ج4 - ف98
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الرابع / القسم الأول
98- ("مَن يُـحِبّ كثيراً يُغفَر له كثيراً")
21 / 01 / 1944
يقول لي يسوع الآن (بعد الرؤيا السابقة):
«الذي أَخفَضَ رأس الفرّيسيّ ورفاقه، ولَم يَنقله الإنجيل، كانت كَلِماتي التي أَرسَلَها روحي مِن خِلال نَظرَتي، وغَرَسَها في تلك النَّفْس الجافَّة والعَطشَى. لقد أَجَبتُ بقوّة أكبر كثيراً ممّا كنتُ سأفعله بالكلام، ذلك أنّ شيئاً مِن أفكار الرجال لَم يَكُن لِيَخفى عليَّ. ولقد أدرَكَ هو لُغَتي البَكماء التي كانت أثقَل في اتّهامها مِن كلماتي.
قُلتُ له: "لا تُلمِّح تلميحات خبيثة لِتُبرِّر ذاتكَ في عينيّ نفسكَ. فأنا ليس لديَّ مَيْلكَ الفاسِد. وتلك المرأة لَم تأتِ إليَّ مَدفوعة بالحسّ. وأنا لستُ مثلكَ ولا أُشبِه أمثالكَ. لقد أتت إليَّ لأنّ نَظرَتي وكَلِمَتي، التي سَمِعَتها بمحض الصُّدفة، قد أنارا نَفْسها التي خَيَّمَت فيها الظُّلمات بسبب الفِسق. ولقد أتت لأنّها أرادَت الانتصار على الحِسّ، وقد أدرَكَت المسكينة أنّها لم تكن لِتَتوصَّل بمفردها على الإطلاق. ولقد أَحَبَّت فيَّ الروح، ولا شيء سوى الروح الذي لَمَسَت فيه صلاحاً فائق الطبيعة. لقد أتت إليَّ بعد إساءات كثيرة تَلَقَّتها منكم جميعاً، أنتم يا مَن كنتم تَستَغلُّون ضُعفَها لصالح رَذائِلكم، وتَدفَعون لها الثمن، بعد ذلك، ضَرَبات سوط الاحتقار؛ أتت إليَّ لأنّها تنبَّهَت إلى أنّها وَجَدَت الخير والفرح والسلام التي بَحَثَت عنها عَبَثاً وسط الأبّهة والفَخفَخة في العالم. فيا أيّها الفرّيسيّ الـمُرائي، تَخلَّص مِن جُذام النَّفْس، وتَعلَّم أن تملك رؤية مستقيمة للأمور. دع كبرياء روحكَ وفِسق جسدكَ جانباً. إنّهما جُذام مَقيت أكثر مِن جُذام الجسد. فلمسة منّي تُبرئِكم مِن هذا الأخير، لأنّكم تُرسِلون في طَلَبي مِن أجله، أمّا جُذام الروح فلا، لأنّكم لا تريدون أن تُشفوا منه، لأنّه يروق لكم. أمّا هي فكانت تريد الشفاء منه. وها أنا ذا أُطهِّرها وأُحرِّرها مِن سلاسل عبوديّتها. لقد ماتت الخاطئة. وهي هنا بزينتها التي خَجِلَت مِن تقديمها إليَّ لِأُباركها بتكريسها لاحتياجاتي واحتياجات تلاميذي، للمساكين الذين أُعينهم بِما يَفيض عن الغير، لأنّني أنا، معلّم الكَون، لا أَملك شيئاً، الآن وأنا مُخلِّص الإنسان. إنّها هنا، بذاك الطِّيب الذي أُريقَ على قدميَّ، مُتواضِعاً كما شَعرها، على هذا الجزء مِن الجسم الذي أَهمَلتَ أنتَ إنعاشه ببعض مِن ماء بِئركَ، بعد الدروب الكثيرة التي قَطَعتُها لِأحمِل النُّور لكَ أيضاً. الخاطئة ماتت. ومريم عادت إلى الحياة، وقد عادت جميلة مِثل طفلة نقيّة، بألمها الـمُبرِّح، وبإخلاصها لِحُبّها. لقد اغتَسَلَت بدموعها. الحقّ أقول لكَ أيّها الفرّيسيّ، إنّني لا أُفرِّق بين مَن يحبّني بِفُتوّته النقيّة، ومَن يحبّني بالتَّوبة الخالصة لِقَلب يُولَد مِن جديد للنِّعمة، وإنّني أَعهَد للنقيّ والتَّائِبة بمهمّة إدراك فِكري، كما لا أعهد به لأيّ آخَر، وبإضفاء آخِر التكريمات على جسدي، وأوَّل تمجيد (تمجيد أُمّي الخاصّ ليس في الحسبان) عندما أقوم مِن الأموات". هذا ما كنتُ أودُّ قوله للفرّيسيّ بِنَظرَتي.
