ج2 - ف83
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثاني / القسم الثاني
83- (يسوع يتحدّث إلى نيقوديموس، أثناء الليل، في جَثْسَيْماني)
24 / 02 / 1945
يسوع في مطبخ البيت الصغير الذي في كَرم الزيتون، على العشاء مع رُسُله. يتحدّثون حول مُجريات أحداث النهار، وهي، حينئذ، ليست تلك التي وَصَفتُ في ما سَلَف (الرؤيا السابقة)، إذ إنّني أَخلُص إلى أنّ الحديث يَخصّ أحداثاً أخرى، منها شفاء أبرص بين المدافن على طريق بيت فاجي.
«كان هناك قائد مئة يَنظُر.» يقول برتلماوس، ويُضيف: «لقد سَأَلَني وهو على صهوة حصانه: "هل الرجل الذي تَتبَع كثيراً ما يَفعل أشياء مُشابِهة؟" وبعد إجابتي المؤكَّدة صَرَخَ: "إنّه إذن أعظم مِن أسكولاب، وسوف يصبح أكثر ثراء مِن كريزوس". فأجبتُه: "بل سوف يظل فقيراً على الدوام في نَظَر العالم، لأنّه لا يأخذ، بل يعطي، وهو لا يبغي سوى نفوس يقودها إلى الله الحقّ". ونَظَرَ إليَّ قائد المئة بدهشة عظيمة. ثمّ هَمَزَ جواده ومضى خَبباً.»
«كذلك كانت هناك امرأة رومانيّة على الـمِحَفّة. لا يمكن أن تكون سوى امرأة. كانت قد أُسدِلَت الستائر، إلّا أنّها كانت تَنظُر إلى الخارج. هذا ما رأيتُه.» يقول توما.
«نعم، لقد كانت عند أوّل منعطف الطريق. ولقد أعطَت أوامرها بالتوقّف عندما صَرَخَ الأبرص: "يا ابن داود ارحمني!" كان الستار قد أزيح، ورأيتُها تنظر إليكَ بعدسة مُكبِّرة ثمينة، وضَحِكَت بتهكّم. ولكن عندما رأتكَ وقد شَفيتَه بأمر منكَ فقط! عندئذ نادَتني وسأَلَتني: "ولكن هل هذا هو الذي يُقال عنه إنّه مَسيّا الحقيقيّ؟" أجبتُها بنعم، فقالت لي: "هل أنتَ معه؟" ثمّ سَأَلَت: "هل هو صالح حقّاً؟"» يقول يوحنّا.
«إذن فلقد رأيتَها. كيف كانت؟» يَسأَل بطرس ويهوذا.
«باه!... امرأة...»
«يا له مِن اكتشاف!» يقول بطرس ضاحكاً. ويتابع الاسخريوطيّ: «ولكن هل كانت جميلة، شابّة، غنيّة؟...»
«نعم. يبدو لي أنّها كانت شابّة وجميلة أيضاً. ولكنّني كنتُ أنظر إلى يسوع باستمرار أكثر مِن نَظَري إليها. كنتُ أريد رؤية ما إذا كان المعلّم سيُعاود المسير...»
«أبله!» يُتَمتِم الاسخريوطيّ بين أسنانه.
«لماذا؟» يقول يعقوب بن زَبْدي مُدافِعاً عنه. «أخي ليس هلفوتاً يسعى إلى المغامرات. لقد أجاب بأدب، إلّا أنّه لم يتخلَّ عن صِفَته الأحسن.»
«أيّة صِفَة؟» يَسأَل الاسخريوطيّ.
«تلك التي لتلميذ يحتفظ لمعلّمه بحبّه الأوحد...»
يَخفض يهوذا رأسه باستياء.
«وثمّ... مِن غير الـمُستَحسَن أن تُشاهَد وأنت تتحدّث إلى الرومانيّين.» يقول فليبّس. «فإنّ مأخَذهم الآن علينا أنّنا جليليون، ولهذا السبب نُعتَبَر أقلّ طُهراً مِن اليهود بالوِلادة. ثمّ يَأخذون علينا الإقامة غالباً في طبريّا، المكان الذي يلتقي فيه الوثنيّون والرومانيّون والفينيقيّون والسوريّون... ثمّ... أيضاً... آه! كَم يَنسبون إلينا مِن الأمور!»
«إنّكَ طيّب يا فليبّس. تُغلِّف قَسوة الحقيقة التي تقول. إنّما الحقيقة دون تغليف هي هنا: كَم مِن الأمور يَنسبونها إليَّ أنا لإدانتي.» يقول يسوع الذي ظلّ صامتاً حتّى ذلك الوقت.
«في حقيقة الأمر، هم ليسوا مخطئين تماماً. فكثير هو احتكاكنا بالوثنيّين.» يقول الاسخريوطيّ.
