ج8 - ف1

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الثامن

{التهيئة للآلام}

 

1- (اليهود في منزل لعازر)

 

18 / 12 / 1946

 

مجموعة كبيرة ومَهيبة مِن اليهود تدخل إلى بيت عنيا على مطايا فخمة. إنَّهم كَتَبة وفرّيسيّون، مع بعض الصدّوقيّين والهيروديّين، الّذين كنتُ قد رأيتُهم قبلاً، إن لم أكن مخطئة، في وليمة في منزل خُوزي، لاستثارة يسوع كي يُعلِن نفسه مَلِكاً. يتبعهم الخُدّام مشياً على الأقدام.

 

الموكب يعبر البلدة الصغيرة على مهل، وصوت الحوافر على الأرض يصبح أقوى، إنّ رنين الزينات، وأصوات الرجال، تجذب السكّان الّذين ينظرون إلى خارج البيوت، ويَنحَنون بذعر واضح بتحيّات عميقة، ليستقيموا مجدّداً ويتجمّعوا في مجموعات تُثرثر.

 

«أرأيتم؟»

 

«كلّ سنهدريّي أورشليم (أعضاء مجلس أورشليم الأعلى).»

 

«لا. يوسف الشيخ، نيقوديموس، وآخرون لم يكونوا هناك.»

 

«والفرّيسيون الأكثر شُهرة.»

 

«والكَتَبَة.»

 

«ومَن كان ذاك الّذي يمتطي حصاناً؟»

 

«وبالتأكيد يذهبون إلى منزل لعازر.»

 

«لا بُدّ أنَّه يحتضر.»

 

«أنا لا أستوعب لماذا الرابّي ليس هنا.»

 

«كيف تريد ذلك، إذا كانت جماعة أورشليم تبحث عنه لقتله؟»

 

«معكَ حقّ. علاوة على ذلك فأنا واثق مِن أنّ هؤلاء الأفاعي الّذين عَبَروا، قد جاؤوا لرؤية فيما إذا كان الرابّي هنا.»

 

«شكراً للربّ على أنّه ليس هنا!»

 

«هل تعلم ماذا قالوا لزوجي، في السوق في أورشليم؟ أن نكون مستعدّين، لأنّه قريباً سوف يُعلِن نفسه مَلِكاً، ويتوجّب علينا جميعاً أن نساعده على القيام بـ… ماذا قالوا؟ على أيّ حال! كلمة تعني كما لو كنتُ أنا أقولُ بأنّني سوف أُخرجِ الجميع مِن البيت، وأَغدو أنا السيّدة.»

 

«مكيدة؟… مؤامرة؟… تمرّد؟...» يَسأَلون ويُخمّنون.

 

أحد الرجال يقول: «نعم. لقد قالوا ذلك لي أيضاً، لكنّني لم أصدّقه.»

 

«إنّما تلاميذ للرابّي هم مَن يقولون ذلك!...»

 

«هوم! أنا لا أصدّق بأنّ الرابّي سوف يلجأ للعنف ويزيح رئيس الربع، كي يستولي على العرش الّذي هو، صواباً أم لا، يعود للهيروديين. تحسنين صنعاً بالقول ليواكيم ألاّ يصدّق كلّ هذه الشائعات...»

 

«إنّما هل تَعلَم بأنّ مَن يساعده سوف يُكافأ على الأرض وفي السماء؟ أنا سوف أكون سعيدةً جدّاً إن كان زوجي كذلك. لديَّ أولاد كُثُر والحياة صعبة. لو أمكن أن نحظى بمكان وسط خُدّام مَلِك إسرائيل!»

 

«أَنصِتي يا راحيل، أنا أعتقد بأنّه مِن الأفضل بالنسبة لي أن أعتني بأرضي ونَخلاتي. أمّا لو هو قالها لي، آه! عندئذ سأترك كلّ شيء لأتبعه. إنّما أن يقال ذلك مِن قِبَل آخرين!...»

 

«لكنّهم تلاميذه.»

 

«أنا لم أرهم معه أبداً، ومِن ثمَّ… لا. إنّهم يظهرون كالحِملان، إنّما لهم وجوه لصوص لا تقنعني.»

 

«هذا صحيح. تحدث أمور غريبة منذ بعض الوقت، ودائماً يُقال بأنّ تلاميذ الرابّي هُم مَن يفعلونها. آخرها كان ما قبل السبت، بعضهم أساؤوا التصرّف مع امرأة كانت تَحمِل بَيضاً إلى السوق وقالوا: "نُريده باسم الرابّي الجليليّ."»

