ج7 - ف211

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء السابع / القسم الثاني

 

211- (في بيت حورون)

 

17 / 10 / 1946

 

ما يزال يسوع وسط الجبال، يتبعه أناس، بالإضافة إلى الرُّسُل والتلاميذ. مِن بين هؤلاء يوجد الآن كذلك تلاميذ كانوا رعاة، وقد يكونون وجدوهم في بعض أرياف مرّوا فيها. يصعد يسوع مِن وادٍ إلى جبل، عبر طريق تتبع انعطافاتها سفح الجبل، وهي بالتأكيد طريق رومانيّة، بحسب رصفها الّذي لا يمكن الالتباس فيه وصيانته المعتنى بها، الّتي تتوافر فقط في الطرق المنشأة والمصانة مِن الرومان. يمرّ أناس مِن هناك، متّجهين صوب الوادي أو صاعدين مِن الوادي صوب السلسلة الجبليّة، التي تكلّلها قرى أو بلدات. البعض، لدى رؤيتهم يسوع وأتباعه، يسألون مَن يكون ويتبعونه، بينما البعض الآخر يكتفون بالنظر، وآخرون يهزّون الرأس ويسخرون.

 

مفرزة جنود رومان تلحق بهم بخطوتها البطيئة وصخب السلاح والدروع. يلتفتون للنظر إلى يسوع الّذي، إذ غادر الطريق الرومانيّة، يهمّ بسلوك درباً... يهوديّة، تمضي صوب القمّة حيث توجد إحدى البلدات. هو درب محصّى وموحل لأنّ المطر قد هطل، عليه القدم إمّا تتزحلق على الحصى وإمّا تغوص في الـحُفَر. يتجّه الجنود بالتأكيد صوب البلدة ذاتها، وبعد توقّف قصير، يعاودون السير، مُرغِمين الناس على الوقوف على جانب الدرب لإفساح المجال للمفرزة الّتي تمرّ بانضباط صارم. بعض الشتائم تصفر في الهواء، ولكنّ الانضباط في السير رتلاً يمنع الجنود مِن الردّ بالمثل.

 

ها هم مِن جديد بالقرب مِن يسوع، الّذي اصطفّ جانباً ليفسح لهم المجال بالمرور وينظر إليهم بعينه الممتلئة لطفاً، الّتي تبدو وكأنّها تبارك وتلاطف بنور قزحيّاتها السفيريّة. والوجوه الكالحة للجنود تشرق بابتسامة هشّة، هي ليست ساخرة، بل إنّما هي على العكس تبجيليّة كما لو أنّها تحيّة.

 

يمرّون. يستأنف الناس السير خلف الرابّي الّذي يتقدّم الجميع. شابّ يفلت مِن الجمع ليلحق بالمعلّم محيّياً إيّاه باحترام. يردّ يسوع عليه التحيّة.

 

«أودّ أن أسألكَ عن أمر يا معلّم.»

 

«تكلّم.»

 

«ذات صباح استمعتُ إليكَ بعد الفصح عند جبل مجاور لفجّ كريت. ومنذ ذاك الوقت فكّرتُ أنّ... كان بإمكاني أن أكون أنا كذلك مِن بين الّذين تدعوهم. ولكن قبل المجيء أردت معرفة بالضبط ما هو الضروريّ أن يُفعَل وما ينبغي ألاّ يُفعَل. وقد كنتُ أسأل تلاميذكَ في كلّ مرّة كنتُ ألتقيهم فيها، ومنهم مَن كان يقول لي شيئاً وآخرين شيئاً آخر. وقد كنتُ متردّداً، أكاد أكون مذعوراً، لأنّهم كانوا كلّهم متوافقين على أمر واحد بأكثر أو أقل تشدّداً، وكان ذلك على وجوب الكمال. أنا... رجل مسكين يا ربّ، والكمال لله وحده... وسمعتُكَ مرّة أخرى... وأنتَ بالذات كنتَ تقول: "كونوا كاملين". وخارت عزيمتي. ومرّة ثالثة، منذ أيّام عدّة، في المعبد. ورغم كونكَ صارماً، بدا لي أنّه لم يكن مستحيلاً أن يصبح المرء كذلك، لأنّ... أنا لستُ أعرف حتّى لماذا، كيف أعبّر عن ذلك وأشرحه لكَ. ولكنّه كان يبدو لي أنّه لو كان مستحيلاً، أو لو كان الأمر خطيراً للغاية أن يريد المرء أن يصبح كما ليكون إلهاً، فأنتَ، يا مَن تريد خلاصنا، لم تكن لتعرضه علينا. ذلك أنّ التخمين خطيئة، والإرادة بأن يكون المرء إلهاً، هي خطيئة لوسيفوروس. ولكن يمكن أن تكون هناك طريقة ليكون، ليصبح المرء كذلك دون خطيئة، وذلك باتّباع مذهبكَ الّذي هو بالتأكيد مذهب خلاص. هل أُحسِن القول؟»

 

«تُحسِن القول. وإذاً؟»

 

«حينئذ تابعتُ سؤال هذا وذاك، وعندما علمتُ أنّكَ في راما، فقد جئتُ إليها. ومنذئذٍ، بإذن مِن أبي، تبعتُكَ. وهاكَ: باطّراد أودُّ المجيء...»