«هل تعتقد أنّ الوثنيّين هم فقط أولئك الذين ليس عندهم شريعة موسى؟» يقول يسوع.
«ومَن غيرهم إذن؟»
«يهوذا! هل تستطيع أن تُقسِم بربّنا أنّ لا وثنيّة في قلبكَ؟ ثمّ أن تُقسِم أنّ الإسرائيليّين الأكثر تبيّناً هم منها براء؟»
«ولكن أيّها المعلّم... بالنسبة للآخرين، لا أعرف شيئاً... أمّا أنا فأستطيع أن أُقسِم عمّا يخصّني.»
«حسب تفكيركَ، ما هي الوثنيّة؟» يَسأَل أيضاً يسوع.
«إنّما هي اتّباع ديانة غير حقيقيّة وعبادة الآلهة.» يُجيب يهوذا بحماس واندفاع.
«أيّة آلهة؟»
«آلهة اليونان وروما وآلهة مصر... بالإجمال هي الآلهة ذات الألف اسم، لكائنات خياليّة، هي حسب الوثنيّين تملأ الأولمب عندهم.»
«ألا توجد آلهة أخرى؟ هل هي فقط آلهة الأولمب؟»
«أيّة آلهة أخرى أيضاً؟ هل يوجد منها الكثير؟»
«الكثير، نعم الكثير. إنّما هناك منها على الهياكل التي يقصدها الناس كلّهم ليَحرقوا البخور، حتّى الكَهَنَة والكَتَبَة والرابّيون والفرّيسيّون والصدّوقيّون والهيروديّون، وهؤلاء جميعهم أناس مِن إسرائيل، أليس كذلك؟ ليس فقط هم بل حتّى تلاميذي.»
«آه! هذا لا!» يؤكّد الكلّ بالإجماع.
«لا؟ أيّها الأصدقاء... مَن منكم ليس لديه عِبادة سريّة أو أكثر؟ الواحد لديه الجمال والرشاقة. الآخر كبرياء عِلمه، وآخر يُكَرِّس الرجاء بأن يصبح عظيماً بشريّاً. وآخر أيضاً يَعبد المرأة. وآخر الفضّة... وآخر يَسجُد أمام معرفته... وهكذا دواليك. الحقّ أقول لكم بأنّه لا يوجد إنسان غير مَوسوم بعبادة الأوثان؛ فكيف إذن يُحتَقَر الذين، لسوء حظّهم، وُلِدوا وثنيّين، عندما، رغم الانتماء للإله الحقّ، يبقى المرء وثنيّاً بإرادته؟»
«ولكن، نحن بشر يا معلّم.» يقول البعض.
«صحيح... وإذن... لتكن لديكم المحبّة تجاه الجميع، إذ إنّني قد أتيتُ مِن أجل الجميع، وأنتم لستم أفضل منّي.»
«ولكن، في هذه الظروف، هُم يَأخذون علينا المآخِذ، ورسالتكَ تتعرقل بسبب ذلك.»
«بل ستمضي قُدُماً رغم ذلك.»
يَجلس بطرس إلى جانب يسوع وهو مسرور -ولذلك هو طيّب، طيّب- ويقول بدوره: «في ما يخصّ النساء، منذ أيّام قليلة، بل حتّى منذ أن تحدَّثتَ للمرّة الأولى في بيت عنيا، بعد عودة يهوديت، وامرأة محجّبة لا تني تتبعنا. لستُ أدري كيف تَعمَل لتَعلَم بنوايانا. أعرف أنّها وسط الجموع التي تستمع إليكَ حينما تتحدّث، أو خلف الناس الذين يتبعونكَ حينما تسير، أو أيضاً خلفنا حين ذهابنا لنُعلِن عن قدومكَ في الأرياف، هي دائماً مُتواجِدة. ففي بيت عنيا، في المرّة الأولى، هَمَسَت لي مِن خلف الحجاب: "هل هذا الرجل الذي سوف يتحدّث هو يسوع الناصريّ؟" فقلتُ لها أن نعم. وفي المساء كانت خلف جذع شجرة تستمع إليكَ. ثمّ غابت عن ناظِري، إنّما الآن، هنا في أورشليم، فلقد رأيتُها مرّتين أو ثلاث. ولقد سألتُها اليوم: "هل أنتِ في حاجة إليه هو؟ هل أنتِ مريضة؟ هل تريدين صَدَقَة؟" وقد أجابت على كلّ ذلك بإشارة مِن رأسها أن لا، فهي لا تُكلّم أحداً.»
«سَأَلَتني يوماً: "أين يَقطن يسوع؟" وقُلتُ لها: "في جَثْسَيْماني."» يقول يوحنّا.
