ج3 - ف30

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الثالث / القسم الأول

 

30- (العِظَة على الجبل: "التطويبات I")

 

24 / 05 / 1945

 

يتحدّث يسوع إلى الرُّسُل، مُحدِّداً لكلّ منهم مكاناً يتواجد فيه ويُراقِب الجمهور الذي يَصعَد منذ ساعات الصباح الأولى برفقة مرضى محمولين على الأذرع أو على مِـحفَّات أو يَجُرّون أنفسهم على عكّازات. ووسط الجمع هناك استفانوس وهَرْماس.

 

الهواء نقيّ ومنعش قليلاً، ولكنّ الشمس سَخَّنَت بسرعة هواء الجبل النَّشِط إلى حدّ ما. وهذا كلّه فائدة، لأنّ الشمس تُكسِب الهواء انتعاشاً لا بأس به. يَجلس الناس على حجارة أو صخور منتشرة في الوادي بين القمّتين. والبعض ينتظر ريثما تُجفِّف الشمس العشب الذي رَطَّبَه الندى، للجلوس على الأرض. جمع غفير قَدِمَ مِن كلّ أرجاء فلسطين، وتحت ظروف شتّى. ضاع الرُّسُل وسط الجمع، ولكنّهم مثل النحل الذي يروح ويجيء بين الحقل والـمَنحَلة، يعودون بين الحين والحين إلى قرب المعلّم، لإعلامه، لسؤاله، وليَحصَلوا على متعة أن يَنظُر إليهم المعلّم عن قُرب. يَصعَد يسوع إلى أعلى قليلاً مِن الحقل الذي في قَعر الوادي، يسند ظهره إلى صخرة ويبدأ الحديث.

 

«سَأَلَني كثيرون، في خلال عام مِن الكِرازة: "ولكن أنتَ يا مَن تَدَّعي أنّكَ ابن الله، قُل لنا ما هي السماء، ما هو الملكوت وما هو الله؟ ذلك أنّ أفكارنا مُشَوَّشة. نَعلَم أنّ السماء موجودة مع وجود الله والملائكة. إنّما لم يأتِ أحد قطّ ليخبرنا كيف هي، لأنّها حِكر على الأبرار". حتّى إنّني سُئِلتُ ما هو الملكوت وما هو الله. وحاولتُ جاهداً أن أشرح لكم ماهيّة الملكوت، وماهيّة الله. حاولتُ جاهداً، ليس لأنّه كان مِن الصعب عليَّ أن أُوضِح فِكرتي، إنّما لأنّه مِن الصعب، لظروف كثيرة مُتَوقَّعة، أن أجعلكُم تتقبَّلون حقيقة تَصطَدِم، فيما يخص الملكوت، بِبُنيان هائل مِن الأفكار المتراكمة على مدى العصور، وفي ما يخصّ الله تَصطَدِم بسموّ طبيعته.

 

سَأَلَني آخرون أيضاً: "حَسَن هو هذا، لما هو الملكوت وما هو الله، إنّما كيف نكتسب هذا أو ذاك؟" وهنا أيضاً حاولتُ أن أشرح لكم بطول أناة روح شريعة سيناء الحقيقيّة. والذي يتبنّى روح الشريعة ذاك فإنّه يمتَلِك السماء. ولكن لكي أشرح لكم شريعة سيناء، يجب كذلك إسماعكم الصوت الصارم للمُشرِّع ونبيّه. وإذا كانا يَعِدان بالبركات للذين يَعمَلون بها، فإنّهما يُهَدِّدان بالعذابات المريعة واللعنات للذين يخالفونها. كان التجلّي في سيناء رهيباً، وتلك الرهبة تنعَكِس على الشريعة كلّها، تنعكس في كلّ العصور وفي كلّ النُّفوس.

 

ولكن الله ليس مُشَرِّعاً وحسب. بل هو أب. وأب يتمتّع بصلاح وطِيبة واسعة.

 

وبدون أيّ شكّ، إنّ نفوسكم التي أَضعَفَتها الخطيئة الأصليّة والأهواء والخطايا والأنانيّات بمختلف أشكالها، أنانياتكم وأنانيّات الآخرين، حين تجعل لكم أنانيّات الآخرين نَفْساً ساخطة، وأنانيّاتكم تجعل لكم نَفْساً مُنغَلِقة، قد لا تستطيع نفوسكم الارتقاء إلى تأمل كمالات الله اللامتناهية والصَّلاح، بل حتّى أيّ شيء آخر، لأنّ الفضيلة المترافقة مع الحبّ هي أقلّ ما يمكن أن يكوّن حصّة الفانين الهالكين. الصَّلاح! يا لروعة وعذوبة أن يكون الناس صالحين، دون حقد ولا كراهية ولا حسد وبغير كبرياء! أن تكون للمرء عينان ولا تنظران إلا لتُحِبّا، ويدان لا تمتدّا إلّا لحركات حبّ، وشفتان لا تتحرّكان إلا لتقولا كلام حبّ، وبشكل خاصّ قلب مفعم بالحبّ يَدفَع العينين واليدين والشفتين للقيام بأفعال حبّ!