 

«وتعال إذاً! ممَّ تخاف؟»

 

«لستُ أدري... لا أعرف حتّى أنا... أسأل، أسأل... ولكن على الدوام، حينما أستمع لكَ يبدو لي أنّ الأمر سهل وأُقرّر المجيء، بعد ذلك، بالتفكير، وما هو أسوأ، بسؤال هذا وذاك، يبدو لي ذلك صعباً جدّاً.»

 

«أقول لكَ كيف حصل هذا: إنّه فخّ مِن الشيطان ليمنعكَ مِن المجيء. يخيفكَ بأشباح، يشوّشكَ، يجعلكَ تسأل الناس الّذين هم مثلكَ بحاجة إلى النور... لماذا لم تأتِ مباشرة إليَّ؟»

 

«لأنّني، لم أكن... خائفاً، ولكنّ... كهنتنا ورابّيينا! القساة جدّاً والمتكبّرين للغاية! وأنتَ... لم أكن أجرؤ على الاقتراب منكَ. ولكن في عِمّاوس، أمس!... آه! أظنّني أدركتُ أنّه عليَّ ألاّ أخاف. والآن ها أنا ذا هنا، لأسألكَ عمّا أريد معرفته. قبل قليل، أحد رُسُلكَ قال لي: "إذهب ولا تخف. إنّه طيّب حتّى مع الخطأة". وآخر: "إجعله سعيداً بثقتكَ. ومَن يفتح قلبه له يجده أكثر لطفاً مِن أُمّ". وآخر أيضاً: "لستُ أدري إذا ما كنتُ مخطئاً، ولكنّني أقول لكَ أنّه هو سيقول لكَ أنّ الكمال يكمن في المحبّة". هذا ما قاله لي رُسُلكَ، البعض على الأقلّ، الأكثر لطفاً مِن التلاميذ. ليس الجميع، ذلك أنّ بين التلاميذ هناك البعض الّذين يبدون صدى لصوتكَ، ولكنّهم قليلون جدّاً. وبين الرُّسُل هناك البعض الّذين... يُخيفون رجلاً مسكيناً مثلي. أحدهم قال لي، بضحكة لم تكن طيّبة: "أنتَ تريد أن تصبح كاملاً؟ لسنا كذلك نحن الّذين نكون رُسُله وأنتَ، تريد أن تكون كذلك؟ هذا مستحيل". ولو لم يكن الآخرون قد تكلّموا، لكنتُ هربتُ خائباً، ولكنّني أقوم بالتجربة الأخيرة... وإذا ما أنتَ كذلك سوف تقول لي أنّ هذا مستحيل...»

 

«يا بني، وهل يمكنني أن أكون قد جئتُ لأعرض على الناس أموراً مستحيلة؟ مَن تظنّه وضع في قلبكَ هذه الرغبة في أن تصبح كاملاً؟ هل هو قلبكَ ذاته؟»

 

«لا يا ربّ، أظنّ أنّه أنتَ بكلامكَ.»

 

«أنتَ لستَ بعيداً عن الحقيقة. إنّما أجب أيضاً: بالنسبة لكَ ما تكون كلماتي؟»

 

«بارّة.»

 

«حسناً. ولكنّني أريد القول: هل هي كلمات إنسان أم هي كلمات مَن هو أكثر مِن إنسان؟»

 

«آه! أنتَ، تتكلّم كالحكمة، وبلطف أكثر ووضوح أكثر أيضاً. لذلك أقول أنّ كلماتكَ هي كلمات مَن هو أكثر مِن إنسان. ولا أظنّني أخطئ القول إذا ما قد فهمتُ جيّداً ما كنتَ تقوله في المعبد، ذلك أنّه كان يبدو لي أنّكَ حينذاك كنتَ تقول إنّكَ كلمة الله ذاته وأنّكَ بالتالي كنتَ تتكلّم كأنّكَ الله.»

 

«لقد فهمتَ جيداً وحسناً تقول. وإذاً مَن وضع في قلبكَ الرغبة في الكمال؟»

 

«هو الله الّذي وضعها فيَّ، بواسطتكَ أنتَ، كلمته.»