«أَحسَنتَ أيّها الأبله!» يقول الاسخريوطيّ ساخِطاً. «كان ينبغي ألّا تفعل. كان المفروض أن تقول لها: "انزعي الحجاب، عَرِّفي عن نفسكِ، وأنا أقول لكِ".»
«ولكن منذ متى نحن نطلب هذا الطلب؟!» يَصرخ يوحنّا البسيط والبريء.
«أمّا الآخرون فإنّنا نراهم. وأمّا هذه فهي محجّبة بالكامل. وقد تكون جاسوسة أو مُصابَة بالبرص. فإذا كانت جاسوسة، فلكي تُسبّب لنا الأذى. وقد تكون مَدفوعة مِن السنهدرين الذي يريدها أن تتبعنا...»
«آه! هل يلجأ السنهدرين إلى مثل هذه الوسائل؟» يَسأَل بطرس. «هل أنتَ متأكّد؟»
«تمام التأكُّد. فأنا قد انتميتُ إلى الهيكل وأَعلَم.»
«هذا مثلاً!» يُعَلِّق بطرس. «تَلبسه الفكرة التي حَدَّدَها المعلّم، منذ مدّة وجيزة، مثل القبّعة...»
«أيّة فِكرة؟» وقد احمرّ يهوذا مِن الغضب.
«آه! حتّى بين الكَهَنَة هناك وثنيّون.»
«ما دخل هذا بالدفع لجاسوس؟»
«له دَخل! لا بل على العكس، هو مِن صلب الموضوع، فلماذا يدفعون؟ للإجهاز على مَسيّا وتأكيد نصرهم. وإذاً فهم يَنتَصِبون أمام المذبح بنفوسهم الـمُدَنَّسة تحت ثياب فاخِرة.» يُجيب بطرس بحسّه الشعبي الطيّب.
«حسناً، على العموم» يُوجِز يهوذا «هذه المرأة خَطَر علينا وعلى الجمع. على الجمع إذا كانت مصابة بالبرص، وعلينا إذا كانت جاسوسة.»
«يعني: عليه بالأكثر.» يَردّ بطرس.
«ولكنّه إذا سَقَطَ هو فسنسقط كلّنا كذلك...»
«آه! آه!» يقول بطرس ضاحكاً، ويُتابِع: «إذا سَقَطنا فسيسقط الصنم ويتهشّم. لقد جازفنا بزمنه وشهرته، وقد نكون جازفنا بجسده. وإذن، آه! آه!... وإذن يَجدر بنا تحاشي سقوطه، أو... الابتعاد في الوقت المناسب، أليس كذلك؟ أمّا أنا فعلى العكس، انظُر، إنّني أُعانِقه بأكثر التصاقاً، حتّى إذا ما هَوَى وقُضِيَ عليه مِن قِبَل خائِني الله، أَسقُط أنا معه، هذه رغبتي.» ويُطَوِّق بطرس يسوع بذراعيه القصيرتين ويشدّه إليه.
«لم أكن أظنّني فَعَلتُ كلّ هذا الشرّ يا معلّم.» يقول يوحنّا الذي يقف في مواجهة يسوع وهو حزين جدّاً. «اضربني، عاقبني، ولكن أَنقِذ نفسكَ. فالويل لي لو كنتُ أنا الـمُتسبّب في موتكَ!... آه! لم أكن لأستعيد السلام. أُحِسُّ بأن الدموع كانت ستذيب وجهي وتحرق عينيّ. ماذا فَعَلتُ؟ يهوذا على حقّ: إنّني أحمق!»
«لا يا يوحنّا، أنتَ لستَ بأحمق، ولقد أَحسَنتَ التصرّف. دعها تأتي دائماً. واحتَرِم حجابها. فقد تكون وَضَعَته لتحمي نفسها في نزاعها بين الخطيئة وتَعَطُّشها للفِداء. هل تعلمون مدى الجروح التي تصيب كائناً عندما يَستَعِر هذا النـزاع؟ أتعرفون دموعه والاحمرار الذي يُغلّف وجهه؟ لقد قلتَ يا يوحنّا، أيّها الابن الحبيب، صاحب القلب الطفوليّ والطيّب، إنّ وجهكَ كان سيذوب بفعل دموعكَ التي لا تَنضُب لو أنّكَ كنتَ مُسبّباً لأذى يَلحَق بي. إنّما اعلَم أنّ الضمير، عندما يصحو، يبدأ بقرض جسد كان خطيئة، ليحطّمه وينتصر بالروح. فينبغي له أن يقضي بقوّة على كلّ ما كان فِتنة للجسد، والخليقة إنّما تَشيخ وتَذوي بفعل حرارة هذه النار التي تكويه. وليس سوى فيما بعد، عندما يحين الفِداء، تعود فتصبح جديدة، مقدّسة وبأبهى حِلّة، إذ إنّ بهاء النَّفْس يُزهِر في النّظرة والابتسامة والصوت وارتفاع الجبين الذي حَلَّ عليه عفو الله وتَألَّقَ مثل تاج.»
