ج2 - ف77

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الثاني / القسم الثاني

 

77- (يسوع في بيت يعقوب، قُرب بحيرة ميرون)

 

17 / 02 / 1945

 

أقول إنّه بالإضافة إلى بحيرة الجليل والبحر الميت، ففي فلسطين بحيرة صغيرة أخرى، أو بِركة، قصارى القول، هي مرآة ماء أَجهَل اسمها.

 

أنا لا باع لي بالتخمينات، إنّما بإلقاء نظرة، أقول إنّ سطح الماء هذا يمكن لِأَبعاده أن تكون حوالي ثلاثة كيلومترات لاثنين. إنّه صغير حسبما يُرى. ولكنّه أنيق، ضمن إطار الخُضرة الذي يحيط به. إنّه مرآة لازورديّة وساكنة لدرجة تحسبها معها مَحارة كبيرة مِن الميناء السماويّ، مع تلوين أَفتَح، وقليل مِن الاهتزازات في الوسط، تُعزى بدون شك، لمجرى النهر الذي يَصبّ فيها في الشمال ليَخرُج منها في الجنوب. وبسبب قلّة عُمق البحيرة، يجتازها التيّار مثل وريد حيّ وسط ماء راكد، مُنبّهاً لوجوده بلون مختلف وتَـحَرُّك لمياهه خفيف.

 

لا مراكب شراعيّة في هذه البحيرة، إنّما فقط بضعة زوارق صغيرة، تتّسع لصيّاد واحد يَنـزِل أو يَسحَب فِخاخه، أو مسافر يستأجرها كي يجعل المسافة أقصر، وكذلك قطعان وقطعان تنـزل بالتأكيد مِن المراعي في الجبال، بسبب الخريف الذي يزحف، وترعى على الضفاف، في الحقول، حيث الخَصب والعشب الأخضر.

 

في أقصى جنوب البحيرة، حيث الشكل بيضاويّ، تمرّ طريق عريضة، تمتدّ مِن الشرق إلى الغرب، أو بالأحرى مِن الشمال الشرقيّ إلى الجنوب الغربيّ؛ وهي طريق مُعَبَّدة وآهِلة بالمسافرين الذين يَمرّون عبرها قاصِدِين البلدان الموزّعة في المنطقة.

 

تلك الطريق، هي التي يسلكها يسوع وأتباعه. النهار غائم، وبطرس يُبدي ملاحظته: «كان يجدر بنا عدم الذهاب إلى تلك المرأة. فالأيّام، يوماً إثر يوم، تُصبِح أَقصَر وأَظلَم... وأورشليم ما تزال بعيدة.»

 

«سوف نصل في الوقت المحدّد. ثق بي يا بطرس، إنّ طاعة الله في فِعل الخير، لهي أفضل كثيراً مِن حضور احتفال ظاهريّ. فالآن، تلك المرأة تُسَبِّح الله مع كلّ أولادها، حَول ربّ العائلة الذي شُفِيَ تماماً، حتّى إنّه سوف يتمكّن مِن الحضور إلى أورشليم للمشاركة في احتفال عيد المظالّ، بينما كان مِن المفروض، في هذا الوقت، أن يكون راقداً في قبر داخل الأكفان ووسط الطُّيوب. لا تخلطوا أبداً الإيمان بالتصرّفات الظاهريّة، ينبغي عدم الانتقاد. فكيف يمكن أن يُدهِشكَ الفرّيسيّون إذا كنتَ أنتَ أيضاً تخدع نفسكَ بإدراك الرحمة بشكل سيّئ، وإذا أَغلَقتَ قلبكَ تجاه القريب بقولكَ: "إني أخدم الله وهذا يكفي"؟»

 

«أنتَ على حقّ، يا معلّم. فأنا أكثر جَهلاً مِن جَحش.»