 

«إذاً، هو الله. الآن، فكّر: إذا كان الله، الّذي يعلم إمكانيّات الناس، يقول لهم: "تعالوا إليَّ. كونوا كاملين". فذلك يعني أنّ الله يعلم أنّ الإنسان، إذا ما أراد، يمكنه أن يصبح كذلك. إنّه كلام قديم. رنّ في المرّة الأولى في أذنيّ إبراهيم بمثابة الوحي، أمر، دعوة: "أنا الله كلّيّ القدرة. سِر في حضوري. كن كاملاً". إنّ الله قد تجلّى كي لا يشكّ الحَبر بقداسة الوصيّة وبحقيقة الدعوة. يأمر بالمسير بحضرته، ذلك أنّ مَن يسير في الحياة، مقتنعاً أنّه يفعل ذلك تحت نظر الله، لا يقوم بأعمال سيّئة. بالنتيجة، يضع نفسه في ظرف إمكانيّة الوصول إلى الكمال كما يدعوه الله أن يصبح.»

 

«هذا صحيح! هذا حقّاً صحيح! إذا كان الله هو الّذي قاله، فذلك يعني أنّه يمكن أن يكون. آه! يا معلّم! كم نفهم كلّ شيء عندما تكون أنتَ مَن يتكلّم! ولكن إذاً، لماذا تلاميذكَ، وحتّى هذا الرسول، يعطون فكرة عن القداسة... مخيفة بهذا الشكل؟ هل يمكن ألاّ يكونوا مؤمنين بحقيقة هذا الكلام وكلامكَ؟ أو بالحريّ لا يعرفون أن يسيروا بحضرة الله؟»

 

«لا تشغل بالكَ بما هم عليه. لا تدين. انظر أيّها الابن. أحياناً توقهم في أن يكونوا كاملين وتواضعهم يجعلانهم خائفين مِن عدم إمكانهم أن يصبحوا كذلك مطلقاً.»

 

«ولكن إذاً فالرغبة بالكمال والتواضع هما عائقان في طريق الوصول إلى الكمال؟»

 

«لا يا بنيّ. الرغبة والتواضع ليسا عائقين. بل يجب الاجتهاد في الحصول عليهما على نحو عميق للغاية، ولكن بتنظيم. وهما منتظمان عندما لا يتأتّيان مِن عَجَلَة متهوّرة، إنهاكاً دون موجب، شكوكاً وارتياباً كما الظنّ بأنّ الإنسان، لعدم كماله، لا يمكن أن يصبح كاملاً. كلّ الفضائل ضروريّة وكذلك الرغبة الحارّة في الوصول إلى البِرّ.»

 

«نعم. فالّذين سألتهم كانوا كذلك يقولون هذا لي. كانوا يقولون لي إنّه مِن الضروريّ التحلّي بالفضائل. ومع ذلك فالبعض كانوا يعتبرون هذه الفضيلة هي الضروريّة، والبعض الآخر يرى فضيلة أخرى، وكان الجميع يؤكّدون على الضرورة المطلقة للتحليّ بتلك الّتي ينادون بها، بحيث أنّ لا غنى عنها للقداسة. وكان ذلك يخيفني، إذ كيف يمكن التحلّي بكلّ الفضائل بشكل كامل، جعلها تُولَد معاً كباقة ورود متنوّعة؟ لا بدّ مِن وقت... والحياة قصيرة جدّاً! أنتَ، يا معلّم، إشرح لي ما هي الفضيلة الّتي لا بدّ منها.»

 

«إنّها المحبّة. إذا أحببتَ تصبح قدّيساً، ذلك أنّ مِن محبّة العليّ ومحبّة القريب تأتي كلّ الفضائل وكلّ الأفعال الخيّرة.»

 

«نعم؟ هكذا أسهل كثيراً. القداسة إذاً هي المحبّة. إذا كانت لديَّ المحبّة، أمتلك الكلّ... القداسة تتأتّى مِن ذلك.»

 

«مِن ذلك، ومِن الفضائل الأخرى. ذلك أنّ القداسة لا تقتصر فقط على التواضع، أو على الفطنة وحدها، أو فقط على العفة، إلى آخره، ولكن أن يكون المرء فاضلاً. انظر يا بني: عندما يزمع غنيّ على إقامة وليمة، هل يا ترى يطلب صنف طعام واحد؟ وأيضاً: عندما يريد أحدهم أن يُشكّل باقة ورود، ليقدّمها في مناسبة تكريم، هل يأخذ مثلاً وردة واحدة؟ لا، أليس كذلك؟ ذلك أنّه لو وضع على الموائد أكوام وأكوام الأطباق لنوع واحد مِن الطعام، فسينتقده المدعوّون كمضيف غير أهل، يهتمّ فقط بإظهار إمكانيّاته الشرائيّة، إنّما دون إظهار لباقته كسيّد مهتمّ بأذواق مدعوّيه، ويريد أنّ كلاًّ منهم، لا أن يشبع فقط، بل أن يتلذّذ بنوع مِن الطعام أو بآخر. وكذلك الّذي يُشكّل باقة الورود: فوردة واحدة، مهما كانت كبيرة، لا تُشكّل باقة، بل يجب أن تكون هناك ورود كثيرة لتشكيلها، وهكذا فالألوان والعطور المتنوّعة تبهج العين والأنف وتجعل المرء يمجّد الربّ. القداسة، الّتي يجب اعتبارها كباقة من الورود مقدّمة للربّ، ينبغي أن تكون مُشكّلة مِن كلّ الفضائل. ففي روح يهيمن التواضع، وفي آخر القوّة، وفي آخر العفّة، وفي آخر الصبر، وفي آخر روح التضحية أو التوبة، كلّ الفضائل المولودة في ظلّ النبات الملكيّ المعطّر كلّيّاً بالمحبّة، حيث تهيمن الزهور على الدوام في الباقة، ولكن الفضائل كلّها تشكّل القداسة.»

