ج10 - ف6

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء العاشر

 

6- (الظهور للعازر)

 

03 / 04 / 1945

 

إنّ شمس صبيحةٍ صافيةٍ مِن نيسان [أبريل] تملاً بتلألؤ برّاق خميلة الورود والياسمين في حديقة لعازر. وأسيجة البَقس والغار، سعف نخلة طويلة تتموّج بلطف عند طرف أحد الممرّات، شجرة الغار الكثيفة جدّاً قرب حوض السمك، تبدو وكأنّما غسلتها يد خفيّة، مِن فرط ما غَسَلَت وكَسَت غزارة الندى الليليّ أوراقها، الّتي تبدو الآن مكسوّة بطبقة مِن طلاء خزفيّ جديد مِن فرط ما هي لامعة وجليّة. لكنّ المنـزل صامت كأنّه مليء أمواتاً. النوافذ مفتوحة، إنّما ما مِن صوت، ما مِن ضجّة تصدر مِن الغرف المظلَّلة جيّداً حيث جميع الستائر منسدلة.

 

في الداخل، فيما وراء الردهة، حيث الكثير مِن الأبواب المفتوحة -إنّه أمر مستغرب أن تُرى مِن دون أيّة أبّهة القاعات الّتي تُستخدَم عادة للولائم- ثمّة فناء واسع مرصوف ومحاط برواق تنتشر فيه المقاعد، الّتي عليها، وحتّى على الأرض، على حُصُر، أو أيضاً على رخام الأرض نفسه، يجلس تلاميذ كُثُر. وبينهم أرى الرُّسُل: متّى، أندراوس، برتلماوس، الأخوين يعقوب ويوضاس ابنيّ حلفى، يعقوب بن زَبْدي والتلاميذ الرُّعاة مع مَنَاين، إضافة إلى آخرين لا أعرفهم. لا أرى الغيور، ولا لِعازر، ولا مكسيمين.

 

في النهاية يدخل مكسيمين مع خُدّام، ويوزّع على الجميع خبزاً وأطعمة مختلفة: زيتوناً أو جبناً، أو عسلاً، أو أيضاً حليباً طازجاً للّذين يريدونه. إنّما لا رغبة لديهم للأكل، رغم إلحاح مكسيمين. الإرهاق عميق. الوجوه تجوّفت خلال بضعة أيّام، وأصبحت ترابيّة اللون بفعل احمرار الدموع. الرُّسُل على وجه التحديد، وأولئك الّذين هربوا منذ الساعات الأولى، يبدو عليهم الاتّضاع، بينما الرُّعاة ومَنَاين أقلّ إرهاقاً، أو بالأحرى أقلّ خجلاً، وفقط مكسيمين حزين على نحو رجوليّ.

 

يدخل الغيور شبه راكض ويَسأَل: «هل لعازر هنا؟»

 

«لا، إنّه في غرفته. ماذا تريد؟»

 

«عند آخر الدرب، قرب نبع الشمس، هناك فيلبّس. وقد أتى مِن سهل أريحا. إنّه منهك. ولا يريد المجيء، لأنّه... مثل الجميع، يشعر بأنّه خاطئ. لكنّ لعازر سوف يقنعه.»

 

ينهض برتلماوس ويقول: «سآتي أنا أيضاً...»

 

يقصدون لعازر الّذي، حالما ينادونه، يخرج بوجهٍ متألّم مِن الغرفة شبه المعتمة، حيث بالتأكيد بكى وصلّى.

 

يَخرجون كلّهم ويعبرون أوّلاً الحديقة، ثمّ يجتازون البلدة مِن الناحية الّتي تتّجه نحو منحدرات جبل الزيتون، ومِن ثمّ يبلغون أطراف البلدة مِن الجهة الّتي تنتهي فيها مع آخر الهضبة الّتي بُنيت فوقها، ليتابعوا حصراً عبر الدرب الجبليّ الّذي يهبط ويصعد بتدرجّات طبيعيّة عبر الجبال، الّتي تنحدر انحداراً خفيفاً نحو السهل في الشرق، وتصعد نحو مدينة أورشليم في الغرب.