 

الأكثر حكمة بينكم يعرفون النِّعَم التي كان الله قد أَنعَمَ بها على آدم، هو وذريّته. وحتّى الأكثر جهلاً مِن أبناء إسرائيل يَعلَمون أنّ فينا روحاً. الوثنيّون المساكين وحدهم يجهلون ذلك الضيف الـمَلَكي، نفحة الحياة تلك، وذاك النور السماويّ الذي يُقدِّس ويُحيي جسدنا. ولكنّ الأكثر حكمة يَعلَمون أيّة عطايا كانت قد مُنِحَت للإنسان، لروح الإنسان.

 

لم يكن الله أقلّ سخاء مع الروح منه مع لحم ودم الخليقة التي جَبَلَها بقليل مِن الطين ونسمته. كما كان قد وَهَبَها النِّعم الطبيعيّة مِن جمال ونزاهة وذكاء وإرادة، نِعمة حبّ الذات وحبّ الآخرين، وبنفس الطريقة كان قد وَهَبَها النِّعم الأخلاقيّة مع خضوع الشهوات للعقل. وهكذا ففي الحرّيّة والسيطرة على الذات والإرادة الخاصة التي وَهَبَها الله لآدم، لم تتسلّل العبوديّة الفاسدة للشهوات والأهواء، بل إنّما حبّ الذات كان حرّاً، والإرادة حرّة، وحرّة هي مجرّد المتعة التي تستعبدكم بجعلكم تتذوّقون ذاك السمّ الذي نَشَرَه الشيطان، والذي يفيض جالباً إيّاكم إلى خارج السرير الطَّاهِر، إلى أراض مُوحِلة، إلى مستنقعات مُلوَّثَة، حيث تتخمّر حُمَّى الشهوات الجسديّة والشهوات الوجدانيّة. كي تَعلَموا أنّ رغبة الفِكر تأتي أيضاً مِن الشهوة الحسّيّة. ونالَ البشر مواهب فائقة الطبيعة، لمعرفة النِّعمة المقدِّسة والمصير الأسمى ومعاينة الله.

 

النعمة المقدِّسة: حياة النَّفْس. ذلك الأمر الروحانيّ إلى أبعد الحدود المتوضِّع في نفسنا الروحيّة. النِّعمة التي تجعلنا أبناء الله، إذ إنّها تَقينا مِن موت الخطيئة، والذي لم يمت "يحيا" في بيت الآب: الفردوس؛ في مملكتي: السماء. ما هي تلك النِّعمة التي تُقدِّس وتَهِب الحياة والملكوت؟ آه! لا تستَخدِموا كثرة الكلام! فالنِّعمة هي الحبّ. وبالنتيجة فإنّ النِّعمة هي الله. هي الله الذي لشدّة إعجابه بذاته في الخليقة التي خَلَقَها كاملة، فإنّه يحبّ ذاته فيها، يتأمّل ذاته فيها، يرغب في أن يكون هو ذاته فيها، يعطي نفسه ما هو مِلكُه ليُضاعِف ما يَملك، ليستمتع بهذه المضاعَفَة، ليحبّ نفسه في الكائنات الكثيرة التي هي الأخرى ذاته هو.

 

آه! أيّها الأبناء! لا تَحرموا الله ممّا هو حقّه! لا تنـزعوا مِن الله ما هو مِلك له! لا تخيّبوا أمل الله في رغبته! فَكِّروا أنّه يتصرّف بحبّ. حتى ولو لم تكونوا موجودين، فهو على الدوام اللانهائيّ، وسلطانه لا يَنقص. ولكنّه هو، رغم كونه كاملاً في مقياسه اللانهائيّ، الذي بغير قياس، هو يريد، لا له، ولا فيه -لا يمكنه ذلك لأنّه اللانهائيّ، اللامحدود- إنّما مِن أجل المخلوق، خليقته، فهو يريد للحبّ أن ينمو طالما أَصبَحَ لدى هذا المخلوق ما يسمح بمنح النِّعمة: الحبّ. لكي تحملوه في ذواتكم بكمال القدّيسين، ولكي تمتلئوا ثانية بذلك الكنـز المأخوذ مِن الكنـز الذي وَهَبَكُم إيّاه الله مع نعمته، والمتعاظِم بكلّ أفعالكم المقدّسة، بكلّ حياتكم البطوليّة كقدّيسين، في المحيط اللانهائيّ حيث هو الله: في السماء.

