ج2 - ف15

أَنَا هُوَ

ماريا فالتورتا

L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO

THE GOSPEL AS REVEALED TO ME

بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}

L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ

MARIA VALTORTA

الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.

 

الجزء الثاني / القسم الأول

 

15- (ما لي ولكِ، بعد اليوم، يا امرأة؟)

 

16 / 01 / 1944

 

يسوع يشرح لي معنى الجملة:

 

«هذه الـ "بعد اليوم" التي يَـمُرُّ عليها الكثير مِن المترجِمين بالصمت واللامبالاة هي مفتاح الجملة، وهي التي تشرحها بمعناها الصحيح.

 

لقد كنتُ الابن الخاضع لأُمّه حتّى اللحظة التي أشارَت لي فيها إرادة أبي أنّ الساعة قد زَفَّت لأكون المعلّم. فاعتباراً مِن اللحظة التي بَدَأَت فيها الرسالة، لم أعد الابن الخاضع لأُمّه، بل خادم الله. والروابط التي تربطني بمن حَبلت بي ووَلَدتني قد انقَطَعَت. لقد تحوَّلَت إلى روابط ذات طبيعة أسمى كثيراً. لقد ارتَدَّت كلّها إلى الروح. فالروح ينادي دائماً مريم، قدّيستي "ماما". والحبّ لم يعرف حدوداً، ولم يَفتَر، إنّما على العكس تماماً، لم يكن أبداً كاملاً بقدر ما كان عليه لحظة انفصالي عنها مِن أجل وِلادة ثانية، حيث وَهَبَتني للعالم، مِن أجل العالم، كمَسيّا، كمبشّر. وأمومتها الروحانيّة الثالثة السامية كانت عندما، في انفطار القلب على الجلجلة، وَلَدَتني للصليب جاعلة منّي فادي العالم.

 

"ما لي ولكِ بعد اليوم؟" لقد كنتُ في البدء لكِ، فقط لكِ. لقد كنتِ تأمرينني وكنتُ أطيعكِ. كنتُ خاضعاً لكِ. والآن أنا لرسالتي.

 

ألم أقل ذلك؟ "إنّ مَن يَضَع يده على المحراث ويلتفت إلى الوراء لتحيّة مَن بَقِيَ فهو غير أهل لملكوت السماوات". لقد وَضَعتُ يدي على المحراث لأفتح بالسكّة ليس الأرض بل القلوب، لأزرع فيها كلمة الله. ولم أرفع هذه اليد إلّا حينما انتَزَعوها منّي ليُسمّروها على الصليب، ولأفتح بعذاب هذا المسمار قلب أبي بإخراجي مِن الجرح الغفران لكلّ البشريّة.

 

هذه الـ "بعد اليوم"، التي نَسِيَها الكثيرون كانت تريد قول هذا: "كنتِ لي كل شيء، أيّتها الأُمّ، طالما كنتُ يسوع بن مريم الناصريّ، وكنتِ كلّ شيء في روحي، ولكن مُذ أصبحتُ مَسيّا الـمُنتَظَر فقد أصبحتُ في ما هو لأبي. انتظري قليلاً بعد، وما أن تنتهي رسالتي حتّى أعود مِن جديد بكلّيتي لكِ. سوف تضمّينني كذلك بين ذراعيكِ كما حينما كنتُ صغيراً، ولن يزاحمكِ أحد على ذلك، هذا الابن الذي هو لكِ، والذي سيُنظَر إليه وكأنّه عار البشريّة، والذي ستُرمى لكِ جثّته لتلبسي أنتِ أيضاً خزي كونكِ أُمّ مجرم. ومِن ثمّ سوف تحصلين عليَّ مِن جديد منتصراً، وثمّ ستحصلين عليَّ على الدوام منتصرة أنتِ أيضاً في السماء. أمّا الآن فأنا لكلّ هؤلاء الناس وأَخُصّ الآب الذي أرسَلَني إليهم.

 

هذا ما عَنَته الـ "بعد اليوم" الصغيرة الـمُحَمَّلة بالدلالات.»

 

أعطاني يسوع هذه المعلومة:

 

«عندما قُلتُ للتلاميذ: "هيّا بنا نُفرِح والدتي". أردتُ إعطاء هذه الجملة معنى أسمى ممّا يبدو. فلم يكن ذلك الفرح برؤيتي، إنّما بأن تكون البادئة بنشاطي العجائبيّ، وأولى الـمُحسِنات إلى البشريّة.

 

تذكّروا ذلك على الدوام. معجزتي الأولى حَصَلَت بواسطة مريم. الأولى. وهذا هو الرمز إلى أنّ مريم هي مفتاح المعجزة، فأنا لا أرفض شيئاً لوالدتي، وبسبب صلاتها أَجعَل النعمة سابقة لأوانها. أَعرِف والدتي، فهي في المرتبة التالية بعد الله في الصّلاح. أنا أعرف أنّ منحكم النِّعم يعني إسعادها لأنّها "الكلّية الحبّ"، لذلك قُلتُ أنا الذي كنتُ أَعلَم: "هيّا بنا نُفرِحها".

 

بالإضافة إلى ذلك فقد أردتُ أن أُظهِر للعالم قُدرتها بنفس الوقت مع قُدرتي. كونها مَدعوّة للاتّحاد بي بالجسد -ذلك أنّنا كنّا جسداً واحداً: أنا فيها وهي حولي، مثل بتلات الزنبق حول المدقّة ممتلئة عطراً وحياة، ومتّحدة بي بالألم ـ ذلك أنّنا كنّا معاً على الصليب، أنا بجسدي وهي بروحها، تماماً مثل الزنبقة يفوح أريجها مِن تويجها ومِن العطر الـمُستَخرَج منها على السواء- فقد كان صحيحاً أنّها كانت متّحدة بي بالقُدرة التي ظَهَرَت للعالم.

 

أقول لكم ما كنتُ أقوله للمَدعوّين: "اشكُروا مريم. فبواسطتها حصلتم على معلّم المعجزة ونلتم كلّ نِعَمي، خاصّة نِعَم الغفران".

 

استريحي بسلام. نحن معكِ.»