«إذاً، أنا لم أُسئ التصرّف؟...»
«لا. وكذلك بطرس لم يُسئ التصرّف. دعوها تفعل. اذهبوا الآن واستريحوا. وسأبقى أنا مع يوحنّا وسمعان اللذين ينبغي لي أن أتحدّث إليهما. اذهبوا.»
ينصرف التلاميذ. مِن المحتمل أنّهم ينامون في غرفة مَعصَرة الزيت. لستُ أدري. ولكنّهم يَمضون، ومِن المؤكّد أنّهم لم يعودوا إلى أورشليم، فالأبواب مُوصَدة منذ فترة.
«لقد قُلتَ يا سمعان إنّ لعازر أَرسَلَ لكَ إسحاق مع مكسيمين اليوم، عندما كنتُ قرب برج داود. ماذا كان يريد؟»
«كان يريد القول إنّ نيقوديموس عنده وقد كان يودّ التحدث إليكَ سرّاً. وأنا سمحتُ لنفسي بالقول: "فليأتِ، سوف ينتظره المعلّم ليلاً". فليس لديكَ سوى الليل لتكون وحدكَ. لذلك قُلتُ لكَ: "اصرف الجميع، ما عدا يوحنّا وأنا". فعلى يوحنّا الذهاب إلى جِسر جدرة لانتظار نيقوديموس الموجود في أحد بيوت لعازر، خارج الأسوار. فأنا قد قُمتُ عنكَ بالتفاهم معهم. هل أخطأتُ التصرّف؟»
«بل أحسنتَه. وأنتَ يا يوحنّا اذهب وخُذ مكانكَ.»
ويَبقى يسوع وسمعان وحيدَين. يسوع مُستَغرِق في التفكير. وسمعان يَحتَرِم صَمته. ولكنّ يسوع يَقطعه فجأة، كما لو كان يُنهي حِواراً داخليّاً بصوت مرتفع، يقول: «نعم، حسناً يكون التصرّف هكذا. يكفي إيلي وإسحاق والآخرون لحفظ حيويّة الفِكرة التي بدأت تتجسّد وسط الصالحين ولدى المتواضعين. أمّا بالنسبة لأصحاب النفوذ... فهناك رَكائِز أخرى، هناك لعازر وخُوزي ويوسف وآخرون أيضاً... ولكنّ أصحاب النفوذ لا يرغبون بي. إنّهم يرتجفون خوفاً على سُلطانهم. سأذهب إلى أبعد مِن ذلك القلب اليهوديّ، وهو أكثر عَداء للمسيح على الدوام.»
«هل نعود إلى الجليل؟»
«لا. ولكن بعيداً عن أورشليم. يجب تبشير اليهوديّة. فهي أيضاً ضمن إسرائيل، أمّا هنا، فأنتَ ترى... يَستغلّون كلّ شيء للإيقاع بي. إنّني أنصرف. وللمرة الثانية...»
«يا معلّم، هو ذا نيقوديموس.» يقول يوحنّا وهو يَدخُل أوّلاً.
يتبادلون التحيّة ثم يَأخُذ سمعان يوحنّا ويَخرُجان مِن المطبخ، تارِكَين الاثنين وحدهما.
«اعذرني يا معلّم إذا ما رغبتُ بالتحدّث إليكَ في السرّ. فأنا لا أثق بالكثير مِن الناس، مِن أجلكَ ومِن أجلي. تَصَرُّفي ليس مجرّد جُبن، بل هو مِن قَبيل الحيطة والحذر والرغبة في مساعدتكَ أكثر ممّا لو كنتُ أنتمي إليكَ بشكل علنّي. لديكَ الكثير مِن الأعداء. وأنا مِن القلائل الذين يُعجَبون بكَ هنا. ولقد قَبِلتُ نصيحة لعازر، فلعازر ذُو نُفوذ منذ مَولِده. يَخشونه لأنّه ذُو حَظوة لدى روما، وهو بارّ في عينيّ الله، حكيم بنضج روحه وثقافته. وهو صديقكَ الحقيقيّ وصديقي الحقيقيّ. لذلك رَغِبتُ في حِواره، وأنا مسرور، بل سعيد لكون أحكامه مُماثِلة للتي لي. ولقد أَفضَيتُ إليه بفحوى المناقشات الأخيرة للسنهدرين بخصوصكَ.»
«بل الاتّهامات الأخيرة. قُل الحقيقة بكل بساطة، عارية تماماً كما هي.»