 

حاويات الحبّ الإلهيّة، الإلهيّة، الإلهيّة! هذه هي أنتم، وكيانكم لم يُعْطَ الموت، لأنّكم خالدون مثل الله، لكونه الله. سوف تكونون، ولا تكون لكينونتكم نهاية، ذلك أنّكم، باعتباركم خالدين، مثل الأرواح القدّيسة التي تغذّيكم بشكل فائق، بالعودة إلى ذواتكم مُغتَنين باستحقاقاتكم الشخصيّة. إنّكم تَحيون وتتغذّون، تَحيون وتَغتَنون، تَحيون وتُشَكِّلون هذا الشيء الفائق القداسة الذي هو اتّحاد الأرواح، بدءاً مِن الله، الروح الكلّيّ الكمال، حتى ذاك الكائن الصغير جدّاً المولود حديثاً الذي يتناول صدر أُمّه لأوّل مرّة.

 

لا تحكموا عليَّ خطأ في أعماق قلوبكم، أنتم أيّها العلماء! لا تقولوا: "إنّه مجنون! كاذب! يجب أن يكون مجنوناً كي يتحدّث عن النِّعمة فينا، إذ إن الخطيئة قد حَرَمَتنا، يكذب في قوله لنا إنّنا أصبحنا مُتَّحِدين بالله". نعم، الخطيئة موجودة؛ نعم الانفصال موجود؛ إنّما أمام سلطان الفادي، فإنّ الخطيئة والانفصال الفظيع الذي حَصَلَ بين الأب والأبناء، سَيَنهَاران مثل جدار هَزَّه شمشون الجديد. لقد أَمسَكتُ به وأهزّه وهو يتزعزع، والشيطان يستشيط غضباً وعَجزَاً، وهو لا يستطيع شيئاً أمام سلطاني، وهو ينظر إلى غنائم كثيرة تُنتَزَع منه، وقد أَصبَحَ جَرّ الإنسان إلى الخطيئة أكثر صعوبة، لأنّني حينما أُوصِلكم إلى أبي بواسطتي، وحينما تكونون قد أصبحتم أطهاراً وأقوياء بفعل إراقة دمي وألمي، ستعود إليكم النِّعمة حيّة، متيقّظة وقادرة، وستكونون منتصرين، إذا أنتم أردتم ذلك.

 

لا يَستَخدِم الله العنف مع فِكركم ولا في تقدّيسكم. إنّكم أحرار. ولكنّه يعيد إليكم القوّة. إنّه يحرّركم مِن هيمنة الشيطان. ولكم أن تستعيدوا النِّير الجهنّمي أو تتَّخِذوا لأنفسكم أجنحة ملاك. كلّ ذلك يعود إليكم، أن تعتبروني أخاً فأقودكم وأقيتكم قُوتاً خالداً.

 

تقولون: "كيف العمل لامتلاك الله بسلوك طريق أخرى أَلطَف مِن طريق سيناء الصارمة؟" ما مِن سبيل آخر. إنّما لا نَنْظُرَنّ إليه آنئذ في شكل التهديد والوعيد، إنّما في شكل الحبّ. لا نقولنّ: "الويل لي إذا لم أفعل هذا!" مع البقاء مُضطَرِبين في انتظار الخطيئة، بألّا نكون قادرين على ألّا نخطئ. بل فلنقل: "طوبى لي إذا فَعَلتُ هذا". ومع اندفاع فرح فائق الطبيعة، فلنندَفِع فَرِحِين صوب هذه الطوبى التي تُولَد مِن الحفاظ على الشريعة كما تُولَد الورود مِن دغل مليء بالأشواك.

 

"طوبى لي إذا كنتُ فقيراً بالروح، فحينذاك يكون لي ملكوت السماوات!

 

طوبى لي إذا كنتُ وديعاً لأنّني سوف أَرِثُ الأرض!

 

طوبى لي إذا كنتُ قادراً على البكاء دون تمرُّد لأنّني سأُعَزَّى!

 

طوبى لي إذا لم يعد لي سوى الخبز والخمر لإشباع جسدي، وأنا جائع إلى البِرّ لأن البِرّ سيُشبِعني!

 

طوبى لي إذا كنتُ رحيماً لأنّني سأستفيد مِن الرحمة الإلهيّة!

 

طوبى لي إذا كنتُ طاهر القلب إذ إن الله سوف ينحني على قلبي الطاهر وسوف أعاينه أنا!

 

طوبى لي إذا كان لديَّ روح السلام، إذ إنّ الله سوف يدعوني ابناً له، وذلك لأنّني سأكون في السلام وفي الحبّ، والله هو الحبّ الذي يحبّ مَن يشبهه!

 

طوبى لي إذا كنتُ مُضطَهَداً مِن أجل أمانتي للبرّ، إذ تعويضاً لي عن اضطهادات الأرض سوف يمنحني الله ملكوت السماوات!

