ج10 - ف18
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء العاشر
18- (يسوع يَظهَر على ضفاف البحيرة)
19 / 04 / 1947
ليلة ساكنة وحرارة خانقة. ما مِن نسمة هواء. النجوم، كثيرة وخافقة، تملأ السماء الصافية. البحيرة هادئة وساكنة بحيث تبدو كبِركة واسعة في مأمن مِن الرياح، تعكس على سطحها مجد تلك السماء الخافقة بالنجوم. الأشجار على طول الضفّة تشكّل كتلة بلا حراك. البحيرة شديدة السكون إلى درجة أنّ أمواجها تُصدِر خريراً خفيفاً للغاية على ضفافها. في وسطها قارب، بالكاد مرئيّ مثل شكل غامض يشكّل نجمة صغيرة على مسافة قصيرة مِن الماء بفانوسه الـمُعلّق على سارية الشراع، ليضيء داخل القارب الصغير. لا أعلم أيّ جزء مِن البحيرة هو هذا المكان. أقول بأنّه يشكّل القسم الجنوبيّ منها، حيث البحيرة تستعد للتحوّل إلى نهر مِن جديد. أقول حوالي تراقية، ليس لأنّني أرى المدينة الّتي تحجبها عنّي مجموعة مِن الأشجار الممتدّة في البحيرة مُكوّنة رأساً وَعِراً مرتفعاً قليلاً، إلاّ أنّني أستنتج ذلك استناداً إلى نجوم فوانيس القوارب الصغيرة الّتي تبتعد شمالاً عندما تُبحِر انطلاقاً مِن ضفاف البحيرة. أقول حوالي تراقية، لأنّ هناك مجموعة مِن الأكواخ، الّتي هي قليلة العدد بحيث لا تشكّل حتّى قرية، تتجمّع هناك عند أسفل الرأس الصغير. هي بيوت متواضعة، تقريباً عند الضفة، وهي بالتأكيد تعود لصيّادي سمك. بعض القوارب راسية على الشاطئ الصغير، أخرى، هي في الماء قرب الضفة جاهزة للإبحار، وهي جامدة بحيث تبدو وكأنّها مثبّتة في الأرض بدلاً مِن أن تتأرجح.
بطرس يطلّ برأسه مِن منزل صغير. النور الراجف لنار مُوقَدة في المطبخ المدخّن يضيء البنية الضخمة للرسول مِن الخلف، جاعلاً إيّاه يبدو وكأنّه رسم. إنّه ينظر إلى السماء، ينظر إلى البحيرة... يتقدّم حتّى حافّة الضفّة، ثمّ -بجلبابه القصير وحافي القدمين- يدخل إلى الماء حتّى منتصف فخذيه، يمدّ ذراعه القويّة ويتلمّس حافّة أحد القوارب. ينضمّ إليه ابنا زَبْدي.
«ليلة جميلة.»
«بعد قليل سيطلع القمر.»
«ليلة ملائمة للصيد.»
«إنّما بالمجاذيف.»
«ما مِن ريح.»
«ما الّذي يمكن فِعله؟»
يتكلّمون على مهل، بعبارات منفصلة، كأشخاص اعتادوا صيد السمك واستعمال الأشرعة والشِّباك الّتي تتطلّب حرصاً وبالتالي كلاماً قليلاً.
«سيكون حسناً أن نذهب. سنبيع قسماً مِن الصيد.»
أندراوس، توما وبرتلماوس ينضمّون إليهم على الضفّة.
«يا لها مِن ليلة حارّة!» يهتف برتلماوس.
«هل سيكون هناك عاصفة؟ أتذكرون تلك الليلة؟» يَسأَل توما.
«آه! لا! الطقس جيّد، ربّما سيتشكّل الضباب، إنّما لا عاصفة. أنا... أنا أذهب للصيد. مَن يأتي معي؟»
«سنأتي كلّنا. ربّما سيكون أفضل هناك في الوسط.» يقول توما الّذي يتصبّب عرقاً، ويضيف: «كانت ضرورية تلك النار للمرأة، إنّما كأنّنا في الحمّامات الساخنة...»
