ج8 - ف23
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثامن
23- (ما يحصل في الجليل وخاصّة في الناصرة)
06 / 02 / 1947
«وأنا أقول لكم بأنّكم كلّكم حمقى بتصديقكم لبعض الأمور. حمقى وجَهَلة أكثر مِن مَخصيّين لا يعلمون حتّى قواعد الغريزة، هم الـمُشوّهين حسب ما هم عليه. إنّ رجالاً يجوبون المدن مُتفوّهين بلعنات مِن جهة المعلّم، وآخرون يحملون أوامر لا يمكن، لا، بحقّ الله الحقّ، لا يمكن أن تكون صادرة عنه! أنتم لا تعرفونه، أنا أعرفه. ولا يمكنني أن أصدّق بأنّه قد تغيّر هكذا! ويَجولون في كلّ طرف! أتقولون بأنّهم تلاميذه؟ ومَن رآهم يوماً معه؟ أتقولون أنّ رابّيين وفرّيسيّين قد أفصحوا عن خطاياه؟ ومَن رأى خطاياه؟ أسمعتموه يوماً يتحدّث عن فواحش؟ أرأيتموه يوماً يخطئ؟ فإذن؟ وهل يمكنكم التفكير بأنّ الله كان ليجعله يقوم بأعمال هكذا عظيمة لو كان خاطئاً؟ حمقى، أقول لكم، حمقى، متخلّفون، جَهَلة كما الرعاع الذين يَرَون لأوّل مرّة مشعوذاً في سوق ويصدّقون أنّ ما يقدّمه حقيقيّ. هذا ما أنتم عليه. أُنظروا إذا ما كان مَن هم حكماء وفكرهم منفتح ينخدعون بكلام تلاميذ كَذَبَة، الّذين هم الأعداء الحقيقيّون للبريء، ليسوعنا الّذي أنتم لستم جديرين بأن يكون لكم ابناً! أُنظروا إذا ما يُوَنّا امرأة خُوزي، أعني زوجة وكيل هيرودس، الأميرة يُوَنّا، تبتعد عن مريم! أنظروا إذا ما… هل أفعل حسناً بقول ذلك؟ ولكن نعم! أفعل حسناً، لأنّني لا أتكلّم لمجرّد الكلام، بل لأقنعكم كلّكم. هل رأيتم عند القمر الأخير تلك العربة الجميلة جدّاً الّتي أتت إلى البلدة ومضت للتوقّف أمام منزل مريم؟ أتذكرون؟ تلك الّتي كان لها ذاك الغطاء الجميل كأنّها منزل؟ أتعلمون مَن الّذي كان فيها، والّذي نزل منها كي يسجد أمام مريم؟ لعازر بن ثيوفيلوس، لعازر بيت عنيا، أتدركون؟ ابن والي سوريا الأوّل، النبيل ثيوفيلوس، زوج أوكيريا مِن سبط يهوذا ومِن سلالة داود! الصديق العظيم ليسوع. الرجل الأغنى والأكثر عِلماً في إسرائيل، سواء بالنسبة لتاريخنا كما بالنسبة لتاريخ العالم بأسره. صديق الرومان. الـمُحسِن إلى كلّ الفقراء. والّذي أخيراً، قام مِن الموت بعد أن بقي أربعة أيّام في القبر، هل هو ربّما تخلّى عن يسوع مصدّقاً السنهدرين؟ أتقولون لأنّه أقامه مِن الموت؟ لا. بل لأنّه يعلم مَن هو المسيح الّذي هو يسوع. وهل تعلمون ماذا جاء يقول لمريم؟ بأن تكون مستعدّة، لأنّه سيرافقها هو إلى اليهوديّة. أتفهمون؟ هو، لعازر، كما لو أنّه كان خادماً لمريم! أنا أعلم ذلك، لأنّني كنتُ هناك عندما دخل وحيّاها ساجداً على الأرض فوق بلاط الغرفة المتواضع، هو، اللابس مثل سليمان، المعتاد على السجّاد، هناك، على الأرض، ليُقبّل طرف ثوب امرأتنا ويحيّيها: "أحيّيكِ، يا مريم، أُمّ ربّي. أنا، خادمكِ، آخر خدّام ابنكِ، أتيتُ أحدّثكِ عنه وأضع نفسي تحت تصرّفكِ". أتفهمون؟ أنا… قد كنتُ متأثّراً إلى درجة… أنّه حين حيّاني أنا أيضاً داعياً إيّاي "أخي بالربّ"، ما عدتُ قادراً على التفوّه بكلمة. لكنّ لعازر قد أدرك، لأنّه ذكيّ. وقد نام في سرير يوسف، مُرسِلاً خدّامه قبله لينتظروه في سيفوريس، لأنّه كان ذاهباً إلى أراضيه في أنطاكية. وقال للنسوة بأن يكنّ على استعداد، حيث أنّه سيمرّ عند نهاية هذا القمر ليصطحبهنّ كي يجنّبهنّ مشقّة السفر. ويُوَنّا ستنضمّ للقافلة بعربتها كي تصطحب التلميذات مِن كفرناحوم وبيت صيدا. وكلّ هذا ألا يعني لكم شيئاً؟»
أخيراً، الطيّب حلفى بن سارة يأخذ نَفَساً في المجموعة الموجودة وسط الساحة. ثمّ أَشِير وإسماعيل، وكذلك ابنا عمّ يسوع، سمعان ويوسف -سمعان بمجاهرة أكثر، يوسف بأكثر تحفّظاً- يساعدانه، مُصادِقِين على ما قاله.
