ج6 - ف123
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء السادس/ القسم الثاني
123- (مواصلة المسير في مرج ابن عامر)
06 / 05 / 1946
بعد الحادثة (العشّ الساقط)، يواصلون المسير لبعض الوقت بصمت. إنّما عندما يَصِلون إلى مفترق طرق ريفيّة، يقول يعقوب بن زَبْدي: «هوذا! هذه الطريق سوف تأخذنا إلى بيت ميخا... إنّما... أما زلنا سنذهب إلى هناك؟ ذاك الرجل سوف يكون حتماً بانتظارنا ضمن أملاكه كي يسيء معاملتنا...»
«وكي يمنعكَ مِن التحدّث للفلاّحين. يعقوب على حقّ. لا تذهب إلى هناك» يَنصَح الاسخريوطيّ.
«إنّهم ينتظرونني. لقد أَرسَلتُ كي أقول لهم بأنّني آتٍ. إنّ قلوبهم مبتهجة. فأنا الصديق الآتي لتعزيتهم...»
«تستطيع الذهاب في وقت آخر. وسوف يُذعِنون» يقول يهوذا هازّاً كتفيه.
«أنتَ لا تُذعِن بسهولة عندما تُحرَم مِن أمر ترغب به»
«أموري هي أمور جدّية. أمّا أمورهم...»
«وما الأكثر جدّية أو الأعظم مِن إيصال قلب إلى الكمال وتعزيته؟ فكلّ شيء يسهم في إبعاد تلك القلوب عن السلام والرّجاء... وهُم ليس لديهم سوى رجاء وحيد: رجاء الحياة الأبديّة. وهم لا يملكون إلّا وسيلة واحدة للوصول إلى ذلك: معونتي. لا. سوف أذهب كي أراهم حتّى ولو كلّفني ذلك أن أُرجَم.»
«لا يا أخي! لا يا معلّم!» يقول الغيور ويعقوب بن حلفى معاً. «لن يؤدّي ذلك إلّا إلى التّسبّب بالعقاب لأولئك الفلاّحين المساكين. أنتَ لم تَسمَعه، فقد قال: "لقد تحمّلتُ هذا الوضع حتّى الآن، إنّما بعد الآن فلن أعود أتحمّل. والويل سوف يحلّ على الخادم الذي سوف يذهب إليه، أو الذي سوف يستقبله. إنّه مُحتال وشيطان. لا أريد فساداً ضمن أملاكي."، وقال لأحد رفاقه: "حتّى ولو توجّب عليَّ قتلهم، فسوف أشفيهم مِن تعلّقهم الشيطانيّ بذاك الرّجل الملعون."»
يسوع يَخفض رأسه مُفكّراً... ومتألّماً. إنّ ألمه واضح... الآخرون متأسّفون، إنّما ما الذي يمكنهم فِعله؟
تمّ حلّ المشكلة بمنطق توما العمليّ: «لنفعل هكذا. سوف نبقى هنا حتّى الغروب كي لا ننتهك السبت، وفي غضون ذلك فإنّ واحداً منّا سوف يذهب خِلسة إلى المنازل ويقول: "في آخر الليل، عند النّبع خارج سيفوريس". وسنذهب إلى هناك بعد الغروب، وننتظرهم في الدَّغل الكائن عند قاعدة الجبل الذي تقع فوقه سيفوريس. والمعلّم سوف يتحدّث إلى أولئك الناس المساكين ويعزّيهم، وعند الفجر سوف يعودون إلى منازلهم، ونحن سوف نَعبُر التلّة ونذهب إلى الناصرة.»
«توما على حقّ. أحسنتَ يا توما!» يقول كثيرون.
لكنّ فيلبّس يُعلّق قائلاً: «ومَن سيذهب لإخطارهم؟ إنّه يعرف كلّ واحد منّا، وهو قد يرانا...»
«يمكن ليهوذا بن سمعان أن يذهب. فهو يعرف الفرّيسيّين جيّداً...» يقول أندراوس بِنيّة حسنة.
«إلى ماذا تحاول أن تُلمّح؟» يُجيب يهوذا بعدوانيّة.