 

طوبى لي إذا شَتَموني وافتروا عليّ كلّ كذب لمعرفتي أن أكون ابناً لكَ يا الله! فذلك لن يُسبّب لي الحزن، بل الفرح، لأنّه يجعلني على مستوى أفضل خُدَّامك، الأنبياء، الذين اضطُهِدوا لنفس السبب، وأؤمِن إيماناً ثابتاً أنّني سأقتسم معهم الأجر ذاته، العظيم والأزليّ في السماء التي تصبح لي!"

 

هكذا فلننظر إلى طريق الخلاص مِن خلال فرح القدّيسين.

 

"طوبى لي إذا كنتُ فقيراً بالروح".

 

آه! يا حُمَّى الثَّروات الشيطانيّة، إلى أيّة هَذَيانات تقودين الإنسان! الأغنياء والفقراء. الغنيّ الذي يحيا لِذَهَبه، الصَّنم الـمُخزي لأطلال روحه. والفقير الذي يحيا على الكُره الذي لديه تجاه الغنيّ الذي يملك الذهب، فإنّه حتّى ولو لم يصبح قاتلاً مادّيّاً، يُطلِق لَعناته ضدّ الأغنياء، متمنّياً لهم كلّ أنواع الشرور. عدم ارتكاب الشرّ لا يكفي، بل يجب أيضاً عدم الرغبة في فِعله. فالذي يَلعَن متمنّياً البؤس والويل والموت، لا يختلف كثيراً عن مرتكب القتل المادّيّ، لأنّ لديه، في ذاته، الرغبة في رؤية الذي يَكرَه يَهلك. الحقّ أقول لكم: إنّ الرغبة ليست سوى فعل نَكْبتُه، مثل ثَمَرَة حَمْل تَشكَّلَت ولكنّها لم تَخرُج إلى حيز الوجود. فالرغبة الشرّيرة تُسمِّم وتُفسِد، لأنّها تدوم أكثر مِن الفِعل العنيف. إنّها تتجذّر أكثر عُمقاً مِن الفِعل نفسه.

 

الفقير بالروح، إذا كان غنيّاً مادّيّاً، لا يرتكب خطيئة بسبب الذهب، ولكنّه يُحقِّق بالذهب تقدّيس نفسه، لأنّه يستخدمه في أفعال حبّ. محبوباً ومُبارَكاً، يشبه تلك الينابيع التي تنقذ المسافرين في الصحارى، وهي تعطي ذاتها دونما بُخل، سعيدة لتمكُّنها مِن مَنح ذاتها لإغاثة البائسين. وإذا كان فقيراً بحقّ، فهو سعيد في فقره ويجد طعامه لذيذاً. إنّه فَرِح لأنّه يتخلَّص مِن حمّى الذهب، وهو يجهل الكوابيس أثناء نومه، وينهض بتمام الراحة ليبدأ بسكون عمله الخفيف بالنسبة إليه لأنّه يقوم به دون جشع ودون حسد.

 

يمكن للإنسان أن يكون غنيّاً مادّيّاً بالذهب، ووجدانيّاً حينما يتعلّق به. ويندَرِج تحت اسم الذهب، ليس فقط الـمَنابِع النقديّة، بل إنما البيوت أيضاً والحقول والحليّ والمفروشات والقطعان، بالإجمال كلّ ما يُضفي على الحياة رفاهية. والثروات الوجدانيّة تَكمُن في: روابط الأهل أو الزواج، الصداقات أو الثروات الفكريّة والمسؤوليّات العامّة. كما تَرَون، بالنسبة إلى الفئة الأولى، يمكن للفقير أن يقول: "آه! بالنسبة إليَّ، يكفيني ألّا أَحسُد الذي يَملِك، وأَقنَع بالوضع الذي فُرِضَ عليَّ". أمّا الفئة الثانية، فعلى الفقير أن يُراقِب ذاته أيضاً، إذ إنّ الإنسان الأكثر بؤساً، يمكنه أن يصبح مذنباً إذا لم يكن روحه متجرّداً. فالذي يتعلّق بشيء ما بإفراط، فذاك يخطئ.

