ج1 - ف28

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الأول

 

28- (دَعي لي أمر تبرئة ساحتكِ أمام عروسكِ)

 

25 / 03 / 1944

 

تقول مريم:

 

«أيّتها الابنة الحبيبة، عندما انتهت النشوة التي ملأتني بفرح لا يمكن التعبير عنه، عادت أحاسيسي لتتفتّح على الأشياء الأرضيّة. أولى الأفكار الواخزة كَشَوك زهرة، التي وَخَزَت قلبي المغمور بزهور الحبّ الإلهيّ الذي أصبَحَ عروسي منذ زمن، كانت فِكرة يوسف.

 

لقد وهبتُ حبّي بالفعل لحارسي القدّيس المتيّقظ. منذ اللحظة التي أرادتني فيها المشيئة الإلهيّة، مِن خلال كلمة الكاهن، عروسة ليوسف، تمكّنتُ مِن التعرّف إليه وتثمين قداسة هذا البارّ. فباتّحادي به، أحسستُ بزوال وحدتي كيتيمة، ولم أعد أتحسّر على الهيكل، الملجأ الذي أضعتُ. كان تعويضاً لي عن عذوبة أبي الغائب. بقربه كنتُ أحسّ بالأمان كما بجانب الكاهن. لقد هوى كلّ تردّد، ليس هوى وحسب بل نُسِيَ، لقد ابتَعَدَ كلّياً عن قلبي، قلب عذراء. كنتُ قد أدركتُ أنّ أيّ تردّد وأيّ تخوُّف لم يكن ليجد لـه طريقاً حيال يوسف الذي عهدتُ إليه ببتوليّتي، فكنتُ أكثر اطمئناناً عليها مِن طفل في أحضان أُمّه.

 

كيف سأخبره الآن أنّني سأصبح أُمّاً؟ كنتُ أبحث عن الكلمات لأنقل لـه الخبر. إنّ هذا البحث صعب. لم أكن أريد أن أتبجّح بنعمة الله، كما لم أكن أستطيع أن أبرّر أمومتي بأيّة طريقة غير القول: "الربّ أحبَّني مِن بين سائر النساء وجَعَلَ منّي، أنا خادمته، عروسة له". أو أن أغشّه بإخفاء حالتي، وهذا ما لم أكن أريده أيضاً.

 

ولكنّني، بينما كنتُ أصلّي، قال لي الروح القدس الذي ملأني: "اصمتي أنتِ، واتركي لي الاهتمام بتسوية وضعكِ مع عروسكِ." متى؟ كيف؟ لم أسأله. كنتُ دائمة الاتّكال على الله، كما تترك الوردة نفسها للماء الذي يحملها. لم يتركني الأزليّ أبداً دون عون منه. لقد سانَدَتني يده وحَمَتَني وقادَتني إلى هنا. وسوف يفعل ذلك الآن.

 

يا ابنتي، كم هو جميل ومؤاس الإيمان بالأزليّ، الله الصالح! يتقبّلنا بين ذراعيه مثل مهد. يحملنا مثل مركب إلى شاطئ الخير المضيء، يدفئ قلوبنا، يعزّينا ويغذّينا، يمنحنا الراحة والمسرّة ويهبنا النور ويهدينا. فالثقة بالله هي كلّ شيء لمن يثق به: يعطيه ذاته.

 

هذا المساء حَمَلتُ ثقتي كخليقة إلى كلّيّ الكمال. الآن أستطيع فعل ذلك لأنّ الله فيَّ. في البدء كنتُ أثق ثقة الخليقة المسكينة التي كُنتُها: دائماً لا شيء، حتّى ولو كنتُ المحبوبة كثيراً لكوني المنزّهة عن كلّ عيب. إلاّ أنّني الآن أملك ثقة إلهيّة لأنّ الله فيّ: عروسي، ابني! يا لها مِن فرحة! أن أتّحد بالله. ليس لمجدي ولكن لمحبّته في وحدة تامّة ولتمكُّني مِن القول له: "أنتَ، أنتَ وحدكَ الذي فيَّ، كن أنتَ الفاعل بكمالكَ الإلهيّ كلّ ما أفعله أنا."

 

لو لم يقل لي هو نفسه: "اصمتي" لكنتُ تجرّأتُ أن أبوح ليوسف بوجه منخفض للأرض: "لقد حلَّ الروح فيَّ وأنا أحمل الآن بذرة الله." وكان هو سيصدّقني، لأنّه كان يُقدِّرُني، ولأنّه، ككلّ الذين لا يكذبون أبداً، لا يمكنه الاعتقاد أنّ الآخرين يكذبون. نعم، لكي أُجنّبه الألم الـمُقبِل، كنتُ قد تجاوزت اشمئزازي مِن أن أنسب لنفسي فخراً كهذا. ولكنّني أطعتُ الأمر الإلهيّ. وخلال أشهر، ابتداء مِن هذه اللحظة، أُحِسُّ بأوّل جرح يدمي قلبي.

 

أولى آلامي، لكوني المختارة للمشاركة في الفداء، قد قدّمتُها لله وتحمّلتُها، لأعطيكم قاعدة للسلوك في أوقات الألم المماثلة، عندما يتوجّب عليكم الصمت في ظرف حادث يضعكم في جوّ غير ملائم أمام مَن يحبّكم.

 

دعوا لله مهمّة الحفاظ على سمعتكم والمشاعر التي تملأ قلوبكم. استحِقّوا، بحياة مقدّسة، حماية الله، ثمّ اذهبوا بسلام مطمئنّين حتّى ولو كان العالم كلّه ضدّكم، فسيُدافع هو عنكم لدى مِن يحبّكم، وسيُظهِر الحقيقة.

 

استريحي الآن يا ابنتي، وكوني ابنتي باستمرار.»