«الاتّهامات الأخيرة. نعم، يا معلّم. كنتُ على وشك القَول: "حسناً أنا أيضاً واحد مِن هذا التجمّع"، لكي يكون أحدنا، على الأقلّ، في هذا التجمّع بقصد حمايتكَ. ولكنّ يوسف، الذي كان قد تَقَرَّبَ منّي، هَمَسَ لي: "اصمت، ولنُبقِ طريقتنا في رؤية الأمور سريّة. لاحقاً أقول لكَ". ولدى خروجنا قال، نعم قال: "هكذا أفضل. فإذا عَلِموا أنّنا تلاميذه يقصوننا عن أفكارهم وعن قراراتهم، ويتمكّنون مِن إيذائه وإيذائنا. أمّا إذا فَكَّروا أنّنا فقط مُهتمّون بما يقوله، فلا يتصرّفون بالخفية عنّا". وأدركتُ أنّه كان على حقّ. إنّهم جِدُّ... سيّئين! وأنا لي كذلك اهتماماتي وواجباتي... ويوسف أيضاً... تُدرِك يا معلّم.»
«أنا لا أُسَبّب لكم أيّة مشكلة. قبل أن تأتي كنتُ أقول هذا لسمعان. وقرّرتُ أيضاً الابتعاد عن أورشليم.»
«أنتَ تكرهنا لأنّنا لا نحبّكَ!»
«لا. فأنا، حتّى أعدائي، لستُ أكرههم.»
«أنت تقولها. نعم، هذا صحيح. إنّكَ على حقّ. ولكن أيّ ألم لي وليوسف! ولعازر؟ ماذا سيقول لعازر الذي قَرَّرَ اليوم بالذات إعلامكَ بوجوب مغادرة هذا المكان لتذهب إلى أملاك له في صهيون؟ هل تَعلَم أنّ لعازر ثريّ للغاية؟ جزء كبير مِن المدينة هو مِن ممتلكاته، بالإضافة إلى الكثير مِن أراضي فلسطين. فأبوه، إضافة إلى ثروته وثروة أوكيريا، التي هي من عشيرتكَ وعائلتكَ، قد أضاف ما كان مكافأة مِن الرومان لخدّامهم الأوفياء، وقد تَرَكَ لأبنائه إرثاً كبيراً. ولكن ما هو أهم هو صداقته المتينة مع روما، رغم أنّها مُستَتِرة، التي لولاها، مَن كان ليُنقِذ بيته كلّه مِن الخِزي والعار، بعد سُلوك أخته مريم الـمُشين، طلاقها المشهور، الذي حصل فقط لأنّها كانت "هي"، حياتها الماجِنة في هذه البلدة التي هي إحدى إقطاعاتها، وفي طبريّا حيث الماخور الأنيق الذي جَعَلَت منه روما وأثينا وَكراً للعِشق، يرتاده أناس كثيرون مِن الشعب الـمُختار؟ في الحقيقة، لو أنّ ثيوفيلوس السوريّ كان صابئاً أكثر اقتناعاً، لما كان قَدَّمَ لأولاده تلك الثقافة التربويّة الهلّينيّة التي تقتل الكثير مِن الفضائل، وتَزرَع الكثير مِن الملذّات. وقد أصابت مريم بالعدوى التي تفاقمت في طبيعتها الشهوانيّة حتّى جَعَلَت منها قذارة العائلة وفلسطين كلّها! لا، فلو لم تكن الحُظوة النافذة لروما التي ظَلَّلَتها، لكان نصيبهم اللَّعن أكثر مِن البُرص. ولكن بما أنّ الأمر هكذا، فقد استفاد مِن الوضع.»
«لا. إنّني أنصرف. ومَن يبغني يأتِ إليَّ.»
«لقد أَخطَأتُ بأن تحدّثتُ.» نيقوديموس مُنهار.
«لا. انتظر وكُن مُقتَنِعاً.» ويَفتح يسوع بَاباً وينادي: «سمعان! يوحنّا! أَقبِلا إليَّ.»
يَهرَع الاثنان.
«يا سمعان، قُل لنيقوديموس ما كنتُ أقوله لكَ حينما دَخَلَ.»
«بالنسبة للمتواضعين، يكفيهم الرُّعاة، أمّا أصحاب النفوذ فلعازر ونيقوديموس ويوسف مع خُوزي، وأنّكَ كنتَ سترحل بعيداً عن أورشليم دون أن تترك اليهوديّة. هذا ما كنتَ تقوله. لماذا جَعَلتَني أُردّده؟ ماذا حدث؟»
«لا شيء. كان نيقوديموس يخشى أن يكون رحيلي بسبب حديثه.»
«لقد قُلتُ للمعلّم إنّ السنهدرين أضحى يُضمِر له العداء أكثر فأكثر، وأنّه مِن المستحسن أن يضع نفسه تحت حماية لعازر. فهو قد حمى مصالحكَ لأنّ روما معه. وهو سوف يحمي يسوع كذلك.»
