الدفاتر: 11 / 07 / 1943

 

دفاتر 1943

ماريا فالتورتا

 

I QUADERNI - THE NOTEBOOKS - LES CAHIERS

MARIA VALTORTA

 

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

(11 / 07 / 1943)

 

يقول يسوع:

 

«مَن يقتل الحبّ يقتل السلام. والسلام يكون أكثر حيوية بقدر ما يكون الحبّ أكثر اضطراماً. هل تريدين مقياساً لمقدار الحبّ عند أحدهم؟ راقبي إذا كان يحظى بالسلام مع نفسه أم لا. مَن يحبّ يُحسِن التصرّف. وإذا كان يُحسِن التصرّف فإنّه لا يعرف الاضطراب أبداً. وهذا يصحّ في كلّ أشكال الحبّ.

 

الحبّ الطبيعيّ لا يختلف، في بعض الجوانب، عن الحبّ الروحيّ. ولا يمكن القول إنّه يختلف عنه في التفاعلات. عندما لا يحبّ أحدهم أو يسيء الحبّ تجاه آخر، يكون مضطرباً، مرتاباً، ويميل إلى عدم الثقة، وتتزايد إساءاته دائماً، وتتزايد، بشكل آليّ، شكوكه وقلقه. وعندما لا يحب أحدهم إلهه أو يسيء حبّه، يتزايد القلق إلى ما لا نهاية وينعدم السلام. مثل ريح مشؤومة تجرف النَّفْس المسكينة أبعد فأبعد عن الشاطئ، لتنتهي هالكة ببؤس إذا لم تتدخّل معجزة صلاح إلهيّة لإنقاذها. مِن المنطق أن يكون الأمر هكذا.

 

إنّ الله بريء مِن أيّ ملامة تجاهكم؛ وبالتالي يتوجّب عليكم أن تحبّوه حبّاً مطلقاً لأنّه يمنحكم الحبّ، والحبّ يتطلّب حبّاً بالمقابل. وعندما ترفضون الحبّ تجاه الله، تسقطون، كنتيجة طبيعيّة، تحت سلطان أمير الشرّ. تغادرون النور وتغلّفكم الظلمات. فتبدأ حينئذ المعاناة الّتي هي المرحلة التحضيريّة للعقوبات المستقبليّة. إنّما النَّفْس الـمُحِبّة، الأكيدة مِن كونها مُـِحبّة، تكون في سلام. إن يتّهمها القريب بأسوأ الشرور، وإن تكن الظروف لها مظهر العقاب السماويّ، فهي لا تخرج مِن سلامها. لأنّها تعلم أنّها تحبّ، فلا تخشى شيئاً.

 

انظري إنجيل يوحنّا. قلتُ: ’واحد منكم سيسلّمني‘. وكان لهذه العبارة تأثير شرارة رُميت في قفير نحل نَشِط. لقد استاء الجميع. لا بل إنّ المذنب بلغ حدّ أنّ يتّهم نفسه بقوله: ’أيمكن أن أكون أنا؟‘ وحصل على إجابتي المؤكّدة الّتي فقط تبلّد الآخرين منعهم مِن فهمها. إنّ ارتكاب الذنب يرافقه هكذا سلوك غير محسوب: إنّه يعمي لدرجة الاعتراف على الذات.

 

ولكنّ يوحنّا، الـمُحِبّ الأمين، لم يحرّك رأسه عن صدري. وسلامه لم يضطرب. كان يعلم أنّه يحبّني  وكم كان يحبّني. محبّته وطهارته كانا يحميانه من كلّ ملامة أو اتّهام. وبقي، برأسه الذي لا يعرف الخيانة، على القلب الّذي لا يمكن أن يخون.

 

أعطيكِ يوحنّا مثالاً. منذ سنوات وأنا أقدّمه لكِ كشفيع. تذكّري. فقد تشفّع في البداية، الآن هو يثقّفكِ بالصفتين اللتين تجعلان مِن التلميذ مفضّلاً: المحبّة والطهارة. كلّما تعاظما بكِ كلّما تعاظم السلام فيك. ومع السلام الاستسلام الكامل على قلبي.

 

موت المحبّين ليس تحوّلاً: إنّه كمال. إنّكم تنتقلون مِن راحة تعيقها المادّة إلى الراحة الحرّة للروح في الله. فهو ليس سوى عناق أكثر عمقاً في نور أكثر اتّقاداً.

 

هذا هو الموت الّذي أحفظه لمن يحبّني. موت سلام بعد حياة بسلام. وفي ملكوتي السلام الأبديّ.»