ج3 - ف37
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثالث / القسم الأول
37- (شِفاء خادم قائد المائة)
02 / 06 / 1945
قادِماً مِن الريف، يَدخُل يسوع كفرناحوم. ومعه الإثنا عشر، أو بالحريّ الأحد عشر رسولاً، فيوحنّا ليس معهم. تحيّات معتادة مِن الناس بأساليب وعبارات مختلفة، مِن الطفوليّة الأكثر بساطة، إلى تلك النسائيّة الخجولة قليلاً، إلى تلك المنتشية التي يُلقيها الذين حَصَلَت معهم معجزات، وحتّى التحيّات الفضوليّة أو الساخرة. فهناك منها مِن كلّ طعم ولون.
ويَردّ يسوع على الجميع بحسب الطريقة التي تمّت بها التحيّة: فملاطفات للأطفال، وبَرَكات للنساء، وابتسامات لِمَن حَصَلوا على المعجزات، واحترام عميق للآخرين. إنّما هذه المرّة، فإضافة إلى التحيّات الاعتياديّة، هناك تحيّة قائد مائة المنطقة، أظنُّ. يُحيّيه بقوله: «سلاماً أيّها المعلّم!» ويجيبه يسوع: «فليُقْبِل الله إليكَ.»
وبينما تدنو الجموع بفضول، لترى كيف سيتمّ اللقاء، يستمرّ الرومانيّ: «أنتظركَ منذ بضعة أيّام. أنتَ لم تعرفني وسط الذين كانوا يُصغون إليكَ على الجبل. كنتُ أرتدي الزيّ المدنيّ. لَم تسألني لماذا أتيتُ؟»
«أنا لا أسالكَ. ماذا تريد منّي؟»
«لدينا أوامر بمراقبة الذين يَفتَعِلون التجمعات، فلقد نَدِمَت روما مرّات كثيرة لسماحها باجتماعات في ظاهرها نزيهة. إنّما لدى رؤيتكَ والإصغاء إليكَ فكَّرتُ فيكَ كما في... كما في... لديَّ عبد مريض، يا سيّدي، مُلقى في بيتي على فراشه، مُقعَداً نتيجة مَرض عظميّ، ويعاني أشدّ الآلام. لَم يتمكّن أطبّاؤنا مِن شفائه. دَعَوتُ أطبّاءكم ليأتوا، إذ هي أمراض تأتي مِن الهواء الفاسد في هذه المناطق، وهُم يُجيدون معالجتها بأعشاب يجمعونها مِن على أرض الشاطئ، حيث تَركُد المياه، قبل أن تمتصّها رمال البحر. وقد رَفَضوا المجيء. وأنا أتألّم كثيراً لأنّه عَبد أمين.»
«أنا ذاهب لأشفيه مِن أجلكَ.»
«لا يا سيّدي، لستُ أطلب منكَ بهذا القَدْر. أنا وثنيّ، قَذارة بالنسبة إليكَ. فإذا كان الأطبّاء اليهود يَخشون الرِّجس إذا ما داست أرجلهم بيتي، فَبِحجّة أَولى أن يكون ذلك رِجس بالنسبة إليكَ أنتَ الإلهيّ. وأنا لستُ أهلاً لأن تدخل تحت سقفي. ولكن حسبكَ أن تقول كَلِمَة فيبرأ عَبدي. إذ إنّكَ تأمر كلّ الوجود. فأنا مرؤوس لسلطات كثيرة وعلى رأسها قيصر، والتي مِن أجلها ينبغي لي أن أعمل وأُفكّر وأتصرّف كما تأتيني الأوامر، وأستطيع بدوري أن آمر الجُّند الذين تحت إمرتي، فأقول لهذا "اذهب" فيذهب، ولآخر "تعال" فيأتي، وللخادم "افعل هذا"، فيذهب الواحد حيث أُرسِله ويأتي الآخر لأنّني أناديه، ويفعل الثالث ما أطلُبه منه. وأنتَ، يا مَن هو أنتَ، فسيطيعكَ المرض في الحال ويمضي.»
فيعترض يسوع: «الـمَرَض ليس إنساناً.»