 

ستقولون: "ولكن، حينئذ، هل ينبغي لنا أن نكره الخير الذي يَهِبنا إيّاه الله؟ ولكن لماذا يأمر بحبّ الأب والأُمّ والزوجة والأولاد، لماذا يقول: ”أَحبِب قريبكَ كنفسكَ“؟". يجب التفريق. ينبغي لنا أن نحبّ الأب والأُمّ والزوجة والقريب، ولكن ضمن الحدود التي رَسَمَها الله لنا: "كنَفْسنا". بينما يجب أن يكون الله محبوباً فوق كلّ شيء وبكل كياننا، فلا ينبغي لنا أن نحبّ الله كما نحبّ أكثر الناس أَثَرَةً وأعزَّهم علينا: هذه لأنّها أَرضَعَتنا، وتلك لأنّها تنام على صدرنا وتمنحنا الأطفال، ولكن علينا أن نحبّه بكلّ كياننا: يعني بكلّ ما لدى الإنسان مِن قُدرة على الحبّ: حبّ الابن، حبّ القرين، حبّ الصديق، آه! لا تتعثَّروا! حبّ الأب. نعم مِن أجل مصالح الله، ينبغي أن تكون لدينا العناية نفسها التي لدى أب تجاه أبنائه الذين يسهر على خيرهم بكلّ الحبّ وينمّيهم، ويهتم ويَنشَغِل بنموّهم البدنيّ والثقافيّ وبنجاحهم في هذا العالم.

 

الحبّ ليس شرّاً، ويجب ألّا يصبح شرّاً. النِّعم التي يمنحنا الله ليست شرّاً ويجب ألّا تصبح شرّاً. إنّها حبّ، وبحبّ مُنِحَت. ويجب استخدام ثروات العواطف والخيرات تلك التي يمنحنا إيّاها الله. ووحده الذي لا يجعل منها أصناماً بل وسائل لخدمة الله في القداسة، يُظهِر أن لا تَعَلُّق آثماً لديه بالخيرات التي يملك. حينذاك يُمارِس الفقر الروحيّ المقدّس الذي يجعله يتجرّد مِن كلّ شيء ليكون أكثر حرّية للحصول على الإله القدّوس، الغِنى الأسمى. فالحصول على الله يعني امتلاك ملكوت السماوات.

 

"طوبى لي إذا كنتُ وديعاً".

 

يمكن لذلك أن يبدو مُناقِضاً لأمثلة الحياة اليوميّة. فالذين تنتفي عنهم صفة الوداعة، يبدون مُنتَصِرين ضمن العائلات وفي المدن والبلدان. وهل هذا هو انتصار حقيقيّ؟ لا. إنّه الخوف الذي يجعل الرازِحين تحت حكم طاغية خاضِعين، ظاهريّاً، بينما في الحقيقة، ذلك ليس سوى حجاب يخفي غَلَيان التمرّد على الظالم المستبدّ. إنّهم لا يملكون قلوب المقَرَّبين إليهم، ولا قلوب مواطنيهم، ولا أندادهم الغاضبين المتسلِّطين. فلا يُخضِعون أفكارهم وأرواحهم لتعاليمهم، أولئك المعلّمين أصحاب: "قلتُ هذا وقلتُ ذاك". ولكنّهم لا يُشَكِّلون سوى بعض العِصاميّين، أناس يبحثون عن مفتاح يمكنه فتح الأبواب الـمُوصَدَة لحكمة أو عِلم هُم يرتابون بوجوده وهو يتعارض مع ما فُرِض عليهم.

 

إنَّهم لا يَقودون إلى الله، أولئك الكَهَنَة الذين لا يَمضُون إلى أَسْر الأرواح بوَدَاعة صابرة متواضعة ومُحِبةّ، ولكنّهم يبدون مُحارِبِين مسلَّحين يُقحِمون أنفسهم في الهجوم، لشدّة ما يُواجِهون النُّفوس بعنف وتَشَدُّد... آه! يا للنُّفوس المسكينة! لو كانت قدّيسة، لما كانت في حاجة إليكم، أيّها الكَهَنَة، لِتَصِل إلى النور. بل لكان النور فيها. لو كانت بارّة، لما كانت في حاجة إليكم أيّها القضاة لتُضبَطَ بمكابح العدل، بل لكانت هي فيها. لو كانت سليمة لما احتاجت إلى أحد للعناية بها. كونوا إذاً وُدَعاء. لا تجعلوا النُّفوس تَفرّ. اجذبوها بالحبّ، فالوداعة حبّ، تماماً كالفقر الروحي.

 

إذا كنتم وُدَعاء فإنّكم تَرِثون الأرض. تأخذون إلى الله ذلك الميدان الذي كان مُلكاً للشيطان. بالفعل فإنّ وَداعَتكم، التي هي أيضاً حبّ وتَواضُع، ستنتصر على البُغض والكبرياء، ويصبح العالم لكم، وبالتالي لله، إذ إنّكم ستُصبِحون الأبرار الذين يَعتَبِرون الله السيّد الـمُطلَق للخليقة، وله ينبغي التسبيح والبَرَكَة وإعادة كلّ ما هو ملك له.

 

"طوبى لي إذا عرفتُ البكاء دون تمرّد".