«سأخبر سمعان. إنّه وحيد تماماً هناك.» يقول يوحنّا.
بطرس يجهّز القارب مع أندراوس ويعقوب.
«هل سنمضي وصولاً للمنزل؟ مفاجأة لأُمّي...» يَسأَل يعقوب.
«لا. لا أدري إذا كان بإمكاني أن آتي بمارغزيام. قبل... قبل الـــــ... نعم، بالنتيجة! قبل الذهاب إلى أورشليم -كنّا لا نزال في أفرايم- قال لي الربّ أنّه كان يريد إقامة الفصح الثاني مع مارغزيام. إنّما بعدها لم يقل لي شيئاً آخر...»
«يبدو لي أنا أنّه قال نعم.» يقول أندراوس.
«نعم. الفصح الثاني، نعم. إنّما لا أعلم إذا كان يريد أن نأتي بالفتى قبلاً. لقد ارتكبتُ الكثير مِن الأخطاء بحيث... آه! أتأتي أنتَ أيضاً؟»
«نعم، يا سمعان بن يونا. سوف يذكّرني هذا الصيد بأمور كثيرة...»
«هه! سوف يذكّر الجميع بأمور كثيرة... وأمور لن تتكرّر ثانية... لقد كنّا نُبحِر في البحيرة مع المعلّم في هذا القارب... وأنا كنتُ أحبّه كأنّه قصر مَلَكيّ، وكنتُ أعتقد بأنّني لم أكن أستطيع العيش مِن دونه. أمّا الآن وباعتبار أنّه لم يعد في القارب... هو ذا… أنا في القارب ولستُ مبتهجاً.» يقول بطرس.
«لم يعد لأحد بهجة الأمور الماضية. لم تعد الحياة ذاتها. وحتّى لو نظرنا إلى الوراء... فبين الساعات الماضية تلك والساعات الحاضرة، هناك في الوسط ذاك الزمن الرهيب...» يقول برتلماوس متنهّداً.
«إنّنا جاهزون. تعالوا. أنتَ إلى الدفّة ونحن إلى المجاذيف. سنتوجّه إلى خليج إيبّو. إنّه موضع جيّد. سو! هوب! سو! هوب! [اسحب! جدّف! اسحب! جدّف!]»
بطرس يعطي الإشارة بالانطلاق والقارب ينزلق فوق الماء الساكن، وبرتلماوس يتولّى الدفّة. توما والغيور يقومان مقام مُساعِدَيّ البحّار، جاهزَين لإلقاء الشِّباك الّتي نشروها. القمر يطلع، أي إنّه يتخطّى جبال جدرة (إن لم أكن مخطئة) أو جملا، أي تلك الّتي على الساحل الشرقيّ إنّما صوب جنوب البحيرة، البحيرة تستقبل إشعاعه، الّذي يخطّ طريقاً ماسيّاً فوق المياه الساكنة.
«سوف يرافقنا حتّى الصباح.»
«إنّ لم يحلّ الضباب.»
«الأسماك تترك القاع منجذبة بالقمر.»
«إن حظينا بصيد وافر، فسوف يكون أمراً جيداً. فلم يعد لدينا مال. سوف نشتري خبزاً، وسنحمل سمكاً وخبزاً لأولئك الّذين على الجبل.» كلمات بطيئة مع فواصل طويلة بعد كلّ كلمة.
«إنّكَ تُحسِن التجذيف يا سمعان. لم تفقد الأداء!...» يقول الغيور بإعجاب.
«نعم… اللعنة!»
«ما بكَ؟» يَسأَل الأخرون.
«بي... بي أنّ ذكرى ذلك الرجل تلاحقني في كلّ مكان. لقد تذكّرتُ ذاك اليوم حيث كنّا في قاربين مختلفين، وكنّا نتنافس لنرى مَن كان الأكثر براعة في التجذيف، وهو...»
