ج10 - ف5
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء العاشر
5- (اعتبارات حول القيامة)
21 / 02 / 1944
يقول يسوع:
«صلوات مريم الحارّة عَجَّلت قيامتي لبعض الوقت.
سبق أن قلتُ: "إنّ ابن الإنسان سوف يُقتَل، لكنّه سيقوم في اليوم الثالث". لقد مُتُّ في الساعة الثالثة مِن بعد ظهر الجمعة. وسواء حسبتم الأيّام بالأسماء، أو حسبتموها بالساعات، فلم يكن فجر الأحد هو الوقت الّذي كنتُ مِن المفروض أن أُشاهَد فيه قائماً مِن الموت. فبحسب الساعات، كان قد مضى فقط ثمانية وثلاثون ساعة بدلاً مِن اثنتين وسبعين ساعة بقي فيها جسدي بلا حياة. وبحسب الأيّام، فعلى الأقلّ كان يجب أن يحلّ مساء هذا اليوم الثالث للقول بأنّني لبثتُ ثلاثة أيّام في القبر.
لكنّ مريم قَرَّبت المعجزة، كما حين بصلاتها فتحت السماوات قبل الوقت المحدّد ببضع سنوات لمنح العالم خلاصه، وكذلك الآن تنال بضع ساعات أبكر في سبيل منح قلبها المحتضر تعزية.
وأنا، ومع بداية فجر اليوم الثالث، نزلتُ مثل شمس تهبط، وببهائي كسرتُ أختام البشر، العديمة الجدوى أمام قدرة الله. ومِن قوّتي جعلتُ رافعة لأقلب الحَجَر المحروس عبثاً، ومِن ظهوري جعلتُ صاعقة صرعت الحرّاس العديمي الفائدة تماماً، الموضوعين لحراسة موتٍ كان حياة، والّذي ما كان يمكن لأيّ قوّة بشريّة أن تمنعه مِن أن يكون كذلك.
وبقوّة تفوق بكثير تيّاركم الكهربائيّ، دخل روحي كسيفٍ مِن نارٍ إلهيّة ليدفّئ جثماني البارد، وفي آدم الجديد نفخ روح الله الحياة، قائلاً لذاته: "احْيَ. أشاء ذلك".
أنا الّذي كنتُ قد أقمتُ الأموات حين لم أكن سوى ابن الإنسان، الضحيّة الـمُعدّة لحمل خطايا العالم، ألم يكن عليّ أن أكون قادراً على إقامة نفسي، الآن وقد كنتُ ابن الله، الأوّل والآخر، الحيّ الأزلي، الّذي يملك بين يديه مفاتيح الحياة والموت؟ وجثماني أحسّ بالحياة تعود إليه.
انظري: مثل إنسان يستيقظ بعد النوم نتيجة عمل شاقّ جدّاً، تنفّستُ بعمق. لم أفتح عينيّ بعد. الدم عاد يجري مجدّداً في عروقي بجريان بطيء، معيداً الفِكر إلى العقل. لكنني آتي مِن بعيد جدّاً! انظري: مثل جريح تشفيه قدرة عجائبيّة، يعود الدم إلى عروقي الفارغة، يملأ قلبي، يعيد الدفء إلى أطرافي، الجروح تلتئم، تختفي الرضوض والجروح، تعود القوّة. قد كنتُ مجروحاً بشدّة! هي ذي القدرة تعمل. لقد شفيتُ، استيقظتُ. عدتُ إلى الحياة. كنتُ ميتاً. الآن أحيا! الآن أقوم!
أهزّ بياضات الموت، أرمي غلاف الدهون. لستُ بحاجة إليها لأُظهِر الجمال الأبديّ، الكمال الأبديّ. لقد لبستُ ثوباً ليس مِن هذه الأرض، إنّما نسجه مَن هو أبي، والّذي نسج حرير الزنابق البتوليّة. لقد ارتديتُ البهاء. تزيّنتُ بجروحي الّتي لم تعد ترشح دماً، بل ينبعث منها النور. ذلك النور الّذي سيكون فرح أُمّي والمغبوطين، والرؤية غير المحتملة للملعونين والشياطين على الأرض وفي اليوم الأخير.
ملاك حياتي كما إنسان وملاك ألمي سجدا أمامي ويعبدان مجدي. كلاهما هنا. الواحد للتمتّع برؤية مَن حرسه، والّذي ما عاد يحتاج الآن إلى حماية ملائكيّة. الآخر، الّذي رأى دموعي، ليرى ابتسامتي، الّذي رأى صراعي، ليرى انتصاري؛ الّذي رأى ألمي، ليرى فرحي.
وأخرج إلى البستان الطافح بأزرار الزهور والندى. وأشجار التفّاح تفتح تويجاتها لتجعل قوساً مُزهِراً فوق رأسي الـمَلَكي، العشب بمثابة سجّادة مِن الجواهر والتويجات لقدميّ اللتين تعودان لتدوسا الأرض المفتداة بعدما رُفِعتُ عليها لأفتديها. وتُلقي عليّ التحيّة أوّل شمس، ونسيم نيسان [أبريل] العليل، والسحابة الخفيفة الّتي تمرّ، ورديّة مثل خدّ طفل، والطيور على الأغصان. إنّني إلهها. وهي تعبدني.
أعبر بين الحرّاس المغمى عليهم، رمز الأرواح المثقلة بالخطيئة المميتة، الّتي لا تشعر بعبور الله.