 

الألم موجود على الأرض، والألم يَنتَزِع الدموع مِن الإنسان. ولم يكن الألم موجوداً ولكنّ الإنسان هو الذي جَلَبَه إلى الأرض، وبفساد فِكره يَعمَل على إنمائه بكلّ السُّبُل. فهناك الأمراض، والمآسي التي تجلبها الصاعقة، وكذلك العاصفة والانهيارات والزلازل، ولكن لكي يتألّم الإنسان، بل على الأخصّ لكي يُؤلِم -إذ نريد ألّا نكون نحن، بل الآخرون هُم الذين يُعانون مِن الوسائل المدروسة للإيلام- ها هو يَبتَدِع أسلحة قاتلة، وأكثر فظاعة باطّراد، وعذابات معنوية وبأكثر مُراوَغَة على الدوام. كَم يَنتَزِع الإنسان مِن الدموع مِن أخيه الإنسان بإيعاز مِن مَلِكَه السرّيّ، الشيطان! ومع ذلك، الحقّ أقول لكم: إنّ تلك الدموع لا تُقلِّل مِن شأن الإنسان، بل تجعله أفضل.

 

الإنسان طفل غير مسؤول، طائش سطحيّ، بل هو كائن ذو ذكاء بطيء النموّ، حتّى تجعله الدموع بالغاً، مُفكِّراً وذكيّاً. وحدهم الذين يبكون أو الذين قد بكوا يعرفون الحبّ والإدراك. حبّ الإخوة الذين يبكون مثلهم، إدراكهم وتَفَهُّم وضعهم في آلامهم، مساعدتهم بصلاح وطِيبة، ذلك أنّهم قد اختَبَروا كم يسيء ويؤلم أن يكون المرء وحيداً ساعة يبكي. ويَعرفون حبّ الله إذا أَدرَكوا أنّ كلّ شيء ما خلا الله ألم، لأنّهم أَدرَكوا أن الدموع المستسلِمة لإرادة الله والتي لا تحطِّم الشريعة، ولا تجعل الصلاة عقيمة، ولا تعرف التمرّد، تتغيّر طبيعتها، وبدل الألم تصبح عزاء.

 

نَعَم. إن الّذين يبكون وهم يحبّون الله فإنّهم سوف يُعَزَّون.

 

"طوبى لي إذا ما جعتُ وعطشتُ إلى البرّ".

 

منذ اللحظة التي يُولَد فيها الإنسان، وحتى اللحظة التي يموت فيها، هو متلهّف للطعام. لدى ولادته يفتح فمه ليمسك بالحلمة، وفي كوابيس الاحتضار يفتح شفتيه ليَمتصّ ما يُقيتُه. يعمل ليقتات. والأرض بالنسبة إليه صَدر عملاق، ودائماً وبلا تَوَقُّف، يستمدّ منها القوت للذي يموت. ولكن ما هو الإنسان؟ أحيوان هو؟ لا. بل هو ابن الله. إنّه في منفى لسنوات قليلة أو كثيرة، ولكنّ حياته لا تنتهي عندما يُبدِّل المقام.

 

توجد حياة داخل الحياة كما اللبّ داخل الجوزة. فالقشرة ليست الجوزة، ولكنّ اللبّ الداخليّ هو الجوز. وإذا ما زرعتم قشرة الجوز فلا ينبت شيء، أمّا إذا زرعتم القشرة مع اللبّ فتنبت شجرة كبيرة. هكذا هو الأمر مع الإنسان. فليس الجسد هو الذي يصبح خالداً، بل إنّما هي النَّفْس. فيجب تغذيتها لنَصِل بها إلى الخلود الذي، بحبّ، يمكنه أن يَصِل بالجسد إلى القيامة المغبوطة. غذاء النفس: الحكمة والبرّ. هي تمتصّهما كشراب وغذاء مقويِّيَن. وكلّما تَغَذَّينا بهما، كلّما ازداد النَّهَم المقدَّس لامتلاك الحكمة ومعرفة البرّ. ولكن سيأتي يوم فيه تَشبَع النَّفْس النَّهِمة لذاك الجوع المقدَّس. سوف يأتي ذلك اليوم. وسيهب الله ذاته لابنه، يربطه مباشرة بصدره، والابن في الجنّة، سيشبع مِن الأُمّ الرائعة التي هي الله ذاته، فلا يعود يعرف الجوع، بل يستريح مغبوطاً على الصدر الإلهيّ. ما مِن عِلم بشريّ يمكنه التوصّل إلى هذا العِلم الإلهيّ. ففضول الفِكر يمكنه الاكتفاء، إنّما ليس احتياجات الروح. وحتّى مع اختلاف النكهات، فالروح يختَبِر اشمئزازاً، ويشيح بفمه عن الحلمة الـمُرَّة، مُفضِّلاً المعاناة مِن الجوع على امتصاص الغذاء الذي لا يأتي مِن الله.