«ولا أنتَ كذلك إنسان، بل أنتَ الإنسان. فتستطيع إذن حتّى أن تأمر العناصر والحُمَّيات، لأنّ كلّ شيء خاضع لسلطانكَ.»
يَأخُذ بعض أعيان كفرناحوم يسوع جانباً ويقولون له: «إنّه رومانيّ، ولكنّه رجل خَير يحتَرِمنا ويَخدِمنا. فَكِّر أنّه هو مَن جعل الكنيس يُبنى، وهو يَجعل جنده يحترموننا، فلا يَهزَؤون بنا في السبت. فامنحه هذه النعمة حبّاً بمدينتكَ، لكيلا يبقى خائباً وغاضباً، ولكي لا يتحوّل حبّه لنا إلى كره.»
وبعد أن استَمَعَ يسوع إلى هؤلاء وذاك، يلتَفِت إلى قائد المائة مبتسماً: «اذهب وسآتي.»
ولكن قائد المائة يُكرّر القول: «لا يا سيّدي. لقد قُلتُها لكَ: سيكون شرفاً عظيماً لي أن تدخل تحت سقف بيتي، ولكنّني لا أستحقّ هذا كلّه. أمّا أنتَ فَقُل كلمة واحدة فقط، وسيَبرأ عبدي.»
«وليكن كذلك. امض بإيمان. وفي هذه اللحظة تُفارِقه الحمّى، وتعود الحياة إلى أعضائه. تَصَرَّف بشكل تعود فيه الحياة كذلك إلى نفسكَ. اذهب.»
يحيّي قائد المائة عسكريّاً وينحني، ثمّ يمضي.
يَنظُر إليه يسوع يمضي، ثمّ يلتَفِت إلى الحاضِرِين ويقول: «الحقّ أقول لكم، لَم أَجِد مثل هذا الإيمان في أحد مِن إسرائيل. آه! مع ذلك فهذا صحيح! "الشعب السَّائِر في الظلمة يُبصِر نوراً عظيماً. ولقد أشرَقَ النُّور على الذين كانوا يسكنون منطقة الموت المظلمة". وأيضاً: "المسيح، بعد رَفع رايته على الأمم يَجمَعها". آه! ملكوتي! في الحقيقة يَتَدَفّقون صوبكَ بأعداد لا نهاية لها! أكثر عدداً مِن كُلّ جِمال ونَوق مديَن وحيفا، وحَمَلَة الذهب والبخور مِن صبأ أكثر عدداً مِن كلّ قطعان سيدار، وإنّ كِباش نَبَيوت هُم الذين سيأتون إليكَ، ويَنشَرِح صدري مِن الفرح لرؤيتي شعوب البحر وسلطان الأمم يأتون إليَّ. تنتظرني الجُزُر لتعبدني وأبناء الغرباء يبنون جدران كنيستي التي سوف تبقى أبوابها مشرعة لاستقبال ملوك وسلاطين الأمم لتقديسهم فيَّ". وها إنَّ ما رآه إشَعياء يتحقّق! أقول لكم: سوف يأتي أناس كثيرون مِن المشرق والمغرب، ويُجالِسون إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأمّا بنو الملكوت فَيُلقُون في الظلمة البرّانيّة حيث يكون البكاء وصريف الأسنان.»
«تتنبّأ إذاً بأن الوثنيّين سيكونون مساوين لأبناء إبراهيم؟»
«لا. لن يكونوا مساوين: بل أعظم منهم. لا تأسفوا على ذلك، لأنّه مِن خَطَئكم. لستُ أنا، بل الأنبياء الذين يقولون، وها إنّ الدلائل تؤكِّد. والآن فليمض بعضكم إلى بيت قائد المائة للتحقق مِن أنّ عبده قد شُفِيَ، كما كان قد استحقّه إيمان الرومانيّ. هَلِمّوا. قد يكون في البيت مرضى ينتظرون قدومي.»
يتوجّه يسوع مع الرُّسُل وبعض الآخرين إلى البيت الذي يحلّ فيه يسوع عادة، حينما يكون في كفرناحوم. أمّا العدد الأكبر فيتزاحمون بفضول وضوضاء صوب بيت قائد المائة.