Bahjatul Wasa'il

الرَّسَالة الجَامِعَة

والتَّذْكِرَةُ النَّافِعَةُ

تأليف

السَّيّد الشَريف العَالِم العَلاَّمة

الحَبيب أحَمِد بن زَين بْن عَلَوي الحَبَشِيّ

رَحِمَه الله تعالى

(1069-1145هـ)

ترَجَمَة صَاحِبِ الرّسَالة

أحمد بن زين علوي بن أحمد.. العلوي الحبشي.

مولده بمدينة » الغُرْفة « في أوائل عام 1069 من الهجرة، وبها تدرج حتى أيفع.كان في مبتدأ طلبه كثير التنقل ماشياً إلى » شِبَام « و » تَرِيس « ، و » سيؤون « و »تَرِيم « في سبيل العلم.

واستوعب على شيخه السيد » أحمد بن عبد الله بلفقيه « كافةَ العلوم الشرعية وفروعها، وكتب التصوّف والسِّيَر، واللغة والبلاغة والأدب.

وصحب قطب الإرشاد السيد » عبد الله بن علوي الحداد « مدى أربعين عاماً، قارئاً عليه في غضونها نيِّفاً وسبعين مؤلفاً في مختلف العلوم والفنون؛ حتى أن المنية وافت شيخه وهو يقرأ عليه الموطأ.

ويصفه شيخه بالعالم الزاهد، الذي يُرْحل إليه.

له عدة مؤلَّفات وخطب، ووصايا ومكاتبات؛ وكلها نافعة ومفيدة.

وقد شيَّد بضعة عشر مسجداً في نواحي متعددة بحضر موت.

تُوفي عصر يوم الجمعة 19 شعبان عام 1145 بحضر موت([1]).

الرَّسَالة الجَامِعَة

والتَّذْكِرَةُ النَّافِعَةُ

تأليف

السَّيّد الشَريف العَالِم العَلاَّمة

الحَبيب أحَمِد بن زَين بْن عَلَوي الحَبَشِيّ

رَحِمَه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، حَمْداً يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ. وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم. قَالَ رَسُوْلُ اللهِ  : » طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِم ومُسْلِمَةٍ «. وَقَال 

 : »مَنْ سَلَكَ طَرِيْقَاً يَلْتَمِسُ فِيْهَا عِلْمَاً سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيْقَاً إلَى الْجَنَّةِ « .

وَبَعْدُ: فَهَذِهِ مَسَائِلُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ حُجَّةِ الإسْلاَمِ الْغَزَالِيِّ غَالِبَاً. مَنْ عَرَفَهَا وَعَمِلَ ِهَا نَرْجُو لَهُ مِنَ الله أنْ يَكُوْنَ مِنْ أهْلِ الْعِلْمِ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً. وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ.

[ أرْكَانُ الإسلام ]

أرْكَانُ الإسْلاَم خَمْسَةٌ: شَهَادَةُ أنْ لا إلِهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ الله. وَإقَامُ الصَّلاَةِ. وإيْتَاءُ الزَّكَاةِ. وَصَوْمُ رَمَضَانَ. وَحَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيْلاً. مَعَ الإخْلاَصِ وَالتَّصْدِيْقِ. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُخْلِصَاً فَهُوَ مُنَافِقٌ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقَاً بِقَلْبِهِ فَهُوَ كَافِرٌ. وَأَصْلُ الإيْمَانِ: أنَ تَعْتَقِدَ أنَّ اللهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ. وَأنَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلاَ مِثْلَ لَهُ وَلاَ شِبْهَ لَهُ؛ } لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ الْبَصِيْرُ {. خَلَقَ السَّموَاتِ والأرْضَ. وَخَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ.

وَالْطَاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ. وَالصِّحَّةَ وَالسَّقَمَ. وَجَمِيْعَ الْكَوْنِ وَمَا فِيْهِ. وَخَلَقَ الْخَلْقَ وَأعْمَالَهُمْ. وَقَدَّرَ أرْزَاقَهُمْ وَآجَالَهُمْ. لاَ تَزِيْدُ وَلاَ تَنْقُصُ.

وَلاَ يَحْدُثُ حَادِثٌ إِلاَّ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإرَادَتِهِ. وَأنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ. عَالِمٌ. مُرِيْدٌ. قَادِرٌ. مُتَكَّلِّمٌ.سَمِيْعٌ. بَصِيرٌ. يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ. وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأخْفَى. خَالِقُ كُلِّ شيءٍ. وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. وَأَنَّهُ تَعَالَى بَعَثَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُوْلَهُ إِلَى جَمِيْعِ الْخَلْقِ. لِهِدَايَتِهِمْ. وَلِتَكْمِيْلِ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ. وَأيَّدَهُ بِالمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَةِ. وَأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ صَادِقٌ فِي جَمِيْع مَا أخْبَرَ بِهِ عَنْ الله تَعَالَى: مِنَ الصِّرَاطِ وَالمِيْزَانِ وَالْحَوْضِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنْ أمُوْرِ الآخِرَةِ وَالْبَرْزَخِ. وَمِنْ سُؤَالِ المَلَكَيْنِ وَعَذَابِ القَبْرِ وَنَعِيْمِهِ. وَأنَّ الْقُرْآنَ. وَجَمِيْعَ كُتُبِ اللهِ المُنَزَّلَةِ حَقُّ. وَالْمَلائِكَةَ حَقُّ. وَالْجَنَّةَ حَقٌّ. وَالْنَّارَ حَقٌ. وَجَمِيْعَ مَا جَاءَ بِهِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ 

 حَقٌّ.

فَصْلٌ

فُرُوضُ الوُضُوءِ سِتَّةٌ:الأوَّلُ: النِّيَّةُ. الثَّانِي: غَسْلُ الْوَجْهِ، وَحَدُّهُ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ طُوْلاً، وَعَرْضَاً مِنَ الأذُنِ إِلَى الأذُنِ. الثَّالِثُ: غَسْلُ الْيَدَايْنِ إلَى المِرْفَقَيْنِ. الرَّابعُ: مَسْحُ شَيءٍ مِنْ بَشَرَةِ الرَّأْسِ أوْ شَعْرٍ في حَدِّهِ. الْخَامِسُ: غَسْلُ الرِّجْلَيْن مَعَ الْكَعْبَيْنِ. السَّادِسُ: التَّرْتِيْبُ عَلَى هذِهِ الْكَيْفِيَّةِ.وَإنْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ مِنْ مُجَامَعَةٍ، أوْ خُرُوجِ مَنيِّ بِنَوْم أوْ غَيْرِهِ: لَزِمَهُ غَسْلُ جَمِيْعِ بَدَنِهِ مَعَ نِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ.

وَيْنقُضُ الْوُضُوءَ: الْخَارِجُ مِنْ أحَدِ الْسَّبِيْلَيْنِ الْقُبُلِ أوْ الدُّبُرِ عَلَى مَا كَانَ. وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ زَوَالُ الْعَقْلِ بِنَوم أوْ غَيْرِهِ إِلاَّ نَوْمَ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَتَهُ مِنَ الأرْضِ. وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ: مَسُّ قُبُلِ أوْ دُبُرِ آدَمِيِّ مِنْهُ أوْ مِنْ غَيْرِهِ بِبَطْنِ الْكَفِّ وَبُطُوْنِ الأصَابِع، كَبِيْراً كَانَ أوْ صَغِيْراً وَلَوْ وَلَدَهُ مَيِّتاً. وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ كَبِيْرَيْنِ أجْنَبِيَّيْنِ بِلاَ حَائِلٍ؛ إِلاَّ ظُفْراً أوْ شَعْراً أوْ سِنًّا فَلاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.

وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلاَةِ: مَعْرِفَةُ دُخُوْلِ الْوَقْتِ بِيَقِيْنٍ، أوْ اجْتِهَادٍ، أوْ غَلَبَةِ ظَنِّ، فَإنْ صَلَّى مَعَ الشَّكِّ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ. وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ القِبْلَةِ، وَيَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِسَائِرٍ طَاهِرٍ مُباحٍ. وَيَجِبُ رَفْعُ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ والْبَدَنِ وَالْمَكَانِ. وَيَجِبُ عَلَى القَادِرِ أنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ قَائِمَاً.

فُرُوضُ الصَّلاَةِ النِّيَّةُ وَتَكْبِيْرَةُ الإحْرَامِ مَعَ النِّيَّةِ. وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بالْبَسْمَلَةِ. وَالتَّشْدِيْدَاتِ الأَرْبِعِ عَشْرَةَ. وإخْرَاجِ الضَّادِ مِنَ الظَّاءِ وَلَيْسَ فِي الْفَاتِحَةِ ظَاءٌ.  ثُمَّ الرُّكُوْعُ. وَيَجِبُ أنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ تَنَالُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ.

وَيَطْمَئِنَّ فِيْهِ وُجُوْبَاً حَتَّى تَسْكُنَ أعْضَاؤُهُ. ثمَّ الاعْتِدَالُ. وَيَطْمِئَنُّ فِيْهِ وُجُوْبَاً. ُمَّ السُّجُودُ مَرَّتَين. وَالْجُلوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَيَطْمَئِنُّ وُجُوباً فِي الكُلِّ. وَيَفْعَلُ بَاقِيَ الرَّكَعَات كَذَلِكَ. وَالتَّشَهُّدُ الأوَّلُ. وَقُعُوْدُه سُنَّةٌ. والتَّشَهُّدُ الأخِيْرُ. والْجُلُوسُ فِيْهِ فَرْضٌ. والصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ 

 بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلاَم فَرْضٌ. وَالسَّلاَمُ مِنَ الصَّلاَةِ فَرْضٌ.

وَأقَّلُّ السَّلاَمِ: » السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ « .وَأَقَلُّ التَّشَهُّدِ الوَاجِبِ: الْتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. سَلاَمٌ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ. سَلاَمٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصّالِحِيْنَ. أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ. وَأَقَلُّ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ 

 : »اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ«. وَيَنْبَغِي أنْ يَأْتِيَ بِالسُّنَن جَمِيْعِهَا وَهِيَ كَثِيْرَةٌ جِدًّا. وَيَنْبَغِي الاعْتِنَاءُ بالإخْلاَصِ: وَهُوَ الْعَمَلُ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَيَنْبَغِي الْحُضُوْرُ: وَهُوَ أنْ يَعْلَمَ بِمَا يَقُولُ وَيَفْعَلُ. وَالْخُشُوْعُ: وَهُوَ سُكُوْنُ الأعْضَاءِ، وَحُضُوْرُ الْقَلْبِ، وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ وَتَفَهُّمُهَا؛ فَإنَّمَا يَتَقَبّلُ الله مِنَ الصَّلاَةِ بِقَدْرِ الْحُضُورِ. وَيَحْرُمُ الرِّيَاءُ فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا: وَهُوَ الْعَمَلُ لأَجْلِ النَّاسِ.

وَيُبْطِلُ الصَّلاَةَ: الْكَلاَمُ عَمْدَاً وَلَوْ بِحَرْفَيْنِ. وَنَاسِيَاً إِنْ كَثُرَ. وَيُبْطِلُهَا: الْعَمَلُ الْكَثِيْرُ كَثَلاَتِ خَطَوَاتٍ. والأكْلُ. وَالشُّرْبُ. وَانْكِشَافُ الْعَوْرَةِ إِنْ لَمْ تُسْتَرْ حَالاً. وَوُقُوْعُ النَّجَاسَةِ إِنْ لَمْ تُلْقَ حَالاً مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ. وَيُبْطِلُهَا سَبْقُ الإمَامِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ. وَكَذَا التَّخَلُّفُ بِهِمَا بِغَيْرِ عُذْرٍ. ولاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ خَلْفَ كَافِرٍ، وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى. والْجُمُعَةُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ذَكَرٍ حُرِّ حَاضِرٍ بِلاَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ: كَالْمَرَضِ وَالمَطَرِ.