 

لا يكن لديكم خوف أيّها الجياع والعطاش إلى الله! ظَلّوا أوفياء وسَتَشبعون مِمَّن يحبّكم.

 

"طوبى لي إذا كنتُ رحيماً".

 

مَنْ مِنَ الناس يمكنه القول: "لستُ أحتاج إلى الرحمة"؟ لا أحد. لأنّه إذا قيل في الشريعة القديمة: "العَين بالعَين والسنّ بالسنّ"، فلماذا لا ينبغي لنا القول في الشريعة الجديدة: "مَن يكن رحيماً يَجِد الرحمة"؟ فالجميع في حاجة إلى المغفرة.

 

إذاً، ليست صيغة الطقس وشكله، وهما لا يَتَعَدَّيان، كونهما رموزاً ظاهريّة متآلفة مع الروح الإنسانيّ الكثيف الأغبش، هما اللذان يحصلان على المغفرة. بل إنّما هو الطقس الداخليّ للحبّ، أو أيضاً الرحمة. وإذا ما فُرِضَت ذبيحة تيس أو حَمَل وتقدمة بعض القطع النقديّة، فلأنّ ذلك جُعِل بسبب وجود جَذرَين في أساس كلّ شرّ على الدوام هما: الطَّمَع والكبرياء. ولقد عُوقِبَ الطَّمَع بالدفع الذي يجب أن يكون بالتقدمة، والكبرياء بالمجاهرة العامّة للطقس: "أُقدِّم هذه الذبيحة لأنّني أخطأتُ". ويكون ذلك أيضاً للإعلان عن الأزمنة ودلالات الأزمنة، والدم الـمُراق هو رمز الدم الذي سوف يُراق لمحو خطايا الناس.

 

مغبوط إذاً مَن يَعرف أن يكون رحيماً بالجّياع والعُراة والمشرَّدين بلا مأوى، ومَن هم أيضاً في حالة أكثر بؤساً، الذين يَتَّصِفون بطبع سيئّ يُسبِّب الألم لِمَن يَتَّصِفون به والذين يحيون معهم. كونوا رُحماء. اغفُروا، أَشفِقوا، أَنجِدوا وعَلِّموا وسانِدوا. لا تتقوقعوا في برج مِن الكريستال قائلين: "أنا طاهر، فلا أنزل بين الخَطَأَة". لا تقولوا: "إنّني غنيّ وسعيد، ولا أريد سماع الحديث عن مآسي الآخرين". فَكِّروا أنّه بأسرع ممّا تُبدِّد ريح عظيمة الدخان، يمكن أن تتبدَّد ثرواتكم، وكذلك صحّتكم، ورفاهكم العائليّ. وتذكّروا أنّ الكريستال يَعمَل عَمَل العدسة المكَبِّرَة، وأنّ ما يمكنه أن يمرّ دون أن يلاحظه أحد باختلاطكم بالناس، لا يمكنكم إبقاءه مخفيّاً إذا ما أقمتم في برج كريستاليّ، وحيدين، مُنعَزِلين، ومُسَلَّطَة عليكم الأضواء مِن كلّ صَوب.

 

الرحمة مِن أجل إتمام ذبيحة سريّة ودائمة ومقدّسة ككفّارة لنيل الرحمة.

 

"طوبى لي إذا كان قلبي طاهراً".

 

الله هو الطُّهر. والفردوس مملكة الطُّهر. وما مِن شيء نَجِس يمكنه ولوج السماء حيث هو الله. بالنتيجة، إذا كنتم نَجِسين، فلا يمكنكم دخول ملكوت الله. ولكن، آه! فرح! فرح مُسبَق يمنحه الله لأبنائه! مَن يكن طاهراً يملك، منذ وجوده على هذه الأرض، بداية السماء. لأنّ الله ينحني على مَن كان طاهراً، والإنسان الذي يحيا على الأرض يرى إلهه. لا يعرف طعم أنواع الحبّ البشريّ، ولكنّه يتذوّق، حتّى النشوة، طعم الحبّ الإلهيّ. يمكنه القول: "أنا معكَ وأنتَ فيَّ. أنا أمتلككَ، إذن فأنا أعرفكَ كعروس لنفسي محبوب للغاية". وثِقوا أنّ مَن يمتلك الله، وبشكل لا تفسير له، حتّى له شخصيّاً، تجعله تبدّلات جوهريّة قدّيساً، حكيماً وقويّاً. وعلى شفاهه تتفتّح كلمات، وأفعاله تمتلك قُدرَة ليست مِن الخليقة، إنّما مِن الله الذي يحيا فيه.

 

ما هي حياة الذين يَرَون الله؟ غبطة. وتريدون حرمان أنفسكم مِن نعمة كتلك، مِن أجل نجاسة نَتِنَة؟

 

"طوبى لي إذا كان لي روح سلام".