 

«وأنا أحتفظ بكَ معي لأجعل منكَ حكيماً. لا تخف. فإنّ خُوزي قد قَدَّمَ لي عربة تبقى معنا تقريباً حتّى يَبُّوق. المسافة حتّى المخاضة قصيرة. وهو قد أَصَرَّ كثيراً، وبسبب بعض الآراء السديدة أَذعَنتُ، رغم اعتباري أنّ على مَلِكَ الفقراء أن يستخدم وسائل الفقراء. ولكنّ موت يونا فَرَضَ بعض التأخير، وعليَّ أن أُوفّق بين مخطّطاتي والطوارئ.»

 

يتحدّث التلاميذ عن يونا، مُتَشَكّين مِن حياته البائسة وحاسِدِين موته المغبوط. يُهمهِم سمعان الغيور: «لم أستطع إسعاده ومنح المعلّم تلميذاً حقيقيّاً ناضجاً باستشهاد مَديد وإيمان لا يتزعزع... ولقد تألّمتُ لذلك. فالعالم في أمسّ الحاجة إلى أناس أوفياء، بل مُفعَمين بالإيمان بيسوع، للتعويض عن أولئك الكثيرين الذين يَشُكّون وسيَشُكّون!»

 

«لا يهمّ، يا سمعان.» يُجيب يسوع. «إنّه الآن أكثر غبطة وأكثر فاعليّة. وأنتَ قد فَعَلتَ لأجله ولأجلي أكثر مِن أيّ إنسان آخر. فَمِن أجله كذلك أنا أشكركَ. وهو الآن يَعلَم مَن مُـحَرِّره، ويبارككَ.»

 

«وإذن، فهو يَلعَن دوراس كذلك.» يهتف بطرس.

 

يَنظُر إليه يسوع ويسأله: «هل تظنّ ذلك؟ إنّكَ مخطئ. يونا كان بارّاً، والآن هو قدّيس. وهو لم يَمقُت ولم يَلعَن أحداً طوال حياته، ولن يَمقُت ويَلعَن الآن. إنّه ينظر إلى الجنّة، مِن المكان الذي يقيم فيه، ويَغتَبِط. فقد أَصبَحَ يَعلَم أنّ الموجودين الآن في اليمبس سيخرجون قريباً. وهو لا يقوم بِفعل أيّ شيء آخر.»

 

«بالنسبة إلى دوراس... هل ستفعل لعنتكَ فِعلها؟»

 

«بأيّ معنى يا بطرس؟»

 

«بحمله على التفكير والتبدّل... أو بالحريّ... بصفعه صفعة تأديب.»

 

«لقد سَلَّمتُه لعدالة الله. أمّا أنا، الحبّ، فقد تركتُه.»

 

«الرحمة! لا أودُّ أن أكون مكانه.»

 

«ولا أنا أيضاً.»

 

«ولا أنا!»

 

«لا أحد يَوَدّ ذلك. أمّا "عدالة" فما تكون إذن؟» يقول التلاميذ.

 

«ستكون للصالحين نشوة، أمّا للشياطين فستكون صاعقة، أيّها الأصدقاء. الحقّ أقول لكم، أن يكون المرء عبداً طوال حياته، أو أبرصاً أو مُستَعطِياً، فإنّه سيُعتَبَر في إنعام مَلَكيّ إذا ما قُورِن بساعة، ساعة واحدة فقط مِن العِقاب الإلهيّ.»

 

«المطر ينهمر يا معلّم. ماذا سنفعل؟ أين نذهب؟»

 

بالفعل، لقد أَظلَمَت البحيرة، وهي تعكس السماء التي أَصبَحَت الآن مغطّاة بالغيوم التي بلون الرصاص. وقطرات المطر الأولى تَسقُط وتُنذِر بأن تُصبِح أكثر غَزارَة.

 

«سوف نلتجئ إلى أحد البيوت، باسم الله.»

 

«فلنأمل إيجاد أحد الناس يتمتّع بصلاح ذاك الرومانيّ. لم أكن أظنّهم هكذا... لقد كنتُ أتحاشاهم دائماً كأنجاس، وأرى أنّ... نعم، أرى أنّهم أفضل كثيراً مِن عدد كبير منّا.» يقول بطرس.