 

هناك ينبوع مع حوضٍ واسعٍ، حيث ترتوي بالتأكيد القطعان والبشر. المكان في تلك الساعة مقفر ومُنعِش، لأنّ هناك الكثير مِن الظلّ الّذي تنشره الأشجار الكثيفة المنتشرة حول الحوض ‏المملوء ماءً نقيّاً، والّذي لا يكفّ عن التجدّد، إذ ينـزل مِن نبع ما مِن الجبل، ويفيض مُبقياً الأرض رطبةً.

 

فيلبّس جالس عند أعلى حافّة مِن الينبوع، مطأطئ الرأس، مُشعّث الشعر، مُغبرّاً، ونعلاه المثقوبان يتدلّيان مِن قدميه المسحوجتين.

 

لعازر يناديه، بإشفاق: «فيلبّس، تعال إليّ! لنحبّ بعضنا حبّاً به. لنكن متّحدين باسمه. ففعلنا ذلك هو حبّ له أيضاً!»

 

«آه! لعازر! لعازر! لقد هربتُ... وأمس، بمروري بأريحا، علمتُ بأنّه كان قد مات!... أنا... أنا لا أستطيع أن أغفر لنفسي هروبي…»

 

«كلّنا هربنا، باستثناء يوحنّا الّذي بقي وفيّاً له، وسمعان الّذي جمعنا بناءً على أمره بعدما هربنا جُبناً... ومِن ثمّ... ما مِن أحد كان وفيّاً منّا نحن الرُّسُل.» يقول برتلماوس.

 

«وهل تستطيع أنتَ أن تغفر ذلك لنفسكَ؟»

 

«لا. لكنّني أفكّر بالتعويض بقدر ما أستطيع بعدم السقوط في إحباط عقيم. علينا أن نتّحد، أن ننضمّ إلى يوحنّا. أن نعرف عن ساعاته الأخيرة. يوحنّا تبعه دائماً.» يُجيب برتلماوس رفيقه فيلبّس.

 

«وعدم ترك عقيدته تموت. ينبغي تبشير العالم بها. الحفاظ عليها حيّة، هي على الأقلّ، طالما أنّنا لم نُحسِن التدبير في الوقت المناسب لإنقاذه مِن أعدائه.» يقول الغيور.

 

«لم يكن بإمكانكم إنقاذه. لم يكن بإمكان شيء إنقاذه. هو قال لي ذلك. أعيد قول ذلك مرّة أخرى.» يقول لعازر بثقة.

 

«أكنتَ تعرف ذلك يا لعازر؟» يسأل فيلبّس.

 

«كنتُ أعرف ذلك. وكان عذابي يكمن في معرفتي منه، منذ مساء السبت، عن مصيره، وبالتفاصيل، وكيف ستكون ردّة فعلنا...»

 

«لا. أنتَ لا. أنتَ أطعتَ فقط وتألّمتَ. نحن تصرّفنا بجبن. أنتَ وسمعان ضحيّتان للطاعة.» يُقاطِع برتلماوس.

 

«نعم. للطاعة. آه! كم هو صعب أن تقاوم المحبّة في سبيل طاعة المحبوب! تعال يا فيلبّس. التلاميذ كلّهم تقريباً في منـزلي. تعال أنتَ أيضاً.»

 

«أنا خَجِل مِن الظهور أمام العالم، أمام رفاقي...»

 

«كلّنا كذلك!» ينوح برتلماوس.

 

«نعم. إنّما قلبي لا يغفر لنفسه.»

 

«هذا كبرياء يا فيلبّس. تعال. هو قال لي مساء السبت: "هم لن يسامحوا أنفسهم. قُل لهم إنّني أغفر لهم، لأنّني أعلم أنّهم ليسوا هم مَن تصرّفوا بحريّة. إنّما الشيطان هو الّذي أضلّهم." تعال.»