 

السلام هو إحدى مميّزات الله. فلا وجود لله إلّا في السلام. لأنّ السلام حبّ، بينما الحرب حقد وكراهية. الشيطان هو الكُره. والله هو السلام. لا يمكن لأحد الادعاء أنّه ابن الله، ولا يمكن لله أن يعرف له ابناً، إنساناً ذا روح سريع الغضب، وجاهز على الدوام لإثارة العواصف، ليس هذا فقط، إنّما كذلك لا يمكن أن يَدَّعي أنّه ابن الله مَن إذا لم يُثِر شخصيّاً العواصف، لا يساهم بسلامه الكبير في تهدئة العواصف المثارة مِن الآخرين. صانع السلام يَنشُر السلام حتّى وهو صامت. ومالكاً زمام نفسه، وأجرؤ على القول مَالِكاً الله، يحمل السلام كما المصباح يحمل النور، كما المبخَرَة تَنشُر عَبَقها، وكما القُربة تحمل سائلها، وينبثق النور وسط السُّحُب النافثة الأحقاد. يُنقّي الهواء مِن وَخَم الخشونات وعَفَنها، يهدّئ أمواج القضايا الهائجة بذاك الزيت اللذيذ الذي هو روح السلام الذي يفيض مِن أبناء الله.

 

فاجعَلوا الله والناس يَدعُونكم هكذا.

 

"طوبى لي إذا اضطَهَدوني مِن أجل البر".

 

الإنسان متأثّر بالشيطان لدرجة يَكره فيها الخير أينما وُجِد، يَكره مَن هو صالح، كما لو كان هذا الصالح، حتّى ولو بِصَمْته، يتّهِمه ويَدينُه. بالفعل فإنّ صلاح امرئ يُظهِر شرّ الشريّر أكثر قتامة. بالفعل فإنّ إيمان المؤمن الحقيقيّ يُبرِز، وبشكل أكثر حيويّة، رِياء المؤمن المزيَّف. بالفعل، لا يمكن أن لا يكون مكروهاً مِن الظالمين، ذلك الذي يَشهَد بأسلوب عيشه، وبلا انقطاع، لصالح البرّ والعدل. وحينئذ تراهم يثورون ضدّ الذين يحبّون البرّ والعدل.

 

هنا كذلك، كما في الحروب، يتقدّم الإنسان في فنّ الاضطهاد الشيطانيّ أكثر مِن تقدّمه في فنّ الحبّ المقدّس. إلّا أنّه لا يمكنه أن يضطَهِد إلّا ما كان عمره قصيراً. وما كان أزليّاً في الإنسان، فينجو مِن الفِخاخ، ويكتَسِب بذلك حيويّة أكثر قوّة، بفعل الاضطهاد. تتلاشى الحياة مِن الجراح الدامية أو الحرمانات التي تُهلِك الـمُضطَهَد، إلاّ أنّ الدم يُشَكِّل أرجوان مَلِك المستقبل، والحرمانات هي الدرجات اللازمة للارتقاء إلى العروش التي هيّأَها الله لشهدائه الذين خُصّصَت لهم المجالس الملكيةّ في ملكوت السماوات.

 

"طوبى لي إذا احتَقَروني وافتَروا عليَّ".

 

لا تفعلوا إلّا ما يمكنه أن يستحقّ أن تُكتَب أسماؤكم لأجله في الكتب السماويّة، حيث لا تُكتَب الأسماء بموجب أكاذيب الناس والمدائح المفروضة حُكماً للذين هُم أقلّ مَن يستحقّونها. بل على العكس، حيث تُدَوَّن بعدل وحبّ أعمال الصالحين ليتمكّنوا مِن الحصول على الأجر الموعود للمبارَكين مِن الله.

 

حتّى الآن، احتَقَروا الأنبياء وافتَروا عليهم. ولكن حينما تُفتَح أبواب السماوات، يَدخُلون مدينة الله كَمُلوك وَقورين، ويُقدِّم لهم الملائكة التحيّة مُرَنِّمين طرباً. أنتم كذلك، مُحتَقَرون ومُفْتَرى عليكم لأنّكم أصبحتم مِلكاً لله، سوف تنالون إكليل النصر السماويّ، وعند انقضاء الدهر وامتلاء الفردوس، آنذاك تصبح كلّ دمعة ثمينة، لأنّها ستكون قد كَسَبَت لكم هذا المجد الأزليّ الذي أَعِدُكم به باسم الآب.

 

امضوا الآن. وغداً سأتحدّث إليكم أيضاً. وليبقَ المرضى فقط لأسعفهم في آلامهم. ليكن السلام معكم، وليضعكم التأمّل في الخلاص بواسطة الحبّ على الطريق المؤدّية إلى السماء.»