 

«وأيّة واحدة ينبغي تنميتها بأكثر عناية؟»

 

«المحبّة. لقد قلتُها لكَ.»

 

«وبعد ذلك؟»

 

«ما مِن مَنهَج يا بني. إذا ما أحببتَ الربّ، فهو يمنحكَ نِعمه، يعني أنّه يتواصل معكَ، حينئذ الفضائل، الّتي تحاول تنميتها بصلابة، ستنمو تحت شمس النعمة.»

 

«بعبارة أخرى، في النَّفْس الـمُحِبّة هو الله الّذي يعمل بكثرة؟»

 

«نعم يا بني. هو الله الّذي يعمل بكثرة، تاركاً للإنسان أن يضع مِن ذاته إرادته الحرّة في الميل إلى الكمال، جهوده لإقصاء التجارب للمحافظة على إخلاصه لما عزم عليه، معاركه ضدّ الجسد، العالم، الشيطان، عندما يهاجمونه، وذلك كي يحصل ابنه على استحقاقات في قداسته.»

 

«آه! هوذا! إذاً هو عادل جدّاً القول بأنّ الإنسان جُعِل ليكون كاملاً كما أراد الله. شكراً يا معلّم. الآن أنا أعلم، والآن سأفعل. وأنتَ صلّي لأجلي.»

 

«سأحملكَ في قلبي. إذهب ولا تخشى مِن أن يترككَ الله دون معونة.»

 

يبتعد الشاب عن يسوع، وهو مسرور…

 

هم الآن في محيط البلدة. برتلماوس، ومعه استفانوس، يلتحق بيسوع ليروي له أنّ، أثناء حديثه مع الشاب، أحدهم مِن بيت حورون [بيت عور]، قريب لحِلقِيّا الفرّيسيّ، كان قد أتى ليرجوه أن يرافقه في الحال إلى حيث زوجته المشرفة على الموت.

 

«هيّا بنا. سأتحدّث فيما بعد. هل تعلم أين هي؟»

 

«لقد ترك لنا خادماً. هو في الخلف مع الآخرين.»

 

«فليأتِ ولنحثّ الخطى.»

 

يهرع الخادم. هو عجوز قويّ، وهو بغاية الحزن. يلقي التحيّة ويسترق النظر إلى يسوع الّذي يبتسم له وهو يسأله: «مِن أيّ شيء تموت المعلّمة؟»

 

«مِن... كان يُفتَرَض أن يكون لديها ولد، ولكنّه مات في أحشائها وفسد دمها. إنّها تهذي كالمجنونة وأشرفت على الموت. لقد فتحوا أوردتها كي تنخفض حرارتها، ولكنّ الدم مُسمَّم بالكامل، وينبغي أن تموت. لقد أنزلوها في الخزّان لإطفاء الحرارة. تبقى منخفضة طالما هي في المياه المجلّدة، ثمّ تعود أقوى مِن ذي قبل، وتسعل، تسعل... توشك أن تموت.»

 

«طبيعي! بمثل هذه العناية!» يدمدم متّى بين أسنانه.

 

«منذ متى وهي مريضة؟»

 

يوشك الخادم على الإجابة عندما يصل جرياً عبر المنحدر رئيس مجموعة رومانيّة. يقف أمام يسوع.

 

«سلام! هل أنتَ الناصريّ؟»

 

«أنا هو. ما الّذي تريده منّي؟»

 

الّذين يتبعون يسوع يهرعون، لستُ أدري ما الّذي يظنّونه…

 

«ذات يوم صدم أحد جيادنا صبيّاً يهوديّاً1، وأنتَ شفيتَه لتمنع اليهود مِن التظاهر ضدّنا. الآن الحجارة العبريّة أوقعت جنديّاً وهو يرقد وساقه مكسورة. لا يمكنني المكوث، أنا في الخدمة. لا أحد يريده في القرية. لا يمكنه السير، لا أستطيع جلبه مع ساقه المكسورة. أعرف أنّكَ لا تحتقرنا كما يفعل كلّ اليهود...»