 

فيلبّس يبكي بأكثر حدّة، لكنّه يرضخ. ومنحنٍ كما لو أنّه قد شاخ في غضون بضعة أيّام، يمضي إلى جانب لعازر حتّى الفناء حيث ينتظره الجميع. والنظرة الّتي يُلقيها على رفاقه، وتلك الّتي يُلقيها رفاقه عليه، هما الاعتراف الأوضح على إرهاقهم الكامل.

 

لعازر يلاحظ ذلك ويتكلّم: «نعجة جديدة مِن قطيع المسيح، أخافها قدوم الذئاب وهربَت بعد القبض على الراعي، واحتضنه صديقه [صديق الراعي]. إلى هذا التائه الّذي اختبر مرارة الوحدة، حتّى مِن دون أن يملك تعزية البكاء على الخطأ ذاته بين الإخوة، أكرّر وصيّة محبّته.

 

هو، أُقسِم على ذلك بحضور الأجواق السماويّة، قال لي، إضافة لأشياء أخرى كثيرة لا يستطيع ضعفكم البشريّ الراهن احتمالها، لأنّها، بحقّ، مؤلمة لدرجة أنّها مزّقت قلبي منذ عشرة أيّام -ولو لم أكن أعلم أنّ لحياتي بعض الفائدة لربّي، على الرغم مِن أنّها بائسة وقاصرة كما هو واقعها، لكنتُ استسلمت لجرح هذا الألم كصديق وتلميذ فَقَدَ كلّ شيء بفقدانه ليسوع- هو قال لي: "إنّ وَخَم أورشليم الفاسدة سوف تحيل حتّى تلاميذي إلى مجانين. سوف يهربون ويأتون إليكَ." وفي الواقع تَرون أنّكم أتيتم كلّكم، أستطيع أن أقول كلّكم، فباستثناء سمعان بطرس والإسخريوطي، فكلّكم قد أتيتم إلى منـزلي وإلى قلبي الصديق. قد قال: ستجمعهم. وتمنح القوّة لنِعاجي المشتّتة ثانيةً. ستقول لهم إنّني أغفر لهم. أُودِعكَ غفراني لهم. إنّهم لن يغفروا لأنفسهم هربهم. قل لهم ألاّ يقعوا في الخطيئة الأعظم، وهي اليأس مِن غُفراني.

 

هذا ما قاله. وأنا، منحتُكم المغفرة باسمه. كنتُ أذوب خجلاً بينما كنتُ أمنحكم باسمه هذا الشيء المقدّس جدّاً، الخاصّ به جدّاً، الّذي هو المغفرة، أي المحبّة الكاملة، فَمَن يَغفر للمُذنِب يحبّ بشكل كامل. هذه الخدمة عزّت طاعتي القاسية... لأنّني كنتُ أرغب في أن أكون هناك، مثل مريم ومرثا، أُختيّ اللطيفتين. وإذا كان هو قد صلبه البشر على الجلجلة، فأنا هنا، أُقسِم لكم بذلك، قد صُلِبتُ بالطاعة، وهذا استشهاد ممزِّق جدّاً. إنّما إذا ما كان يفيد في تعزية روحه، إذا ما كان ذلك يفيد في تخليص تلاميذه حتّى الوقت الّذي يجمعهم فيه هو ليكمّلهم في إيمانهم، فها أنا ذا، أُضحّي مرّة أخرى برغبتي في الذهاب على الأقلّ لتكريم جثمانه قبل أن يأفل اليوم الثالث.

