ج10 - ف9

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء العاشر

 

9- (يسوع يَظهَر للرُّعاة)

 

04 / 04 / 1945

 

كذلك الرُّعاة يمضون سريعاً تحت أشجار الزيتون، وهم واثقون بقيامته إلى درجة أنّهم يتحدّثون ببهجة أطفال سعداء. إنّهم يمضون مباشرة صوب المدينة.

 

«سنطلب مِن بطرس أن يتمعّن به جيّداً ويقول لنا كم هو جميل وجهه.»‏ يقول إيليا.

 

«آه! أنا، مهما كان مدى جماله، لن أكون قادراً على نسيان كم كان مُعَذَّباً.» يهمس إسحاق.

 

«أكنتَ لا تزال تراه حين رُفِع مع الصليب؟» يَسأل لاوي. «وأنتم؟»

 

«أنا، تماماً. كان ضوء النهار وقتها لا يزال جيّداً. لاحقاً، بعينيّ العجوزتين، لم أرَ إلّا قليلاً.» يقول دانيال.

 

«أنا على العكس رأيتُه إلى أن بدا لي ميّتاً. قد وددتُ لو أكون أعمى كي لا أرى.» يقول يوسف.

 

«آه! حسناً. الآن قد قام، وذلك ينبغي أن يجعلنا سعداء.» يقول يوحنّا ليعزّيه.

 

«وفكرة أنّنا لم نفارقه إلاّ لنكون مُـحِبِّين.» يضيف يوناثان.

 

«لكن قلبنا بقي هناك فوق. على الدوام.» يتمتم متّياس.

 

«على الدوام. نعم. أنتَ الّذي رأيتَ وجهه على المنديل، قل: كيف هو؟ يشبهه؟» يَسأَل بنيامين.

 

«كما لو كان يتكلّم.» يُجيب إسحاق.

 

«هل سنرى ذلك الوشاح؟» يَسأَل كُثُر.

 

«آه! الأُمّ تُريه للجميع. سوف ترونه بالتأكيد. لكنّه مشهد حزين. مِن الأفضل رؤية... آه! يا ربّ!»

 

«أيّها الخدّام الأوفياء، ها أنا ذا. امضوا. سوف أنتظركم بعد بضعة أيّام في الجليل. أريد أن أقول لكم مجدّداً إنّني أحبّكم. إنّ يونان مغبوط، مع الآخرين، في السماء.»

 

«يا ربّ! آه! يا ربّ!»

 

«السلام لكم يا أصحاب الإرادة الصالحة.»

 

‏يختفي الربّ القائم مِن الموت في أشعة شمس الظهيرة الساطعة. وحين يرفعون رؤوسهم، لا يعود هناك. إنّما تبقى فقط البهجة العظيمة لرؤيته كما هو الآن. ممجّداً.

 

ينهضون، متجلّين بالفرح. ومِن فرط تواضعهم، لا يُحسِنون إقناع أنفسهم باستحقاقهم رؤيته، ويقولون: «لنا! لنا! كم هو صالح ربّنا! مِن ولادته إلى انتصاره، دوماً هو مُتواضِع وكريم مع خدّامه المساكين!»

 

«وكم كان وسيماً!»

 

«آه! إنّه وسيم للغاية، لم يكن أبداً بهذه الوسامة! يا للجلال!»

 

«قد بدا أكبر وأكثر نُضجاً.»

 

«إنّه بحقّ الـمَلِك!»

 

«آه! لقد كان يقال عنه الـمَلِك المسالم! لكنّه أيضاً الـمَلِك المرعب بالنسبة لأولئك الّذين عليهم أن يخافوا دينونته!»

 

«هل رأيتَ أيّة أشعّة كانت تنبعث مِن وجهه؟»

 

«وأيّ وميض في عينيه!»

 

«أنا لم أكن أجرؤ على التحديق به. وكنتُ مع ذلك أودّ التحديق به، لأنّني ‏أعتقد بأنّه ربمّا لن يُتاح لي رؤيته هكذا إلاّ في السماء. وأريد أن أعرفه لكي لا أختبر الخوف منه حينها.»

 

«آه! ليس علينا أن نخاف إذا بقينا على ما نحن عليه: خدّامه الأوفياء. لقد سمعتَ: "أريد أن أقول لكم مجدّداً إنّني أحبكّم. السلام لكم يا أصحاب الإرادة الصالحة." آه! ولا كلمة زيادة. إنّما تلك الكلمات القليلة قد تضمّنت الرضى الكامل على ما فعلناه حتّى الآن، ووعوده الأعظم للحياة الآتية. آه! لنُنشِد نشيد الفرح. نشيد فرحنا: "المجد لله في السماوات العلى، والسلام على الأرض لأصحاب الإرادة الصالحة. الربّ قام حقّاً، كما قال على لسان الأنبياء، وبكلمته الّتي لا عيب فيها. وبدمه محا كلّ ما ألقته عليه قبلة إنسان مِن الفساد، وكونه مُطهَّراً كما هو المذبح، اتَّخذَ جسده جمال الله الفائق الوصف. وقبل أن يصعد إلى السماوات، ظهر لخدّامه. هللويا.  لنمضِ منشدين، هللويا! شباب الله الأبديّ! هيّا بنا نبشّر الوثنيّين بأنّه قام، هللويا! البارّ، القدّوس قام، هللويا، هللويا! مِن القبر خرج خالداً. والإنسان البارّ قام معه. في الخطيئة كما في كهف كانت قلوب الناس مسجونة. هو مات ليقول: "قوموا!" والّذين كانوا مشتَّتين قاموا، هللويا! وبعد أن فَتَحَ أبواب السماوات للمختارين، قال: "تعالوا،" وبدمه المقدّس سمح لنا نحن بأن نصعد إليها أيضاً. هللويا!»

 

متّياس، التلميذ المتقدّم بالعمر الذي كان مسبقاً تلميذاً ليوحنّا المعمدان، يمضي في المقدّمة وهو يُنشِد، كما ربّما في ما مضى كان داود قد أنشد أمام شعبه عبر طرق اليهوديّة. الآخرون يتبعونه، منشدين جوقة على كلّ "هللويا" بغبطة مقدّسة.

 

يوناثان، أحد أفراد المجموعة، وفيما أورشليم أصبحت أسفل التلّة الصغيرة الّتي يهبطونها سريعاً، يقول: «بولادته فقدتُ موطني ومنـزلي، وبموته فقدتُ المنـزل الجديد الّذي كنتُ أعمل فيه بأمانة لثلاثين عاماً. إنّما حتّى لو انتزعوا حياتي منّي بسببه، سأموت في الفرح، لأنّني سأكون قد فقدتُها مِن أجله. لستُ أحقد على مَن ظلمني. إنّ ربّي قد عَلَّمني بموته الوداعة الكاملة. ولستُ قلقاً حيال الغد. مسكني ليس هنا. بل في السماء. سوف أعيش في الفقر العزيز جدّاً عليه، وسوف أخدمه حتّى اللحظة ‏الّتي يناديني فيها... و... نعم... سوف أقدّم له أيضاً مفارقة... سيّدتي1... إنّ ذلك هو الشوكة الأقسى... إنّما الآن وقد رأيتُ آلام المسيح ومجده، ليس عليَّ أن آبه لألمي، بل فقط الرجاء بالمجد السماويّ. هيّا نقول للرُّسُل إنّ يوناثان هو خادم خدّام المسيح.»

----------

1- يُوَنّا امرأة خُوزي (قد تمّ طرده من قبل خُوزي الّذي كان وكيله).