 

«هل تريدني أن أشفي الجنديّ؟»

 

«نعم، لقد شفيتَ كذلك غلام قائد المئة وابنة فاليريا الصغيرة. لقد خلّصتَ ألكسندر مِن غضب مواطنيكَ. ذلك معروف في كلّ مكان.»

 

«لنمضِ إلى الجندي.»

 

«ومعلّمتي؟» يَسأَل الخادم منزعجاً.

 

«فيما بعد.» ويسير يسوع خلف الرتيب [ضابط صف]، الّذي يلتهم الطريق بساقيه الطويلتين مفتولتي العضلات، وقد تخلّص مِن الثياب المعيقة. ولكن حتى أثناء المسير هكذا، أمام الجميع، يجد الفرصة ليقول بعض الكلام للّذي يتبعه مباشرة، وهو يسوع، ويقول: «لقد كنتُ ذات يوم مع ألكسندر. وهو... كان يتحدّث عنكَ. والصدفة وضعتني أمامكَ في هذا الوقت.»

 

«الصدفة؟ لماذا لا نقول الله، الله الحقّ؟»

 

يصمت الجنديّ لبرهة، ثمّ يقول، بشكل أنّ يسوع وحده يسمع: «الإله الحقيقيّ هو إله العبرانيّين... ولكنّه لا يجعل أحداً يحبّه. إن كان على شاكلة العبرانيّين! هم لا يرحمون، حتّى الجريح...»

 

«الإله الحقّ هو إله العبرانيّين، كما هو إله الرومانيّين واليونانيّين والعرب والبرثيّين والفرس والليبيريّين والغوليّين والسلطيّين والليبيّين وأبناء الأصقاع الشماليّة القصوى. ليس هناك سوى إله واحد، إنّما الكثيرون لا يعرفونه، آخرون يعرفونه بشكل سيّئ. فلو كانوا يعرفونه بشكل جيّد، لكانوا مثل الإخوة ولا يعود ظلم ولا حقد ولا نميمة ولا انتقام ولا فسق ولا سرقة ولا قتل ولا زنى ولا كذب. أنا، أعرف الله الحقّ، وجئتُ كي أجعله معروفاً.»

 

«يقال... ينبغي أن تكون آذاننا مُصغية على الدوام كي ننقل لقائدة المائة وهم للولاة، يقال أنّكَ الله. هل هذا صحيح؟» الجنديّ قلق... جدّاً وهو يقولها. ينظر إلى يسوع مِن تحت ظلّ خوذته ويبدو أنّه يكاد يكون خائفاً.

 

«أنا هو.»

 

«بحقّ جوبيتير! هو صحيح إذن أنّ الآلهة تنزل للحوار مع الناس؟ لقد جلتُ حول العالم خلف الرايات، وآتي إلى هنا، وأنا مسنّ، لإيجاد أحد الآلهة!»

 

«الله. الوحيد. وليس آلهة.» يصحّح يسوع.

 

ولكنّ الجنديّ يتلاشى أمام فكرة أنّه يتقدّم إلهاً... لا يعود يتكلّم... يفكّر، حتّى اللحظة الّتي يجدون فيها عند مدخل القرية المفرزة متوقّفة حول الجريح الّذي يئنّ على الأرض.

 

«هاكَ!» يقول الرتيب بكثير مِن الإيجاز.

 

يشقّ يسوع لنفسه طريقاً ويتقدّم. إنّه كسر سيّئ في الساق، القدم ملتفّة نحو الداخل وقد أصبحت متورّمة وزرقاء. لا بدّ أنّ الرجل يتألّم كثيراً، وبرؤية يسوع يمدّ يداً، يقول متوسّلاً: «إجعل ألمي قليلاً!»

 

يبتسم يسوع. بالكاد يلمس بطرف الأصابع الدائرة الزرقاء المشيرة إلى موضع الكسر ثمّ يقول: «قم!»

 

«ولكن هناك كسر آخر في موضع أعلى، في وركه» يشرح الرتيب، مريداً بالتأكيد القول: «ألا تلمسه؟»

 

في هذا الوقت يقول أحد سكّان بيت حورون [بيت عور]: «يا معلّم، يا معلّم! تهدر وقتكَ مع وثنيّين، وزوجتي مشرفة على الموت!»

 

«إذهب واجلبها لي.»

 

«لا يمكنني ذلك. إنّها فاقدة الصواب!»

 

«إذهب واجلبها لي، إذا كنتَ تؤمن بي.»

 

«يا معلّم، لا يمكن الإمساك بها. هي عارية ولا يمكن إلباسها. هي مجنونة وتمزّق ثيابها. تشرف على الموت ولا تُحسِن السلوك.»

 

«إذهب واجلبها لي إذا لم يكن إيمانكَ أدنى مِن إيمان هؤلاء الوثنيّين.»

 

يمضي الرجل، مستاءً.

 

ينظر يسوع إلى الرومانيّ الممدّد عند قدميه: «وأنتَ هل تعرف أن تؤمن؟»

 

«أنا، نعم. ماذا ينبغي لي أن أفعل؟»

 

«أن تنهض.»