إنّه الفصح يا ماريا! إنّه حقّاً "عبور ملاك الله" عبوره مِن الموت إلى الحياة، عبوره ليمنح الحياة للّذين يؤمنون باسمه. إنّه الفصح! إنّه السلام الّذي يَعبُر في العالم. السلام غير المحجوب بظرف الإنسان، بل الحرّ، الكامل في كفاءته الإلهيّة المستعادة.
وأقصد أُمّي. إنّه لإنصاف أن أمضي إليها. كان إنصافاً بالنسبة إلى ملائكتي. وينبغي أن يكون ذلك أكثر إنصافاً بالنسبة إلى الّتي، عدا عن أنّها كانت حارستي وتعزيتي، كانت مَن منحتني الحياة. قبل حتّى أن أعود مرّة أخرى إلى الآب بثوب الإنسان الممجّد، أذهب إلى أُمّي. أذهب في بهاء ثوبي الفردوسيّ وجواهري الحيّة. هي يمكنها أن تلمسني، يمكنها أن تُقبّلني، فهي الطاهرة، الجميلة، المحبوبة، المباركة، قدّيسة الله.
آدم الجديد يذهب إلى حوّاء الجديدة. الشرّ دخل إلى العالم بالمرأة، وبالمرأة غُلِب. ثمرة المرأة نزع سمّ لُعاب لوسيفورس عن البشر. والآن، إذا أرادوا، يمكنهم أن يكونوا مُخلَّصين. لقد خَلَّصَتْ النساء اللواتي أصبحن سريعات العطب بعد الجرح القاتل.
وبعد الطاهرة، الّتي بحقّ القداسة والأمومة كان مِن الإنصاف أن يذهب إليها ابنها-الله، فقد مثلتُ أمام المرأة المفتداة، قائدة المسيرة، أمام تلك الّتي تمثّل كلّ المخلوقات الأنثويّة الّتي جئتُ لأحرّرها مِن لدغة الشهوة. كي تقول للّواتي يجئن نحوي للشفاء، أن يؤمنّ بي، أن يؤمنّ برحمتي الّتي تتفهّم وتُسامِح، أن ينظرن إلى جسدي الـمزدان بالجروح الخمسة، لكي يغلبن الشيطان الّذي يعيث فساداً في أجسادهنّ.
لم أدعها تلمسني. لأنّها ليست الطاهرة الّتي يمكنها أن تلمس الابن العائد إلى الآب، مِن دون أن تلوّثه. ما زال لديها الكثير لتُطهِّره بالتوبة، لكنّ محبّتها تستحقّ هذه المكافأة. لقد عرفَت أن تقوم بإرادتها مِن قبر رذائلها، أن تخنق الشيطان الّذي كان يستحوذ عليها، أن تتحدّى العالم بـحُبّها لمخلّصها، لقد أحسنت تجريد نفسها مِن كلّ ما ليس محبّة، عرفت ألاّ تكون سوى حُبّ يُستنفَذ مِن أجل إلهها.
والله ناداها: "مريم"، واسـمَعِيها تُجيب: "رابّوني!" قلبها كان في تلك الصرخة. ولها، هي الّتي استحقّت ذلك، أوكلتُ مهمّة أن تكون رسولة القيامة. ومرّة أخرى تكون محطّ السخرية كما لو أنّها كانت تهذي. ولكنّ مريم المجدليّة، مريم يسوع، لا تأبه لشيء مِن أحكام البشر. لقد رأتني قائماً مِن الموت، وذلك منحها فرحاً كافياً يجعل أيّة مشاعر أخرى تسكن.
أترين كم أُحبّ حتّى مَن كان مذنباً، إنّما الّذي أراد التحرّر مِن الخطيئة؟ إنّني لم أُظهِر نفسي أوّلاً ولا حتّى ليوحنّا، بل للمجدليّة. سبق ليوحنّا أن نال منّي مقام الابن. لقد كان بإمكانه الحصول عليه لأنّه كان طاهراً وأمكنه أن يكون ليس فقط الابن الروحيّ، إنّما أيضاً المعطي والمتلقّي مِن ولطاهرة الله، تلك الاحتياجات وتلك العنايات الّتي تتعلّق بالجسد.
مريم المجدليّة، القائمة للنعمة، استحقّت الرؤية الأولى للنعمة القائمة.
حينما تحبّونني إلى حد التغلّب على كلّ شيء مِن أجلي، آخذ رؤوسكم وقلوبكم المريضة بين يديّ المثقوبتين، وأنفخ قُدرتي في وجوهكم. وأُخلّصكم، أُخلّصكم، أيّها الأبناء الّذين أُحِبّ. وتعودون جميلين، أصحّاء، أحراراً، سعداء. تعودون ثانية أبناء الربّ الأعزّاء. أجعلكم حاملي صلاحي بين البشر المساكين، الشهود على صلاحي حيالهم، لإقناعهم به وبي.
آمنوا، آمنوا، آمنوا بي. تحلّوا بالمحبّة. لا تخافوا. ولتجعلكم كلّ آلامي الّتي احتملتُها في سبيل أن أُخلّصكم، متأكِّدِين مِن محبّة إلهكم لكم.
وأنتِ، يا يُوحنّا الصغير [ماريا فالتورتا]، ابتسمي بعدما بكيتِ. يسوعكِ لن يتألّم بعد. لم يعد هناك لا دم ولا جروح. بل النور، النور، النور والفرح والمجد. وليحلّ فرحي ونوري فيكِ، حتّى تحلّ ساعة السماء.»