 

فيسأله يسوع: «هل يعجبكَ الرومان؟»

 

«إيه! لستُ أجدهم أسوأ منّا. إنّهم سامريّون فقط.»

 

يبتسم يسوع دون أن يقول شيئاً. ويَلتَقون بامرأة شابّة تجرّ أمامها ثماني نعاج.

 

يَسأَلها بطرس: «يا امرأة، هل تعرفين أين يمكننا أن نَجِد مأوى؟...»

 

«إنّني خادمة لرجل فقير ووحيد، ولكن إذا ما شئتم المجيء... فأعتقد أن المعلّم سوف يستقبلكم بطِيب خاطر.»

 

«هيّا بنا.»

 

يَنطَلِقون، تحت المطر بسرعة، وسط النعاج التي تجري خَبَبَاً بأجسامها المليئة للهروب مِن المطر. يتركون الطريق العريضة ليسلكوا درباً يؤدّي إلى بيت صغير مُتواضِع. أَتَعَرَّف على البيت، إنّه بيت الفلّاح يعقوب بن ماتياس ومريم يتيمي رؤيا شهر آب (أغسطس) كما يبدو لي.

 

«ها هو ذا، إنّه هنا! اسبقوني بينما أقود النّعاج إلى الحظيرة. بعد هذا السّور، تُوجَد باحة توصلكم إلى البيت. ستجدونه في المطبخ. لا تهتمّوا إذا ما تَفَوَّه ببعض الكلمات... لديه مشاكل كثيرة...» وتمضي المرأة صوب غرفة صغيرة ضيّقة إلى اليمين. ويدور يسوع إلى اليسار مع أتباعه.

 

هو ذا الفَناء مع البئر والتنّور في الصدر، وشجرة التفّاح إلى الجانب، وباب المطبخ مفتوح على مصراعيه، حيث تشتعل نار حطب ورجل يُصلِح أداة زراعة مَعطوبة.

 

«السلام لهذا البيت. أطلب منكَ ملجأ نُمضي الليل فيه، أنا ورفاقي.» يقول يسوع ذلك وهو على عَتَبَة الباب.

 

يرفع الرجل رأسه ويقول: «ادخل، وليُعِد لكَ الله السلام الذي تَمنَح. ولكن... السلام هنا‍! عدوّ ليعقوب منذ بعض الوقت. ادخل، ادخل!... ادخلوا جميعكم. فالنار هي الشيء الوحيد الذي أتمكّن مِن منحكم إيّاه بسخاء... لأنّ... آه! ولكن... ولكن أنتَ، الآن وقد نَزَعتَ القبّعة (ذلك أنّ يسوع كان قد غطى رأسه برفل مِن معطفه يشدّه بيده تحت ذقنه) وأراكَ بوضوح... فأنتَ، نعم، أنتَ الرابّي الجليليّ، أنتَ مَن تُدعى مَسيّا وتَجتَرِح المعجزات... هل هذا أنتَ حقّاً؟ قُل أستحلفكَ بالله.»

 

«أنا يسوع الناصريّ، مَسيّا، هل تعرفني؟»

 

«لقد استَمَعتُ إليكَ عند آخر قَمَر، بينما كنتَ تتحدّث في بيت يوضاس وحنّة... كنتُ أنا مِن ضِمن القَطّافين، إذ... إنّني فقير... كَمّ مِن المصائب حَلَّ بي: البَرَد واليَسروع، أشجار ونِعاج مريضة... أمّا أنا فإنّني وحيد مع خادمة، وما أملكه كان يكفيني. ولكنّني الآن أتحمّل الديون لأن البؤس يلاحقني... ولكي لا أبيع كلّ نعاجي، فإنّني أعمل في بيوت الآخرين... وثمّ حقولي!... تَحسَب أنّ الحرب كانت قائمة عليها، بقدر ما هي محروقة، وبقدر ما كانت الكروم والزيتون عقيمة. فمنذ وفاة زوجتي، وقد مضى على ذلك الآن ستّ سنوات، تَحسَب أنّ الشيطان يَسخَر منّي. أترى؟ إنّني أقوم الآن بإصلاح هذا المحراث، رغم أنّ خَشَبَه خَرِب. ما العمل؟ فأنا لا خبرة لي في هذه المصلحة. لذا فأنا أَربُط وأَربُط، ولا نتيجة تُرجى. وعليَّ كذلك أخذ المال الذي معي بعين الاعتبار، الآن... عليَّ أن أبيع نعجة أخرى لإصلاح الأدوات. السقف يَرشَح (يَدلِف)... ولكنّ الحقول تَشغُل بالي أكثر مِن البيت. خسارة! النّعاج كلّها حامل... وكنتُ أرجو إعادة تشكيل القطيع... ولكن!»