«أنا، مِن جهتي، كنتُ أفكّر بأنّ ذاك اليوم كان بالنسبة لي المرّة الأولى الّتي أرى فيها مدى عمق هاوية غدره، تلك المرّة الّتي قابلنا فيها، أو بالأحرى الّتي كدنا نصطدم فيها بقوارب الرومان. أتذكرون؟» يقول الغيور.
«إيه! نعم نتذكّر! إنّما!... هو دافع عنه... ونحن... بين دفاعات المعلّم ومخاتلات... رفيقنا، لم نعد نفهم شيئاً!...» يقول توما.
«هوم! أنا، أكثر مِن مرّة... لكنّه كان يقول: "لا تدن يا سمعان!"»
«لطالما كان تدّاوس يشكّ به.»
«ما لا أستطيع تصديقه هو أنّ هذا لم يَعلَم عن الأمر شيئاً.» يقول يعقوب موجّهاً ضربة مِرفق إلى أخيه.
لكنّ يوحنا يطأطئ رأسه بصمت.
«الآن تستطيع الكلام...» يقول توما.
«أَجهَد كي أنسى. هذا ما أُمِرتُ به. لماذا تريدونني أن أعصى؟»
«الحقّ معكَ. لندعه وشأنه.» يقول الغيور مدافعاً عنه.
ارميا الشِّباك. على مهل. جذّفوا أنتم، جذّفوا على مهل. تحوّل يساراً يا برتلماوس. توقّف. انعطف. قف. انعطف. هل الشَّبَكة ممدودة؟ نعم؟ ارفعوا المجاذيف ودعونا ننتظر.» يأمر بطرس.
كم هي جميلة تلك البحيرة الوادعة في سلام الليل، تحت قبلة القمر! فردوسيّة مِن فرط ما هي نقيّة. القمر في كبد السماء ينعكس بأكمله فيها ويمنحها مظهر الماس. وميضه الفوسفوريّ يرتجف على التلال، يكشفها، ويجعل البلدات الّتي تنتشر على الضفاف بيضاء كالثلج… يسحبون الشبكة مِن وقت لأخر، شَلّال مِن الماس يسقط على فضّة البحيرة. الشبكة فارغة. يرمونها مجدّداً. يبدّلون المكان. لا يحالفهم الحظّ... الساعات تمرّ. القمر يغيب، فيما ضوء الفجر يشقّ له طريقاً، متردّداً، يتلوّن بالأخضر الأزرق... ضباب حارّ يدخّن مِن ناحية الضفاف، وخصوصاً صوب الحدود الجنوبيّة مِن بحيرة طبريّا الّتي يحجبها كما يحجب تراقية. ضباب منخفض، قليل الكثافة، يجعله أوّل شعاع شمس يختفي. وفي سبيل تجنّبه فإنّهم يفضّلون الإبحار بمحاذاة الجانب الشرقيّ حيث هو أقلّ كثافة، في حين أنّه مِن جهة الغرب، كونه آتياً مِن السبخة ما وراء تراقية على الضفّة اليمنى للأردن، هو أكثر كثافة، وكأنّ السبخة كانت تدخّن. يجذّفون بحذر لتجنّب الأخطار المحتملة للأعماق، باعتبار أنّهم يعرفون البحيرة جيّداً.
«أنتم، يا رجال القارب! أليس لديكم شيء للأكل؟» صوت رجل يأتي مِن الضفّة، صوت يجعلهم ينتفضون.
لكنّهم يهزّون أكتافهم فيما يجيبون بصوت عال: «لا.» ومِن ثمّ يقولون لبعضهم: «يبدو لنا سماعه على الدوام!...»
«ألقوا الشَّبكة إلى الجانب الأيمن للقارب، وسوف تجدون السمك.»
الجانب الأيمن للقارب هو باتّجاه العمق. يُلقون الشَّبكة، محتارين قليلاً. اهتزازات، ثِقل يجعل القارب يميل إلى جهة الشَّبكة.
«لكنّه الربّ!» يصيح يوحنّا.