 

«إنتبه يا كميل، أن...» وبينما الرتيب يقول ذلك، ينتصب الجنديّ واقفاً، رشيقاً، وقد شُفي.

 

الإسرائيليّون لم يهتفوا هوشعنا. الّذي شُفي لم يكن يهوديّاً. بالأحرى يبدون مستائين، أو على الأقلّ تُعبّر وجوههم عن انتقاد لعمل يسوع. ولكنّ الجنود ليسوا كذلك. يَستلّون سيوفهم القصيرة والعريضة ويرفعونها في الجوّ الرماديّ بعد ضربها على دروعهم، تعبيراً عن فرحهم. يسوع وسط دائرة النصال.

 

ينظر إليه الرتيب. لا يعرف كيف يعبّر، ماذا يفعل، هو، الإنسان القريب مِن إله، و، الوثنيّ القريب مِن الله... يفكّر ويجد أنّ عليه على الأقلّ أن يفعل لله ما يفعله لقيصر، ويأمر بالتحيّة العسكريّة الإمبرطورية (أقلّه أظنّ أنّ الأمر هكذا، ذلك أنّني أسمع كلمة 'يَحيا!' تترجّع بقوّة، بينما النصال تبرق أثناء وضعها الأفقيّ في أعلى الذراع الممدودة). ولم يكتفي الرتيب بذلك، بل قال له بصوت خافت: «اذهب بطمأنينة، حتّى ليلاً. الطرق... كلّها مراقبة. خدمة ضدّ السارقين. ستكون بأمان. أنا...» يتوقّف، غير عارف ماذا يقول بعد.

 

يبتسم يسوع له وهو يقول: «شكراً. إذهب وكن صالحاً. حتّى مع اللصوص كن إنسانيّاً. أميناً لخدمتكَ، إنّما دون قسوة. إنّهم بؤساء، وسيكون عليهم تقديم حساب عن تصرّفاتهم لله.»

 

«سأكون كذلك. سلاماً! أودُّ لو أراكَ مجدّداً...»

 

يحدّق فيه يسوع، ثمّ يقول: «سوف نرى بعضنا. على جبل آخر.» ويكرّر: «كونوا صالحين. وداعاً.»

 

يعاود الجنود المسير. يدخل يسوع إلى القرية. يقطع بضعة أمتار وثمّ يرى جمعاً غفيراً آتياً للقائه ومَن يتبعه ويهتفون بتعليقات. وينفرد عن الجمع رجل وامرأة -الرجل أوّلاً- وينحنيان أمام يسوع، المرأة تركع على ركبتيها، الرجل ينحني فقط.

 

«إنهضا وسبّحا الربّ. ومع ذلك بالنسبة إليكَ، أيّها الرجل، ينبغي لي القول إنّ ضميركَ ليس نقيّاً. لقد توجّهتَ إليَّ مِن قبيل الأنانية، وليس حُبّاً بي، ليس إيماناً بي. لقد شككتَ بكلامي، وأنتَ تعرف مَن أكون! وبالتالي وردت في ذهنك فكرة لم تكن جيّدة، لأنّني كنتُ قد توقّفتُ مِن أجل شفاء وثنيّ، كما أنّ سلوك القرية لم يكن حسناً برفضها استقبال الجريح. وأنا، بفيض مِن الرحمة، وللعمل على جعل قلبكَ صالحاً، فقد شفيتُ زوجتكَ دون الدخول إلى بيتكَ. لم تكن مستحقّاً لذلك. وفعلتُ ما فعلتُ لأبيّن لكَ أنّه لم يكن مِن لزوم لأمضي كي أفعل، يكفي أن أريد. ولكن الحقّ أقول لكم، لكم جميعاً، أنّ أولئك الّذين تحتقرونهم هم أفضل منكم، ويعرفون، أكثر منكم، الإيمان بقدرتي. إنهضي أيّتها المرأة. أنتِ لستِ مذنبة لأنّكِ لم تكوني مُدرِكةً. إذهبي، واعرفي أن تؤمني مِن الآن فصاعداً عرفاناً بجميل الربّ.»

 

سلوك السكان أصبح بارداً ومتعالياً بسبب عتاب يسوع. يتبعونه عابسين حتّى الساحة حيث يتوقّف ليتحدّث، حيث أنّ رئيس المجمع لم يدعُه لدخول المجمع، ولم يُفتَح للمعلّم أيّ منزل.

