ج3 - ف11
أَنَا هُوَ
ماريا فالتورتا
L'EVANGELO COME MI È STATO RIVELATO
THE GOSPEL AS REVEALED TO ME
بالفرنسية: {الإنجيل كما أوحي به إليّ}
L' ÈVANGLE TEL QU’IL M’A ÈTÈ RÈVÈLÈ
MARIA VALTORTA
الترجمة إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح.
الجزء الثالث / القسم الأول
11- (في قانا. في بيت سُوسَنّة. الضابط الملكيّ)
01 / 05 / 1945
مِن المحتمل أن يكون يسوع متوجّهاً صوب البحيرة. بالتأكيد هو ذاهب إلى قانا، إلى بيت سُوسَنّة. ومعه ابنا عمّه. يتوقّف في البيت، يَأخذ قِسطاً مِن الراحة ويتناول طعامه ليستعيد عَزمه ونشاطه. الأهل والأصدقاء في قانا يستمعون إليه كما دائماً. يسوع يُثقِّف فقط أولئك الأشخاص الصالحين. إنّه يواسي زوج سُوسَنّة ويخفّف عنه ألمه، إذ يُفتَرَض أنّها مريضة، فهي ليست هنا. وأَسمَعهم يتحدّثون بِلَجاجَة عن آلامها. حينذاك يَدخُل رجل حَسَن الهِندام، ويَسجُد عند قدميّ يسوع.
«مَن أنتَ؟ وماذا تريد؟»
بينما يبكي ذاك الرجل ويتنهّد، يَشدّ ربّ البيت يسوع مِن ثوبه ويَهمس له قائلاً: «إنّه ضابط وهو حاكم الربع. لا تثق به كثيراً.»
«إذن، هات قُل ماذا تريد منّي؟»
«يا معلّم، قد عَلِمتُ أنّكَ عُدتَ، وكنتُ أنتظركَ كما يُنتَظر الله. تعال بسرعة إلى كفرناحوم. فابني راقِد، إنّه مريض لدرجة أن سـاعاته معدودة. ولقد التقيتُ تلميذكَ يوحنّـا الذي أَعلَمَني أنّكَ كنتَ آتياً إلى هنا. تعال. تعال في الحال، قبل أن يفوت الأوان.»
«كيف؟ كيف يمكن أن تؤمن بي وأنتَ خَادِم مُضطَهِد قِدّيس إسرائيل؟ إنّكَ لا تؤمن بِسابق مَسيّا، فكيف يمكنكَ إذن أن تؤمن بمَسيّا؟»
«هذا صحيح. إنّنا نخطئ بالشكّ وبالقسوة. أمّا أنتَ فكن رحيماً بِأب! إنّني أعرف خُوزي، وقد رأيتُ يُوَنّا. رأيتُها قبل المعجزة وبعدها، وقد آمَنتُ بكَ.»
«نعم، إنّكم جيل شكّاك كافر فاسد مُنحَرِف، لا تؤمنون بغير الآيات والأعاجيب. تنقصكم المميّزة الأولى التي لا بد منها للحصول على المعجزة.»
«صحيح! صحيح تماماً! ولكنّكَ ترى... إنّني أؤمن بكَ الآن وأتوسل إليكَ: تعال، تعال في الحال إلى كفرناحوم. سوف أَجِد لكَ قارباً في طبريّا لتصل بشكل أسرع. إنّما تعال قبل أن يموت وَلَدي!» ويبكي حزيناً.
«لن آتي الآن. إنّما اذهب أنتَ إلى كفرناحوم. ومنذ هذه اللحظة قد شُفِيَ ابنكَ وسيعيش.»
«باركَكَ الله، يا سيّدي. أُؤمن. إنما بما أنّني أرغَب في أن يُحتَفَل بكَ ويَحتفي أهل بيتي جميعاً، فتعال فيما بعد إلى كفرناحوم، إلى بيتي.»
«سوف آتي. الوداع. وليكن السلام معكَ.»
يَخرُج الرجل مسرعاً، وبعدها مباشرة يُسمَع خَبَب حوافر حصان.
«ولكن، هل شُفِيَ حقّاً ذاك الوَلَد؟» يَسأَل زوج سُوسَنّة.
«وهل يمكنكَ الاعتقاد بأنّني أكذب؟»
«لا يا سيّدي، ولكنّكَ هنا والوَلَد هناك.»