«الربّ، تقول؟» يَسأَل بطرس.
«هل تشكّ بذلك؟ قد بدا لنا بأنّه كان صوته، إنّما هذا هو البرهان، انظر إلى الشَّبكة! كما في تلك المرّة! إنّه هو، أقول لكَ! آه! يسوعي! أين أنتَ؟»
كلّهم يحاولون النظر لاختراق حجاب الضباب، بعد أن ثبّتوا الشَّبكة بشكل آمن ليجرّوها خلف القارب، لأنّ محاولة رفعها إلى القارب هي مناورة خطيرة. ويجذفون للوصول إلى الضفّة. لكن على توما أن يأخذ مجذاف بطرس، الّذي ارتدى على عَجَل وبتوتّر جلبابه القصير فوق سرواله القصير جدّاً اللذين كانا ملابسه الوحيدة مثل الآخرين، باستثناء برتلماوس. ثمّ ألقى بنفسه في الماء وبدأ يسبح بسرعة في الماء الساكن، بحيث يسبق القارب، وهو أوّل مَن وطأ الشاطئ الصغير المنعزل، حيث تتّقد نار مِن الأغصان الجافّة فوق حجرين محميّين بدغل شائك، وهناك، قرب النار، يتواجد يسوع، مبتسماً وعطوفاً.
«يا ربّ! يا ربّ!» بطرس يلهث لانفعاله، ولا يستطيع أن يقول شيئاً آخر. إذ هو يقطر ماءً، لا يجرؤ حتّى على لمس ثوب يسوعه، ويلبث ساجداً على الرمل متعبّداً، بالجلباب الملتصق به.
القارب يحتكّ بالرمل ويتوقّف. كلّهم واقفون، يثيرهم الفرح…
«أَحضِروا إلى هنا مِن تلك الأسماك. النار جاهزة. تعالوا وكُلوا.» يأمر يسوع.
بطرس يهرع إلى القارب ويساعد الآخرين في رفع الشَّبكة، ويأخذ مِن الكومة الـمُختلِجة ثلاث سمكات ضخمة. يضربها بحافّة القارب كي يقتلها، ويشقّ بطنها بسكّينه. لكنّ يديه ترتجفان، آه! ليس بسبب البرد! يغسلها، يحملها إلى حيث النار ويضعها فوقها، يراقب شيَّها. الآخرون يلبثون عابدين الربّ، بعيدين عنه قليلاً، بمهابة، كما دائماً أمامه هو الّذي قام بهكذا قدرة إلهيّة.
«هاكم، ها هو الخبز. لقد عملتم طوال الليل وأنتم متعبون. الآن سوف تحظون ببعض الانتعاش. هل السمك جاهز يا بطرس؟»
«نعم يا ربّي.» يقول بطرس بصوت أجشّ أكثر مِن المعتاد، منحنياً فوق النار، ويمسح عينيه اللتين تدمعان كما لو أنّ الدخان جعلهما تبكيان، مُهَيِّجاً إيّاهما وحنجرته في نفس الوقت. ولكنّ الدخّان ليس هو الّذي سَبَّبَ هذا الصوت وهذه الدموع... يأتي بالسمك الّذي بسطه فوق ورقة خَشِنة، يبدو أنّها ورقة قرع حملها إليه أندراوس بعد أن غسلها في البحيرة.
يسوع يقدّم ويُبارِك. يقسم الخبز والسمك ويوزّعه بعد أن قسمه لثماني حصص، ويذوق منها هو أيضاً. يأكلون بالاحترام الّذي يُتمُّون فيه طقساً. يسوع ينظر إليهم ويبتسم. إنّما هو أيضاً يبقى صامتاً حتّى اللحظة الّتي يَسأَل فيها: «أين هم الآخرون؟»
«على الجبل، حيث قلتَ. ونحن أتينا للصيد، فلم يعد لدينا مال، ولا نريد تجاوز الحدّ مع التلاميذ.»