 

«أرى أنّني أَتيتُ أحمل الهموم إلى حيث هي بما فيه الكفاية.»

 

«هموم؟ أنتَ؟ لا. لقد استَمَعتُ إليكَ تتحدّث و... في أعماق القلب استَقَرَّ ما كنتَ تقول. حقيقيّ أنّني عَمِلتُ بنـزاهة، ومع ذلك... ولكنّني أظنّ أنّني قد لا أكون صالحاً بما فيه الكفاية. أعتقد أنّ التي كانت صالحة هي زوجتي التي كانت ترأف بكلّ الناس. المسكينة ليا، لقد ماتت باكراً جدّاً، باكراً جدّاً بالنسبة لِرَجُلها... وأظنُّ أنّ كثيراً مِن الخيرات الـمُزدَهِرة، في ذلك الوقت، كانت تأتي مِن السماء، بفضلها هي. أودُّ لو أُصبِح أفضل، لممارسة ما تقول، والإقتداء بزوجتي. لستُ أطلب الشيء الكثير... أن أبقى في هذا البيت، حيث ماتت هي، وحيث وُلِدتُ أنا... وأن أحصل على قُوتي وقُوت خادمتي التي تقوم مقام زوجتي، فتقوم بالرَّعي، وتساعدني قَدر استطاعتها. لم يَعُد لديَّ خدّام. كان لديَّ اثنان، وكانا يكفيانني، وذلك بأن أعمل أنا أيضاً في الحقول، وفي بستان الزيتون... ولكن لم يَعُد لديَّ مِن القوت إلّا ما يكفيني، والقليل القليل أكثر...»

 

«لا تحرم نفسكَ مِن القُوت لأجلنا...»

 

«لا، يا معلّم، فإذا لم يكن لديَّ سوى لُقمة واحدة لأعطيتُكَ إيّاها. إنّه لَشَرَف لي أن تكونَ في بيتي... لم أكن لأجرؤ أبداً على التأمّل بذلك. ولكنّني أروي مصائبي لأنّكَ صالح وتَفهَمني.»

 

«نعم، أُدرِك. أَعطِنِي هذه الـمِطرَقَة. فما هكذا يتمّ العمل. إنَّكَ تُخَرِّب الخشب. أعطني كذلك هذا الإزميل، إنّما بعد إحمائه بالنار حتّى الاحمرار. وهكذا يُثقَب الخشب بشكل أفضل، وسوف نُمرّر دِساراً حديديّاً دونما صعوبة. دعني أقوم بذلك، فلقد كنتُ أَعمَل بالخشب...»

 

«أنتَ تعمل لي؟ لا!»

 

«دعني أفعل. إنّكَ تأويني وأنا أساعدكَ. علينا أن نُحِبّ بعضنا كبشر، وذلك بأن يعطي كلّ منّا ما يستطيع.»

 

«أنتَ تَمنَح السلام، تَمنَح الحكمة وتَمنَح المعجزة. أنتَ تَمنَح الكثير، الكثير!»