أمّا أنتِ، فإنّني أُبيّن لكِ شيئاً آخر، لِفَرَحكِ وفَرَح الكثيرين. في بيت عنيا كذلك، كَرَّرَت مريم فِعلَتَها التي طَبَعَت فَجر فِدائها. فهناك حركات شخصيّة تتكرّر وتُعبِّر عَن سِمَة الإنسان. حركات فريدة. إنّما في بيت عنيا، فقد كانت الحركة أقلّ تُواضُعاً وأكثر بساطة في تدلّهها التبجيليّ.
لقد قَطَعَت مريم مسافات كثيرة منذ فَجر افتدائها. كثيرة. لقد دَفَعَها الحبّ، مثل ريح سريعة، إلى الأعالي وإلى الأمام. لقد أَحرَقَها الحبّ مثل مِحرَقة، مُحطّماً فيها الجسد الفاسد، وجاعلاً فيها الروح الـمُطهَّر كمعلّم أسمى. ومريم، المختلفة في وقارها، كامرأة مُهتَدِية، كما هي الآن مختلفة بثوبها الذي أضحى بسيطاً مثل ثوب أُمّي، وفي تَسريحَتها، وفي نَظرَتها، وفي مَظهَرها وفي كلامها، هي كُلّيّة الجِدّة، ولديها أسلوب جديد في تكريمي بالحركة ذاتها. ولقد أَخَذَت آخِر قارورة عِطر لديها، وهي قد احتَفَظَت بها مِن أجلي، وأراقَتها على قدميَّ ورأسي دونما بكاء، وبنظرة أَضفى عليها الحبّ واليقين مِن المغفرة والخلاص السعادة. يمكنها أن تَدهَنَني الآن وتلمس رأسي، فالتوبة والحبّ قد طَهَّرا مريم بنار السيرافيم، هي الآن سيرافيم.
قُولي ذلك لنفسكِ، يا ماريّا، يا صوتي الصغير، قولي ذلك للنُّفوس. اذهبي، قولي ذلك للنُّفوس التي لا تجرؤ على المجيء إليَّ لأنّها تَشعُر بذاتها إنّها خاطِئة. فَمَن يحبّ كثيراً، مَن يحبّني كثيراً يُغفر له كثيراً كثيراً كثيراً. فأنتِ، أيّتها النفوس المسكينة، لا تَعلَمين كَم يحبّكِ الـمُخلِّص! لا تخشوا شيئاً منّي. تعالوا. بثقة. بشجاعة. وأنا أفتح لكم قلبي وذراعيّ.
تَذكّروا هذا على الدوام: "أنا لا أفرّق بين مَن يحبّني بطهارة لا عيب فيها ومَن يحبّني بتوبة صادقة لقلب يُولَد مِن جديد للنِّعمة." أنا الـمُخلِّص. تَذكَّروا هذا على الدوام.
اذهبي بسلام. أبارككِ.»