ج1 - ف65
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الأول
65- (تحضير ثياب سنّ الرّشد ليسوع)
25 / 11 / 1944
لقد حصلتُ منـه على وعـد. كنتُ أقول لـه: «كم يسـعدني أن أرى الاحتفال ببلوغكَ سنّ الرّشد!» وهو يقول: «سوف أُريكِ ذلك حين نتمكّن مِن أن نكون "فيما بيننا" دون أن يُشَوَّش السرّ. سوف تُصنِّفين هذه الرؤيا بعد رؤيا أُمّي، معلّمتي المدرسيّة ومعلّمة يوضاس ويعقوب التي أريتُكِ إيّاها سابقاً. سوف ترتّبينها بين هذا المشهد ومشهد المناقشة في الهيكل.»
19 / 12 / 1944
أرى مريم منحنية فوق وعاء أو بالأحرى "جاط" مِن الفخّار. إنّها تَمزج شيئاً يُخَلِّف دخاناً في الهواء البارد والساكن والذي يملأ حديقة الناصرة.
المفروض أنّ الوقت شتاء. إذ ما عدا شجرات الزيتون، فقد كانت جميع الأشجار عارية، هياكل عظميّة حقيقيّة. وفي الأجواء سماء صافية جدّاً، حتّى الشمس حلوة، إنّما هي لا تُلطّف ريح الشتاء التي تهزّ الأغصان العارية وتجعلها تتخبّط فيما بينها، كما تجعل أوراق الزيتون الخضراء الرماديّة تتماوج.
ترتدي السيّدة العذراء ثوباً كستنائيّاً يميل إلى السّواد، وقد عَلَّقَت في الجهة الأماميّة قماشاً سميكاً على شكل مِئزَر يحمي الثياب. تُخرِج مِن الإجّانة (وعاء خشبيّ لغسيل الثياب) العصا التي كانت تُحرِّك بها الـمُحتَوى، وأرى نقطة بلون أحمر جميل تَسقُط. تُلاحِظ مريم ذلك، فتبلّل إصبعها بالنقاط التي تَسقُط وتُجرّب اللون على الـمِئزَر. إنّها تبدو راضية.
أثناء عملها تَدخُل مريم زوجة حلفى، قادمة مِن مَشغَل يوسف، فتتصافحان وتتحادثان.
تسأل زوجة حلفى: «هل نجح؟»
«آمُل ذلك.»
«لقد تأكَّدَ لي أنّ هذا اللون هو نفسه الصباغ المستعمل في روما. لقد أُعطِيَ لي لأنّكِ أنتِ التي تقومين بهذه الأشغال. ويقال إنّ في روما ذاتها لا يوجد مَن يُوشي مثلكِ. يُفتَرَض أنّك تُمَقمِقين عينيكِ وأنتِ تقومين بذلك العمل...»
تبتسم مريم وتقوم بحركة برأسها وكأنّها تقول: «هذا لا شيء على الإطلاق!»
تَنظُر زوجة حلفى قبل أن تُقَدِّم إلى مريم شلل الصوف الأخيرة. يا لغزلكِ لها! تبدو وكأنّها شَعر لشدّة دقّتها وانتظامها. إنّكِ تعملين كلّ شيء بدرجة الكمال... وبسرعة فائقة! هل ستكون هذه الأخيرة أفتَح؟»
«نعم، فهي للثوب. أمّا المعطف فداكن أكثر.»
تعمل المرأتان في الوعاء، ثمّ تُخرِجان الشلل التي أصبَحَت بلون الأرجوان الجميل، وتُسرِعان لتغطيسها في حوض ماء بارد جدّاً تحت نبع صغير يسيل ماؤه مُحدِثاً صوت ضحكات بسيط، تغسلان، تغسلان ثمّ تُمدّدان الشلل على قصبات عُلِّقَت بين غصني شجرة.
تقول زوجة حلفى: «سوف تجفّ جيّداً وبسرعة في هذا الهواء.»
فتقول القدّيسة مريم: «هلمّي بنا نمضي إلى يوسف، فالنار مشتعلة هناك، وأنتِ قد تكونين بَردتِ. لقد كنتِ طيّبة جدّاً بمساعدتكِ إيّايَ. لقد أنهيتِ العمل بسرعة وبأقلّ تعب؟ أشكركِ.»
«آه! مريم، لم أفعل شيئاً! كَوني إلى جانبكِ، فهذا عيد. ثمّ... كلّ هذا الشغل مِن أجل يسوع. وهو عزيز عليَّ جدّاً، ابنكِ!... يبدو لي أنّني أنا أيضاً أُمّه، إذا ما ساعدتكِ مِن أجل احتفاله ببلوغ سنّ الرّشد.»
تَدخُل الـمَرأتان إلى الـمَشغَل العابق برائحة الخشب المسحوج الخاصة بمشاغل النجّارين.
تتوقّف الرؤيا قليلاً.
... تعود أثناء انطلاق يسوع ابن الاثنتي عشرة سنة إلى أورشليم.
يبدو جميلاً جدّاً وقد نما جيّداً، حتّى لتحسبه الأخ الأصغر لأُمّه الشابّة. لقد وَصَلَ إلى كتفها، وشعره الأشقر المجعّد لم يعد قصيراً كما في سِنيّ حياته الأولى، ولكنّه يتدلّى إلى ما تحت أذنيه، فتحسبه خوذة مِن الذهب منقوشة بكاملها بتقصيباته الـمُشرِقة.
كان يرتدي الأحمر. لون الياقوت الأحمر الزاهي الجميل. ثوباً طويلاً يَصِل إلى الكاحلين، ولا يَكشف سوى عن قدمين تنتعلان صندلاً. الثوب يجعل الحركة حرّة بأكمامه الطويلة والعريضة. وعند العنق وأطراف الأكمام والأرداف كانت هناك تزيينات منسوجة، لوناً على لون، جميلة جدّاً...