«صحيح، إنّها مَشورة صائبة. فرغم أنّ الطبقة التي أنتمي إليها غير مرغوب بها لدى روما، مع ذلك، كلمة مِن ثيوفيلوس حفظت لي كياني طوال فترة النفي والبرص. ولعازر متعلّق بكَ كثيراً يا معلّم.»
«أَعلَم ذلك. ولكنّني قررتُ وأَفعَل ما قرّرتُ فِعله.»
«إذن، فسنفقدكَ!»
«لا يا نيقوديموس، فإلى يوحنّا يأتي أناس مِن كلّ الـمِلل، وإليَّ سوف يأتي الناس مِن كلّ الـمِلل ومِن كلّ الأصقاع.»
«كنّا نأتي إليكَ عارفين أنّكَ أعظم مِن يوحنّا.»
«يمكنكم المجيء إليَّ أيضاً وأيضاً. سوف أكون رابّي مُتَوحِّداً مثل يوحنّا، وسأتحدّث إلى الجموع الراغبة في سماع صوت الله، والقادرة على الإيمان بأنّني هذا الصوت. وسينساني الآخرون، إذا كانوا، على الأقلّ، قادرين على ذلك.»
«يا معلّم، إنّكَ حزين ومتشائم. أنتَ مُحِقّ. الجميع يَستَمِعون إليكَ ويؤمنون بأنّكَ بارّ حتّى تحظى باجتراح المعجزات، فحتّى أحد أعضاء حاشية هيرودس الذي يُفتَرَض فيه أن يكون قد أُفسِد، بطبيعة الحال، في هذا البلاط مُرتَكِب الـمُحَرَّمات، وحتّى جنود رومانيون يؤمنون بكَ. وليس سوانا، نحن الذين مِن صهيون، قُساة إلى هذه الدرجة... إنّما ليس الجميع. أنتَ ترى ذلك... يا معلّم، نَعلَم أنّكَ أتيتَ مِن لَدن الله، وأنّكَ فَقيه، ولا يوجد مَن هو أعظم منكَ. حتّى غَمَالائيل يُقِرّ بذلك. لا يمكن لأحد أن يَجتَرِح المعجزات التي تَجتَرِح، إذا لم يكن الله معه. هذا ما يؤمن به العلماء أمثال غَمَالائيل. فكيف لا يكون لدينا الإيمان الذي لدى صغار إسرائيل؟ آه! أخبرني بالضبط، ولن أُبغِضكَ حتّى ولو قُلتَ لي: "كَذَبتُ لأضفي قيمة على كلماتي الحكيمة، تحت طابع لا يمكن لأحد أن يَسخَر منه". هل أنتَ مسيح الربّ؟ الـمُنتَظَر؟ كلمة الآب المتجسِّد ليُهذِّب ويفتدي إسرائيل حسب العهد؟»
«هل تطرح السؤال مِن نفسكَ أم أَرسَلَكَ آخرون لطرحه؟»
«مِن نفسي، مِن نفسي، سيّدي. إنّني أتعذّب، هنا، في داخلي، عاصفة تَعصِف بي. رياح متناقضة وأصوات متضاربة. لماذا ليس لديَّ، أنا الرجل الناضج، هذا اليقين الهادئ الذي لدى ذاك، شِبه الأُميّ والفَتيّ؟ فَمَن يَرسم هذه الابتسامة على وجهه، ويَضَع هذا النور في عينيه، وهذه الشمس في قلبه؟ كيف تؤمن يا يوحنّا لتكون بهذه الطمأنينة؟ يا بنيّ عَلِّمني سِرّكَ، السرّ الذي يَجعَلكَ تَعلَم وترى وتتعرّف على مَسيّا في يسوع الناصريّ!»
أمّا يوحنّا فيَصطَبِغ باللون الأحمر مثل توت الأرض (الفريز)، ثمّ يَخفض رأسه، كما لو أنّه يعتذر عن قول شيء عظيم كهذا، ويُجيب ببساطة: «بالحبّ.»
«بالحبّ! وأنتَ يا سمعان، أيّها الرجل النّـزيه، وعلى حافّة الشيخوخة، أنتَ المثقّف والـمُمتَحَن كثيراً، الأمر الذي دَفَعَكَ إلى درجة الخشية مِن الـمَكر في كلّ مكان؟»
«بالتأمّل.»
«بالحبّ! بالتأمّل! أنا أيضاً أُحِبّ وأَتَأمَّل، ولم أتوصّل بعد إلى اليقين!»
يُقاطِعه يسوع بقوله: «أنا سأخبركَ عن السرّ الحقيقيّ. هؤلاء عَرفوا أن يُولَدوا مِن جديد بروح جديد، حُرّ مِن كلّ قَيد، بِكر بالفِكر. وهكذا أَدرَكوا الله. فَمَن لا يُولَد مِن جديد، لا يمكنه رؤية مملكة الله ولا أن يؤمن بـِمُلكها.»