«أنا؟ إلى لا شيء. أريد القول بأنّكَ تعرفهم لأنّكَ كنتَ لمدّة طويلة في الهيكل، ولديكَ صداقات جيّدة هناك. وإنّكَ دائماً ما تتباهى بهم. وهم لن يُلحِقوا أيّ ضرر بصديق لهم...» يقول أندراوس الوديع.
«لا تصدّق ذلك، ولا بأيّ شكل مِن الأشكال. ولا تدع أحداً يُصدّقه. فلو أنّنا كنّا ما نزال تحت حماية كلوديا، فلربّما... كنتُ استطعتُ... إنّما ليس الآن. لأنّها الآن، وباختصار، قد نَأَت بنفسها، ألم تفعل ذلك يا معلّم؟»
«كلوديا ما زالت تُواصِل إعجابها بالرجل الحكيم. وهي لم تفعل أيّ شيء آخر، كما أنّها لم تفعل أكثر مِن ذلك. ومِن هكذا إعجاب فهي قد تنتقل إلى الإيمان بالله الحقّ. إنّما فقط توهُّم عقل متهوّر يمكن أن يصدّق أنّها أَنـمَت مشاعر أخرى تجاهي. وإذا كانت قد فَعَلَت، فما كنتُ لأتقبّلها. يمكنني تَقبُّل وثنيّتهم، لأنَّني آمُل في أن أُحوّلها إلى إيمان مسيحيّ. إنّما لا يمكنني تَقبُّل عبادتهم للأصنام: أي عبادتهم لصنم إنسان سقيم يجلس على عرش إنسانيّ بائس.» يسوع يقول ذلك بهدوء، كما لو أنّه كان يتكلّم كي يعطي درساً للجميع. لكنّه حازم جدّاً كما كي لا يترك أيّ مجال للشكّ حول نيّته وقراره بكبح كلّ انحراف محتمل إلى ذاك الاتّجاه مِن قِبَل الرُّسُل.
وتِبعاً لذلك فلا أحد يُعلّق على النقطة المتعلّقة بالعرش الإنسانيّ، ولكنّهم يَسأَلون: «وماذا سنفعل إذن بشأن الفلاّحين؟»
«أنا سوف أذهب لإخطارهم. أنا مَن اقترح ذلك، وأنا مَن سيذهب، فيما إذا سمح لي المعلّم. فمن المؤكّد أنّ الفرّيسيّين لن يأكلوني...» يقول توما.
«بوسعكَ الذهاب. ولتكن محبّتكَ مباركة.»
«آه! إنّه أمر تافه يا معلّم!»
«بل يا له مِن أمر عظيم يا توما. فقد تفهّمتَ رغبة إخوتكَ: يسوع والفلاّحين، وقد شعرتَ بالشفقة تجاههم. وأخوكَ بالجسد يبارككَ أيضاً بالنيابة عنهم» يقول يسوع واضعاً يده على رأس توما المنحني، المتأثّر بشدّة والذي يُتمتم: «أنا... أخو... كَ؟! إنّه لَشَرف جدّ عظيم يا ربّي. أنا خادمكَ، وأنتَ إلهي... هذا نعم... إنّني ذاهب.»
«هل أنتَ ذاهب وحدكَ؟ أنا سوف آتي أيضاً!» يقول كلّ مِن تدّاوس وبطرس.
«لا. فأنتما نَزِقان جدّاً. أمّا أنا فأُحسن تحويل كلّ شيء إلى مزاح... وهذه أفضل وسيلة للتعامل مع بعض... الشخصيّات. فأنتما تَغضَبان بسرعة. سوف أذهب وحدي.»
«أنا سوف آتي» يقول كلّ مِن يوحنا وأندراوس.
«نعم! واحد منكما، نعم، أيضاً واحد مثل سمعان الغيور ويعقوب بن حلفى.»
«لا. لن أغضب. سوف أبقى صامتاً وأُحسِن التصرّف» يُصرّ أندراوس.
«تعال» ويَمضون مِن أحد الاتّجاهات، أمّا يسوع وأولئك الذين ظلّوا معه فيذهبون مِن اتّجاه آخر...