وَمِنْ شُرُوْطِ الْجُمُعَةِ الْخُطْبَتَانِ:

وَأَرْكَانُهُمَا:

حَمْدُ الله تَعَالَى. وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ  . وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى. وَقِرَاءَةُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ [ مُفْهِمَةٌ ] فِي إحْدَاهُمَا. والدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِيْنَ فِي الأخِيْرَةِ. وَيَجِبُ أنْ يَخْطُبَ قَائِمَاً مُتَطَهِّرَاً مَسْتُوْرَ الْعَوْرَةِ. وَيَجِبُ الْجُلُوْسُ بَيْنَهُمَا فَوْقَ طُمَأْنِيْنَةِ الصَّلاَةِ. وَالْمُوَالاَةُ. وَصلاَةُ الْجَمَاعَةِ. وَصَلاَةُ الْجَنَازَةِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَالْعِيْدَانِ وَالْكُسُوْفَانِ وَالْوِتْرُ: سُنَنٌ مُؤَكَّدَاتٌ. وَكَذَا رَوَاتِبُ الصَّلاَةِ. وَالضُّحَى وَالتَّرَاوِيْحُ: سُنَنٌ لَهَا فَضْلٌ، وَثَوَابٌ عَظِيْمٌ.

[ الْصَّوْمُ ]

وَأَمَّا الصَّوْمُ وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الإسْلاَمِ: فَهُوَ إمْسَاكٌ مَعْرُوفٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. مِنْهُ النِّيَّةُ لِكُلِّ يَوْمِ َتَبْيِيتُهَا مِنَ اللَّيْلِ. وَالإمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ. والْجِمَاعِ والاسْتِمْنَاءِ بِمُبَاشَرَةٍ. وَالإِسْتِقَاءَةِ بالإخْتِيِارِ. وَمِنْ تَمَام الصَّوْمِ: كَفُّ الْجَوَارِحِ عَمَّا يَكْرَهُهُ الله تَعَالَى مِنَ الأعْضَاءِ السَّبْعَةِ الآتِي ذِكْرُهَا. فَفِي الْحَدِيثِ: »خَمْسٌ يُفَطِّرْنَ الْصَّائِمَ: الْكَذِبُ، وَالْغِيْبَةُ، والنَّمِيْمَةُ، وَالْيَمِيْنُ الْكَاذِبَةُ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ«. وَمِنْ تَمَامِ الصَّوْمِ: تَحَرِّي الإفْطَارِ عَلَى حَلاَلٍ. وَعَدَمُ الاسْتِكْثَارِ مِنَ الأكْلِ. وَيْنْبغِي الإسْتِكْثَارُ مِنَ الصَّوْمِ لاَ سِيَّمَا الأيَّامُ الْفَاضِلَةُ فِي الشَّرْعِ.

وَاللهُ أعْلَمُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.

[ الْزَّكَاةُ ]

