سمعان ابن عمّه.

 

«آه! لكن حتّى لدى رؤيتهم أنّ المقسّمين لم يستطيعوا شيئاً، رغم معرفتهم أنّهم استخدَموا أقوى الصِيَغ، لم تقنعهم المعجزة، أولئك الجوارح!» يقول سليمان صاحب زورق العبور وهو يهز رأسه.

 

«وحتّى ولو قيلت للكَتَبَة استنتاجاتهم الشخصيّة، فلا يمكن إقناعهم.»

 

«نعم! إنّما يبدو لي أنّهم كانوا يجيدون الكلام، أليس كذلك؟» يَسأَل أحدهم لا أعرفه.

 

«يُجيدونه جدّاً. لقد استبعَدوا كلّ سحر في قُدرة يسوع على إخراج الشيطان، بقولهم إنّ سلاماً عميقاً كان يجتاحهم عندما اجتَرَحَ المعلّم المعجزة، بينما كانوا يقولون إنّه حينما يَخرُج بتأثير قُدرة شرّيرة كانوا يَختَبِرون نوعاً مِن الألم» يُجيب هَرْماس.

 

«حينذاك، كان الروح قويّاً! أليس كذلك؟ لم يكن يريد الذهاب! ولكن لماذا لم يكن دائم السيطرة عليه؟ أكان روحاً مطروداً سابقاً، ضائعاً، أَمْ إنّ الصبيّ كان على درجة مِن القداسة تُمكِّنه مِن طرده بذاته؟» يَسأَل تلميذ آخر لا أعرف اسمه.

 

يُجيب يسوع تلقائيّاً: «لقد شرحتُ مرّات عديدة أنّ كلّ مرض، إن يكن وجعاً أو اضطراباً، قد يُخفي شيطاناً، كما يمكن للشيطان أن يتخفّى خلف مَرَض، يستخدمه، أو قد يُوجِده ليسبّب ألماً ويقود إلى التجديف على الله. لقد كان الصبيّ مريضاً، وليس مُستحوذاً عليه. نَفْسه طاهرة. لذلك حرّرتُه، بفرح عظيم، مِن الشيطان الماكر جدّاً الذي كان يبغي السيطرة على نَفْسه حتّى يجعلها نَجِسة.»

 

«وإذا كان مجرّد مرض بسيط، فلماذا لم ننجح نحن؟» يَسأَل الاسخريوطيّ.

 

«نعم! نُدرك أنّه لم يكن في وسع المقسّمين فِعل أيّ شيء إن لم يكن مُستحوذاً عليه! أمّا نحن...» يُعلّق توما.

 

ويهوذا الاسخريوطيّ، الذي لا يهضم الفشل، كونه حاوَلَ مرّات عدّة مع الصبيّ ولم يتوصّل سِوى إلى جعله يَقَع مُختَلِجاً أو متشنّجاً، يقول: «ولكنّه كان يُصبِح أسوأ حالاً معنا. هل تَذكُر يا فليبّس؟ أنتَ الذي كنتَ تُساعدني، قد سمعتَ ورأيتَ السُّخريات التي كان يَرميني بها. وقد وصلتُ إلى حدّ أن يقول لي: "اذهب عنّي! فبيني وبينك الشيطان الأسوأ هو أنت". ممّا جَعَلَ الكَتَبَة يضحكون خلفي.»

 

«وهل أزعَجَكَ هذا؟» يَسأَل يسوع بلا مبالاة.

 

«بالتأكيد! ليس جميلاً أن يُستَهزأ بالمرء، وهذا غير نافع عندما يكون مِن تلاميذكَ. فذلك يُفقِده هيبته.»

 

«عندما يكون الله معكم، فلا يعوزكم نفوذ، حتّى ولو كان العالم كلّه يسخر منكم، يا يهوذا بن سمعان.»

 

«حسناً. إنّما، مع ذلك، أنتَ زِد فينا القُدرة، على الأقلّ فينا نحن الرُّسُل، كي لا يعود يحصل بعض الفشل.»

 

«ليس عدلاً، ولا يكون مفيداً أن أزيد قدرتكم. عليكم التصرّف بأنفسكم، كي تنجحوا. بسبب عدم كفاءتكم لستم تنجحون، وكذلك بسبب تقليلكم ما أعطيتُكم بفعل ميول ليست مقدّسة. وددتم إضافتها أملاً بانتصارات أكثر إثارة.»

 

«ألي أنا تقول هذا، يا ربّ؟» يَسأَل الاسخريوطيّ.

 

«عليكَ أن تعرف إذا ما كنتَ تستحقّه. أنا أتحدّث إلى الجميع.»

 

يَسأَل برتلماوس: «لكن ما الذي يجب عمله إذن للانتصار على هذه الشياطين؟»

 

«الصلاة والصوم. وما مِن شيء آخر. صلّوا وصوموا. وليس فقط بالجسد. لذلك حسن أن يبقى كبريائكم صائماً عن الإشباع. فإشباع الكبرياء يَجعَل الروح والنَّفْس لا مباليين، ويصبح فاتراً، والصلاة باردة، كما يصبح الجسد الشبعان ثقيلاً ويشعر بالنعاس. والآن، هيّا بنا، نحن كذلك، نأخذ قسطاً مِن الراحة. فغداً، عند الفجر، ليكن الجميع، عدا مَنَاين والتلاميذ الرُّعاة، على طريق قانا. اذهبوا. وليكن السلام معكم.»

 

ولكنّه بعد ذلك يُمسِك بمَنَاين وإسحاق ويعطيهما تعليمات خاصّة بشأن الغد، يوم رحيل النساء التلميذات ومريم، اللواتي يبدأن رحلة الحجّ الفصحيّ مع سمعان بن حلفى وحلفى بن سارة.

 

«سوف تمرّون بمرج ابن عامر كي يتمكّن مارغزيام مِن رؤية العجوز. تُعطون الصَّدَقة التي أرسلتُها لكم مع يهوذا الاسخريوطيّ للفلاحين. وأثناء الرحلة، تُنجِدون الفقراء الذين تصادفونهم بالصَّدَقة الأخرى التي أعطيتكم إيّاها الساعة. لدى وصولكم إلى أورشليم، اذهبوا إلى بيت عنيا، وقولوا بأن ينتظروني عند أوّل قمر نيسان (أبريل). يمكنني التأخّر قليلاً جدّاً بدءاً مِن هذا التاريخ. أعهَد إليكم بأعزّ إنسان لديَّ وبالنساء التلميذات. ولكنّني مطمئنّ، سوف يَكُنَّ في أمان. هيّا. سوف نلتقي في بيت عنيا وسنبقى معاً فترة طويلة.»

 

يباركهما، وبينما هما يبتعدان في العتمة، يقفز إلى الحديقة، ويدخل إلى البيت حيث النساء التلميذات وأُمّه، اللواتي يحزمن مع مارغزيام حقائب السفر ويرتّبن كلّ ما يلزم مِن أجل غياب ليس معلوماً كم يطول.