 

«عندما يكون الله مع البشر، يستطيع البشر كلّ شيء تجاه البؤس مهما كان اسمه. وعندما، على العكس، لا يكون الله مع البشر، فلا يستطيعون شيئاً تجاه البؤس. هذه البلدة، في مجموع تاريخها، تُذَكّر بهذه الأمور أكثر مِن مرّة. كان الله مع يشوع، ويشوع تحدّى الملوك الكنعانيّين، وعلى هذه الطريق ساعده الله على تدمير أعداء إسرائيل "مُرسِلاً عليهم مِن السماء حجارة كبيرة، وهلك منهم بوابل الحجارة أكثر ممّا هلك بالسيف" هذا ما يُقرأ في سفر يشوع. كان الله مع يهوذا المكابيّ الّذي تقدّم على هذه الرابية بجيشه الصغير لينظر إلى جيش شارون الرهيب، قائد الجحافل السوريّة، وأيّد الله كلام قائد إسرائيل بنصر مدوٍّ. ولكنّ الشرط الضروريّ ليكون الله معنا، هو السلوك بدافع العدل. "في المعارك، النصر لا يتعلّق بالعدد، بل إنّما بالعون الآتي مِن السماء". يقول المكابيّ. في كل أمور الحياة، الخير يأتي ليس مِن الغنى، مِن السلطان أو مِن أسباب أخرى، إنّما مِن المعونة الآتية مِن السماء. وهي تأتي لأن طلب المعونة يكون مِن أجل أمور حسنة. "لحياتنا وشرائعنا". يقول أيضاً المكابيّ. ولكن عندما نلجأ إلى الله مِن أجل أمور فاسدة أو مُدنِّسة، فعبثاً يكون طلب المعونة. لن يستجيب الله، أو يستجيب بعقوبات بدل البركات.

 

هذه الحقيقة هي حاليّاً منسية جدّاً في إسرائيل. إنّه يريد عون الله ويتضرّع إليه مِن أجل نهايات ليست صالحة. وهو لا يمارس الفضائل، ولا يعمل بالوصايا بشكل حقيقيّ، وذلك يعني أنّ الوصايا يُعمَل منها ما يمكن أن يُرى ويُمَجّد مِن الناس، إنّما ما يخفيه المظهر فهو أمر مختلف تماماً.

 

أنا أتيتُ لأقول: كونوا مخلصين في تصرّفاتكم، فالله يرى كلّ شيء، وعبثاً هي التضحيات، باطلة هي الصلوات إذا كانت تُمارَس لمجرّد التفاخر الصرف بالعبادة بينما القلب ممتلئ بالخطيئة، بالحقد، وبالرغبات السيّئة.

 

يا بيت حورون [بيت عور]، لا يفعلنّ سكانكِ ما يقوله عوبديا عن عيدوم، عيدوم الّذي كان يظنّ نفسه في أمان، كان يسمح لنفسه بأن يظلم يعقوب ويبتهج بهزائمه. لا تتصرّفي هكذا، أيّتها البلدة الكهنوتيّة. خذي وتأمّلي لفافة عوبديا. تأمّلي، تأمّلي، تأمّلي، وغيّري دربكِ. إتّبعي العدالة إذا لم تريدي اختبار أيّام رهيبة. لن تكوني في مأمن حينذاك لمجرّد موقعكِ على هذه القمّة، ولا لكونكِ في الظاهر خارج طرق الحرب. أنا أرى فيكِ أناساً كثيرين ليس الله معهم، ولا يريدون الله. تهمسون؟ أنا أقول لكم الحقيقة. لقد صعدتُ وصولاً إلى هنا كي أقولها لكم، لأخلّصكم بعد.

 

ألم يكن لكم اسم واحد فقط؟ ألم يكن إسرائيل كلّ شيء؟ لماذا إذن انقسم وصار له اسمان؟ آه! في الحقيقة هذا يذكّرني بزواج هوشع مِن المرأة البغيّ والأولاد الّذين وُلدوا مِن تلك الزانية. ولكن ما الّذي قاله النبيّ؟ "سيكون عدد أبناء إسرائيل كعدد رمل البحر... وحينئذ بدل أن يقال لهم: ‘أنتم لستم شعبي’ سيقال لهم: ‘أنتم أبناء الله الحيّ’. وأبناء يهوذا وأبناء إسرائيل سيتوحّدون ويختارون قائداً واحداً وسيصعدون مِن الأرض، ذلك أن يوم يزرعيل عظيم". آه! ولكن لماذا تنتقدون ذلك الّذي عليه أن يوحّد الكلّ ويجعلهم شعباً واحداً، شعباً عظيماً، واحداً، كما هو الله واحد، أن يحبّ كلّ أبناء البشر لأنّهم جميعاً أبناء الله وعليه أن يجعلهم أبناء الله الحيّ، حتّى أولئك الّذين يبدون حاليّاً أمواتاً؟ وهل يمكنكم الحكم على أفعالي وقلبهم وقلبكم؟ مِن أين يأتيكم النور؟ النور يأتي مِن الله. ولكن إذا كان الله قد أرسلني بمهمّة توحيد كلّ الناس تحت صولجان واحد، وهل يمكنكم الحصول على نور، هو إلهيّ بحق، وهو يُظهِر لكم الأمور بطريقة مخالفة لما يراها الله؟ ومع ذلك أنتم ترون بطريقة مخالفة لما يراه الله.

