ج2 - ف7
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثاني / القسم الأول
7- (اللّقاء بيوحنّا ويعقوب)
25 / 02 / 1944
أرى يسوع يتمشّى على طول الشريط الأخضر لضفّة الأردن. لقد عاد بشكل ملحوظ إلى ذات المكان الذي رأيتُه فيه لأجل العِماد، إنَّه قريب مِن المخاضة التي تبدو معروفة جدّاً ويرتادها الكثيرون للعبور إلى الضفّة الأخرى باتجاه بيريا. ولكنّ المكان الذي كان فيه الناس جماعات يبدو الآن قَفراً لا يَعبُر فيه سوى بعض المسافرين سيراً أو على جواد أو على حمار.
يبدو أنّ يسوع لا يعيرهم أدنى انتباه. إنّه يتقدّم في طريقه صاعداً صوب الشمال وكأنّه مُستَغرِق في تفكيره. وعندما يَصِل إلى المخاضة يَلتقي بمجموعة رجال مختلفي الأعمار يتناقشون بحيويّة فيما بينهم، ثمّ يفترقون، فيمضي قسم منهم صوب الجنوب، والقسم الآخر صوب الشمال. أرى يوحنّا ويعقوب ضمن المتوجّهين صوب الشمال.
يَرى يوحنّا يسوع أوّلاً ويُريه لأخيه ورفاقه. يتحدّثون فيما بينهم قليلاً، ثمّ يَشرَع يوحنّا يحثّ الخطى للّحاق بيسوع. يعقوب يلحق به بشكل أبطأ. أمّا الآخرون فلا يهتمّون، بل إنّهم يسيرون ببطء ويتناقشون.
عندما يُصبِح يوحنّا بمحاذاة يسوع، على بُعد مترين أو ثلاثة يَهتف: «يا حَمَل الله الحامل خطايا العالم!»
يَلتَفِت يسوع ويَنظر إليه. لقد أصبَحَ الإثنان على بُعد خطوات مِن بعضهما. يَنظر الواحد إلى الآخر. يسوع بنظرته الجادّة الـمُختَرِقة، ويوحنّا بنظرته الطاهرة والباسمة، بوجهه الفتيّ الذي يبدو كوجه فتاة. يُقَدَّر عمره بحوالي العشرين عاماً، وعلى خدّيه الورديّين لا يُلاحَظ سِوى زغب أشقر يبدو كوشاح مِن ذهب.
يسأله يسوع: «عَمَّن تبحث؟»
«عنكَ أنتَ أيها المعلّم.»
«كيف عرفتَ أنّني معلّم؟»
«المعمدان قال لي ذلك.»
«إذاً لماذا تدعوني حَمَلاً؟»
«لأنّني سمعتُه يدعوكَ كذلك عندما مررتَ يوماً منذ أكثر مِن شهر.»
«وماذا تريد منّي؟»
«أن تقول لنا كلام الحياة الأبديّة، وتُفَرِّج عنّا.»
«ولكن مَن أنتَ؟»
«أنا يوحنّا بن زَبْدي وهذا أخي يعقوب. نحن مِن الجليل، نحن صيّادا سمك وكذلك تلميذان ليوحنّا. وقد كان يقول لنا كلمات الحياة وكنّا نَسمع له لأنّنا نريد اتِّباع الله، وبالتوبة نريد استحقاق غفرانه بتهيئة سُبُل القلب لقدوم مَسيّا. وهو أنتَ. يوحنّا قال ذلك إذ رأى هيئة حمامة تستقرّ عليكَ، وقال لنا: "هوذا حَمَل الله". وأنا أقول لكَ: يا حَمَل الله الحامل خطايا العالم امنحنا السلام، فلم يعد لنا دليل ونفسنا مُضطَرِبة.»
«أين يوحنّا؟»
«لقد اعتَقَلَه هيرودس. إنّه في سجن مكرونة، وقد حاول الأكثر وفاء منا تحريره، ولكنّ ذلك مستحيل. إنّنا عائدون مِن هناك. دعنا ننضمّ إليكَ، يا معلّم. أَرِنا أين تَقطن.»
«فلتأتيا. ولكن هل تعرفان ما الذي تطلبانه؟ مَن يتبعني يتوجّب عليه ترك كلّ شيء: البيت والأهل وطريقة التفكير وحتّى الحياة. سأجعلكما تلميذيّ وصَديقَيّ إذا أردتما ذلك. إنّما أنا لا ثروات لديّ ولا حمايات. أنا فقير وسأبقى فقيراً لدرجة أنّني لا أجد مكاناً أسند إليه رأسي، وأنا مُلاحَق أكثر مِن نعجة تائهة تُلاحِقها الذئاب. فمَذهَبي أكثر صرامة مِن مَذهَب يوحنّا، إنّه يُحَرِّم الحقد. وهو لا يقيم وزناً للمظاهر بل للروح. ويجب أن تُولَدا مِن جديد إذا أردتما أن تكونا مِن أتباعي. هل تريدان ذلك؟»
«نعم يا معلّم. فأنتَ وحدكَ مَن عنده الكلام الذي يمنحنا النور. والذي إذ يَنزِل يَحمِل نور الشمس إلى حيث الظلام والقَفر بغياب الدليل.»
«أَقبِلا إذن ولنَسِر. وفي الطريق سوف أُثقّفكما.»