ج1 - ف4

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الأول

 

4- (يواكيم كان قد تزوّج حكمة الله المحتواة في قلب المرأة البارّة)

 

23 / 08 / 1944

 

يقول لي يسوع:

 

«الأبرار هم دائماً حكماء: إنّهم أصدقاء الله، يحيون بصحبته، وهو يُعلّمهم، هو، الحكمة اللامتناهية. أجدادي كانوا أبراراً، إذاً كانوا يملكون الحكمة. في الحقيقة كانوا يستطيعون التعبير عمّا يقوله الكِتاب عندما يتغنّى بمجد الحكمة في السفر الذي يحمل اسمها: "أحببتُها وبحثتُ عنها منذ نعومة أظفاري، وعزمتُ على اتّخاذها عروسة لي."

 

كانت حنّة ابنة هارون هي المرأة الشُّجاعة التي تكلّم عنها أجدادنا. ويواكيم المتحدّر مِن سلالة الملك داود لم يكن ليبحث عن الغنى والرفاه بقدر بحثه عن الفضيلة. وحنّة كانت تتحلّى بمزيّة عظمى، فيها تجتمع كلّ المزايا في باقة عَطِرة لتشكّل حقيقة وحيدة، أجمل الحقائق: الفضيلة. فضيلة حقيقيّة جديـرة بأن تَظهَر أمام عرش الله. إذاً فيواكيم قد تزوّج الحكمة مرّتين، "بحُبّها أكثر مِن أيّة امرأة أخرى": حكمة الله المحتواة في قلب المرأة البارّة. حنّة بنت هارون لم تطلب سوى أن تقرن حياتها بحياة رجل مستقيم، موقِنة ومتأكِّدة بأنّ الاستقامة هي مسرّة العائلة. ولكي تكون رمز المرأة الشُّجاعة، لم يكن ينقصها سوى تاج الأطفال، مجد العروس، مقوِّم الزواج الذي تكلّم عنه سـليمان. ولاكتمال سـعادتها لم يكن ينقصها سوى البنين، زهـرات الشـجرة المتّحدة بالشجرة القريبة حيث تنتج وفرة ثمّار جديدة فتنصهر فيها شيمتان في واحدة، ذلك أن الزوج لم يراوده الشعور بخيبة الأمل ولو لمرّة واحدة.

 

حنّة التي تقدَّمَت في السنّ، زوجة يواكيم منذ أمد بعيد، كانت باستمرار وعلى الدوام "زوجة شبابه وفرحه، النعجة المحبوبة والغزالة الطيّبة"، التي ظلّ تودّدها محافظاً على نداوته كما في ليلة العرس، ومضفياً المتعة على حنانها مع المحافظة عليه نضراً كوردة بلّلها الندى ومتأجّجة مثل نار تتغذّى باستمرار. كذلك كانا في محنتهما بعدم الإنجاب يتبادلان "كلّمات المواساة في همومهما وحزنهما". وعليهما قامت الحكمة الأزليّة: عندما حانت الساعة بعد أن تمّت تهيئتهما مدى حياتهما، أنارهما في أحلام الليل جرس القصيدة الممجَّدة التي ستولد منهما، والتي هي مريم الكلّية القداسة، أُمّي.

 

إذا كانا في تواضعهما لم يقفا عند هذا الحلم، فقد كان قلباهما رغم ذلك يخفقان بالأمل عند سماعهما أوّل صوت نطق بوعد الله. ها هو التأكيد في كلمات يواكيم: "الرجاء، الرجاء، سنغلب الله بوفاء حبّنا".

 

كانا يحلمان بوَلَد، فنالا أُمّ الله. يبدو أنّ كلمات سفر الحكمة قد كتبَت عنهما: "سأبلغ بها المجد أمام الشعب... بها سأحصل على الخلود وسأترك ذِكراً لي أبديّاً للّذين سيأتون بعدي". ولكن للحصول على كلّ هذا كان لا بد لهما مِن بلوغ رفعة فضيلة حقيقيّة، غير قابلة للتبدّل، حيث لا تطالها أيّة نائبة. فضيلة الإيمان، فضيلة المحبّة، فضيلة الرجاء، وفضيلة العفاف.

 

عفّة الزوجين! كانا يملكانها، إذ مِن غير الضروري البقاء في حالة العزوبيّة لبلوغ العفّة. فالأزواج العفيفون تحرسهم الملائكة، ومنهم يأتي النسل الصالح، الأبناء الذين يتّخذون مِن فضيلة ذويهم قاعدة حياتهم.

 

ولكن أين هم الآن؟ في هذا الوقت، لم تعد تَرى مَن يريد أطفالاً، والأنكى مِن ذلك لم يعودوا يتقبّلون العفّة؛ إذاً أستطيع القول بأنّ الحبّ قد انتُهك ودُنِّس.