 

«هل تعتقد بأنّه يمكن أن يكون هو الّذي يريد مثل هذه الأمور؟ هو الذي يُعطي ولا يأخذ؟ هو الّذي بإمكانه العيش وسط الأغنياء ويُفضِّل البقاء بين الفقراء، وإعطاء ردائه، كما كانت تقول للجميع تلك المرأة البرصاء المبرأة الّتي صادفها يعقوب؟»

 

رجل آخر كان قد انضمّ إلى المجموعة وكان يستمع، يقول: «أنتَ على حقّ. وماذا إذن بالنسبة للأمر الآخر الّذي يقال؟ بأنّ الرابّي سوف يتسبّب بمصائب عظيمة لنا. لأنّ الرومان سوف يُعاقِبوننا كلّنا بسبب قيامه بالتحريض؟ هل تصدّقون ذلك، أنتم؟ أنا أقول -ولا أكون مخطئاً لأنّني مُسنّ وحكيم- أنا أقول بأنّ كلّاً مِن أولئك الّذين يقولون لنا نحن الناس البسطاء بأنّ الرابّي يريد أن يستولي على العرش بالعنف ويطرد الرومان أيضاً –لو كان بالإمكان أن يكون كذلك! إذا كان ممكناً فعل ذلك!- وأولئك الّذين يمارسون العُنف باسمه، وأولئك الّذين يُحرّضون على التمرّد مع وعود بمنافع مستقبليّة، كأولئك الّذين يودّوننا أن نكره الرابّي باعتباره شخصاً خطيراً سوف يجلب إلينا المصائب، هم كلّهم أعداء للرابّي، حيث يسعون إلى هلاكه كي ينتصروا هم بدلاً منه. لا تصدّقوهم! لا تصدّقوا الأصدقاء الـمُـزيَّفين للناس البسطاء! أرأيتم كيف مَرّوا بكبرياء؟ لقد أوشكوا على ضربي بهراوة، لأنَّ بعض الوقت قد لزمني لإدخال الخراف وتسبّبتُ بإعاقة سيرهم… أولئك أصدقاؤنا؟ أبداً. إنّهم مصّاصو دمائنا، ولا سمح الربّ بذلك، أيضاً مصّاصو دمائه.»

 

«أنتَ القريب مِن حقول لعازر، هل تعلم فيما إذا كان قد مات؟»

 

«لا. هو لم يمت، إنّه بين الموت والحياة… لقد سألتُ عن أخباره سارة، الّتي كانت تقطف أوراقاً عطريّة مِن أجل الغسيل.»

 

«فإذن لماذا أتى هؤلاء؟»

 

«أوه! لقد داروا حول المنزل، مِن خلفه، مِن جوانبه، حول البيت الآخر للأبرص [الرسول سمعان الغيور]، ثمّ رحلوا باتّجاه بيت لحم.»

 

«أنا قد قلتُ لكم ذلك! لقد أتوا ليروا فيما إذا كان الرابّي موجوداً هنا! كي يؤذوه. هل تدرك ماذا يعني بالنسبة لهم أن يتمكّنوا مِن إيذائه؟ وتحديداً في منزل لعازر؟ قُل إذاً يا ناتان. أليس ذلك الهيروديّ هو مَن كان منذ مدّة عشيقاً لمريم ثيوفيلوس؟»

 

«لقد كان هو. لربّما كان يريد الانتقام مِن مريم بهذه الطريقة...»

 

صبيّ صغير يصل راكضاً. يصيح: «كم هناك مِن الناس في منزل لعازر! لقد كنتُ آتياً مِن الجدول مع لاوي ومرقس وإشَعياء، ورأينا. الخُدّام فتحوا البوّابة وأخذوا المطايا. وهرع مكسيمين للقاء اليهود، وآخرون هرعوا مع انحناءات كبيرة. ومرثا ومريم خرجتا مِن المنزل مع خادماتهما لتحيّتهم، كنّا نريد أن نرى أكثر، لكنّهم أغلقوا البوّابة وذهبوا كلّهم إلى المنزل.» الصبيّ متحمّس جدّاً بسبب الأخبار الّتي كان يحملها ولأجل ما رآه…

 

البالغون يتحدّثون عن ذلك فيما بينهم.