«كيف يمكن لرجل بَالِغ أن يُولَد مِن جديد؟ ففي حال خَرَجَ المرء مِن رحم أُمّه، فلا يمكنه مطلقاً العودة إليه. هل تُلَمِّح إلى التقمّص أو التناسخ الذي يؤمن به كثير مِن الوثنيّين؟ ولكن لا، لا يمكنكَ افتراض ذلك. ثمّ، هذا لا يكون بالعودة إلى الرَّحم، إنّما باستعادة جَسَد خارج الزمن. وبالنتيجة فهذا لا يعني ولادة جديدة في الوقت الحاضر. كيف؟ كيف؟»
«ليس هناك سوى وجود وحيد للجسد على الأرض، وحياة أزليّة واحدة للروح فيما بعد. وأنا لستُ الآن بصدد الحديث عن اللحم والدم. إنّني أتحدّث عن النَّفْس الخالدة التي، بواسطة شيئين اثنين، تُولَد للحياة مِن جديد: الماء والروح. ولكن الأعظم هو الروح، الذي لولاه يبقى الماء مجرّد رمز. فَمَن يغتسل بالماء عليه التطهّر بعدئذ بالروح ومعه التوقُّد والتألُّق، إذا ما أراد الحياة في حضن الآب، هنا وفي الملكوت الأبديّ. ذلك أنّ كلّ ما هو مولود بالجسد، يكون ويبقى جسداً ويموت بعد أن يخدمه في شهواته وخطاياه. إنّما ما يُولَد بالروح فهو روح، ويحيا بالعودة إلى الروح الذي وَلَدَه بعد ترقيته إلى كمال السنّ. فملكوت السماوات لن يسكنه سوى كائنات بَلَغَت كمال سنّ الروح. فلا تُدهَش إذن إذا ما قُلتُ: "ينبغي أن تُولَد مِن جديد". وهؤلاء عرفوا أن يُولَدوا مِن جديد. الشاب أمات الجسد وجَعَلَ الروح يُولَد مِن جديد، وذلك بوضعه الأنا على مِحرقة الحبّ... فكلّ ما هو مادّيّ قد أُحرِق، ومِن الرماد انبَثَقَت زهرته الروحيّة الجديدة، زهرة عباد شمس رائعة تعرف الاستدارة صوب شمس الأزليّة. أمّا العجوز فقد وَضَعَ فأس تأمُّله النـزيه على جذع فِكره القديم، واقتَلَعَ الشجرة القديمة مِن جذورها، تاركاً فقط بَراعِم الإرادة الحَسَنة، التي منها جَعَلَ فِكره الجديد يُولَد. فالآن هو يحبّ الله ويراه بروح جديد. ولكلّ امرئ طريقته للوصول إلى الملاذ. ومهما تكن الريح، فهي تكون ملائمة لِمَن يعرف استخدام الشراع. إنّكم تَسمَعون الرياح تَهبّ، وحسب اتّجاهها يمكنكم الاعتماد عليها في توجيه دفّة القيادة. ولكن لا يمكنكم القول مِن أين تأتي ولا استدعاء ما يناسبكم. الروح كذلك ينادي، يَصِل منادياً ويَعبُر. فالمتنبّه فقط يمكنه اللحاق به. الابن يعرف صوت الآب ويعرف كذلك صوت الروح، الروح الذي انبَثَقَ منه.»
«كيف يمكن أن يحصل هذا؟»
«أنتَ، المعلّم في إسرائيل، تسألني؟ أَتَجهَل هذه الأمور؟ المرء يتحدّث ويَشهَد بما يَعلَم ويرى. فإذن أنا أتحدّث وأشهد بما أعرف. كيف يمكنكَ قبول أشياء لم ترها إذا لم تتقبّل الشهادة التي أحملها لكَ؟ كيف يمكنكَ الإيمان بالروح إذا لم تؤمن بالكلمة المتجسّد؟ فلقد نَزِلتُ لأرفع وآخذ معي الذين هم هنا في الأسفل. واحد فقط نَزَلَ مِن السماء: ابن الإنسان. وواحد فقط هو الذي سيصعد إلى السماء ومعه سلطان فتح أبواب السماء: أنا ابن الإنسان. تَذَكَّر موسى. لقد رَفَعَ الحيّة في البريّة ليُشفي المرضى في إسرائيل. وحينما أُرفَع أنا، فإن أولئك الذين جَعَلَتهم حرارة الخطيئة عمياناً وصمّاً وبُكماً ومجانين وبرصاً ومرضى سوف يُشفون، وكلّ مَن يؤمن بي ستكون له الحياة الأبديّة. حتّى إنّ كلّ الذين يؤمنون بي تكون لهم الحياة السعيدة هذه.