 

أعلم أنّكم تَشُكُّون. لا ينبغي لكم ذلك. أنا لا أعرف مِن كلماته الّتي قالها في الوليمة الفصحيّة إلاّ ما قلتموه لي. إنّما كلّما أفكّر بها أكثر، كلّما أرفع واحدة فواحدة ماسات حقائقه تلك، وأشعر أكثر بأنّها تتعلّق بالغد القريب جدّاً. هو لا يمكن أن يكون قد قال: "أنا ماض إلى الآب ومِن ثمّ سأعود"، لو لم يكن ينبغي أن يعود حقّاً. لا يمكنه أن يكون قد قال: "حين ترونني ثانيةً ستمتلئون فرحاً"، لو أنّه كان يغيب إلى الأبد. هو كان يقول دائماً: "سوف أقوم". قد قلتم لي إنّه قال: "فوق البذور الملقاة فيكم سوف يسقط ندىً يجعلها تنبت كلّها، ومِن ثمّ سيأتي البارقليط الّذي سيجعلها أشجاراً صلبة". ألم يتكلّم هكذا؟ آه! لا تتصرّفوا بحيث لا يُدرِك ذلك إلاّ آخر تلاميذه، لعازر المسكين الّذي لم يكن معه إلاّ نادراً! اعملوا بحيث حين يعود، يجد بذوره وقد نمت تحت ندى دمه.

 

إنّ في داخلي اتّقاد نور، انبثاق قوّة، منذ الساعة الرهيبة الّتي صعد فيها على الصليب، كلّ شيء يتألّق، كلّ شيء يُولَد، كلّ شيء يَبزغ. لم تبقَ لي كلمة في معناها البشريّ المحدود. إنّما كلّ ما سمعتُه عنه أو منه، ها هو الآن ينبض بالحياة، وأرضي البائرة القاحلة تغدو روضة خصبة حيث لكلّ زهرة اسمها، وحيث كلّ نسغ يسحب الحياة مِن قلبه المبارك.

 

أنا أؤمن، أيّها المسيح! وكي يؤمن هؤلاء بكَ، بكلّ وعودكَ، بغفرانكَ، بكلّ ما ‏هو أنتَ، فها أنا أقدّم لكَ حياتي. استنفِذها، إنّما اعمل بحيث لا تموت عقيدتكَ! حَطّم لعازر ‏المسكين. إنّما عاود جمع أعضاء النواة الرسوليّة المشتّتين. افعل ما تشاء، إنّما في المقابل أَبقِ كلمتكَ حيّة وأبديّة، وليُقبل إليها الآن ودائماً أولئك الّذين لا يمكنهم أن يمتلكوا الحياة الأبديّة إلاّ عبركَ.»

 

لعازر مُلهَم حقّاً. المحبّة ترتقي به عالياً جدّاً، وهي بقوّة تصل إلى حدّ رفع رفاقه كذلك. يُنادونه عن اليمين، يُنادونه عن اليسار، كأنّه تقريباً مُعرِّفٌ، طبيبٌ، أبٌ.

 

فناء منـزل لعازر الفخم، لا أدري لماذا، يجعلني أفكّر بمساكن عِلْية قوم المسيحيّين زمن الاضطهاد والإيمان البطوليّ…

 

ينحني فوق يوضاس بن حلفى، الّذي لا ينجح في إيجاد عذر يُسَكّن ألمه لمفارقته معلّمه وابن عمّه، عندما يجعله شيء ما يستقيم فجأة. يستدير وهو ينظر حوله، ومِن ثمّ يقول بوضوح: «أنا آتٍ يا ربّ...» كلمته المعتادة لامتثاله السريع على الدوام. ويَخرج راكضاً كأنّه كان يتبع أحداً ما يناديه ويتقدّمه.

 

كلّهم ينظرون إلى بعضهم بعضاً مندهشين. يتساءلون.

 

«ماذا رأى؟»

 

«لكن ما مِن شيء!»

 

«أسمعتَ أنتَ صوتاً؟»

 

«أنا لا.»

 

«ولا أنا كذلك.»

 

«ماذا إذاً؟ ربّما لعازر مريض مجدّداً؟»

 

«ربّما... لقد عانى أكثر منّا، ومنحنا القوّة كثيراً، نحن الجبناء! ربّما الآن تملّكه ‏الهذيان.»

 

«وجهه بالفعل تبدّل جداً.»

 

«ونظره كان مُضطَرِماً حين كان يتكلّم.»