«تُحسِنون صنعاً. مع ذلك، مِن الآن فصاعداً، أنتم الرُّسُل سوف تبقون على الجبل للصلاة، لتكونوا قدوة للتلاميذ بـِمَثَلكم. أرسلوهم للصيد. أنتم مِن الأفضل أن تبقوا على الجبل للصلاة والاستماع للّذين هم في حاجة إلى نصائح أو الّذين مِن الممكن أن يأتوا لينقلوا لكم الأخبار. أَبقوا التلاميذ متّحدين. سآتي قريباً.»
«سنفعل ذلك يا ربّ.»
«أليس مارغزيام معكَ؟»
«لم تقل لي أن آتي به بهذه السرعة.»
«اجعله يأتي. فوقت طاعته انتهى.»
«سوف آتي به يا ربّ.»
يصمتون. ثمّ يسوع، الّذي لبث محنيّ الرأس قليلاً، للتفكير، يرفع رأسه ويثبّت نظره على بطرس. إنّه ينظر إليه نظرة اجتراح أعظم معجزاته، وأعظم أوامره. بطرس يكاد يرتعد خوفاً ويتراجع قليلاً إلى الوراء... لكنّ يسوع، إذ يضع يده على كتف بطرس، يمسكه بقوّة ويسأله: «يا سمعان بن يونا، أتحبّني؟»
«بالتأكيد يا ربّ! أنتَ تعلم أنّني أحبّكَ.» يجيب بطرس بثقة.
«ارعَ حملاني... يا سمعان بن يونا، أتحبّني؟»
«نعم، ياربّي. وأنتَ تعلم أنّني أحبّكَ.» الصوت أقلّ وثوقاً، لا بل هو مندهش قليلاً مِن تكرار هذا السؤال.
«ارعَ حملاني... يا سمعان بن يونا، أتحبّني؟»
«يا ربّ... أنتَ تعلم كلّ شيء... أنتَ تعلم فيما إذا كنتُ أحبّكَ...» صوت بطرس يرتجف، لأنّه واثق مِن حبّه إنّما لديه الانطباع بأنّ يسوع ليس متأكّداً مِن ذلك.
«ارعَ نعاجي. إنّ اعترافكَ الثلاثي بمحبّتي قد مَحَى إنكاركَ الثلاثيّ. أنتَ طاهر تماماً ياسمعان بن يونا، وأنا أقول لكَ: البس الثوب الحَبريّ واحمل قداسة الربّ إلى وسط قطيعي. احزم ثيابكَ بمنطقتكَ واحتفظ بها محزومة، حتّى إنّكَ أنتَ أيضاً، مِن راعٍ تستحيل حملاً، الحقّ أقول لكَ إنّكَ حين كنتَ أصغر سنّاً كنتَ تمنطق نفسكَ بنفسكَ وتذهب إلى حيث تشاء، إنّما حين تشيخ فسوف تبسط ذراعيكَ وآخر سوف يمنطقكَ ويقودكَ إلى حيث لا تشاء. إنّما الآن فأنا مَن يقول لكَ: "تمنطق واتبعني على طريقي ذاتها". قم وتعال.»
ينهض يسوع وينهض بطرس، ليمضيا صوب الضفّة، والآخرون يعملون على إخماد النار بخنقها تحت الرمل. لكنّ يوحنّا، وبعد لملمة بقايا الخبز، يتبع يسوع. بطرس يسمع حفيف خطاه ويدير رأسه. يرى يوحنّا ويَسأَل، وهو يدلّ يسوع إليه: «وماذا سيحدث لهذا؟»
«إن أنا أردتُه أن يبقى حتّى عودتي، فما همّكَ؟ أنتَ اتبعني.»
إنّهم عند الضِفّة. بطرس يودّ أن يتابع الكلام، لكنّ مهابة يسوع والكلمات الّتي سمعها يمنعانه مِن ذلك. يركع، يتعبّد، يقتدي به الآخرون. يسوع يباركهم ويصرفهم. يصعدون إلى القارب ويبتعدون مجذّفين. يسوع ينظر إليهم وهم يمضون.