لا تخفض جبهتكَ يا نيقوديموس. لقد أتيتُ لأنقذ لا لأفقُد. فالله لم يرسل ابنه الوحيد إلى العالم ليحكم به على ساكنيه، بل لكي يُخَلِّص به العالم. لقد وُجِدَت في العالم كلّ الخطايا وكلّ الهرطقات وكلّ عبادات الأصنام. ولكنّ السنونو الذي يطير بسرعة فوق الغبار، هل يمكن أن يتلطّخ ريشه؟ لا. فهو لا يَجلب إلى دروب الأرض الحزينة سوى فَاصِلة أُفُق ورائحة سماء. إنّه يُرسِل صيحة ليهزّ البشر، فيجعلهم يرفعون بَصَرهم فوق الوحل ويتبعون طيرانه الذي يعود صوب السماء. هكذا أنا أتيتُ لأصحبكم معي. تعالوا!... مَن يؤمن بالابن الوحيد لا يُحكَم عليه. بل لقد خَلص، إذ يتحدّث هذا الابن إلى الآب ويقول: "هذا يحبّني". إنّما الذي لا يؤمن، فَعَبَثاً يقوم بأعمال مقدّسة. ولقد حُكِم عليه لأنّه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. ما هو اسمي يا نيقوديموس؟»
«يسوع.»
«لا. بل الـمُخَلِّص. أنا الخلاص. والذي لا يؤمن بي، يَرفض خلاصه، وهو محكوم عليه بالعدل الأزليّ. وتلك هي الدينونة: "لقد أُرسِل لكَ النور، لكَ وللعالم، ليكون لكم الخلاص، ولكنّكَ وبقيّة الناس فَضَّلتُم الظلمات على النور، لأنّكم فَضَّلتم الأفعال السيّئة التي كنتم قد تعوّدتم عليها، على الأفعال الحَسَنة التي أومَأَ هو إليها، والتي كان ينبغي التعلّق بها للوصول إلى القداسة". لقد كرهتم النور لأنّ المسيئين يحبّون الظلام لارتكاب جرائمهم، لقد هربتم مِن النور لكي لا يُظهِر لكم آفاتكم الخفيّة. فحديثي ليس مُوَجَّهاً إليكَ بشكل خاصّ، يا نيقوديموس. ولكنّ الحقيقة تكمن هنا. والعقاب سيكون متناسباً مع الدينونة، للشخص والجماعة.
أمّا أولئك الذين يحبّونني، ويضعون الحقائق التي أُعَلِّمها موضع الممارسة، بالوِلادة ثانيةً وِلادة حقيقيّة أكثر، أقول إنّهم لا يَخشون النور، بل على العكس، يَدنون منه، حيث إن هذا النور يزيد ذاك الذي أُنيروا به في البداية. إنّه مَجد مُتبادَل، يجعل الله سعيداً بأبنائه، وهُم بِدَورهم سعداء أيضاً بأبيهم. لا. إنّ أبناء النور لا يَخشون الزّوال، بل على العكس، فإنّهم بقلبهم وبأعمالهم يقولون: "لا ليس أنا بل هو الآب، هو الابن، هو الروح قد أَتَـمّوا الخير فيَّ. لهم المجد في الأبديّة". ومِن السماء، نشيد الثلاثة الـمُتحابّين، يُجيب في وحدتهم الكاملة: "لكَ البركة إلى الأبد، أيّها الابن الحقّ لإرادتنا". ويا يوحنّا تذكّر هذه الكلمات حتّى تكتبها عندما تأتي الساعة. هل اقتنعتَ يا نيقوديموس؟»
«يا معلّم... نعم، متى يمكنني التحدّث إليكَ مجدّداً؟»
«لعازر يعرف أين يأخذكَ. سأذهب إليه قبل الابتعاد عن هنا.»
«أنا ماضٍ يا معلّم. بارِك خادمكَ.»
«ليكن سلامي معكَ.»
يَخرُج نيقوديموس مع يوحنّا.
يلتفت يسوع إلى سمعان: «هل ترى عَمَل سُلطان الظلمات؟ إنّه، مثل العنكبوت، يَبسط فخّه، ويَطليه بالدَّبَق، ويَأسر الذي لا يعرف أن يموت ليُولَد مِن جديد فراشة لها مِن القوّة ما يمكنها مِن تَمزيق النسيج المظلم والعبور، حاملة، في ذكرى انتصارها، نُتَفاً مِن النسيج وقد أُنيرت على أجنحتها الذهبيّة، مثل رايات وأعلام انتُزِعَت مِن العدو. الموت مِن أجل الحياة. الموت مِن أجل إعطائكم القوّة للموت. هيّا يا سمعان لتأخذ قسطاً مِن الراحة، وليكن الله معكَ.»
ويَبلغ كلّ شيء النهاية.