 

«وأُعطي كذلك العمل. هيّا بنا. أَطِع!...» ويسوع الذي لم يَعُد يحتفظ سوى بثوبه، يَعمَل بسرعة وبخِبرة في إصلاح الـمِقبَض الخَرِب. يَثقب، يَصل، يُدخِل الدِّسار ويُجرّب، حتّى يَجِد أنّه أَصبَحَ متيناً. «يمكنه الآن أن يعمل طويلاً بعد. حتّى العام الـمُقبِل. وحينذاك يمكنكَ استبداله.»

 

«أظنُّ ذلك. فهذا الـمِحراث قد استقرَّ بين يديكَ، لذلك سوف يُبارِك أرضي.»

 

«ليس لأجل هذا، سوف تكون الأرض مباركة، يا يعقوب.»

 

«لماذا إذن، يا سيّدي؟»

 

«لأنّكَ تُمارِس أفعال الرَّحمة. ولستَ تَنغَلِق على حقد الأنانيّة والحَسَد، ولكنّكَ تتقبّل تعاليمي وتَضَعها مَوضِع التطبيق. طوبى للرحماء فإنّهم سينالون الرحمة.»

 

«بماذا أُمارِسها معكَ، ربّي؟ فبالكاد لديَّ مكان والغذاء الذي تحتاج. ليس لديَّ سوى الإرادة الصالحة، ولم أتألّم قط لكوني فقيراً، ولأنّني لا أَملِك ما يُشرّفني أمامكَ وأمام أصدقائكَ.»

 

«هذه الرغبة كافية. الحقّ أقول لكَ: أن تمنح كأس ماء باسمي هو أمر عظيم في عينيّ الله. لقد كنتُ مسافراً تَعِباً تحت العاصفة، فآويتَني. وحان موعد الطعام فقلتَ لي: "أقدّم لكَ كلّ ما عندي". وهَبَطَ الليل فَمَنَحتَني سقفاً عَامِراً بالصداقة. ماذا تريد أن تفعل أكثر مِن ذلك؟ لتكن لديكَ الثّقة يا يعقوب، إنّ ابن الإنسان لا يَنظُر إلى فخامة الاستقبال والطعام، بل هو يَنظُر إلى مشاعر القلب. ابن الله يقول للآب: "أيّها الآب بارِك الـمُحسِنين إليَّ، وكلّ الذين هم رحماء مع إخوتهم باسمي". وهذا ما أقوله مِن أجلكَ.»

 

بينما كان يسوع يعمل بالـمِسلَفَة، تحدَّثَت الخادمة إلى المعلّم، وعادت تحمل الخبز وحليباً حَلَبَته للتوّ، وبعض التفّاح الـمُتجعِّد، وصحن زيتون.

 

«ليس لديَّ أكثر مِن هذا.» يقول الرجل معتذراً.

 

«آه! إنّني أرى وسط طعامكَ طعاماً لا تراه أنتَ! وأنا أتغذّى به، ذلك أنّ فيه طعماً سماويّاً.»

 

«أَمِن المحتمل أن تتغذّى أنتَ، ابن الله، بطعام تحمله إليكَ الملائكة؟ فقد تكون تحيا بخبز روحانيّ.»

 

«نعم، الروح تساوي أكثر مِن الجسد كثيراً، وليس فيَّ أنا فقط. ولكنّني لا أتغذّى بطعام ملائكي. بل بالحريّ بحبّ الآب وحبّ الناس. وإنّني لأجده أيضاً على مائدتكَ، وأُبارِك الآب الذي قادني إليكَ بحبّ، وأُبارككَ لأنّكَ استقبَلتَني بحبّ ومَنَحتَني الحبّ. هو ذا غذائي، إلى جانب تنفيذ إرادة أبي.»

 

«بارِك إذن، وقُم بتقدمة الطعام لله بدلاً عنّي. أنتَ اليوم، بالنسبة لي، ربّ العائلة، وسوف تكون، على الدوام، معلّمي وصديقي.»

 

يَأخذ يسوع الخبز ويُقدّمه، وهو يمسك به عالياً بين يديه. يُصلّي، أظنُّه مزموراً، ثمّ يَجلُس ويَكسر الخبز ويوزّعه…

 

وهكذا ينتهي كلّ شيء.