 

«أيكون يسوع مَن ناداه إلى السماء؟»

 

«لعازر قد قدّم له بالفعل حياته منذ قليل... لقد قطفه فوراً مثل زهرة... آه! يا لنا مِن تعساء! وماذا سنفعل الآن؟»

 

التعليقات متباينة ومؤلمة.

 

يجتاز لعازر الردهة، يخرج إلى الحديقة مِن دون التوقّف عن الركض، مُبتسِماً، مُتمتِماً، ونفسه هي الّتي تتكلّم: «أنا آت يا ربّ.» يصل إلى أجمة بَقْس تُشكّل ملاذاً أخضر، نحسبها خيمة خضراء، ويخرّ على ركبتيه، وجهه إلى الأرض وهو يصيح. «آه! ربّي!»

 

ذلك أنّ يسوع، في جماله وهو القائم مِن الموت، على حافّة الركن الأخضر ذاك، يبتسم له ويقول له: «كلّ شيء قد تمّ يا لعازر. جئتُ أقول لكَ شكراً، أيّها الصديق الوفيّ. أتيتُ أقول لكَ أن تقول للإخوة أن يأتوا فوراً إلى منـزل العشاء. أنتَ -تضحية أخرى يا صديقي، حُبّاً بي- تبقى هنا في الوقت الحالي... أعلم أنّكَ تتألّم لذلك. لكنّني أعلم أنّكَ كريم. مريم، أختكَ، سبق أن عُزِّيَت، فقد رأيتُها ورأتني.»

 

«ما عدتَ تتألّم يا ربّ. وذلك يُعوّضني عن كلّ تضحياتي. أنا... عانيتُ مِن رؤيتي إيّاكَ تتألّم... ولعدم وجودي هناك...»

 

«آه! لقد كنتَ هناك! روحكَ كان عند أقدام صليبي، وكان في ظلمة قبري. لقد ناديتني في وقت مبكّر، مثل كلّ الّذين أحبّوني كلّياً، مِن الأعماق حيث كنتُ. الآن قلتُ ‏لكَ: تعال يا لعازر. كما في يوم قيامتكَ. إنّما أنتَ منذ ساعات كثيرة كنتَ تقول لي: تعال. وها قد أتيتُ، وناديتُكَ. كي أسحبُكَ، بدوري، مِن عمق ألمكَ. امضِ. السلام والبركة لكَ يا لعازر! إنمَ في محبّتي. سأعود ثانيةً.»

 

لبث لعازر راكعاً مِن دون أن يتجرّأ على القيام بحركة. جلالة الربّ، على الرغم مِن تلطّفها بالمحبّة، فقد كانت بحيث شلّت طريقة تصرف لعازر المألوفة.

 

لكنّ يسوع، قبل أن يختفي في زوبعة نورٍ تلفّه، يخطو خطوة ويُلامِس بيده الجبين الوفيّ.

 

حينئذ يستيقظ لعازر مِن ذهوله الطوباويّ. ينهض ويركض على عَجَل نحو رفاقه، بتألّق فَرَح في العينين ونضارة على الجبين الّذي لامَسَه المسيح ويصيح: «لقد قام أيّها الإخوة! لقد ناداني. ذهبتُ. رأيتُه. كَلَّمَني. طلبَ منّي أن أقول لكم أن تذهبوا فوراً إلى منـزل العشاء. هيّا! هيّا! أنا سأبقى هنا لأنّه هو يريد ذلك. لكنّ فرحي كامل...»

 

ولعازر يبكي في فرحه، بينما يستحثّ الرُّسُل على الذهاب أوّلاً إلى حيث يأمر.

 

«هيّا! هيّا! يُريد أن يراكم! إنّه يحبّكم، لا تخشوه... آه! إنّه أكثر مِن أي وقت الربّ، الصلاح، المحبّة!»

 

يَنهَض التلاميذ أيضاً… بيت عنيا تفرغ. يبقى لعازر مع قلبه الكبير المعزّى...