 

لا تتمتموا. هذه هي الحقيقة. أنتم خارج البرّ، وأكثر منكم هم الّذين يقودونكم إلى البرّ، وسيكون عقابهم مضاعفاً. تتّهمونني بالفسق مع العدوّ، مع الّذي يسودكم. أنا أقرأ ما في قلوبكم. أمّا أنتم، أفلا تفسقون مع الشيطان بجعل أنفسكم شركاء الّذين يحاربون ابن الإنسان، مُرسَل الله؟ ها أنتم تكرهونني. ولكنّني أعرف وجه الّذي يقطّر لكم الكراهية. كما قيل في هوشع، لقد جئتُ بيدين محمّلتين بالعطايا وقلب ممتلئ بالمحبّة، عملتُ على جلبكم بالسبل الأكثر طراوة لأجعلكم تحبّونني. كلّمتُ شعبي مثل عروس لعروسته، مانحاً إيّاه محبّة أبديّة، والسلام، البرّ، والرحمة. ما تزال ساعة باقية لمنع الشعب الّذي يرفضني، الرؤساء الّذين يحرّضونه –أنا أعرفهم- مِن البقاء دون مَلِك، دون أمير، دون ضحيّة ودون مذبح. إنّما عند الوكر، حيث الكراهية أقوى وحيث العقاب سيكون أعظم، ها هو العمل على شراء الضمائر لقيادتها إلى الجريمة. آه! في الحقيقة الّذين يحوّلون ويضلِّلون الضمائر سيدانون سبع سبع مرّات بأكثر صرامة مِن الـمُضلَّلين.

 

هيّا بنا. لقد أتيتُ واجترحت معجزة وقلتُ لكم الحقيقة لكي تعرفوا مَن أكون. الآن أنا أمضي. وإذا كان بينكم بارّ واحد فقط، فليتبعني، ذلك أنّ مستقبل هذه المنطقة حزين جدّاً حيث ستعشّش الثعابين كي تُغوي وتخون.»

 

ويدور يسوع لسلوك الطريق الّتي أتى منها.

 

«لماذا يا معلّم كلّمتَهم هكذا؟ سوف يبغضونكَ» يَسأَل الرُّسُل.

 

«أنا لا أبحث عن كسب المحبّة بالتواطؤ مع الكذب.»

 

«ولكن ألم يكن مِن الأفضل عدم المجيء؟»

 

«لا. يجب عدم ترك أيّ شكّ.»

 

«ومَن الّذي أقنعتَه؟»

 

«لا أحد. للآن لا أحد. إنّما قريباً سيقال: "لا يمكننا لعن أيّاً كان، ذلك أنّنا أُخطِرنا ولم نتصرّف". وإذا لاموا الله على ضربهم، فسيكون لومهم تجديفاً.»

 

«ولكن لِمَن كنتَ تريد أن تلمّح بقولكَ...»

 

«إسأل هذا السؤال ليهوذا الإسخريوطيّ. هو يعرف أناساً كثيرين مِن هذه المنطقة، ويعرف مكرهم.»

 

وينظر جميع الرُّسُل إلى يهوذا.

 

«نعم. المكان يكاد يكون خاضع لحِلقِيّا. ولكن... لا أظنّ أنّ حِلقِيّا...» وتموت الكلمات على شفاه يهوذا الّذين، مع رفع نظره عن حزامه الّذي كان يعدله ليجعل له مظهراً موائماً، يلتقي نظره بنظر يسوع، نظر وامض ويخترق، حتّى إنّه ليبدو ساحراً. يخفض رأسه ويُنهي: «إنّما مؤكّد أنّ هذه البلدة متكبّرة ومقيتة، وتستأهل مَن يسودها. لكلّ واحد ما يستحقّ. هم لهم حِلقِيّا، ونحن يسوع، وحسناً فعل المعلّم بإعلامهم أنّه يعرف. جيّد جدّاً.»

 

«بالتأكيد هم سيّئون. هل رأيتم؟ ولا حتّى تحيّة بعد المعجزة! ولا صدقة! لا شيء!» يلاحظ فليبّس.

 

«أنا حينئذ، أرتعد عندما يكشف المعلّم عنهم القناع هكذا.» يتأوّه أندراوس.

 

«فِعل ذلك أو عدم فِعله، سيّان. سيكرهونه بالطريقة ذاتها. أنا أودُّ العودة إلى الجليل!» يقول يوحنّا.

 

«إلى الجليل! نعم!» يقول بطرس وهو يتنهّد ويخفض رأسه، غارقاً في التفكير.

 

في الخلف، الّذين تبعوا يسوع والذين لا يتركونه، لا يتوقّفون عن التعليق مع التلاميذ.

----------

1- (الجزء الثاني - الفقرة 82).