يوسف يقول «يسوع ليس لقيطاً. وإن احتاج إلى الإعلام عن أمر ما، فلديه هنا أقرباء مستعدّون كي يقوموا بالمهمّة. ولديه تلاميذ أوفياء وذوو نفوذ، مثل لعازر. إنّ لعازر لم يتفوّه بما يقوله الآخرون.»
«ولديه نحن كذلك. قبلاً كنّا حميراً، وحميراً مثل حميرنا. إنّما الآن فنحن تلاميذه، ولقول: "افعلوا هذا أو ذاك"، فنحن أيضاً مؤهّلون.» يقول إسماعيل.
«لكنّ الحُكم المعلّق هناك، على باب المعبد، قد أتى به مبعوث السنهدرين ويحمل ختم الهيكل.» يعترض البعض.
«هذا صحيح. وماذا؟ نحن معروفون في كلّ أنحاء إسرائيل بحسن فهمنا للسنهدرين على حقيقته، ولذلك نحن معتبرون كحقيرين، هل فقط في هذا سنصدّق أنّ الهيكل حكيم؟ أما عدنا إذن نعرف بعد الكَتَبَة والفرّيسيّين ورؤساء الكَهَنَة؟» يردّ حلفى.
«هذا صحيح. حلفى على حقّ. لقد قرّرتُ النزول إلى أورشليم كي أعرف مِن أصدقاء حقيقيّين كيف هي الأمور، وسأفعل ذلك منذ الغد.» يقول يوسف بن حلفى.
«وستبقى هناك؟»
«لا. سأرجع. ثم أعاود النزول في الفصح. لا يمكنني البقاء بعيداً عن المنزل. إنّه تعب أفرضه على نفسي، إنّما هو واجب عليَّ أن أقوم بذلك. إنّني كبير العائلة، وعلى عاتقي تقع مسؤولية وجود يسوع في اليهوديّة. أنا قد أصرّيت على أن يذهب إلى هناك… الإنسان يخطئ في أحكامه. كنتُ أظنُّ أنّ ذلك خيراً بالنسبة له. لكن على العكس… ليغفر الله لي! إنّما أقلّه يجب عليَّ أن أتابع عن كثب تبعات نصيحتي كي أخفّف عن أخي.» يقول يوسف بن حلفى بنطقه المتمهّل والمتعالي.
«فيما مضى لم تكن تتكلّم هكذا. إنّما كذلك أنتَ قد أغوتكَ صداقات النافذين. عيناكَ قد ملأهما الدخان.» يقول أحد الناصريّين.
«إنّ صداقة النافذين لم تغوني أيا إلياقيم، ولكن مادفعني لذلك سلوك أخي. وإن كنتُ أخطأتُ وأستدرك ذلك الآن، فذلك لأبيّن أنّني إنسان مستقيم، لأنّ الخطأ أمر بشريّ، أمّا العناد فحيوانيّ هو.»
«وتقول أنّ لعازر سيأتي حقّاً؟ آه! نريد أن نراه! كيف يكون حال شخص يعود مِن الموت؟ سيكون تائهاً في الأحلام، كأنّه مذعور. ماذا يقول عن مكوثه مع الأموات؟» كُثُر يسألون حلفى بن سارة.
«هو مثلي ومثلكم، إنّه: مغتبط، مفعم بالحيوية، هادئ. لا يتحدّث عن العالم الآخر. كما لو أنّه يجهله. لكنّه يتذكّر نزاعه.»
«لماذا لم تبلغنا بأنّه كان في البلدة؟»
«طبيعيّ! كي تجتاحوا المنزل! أنا أيضاً انسحبتُ. يلزم القليل مِن الذّوق، إيه!؟»
«ألا يمكننا رؤيته حين يعود؟ أَبلِغنا. بالتأكيد ستكون حارس منزل مريم كما دوماً.»
«بالتأكيد! لديَّ امتياز أن أكون قربها. لكنّني لا أُبلّغ أحداً. تصرّفوا مِن تلقاء ذواتكم. العربة يمكن رؤيتها، والناصرة ليست أنطاكية، ولا هي أورشليم بحيث تمرّ كتلة كهذه دون أن تتمّ ملاحظتها. رَاقِبوا و… اخدموا أنفسكم بأنفسكم. إنّما هذا أمر بلا أهمّية. اعملوا بالأحرى كي على الأقلّ لا يكون لمدينته صِيت حماقة لتصديقها كلام أعداء يسوعنا. لا تصدّقوا! لا تصدّقوا! لا مَن يقول عنه إنّه شيطان، ولا مَن يحثّونكم على التمرّد باسمه. سوف تندمون على ذلك يوماً. ومِن ثمّ إذا ما وقع باقي الجليل في الفخّ وصَدَّق ما ليس صحيحاً، فبئس الأمر بالنسبة له. وداعاً. إنّني ذاهب، لأنّ المساء يحلّ...» ويمضي، مسروراً كونه قد دافع عن يسوع.
يبقى الآخرون يتناقشون. إنّما، على الرغم مِن أنقسامهم إلى معسكرين، والأغلبيّة هم للأسف مِن معسكر الساذَجين، فإنّ الاقتراح المقدّم مِن قِبَل أصدقاء يسوع القلّة هو الّذي يغلب في النهاية، بالانتظار، قبل التحرّك وقبول الافتراءات أو الدعوات للتمرّد، إلى أن تقوم به مدن الجليل الأخرى، وهي الّتي «الأكثر دهاءاً مِن الناصرة، في الوقت الحاضر، تسخر مِن الـمُرسَلين الزائفين.» يقول أَشِير التلميذ.