«لا الحواجز تعيق روحي ولا المسافات.»
«آه يا سيّدي. أنتَ يا مَن حَوَّلَ الماء خمراً في عرسي، حَوِّل دموعي ابتسامة واشف سُوسَنّة.»
«ماذا ستعطيني بالمقابل؟»
«المبلغ الذي تريد.»
«أنا لا أُدنَّس بما هو مقدّس بدم الشيطان. سَلْ روحكَ ماذا ستعطيني.»
«أنا ذاتي، لو أردتَ.»
«وإذا كنتُ أطلب تضحية كبيرة، وبدون نقاش؟»
«ربّي، إنّي أسألكَ الصحّة لزوجتي والتقدّيس لنا جميعاً. وأعتقد أنّه، للحصول على ذلك، لا يمكنني الإحجام عن أيّة تضحية مهما عَظمت...»
«إنّكَ تتألّم مِن أجل زوجتكَ. إنما لو أَعَدتُها أنا إلى الحياة مع استمالتها كي تكون تلميذة دائمة لي، فما يكون قولكَ؟»
«أنّ... أنّ لكَ كلّ الحقّ... وأنّ... وأنّني أقتدي بإبراهيم في الإسراع بالتضحية.»
«أَحسَنتَ القول. اسمعوا جميعكم: إنّ زمن تضحيتي يقترب. مثل الماء، يسيل سريعاً نحو الـمَصَبّ. يجب أن أُتمّ كلّ ما ينبغي لي فِعله. وقَسوة البشر تَسدّ في وجهي حقل رسالة واسعاً جدّاً... أُمّي ومريم التي لحلفى سوف تأتيان معي عندما أرحل بعيداً لأمضي وسط الأمم التي لا تحبّني بعد، أو التي لن تحبّني أبداً. وبِحِكمتي أَعلَم أنّ بإمكان النساء مساعدة المعلّم في المجال الـمُحَرَّم. فلقد أتيتُ لأفتدي المرأة أيضاً. وفي زمني، سوف تُرى النساء شبيهات بالكَهَنَة في خدمة الربّ وخُدّام الله. وأنا قد اختَرتُ تلاميذي. إنمّا لاختيار النساء اللواتي لا يتمتّعن بالحريّة، فينبغي لي أن أطلبهنّ مِن آبائهنّ ومِن أزواجهنّ. هل توافق على ذلك؟»
«ربّي... إنّني أحبّ سُوسَنّة، وحتّى الآن أَحبَبتُها كجسد أكثر منها كروح. ولكن بتأثير تعاليمكَ، فقد تغيّر شيء في داخلي وأصبَحتُ أرى في زوجتي نَفْساً كذلك، عَلاوة على الجسد. والنَّفْس تخصّ الله، وأنتَ مَسيّا، ابن الله. فلا أستطيع منازعتكَ الحقّ على ما يخصّ الله وهو مِلك له. فلو أرادت سُوسَنّة أن تتبعكَ فلن أقف في وجهها. فقط أتوسّل إليكَ، اجتَرِح معجزة الشفاء لها، لجسدها، ولي أنا، لأحاسيسي...»
«لقد شُفِيت سُوسَنّة. وسوف تأتي خلال ساعات لتزفّ لكَ بُشرى فَرَحها. دَع نَفْسها تتبع اندفاعها دون التحدّث عما قُلتُه لكَ. وسوف ترى أنّ نفسها ستأتي إليَّ بتلقائيّة الشُّعلة التي تَنـزَع إلى العلاء. وهذا لن يقضي على حبّها كزوجة، ولكنّه يرتقي إلى أعلى درجة التي هي التَّحابّ مِن خلال أفضل ما فينا: الروح.»
«سُوسَنّة مِلك لكَ يا ربّ. كان المفروض أن تموت ببطء، إنّما مع آلام مبرّحة. وعندما تموت أكون قد خَسِرتُها حقيقة على الأرض. ولكن طالما الأمور كما تقول، فإنّها ستبقى إلى جانبي لتقودني في طُرقكَ وعلى خُطاكَ. فالله أعطى والله أَخَذَ، تَبارَكَ الله مِن أجل هذه العطيّة التي وَهَبنيها ومِن أجل ما يَطلبه منّي.»