وَأَمَّا الزَّكَاةُ وَهِيَ رَابِعُ أرْكَانِ الإسْلاَم: فَتَجِبُ عَلَى المُسْلِم مَعْرِفَةُ أنْوَاعِ الأمْوَالِ الْوَاجِبَةِ فِيْهَا: وَهِيَ النَّعَمُ. وَالنًّقْدَانِ. وَالتِّجَارَةُ. والرِّكَازُ. وَالمَعْدِنُ. والْمُعَشَّرَاتُ، وَهِيَ الْحُبُوبُ، وَالثِّمَارُ؛ فَلاَ زَكَاةَ فِيْمَا سِوَى النَّعَم السَّائِمَةِ. وَيُشْتَرَطُ الْحَوْلُ لَهَا. وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ لِلْنَّقُودِ والتِّجَارَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الأنْوَاعِ النِّصَابُ أيْضَاً. وَواَجِبُ التَّجَارَةِ: رُبْعُ الْعُشْرِ. وَوَاجِبُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ التِي سُقِيَتْ بِمَؤُوْنَةٍ: نِصْفُ الْعُشْرِ. وَبِغَيْرِ مُؤْونَةٍ: الْعُشْرُ.

[ زكاةُ الفِطرِ ]

وَزَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٌّ إذَا فَضَلَتْ عَنْ قُوْتِهِ وَقُوْتِ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَ الْعِيْدِ وَلَيْلَتَهُ- . أرْبَعَةُ أمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ  . وَتَجِبُ النِّيَّةُ فِي الْجَمِيْعِ. وَلاَ يَجُوْزُ أنْ يَصْرِفَ الزَّكَاةَ وَالْفِطْرَةَ إِلاَّ إِلى حُرِّ مُسْلِم مُتَّصِفٍ بِصِفَةِ أحَدِ الأصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ: كَالْفَقِيْرِ. وَالْمِسْكِيْنِ. وَكَوْنِهِ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَلاَ مُطَّلِبِيٍّ وَلاَ مَوْلَى لَهُمَا. وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ الْمَوْجُودِيْن مِنْهُمْ.

[ الْحَجُّ ]

وَأمَّا الْحَجُّ: فَهُوَ خَامِسُ أرْكَانِ الإسْلاَمِ. وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرِّ. (وَكَذَا الْعُمْرَةُ) فِي الْعُمُرِ مَرَّةً ِشَرْطِ الإسْتِطَاعَةِ. وَهِيَ أنْ يَمْلِكَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي سَفَرِهِ إِلَى الْحَجِّ ذَهَابَاً وَإيَابَاً. وَنَفَقَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إِلَى رُجُوْعِهِ. وَأعْمَالُ الْحَجِّ ثَلاَثَةُ أشْيَاءَ: أرْكَانٌ، وَوَاجِبَاتٌ، وَسُنَنٌ. فَالأَرْكَانُ خَمْسَةٌ: الإحْرَامُ: وَهُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي الْحَجَّ أوِ الْعُمْرَةِ. ويُسْتَحَبُّ أنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ: نَوَيْتُ الْحَجَّ أوِ الْعُمْرَةَ وَأحْرَمْتُ بِهِ لله تَعَالَى. وَلاَ يَصِحُّ الإحْرَامُ بِالْحَجِّ إِلاَّ فِي أشْهُرِهِ: وَهِيَ شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَة، وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَآخِرُهَا طُلُوْعُ فَجْرِ لَيْلَة النَّحْرِ. وبَاقِي الأرْكَانِ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. وَطَوَافُ الإفَاضَةِ. وَالسَّعْيُّ. وَالْحَلْقُ أوِ التَّقْصِيْرُ. [ أرْكَانُ الْعُمْرَةِ ] وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ: هِيَ أَرْكَانُ الْحَجِّ إِلاَّ لْوُقُوفَ فَلَيْسَ مِنْهَا. وَيَجِبُ لِلطَّوَافِ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ. وَالطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثَيْنِ وَمِنَ النَّجَاسَةِ. وَأَنْ يَكُوْنَ سَبْعَ طَوْفَاتٍ فِي الْمَسْجِدِ وَالْبَيْتُ عَنْ يَسَارِهِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهُ. وَيَجِبُ أنْ يَكُوْنَ السَّعْيُ سَبْعَاً. وَبَعْدَ طَوَافٍ؛ وَأنْ يَبْدَأَ بالصَّفَا وَيَخْتِمَ بالْمَرْوَةِ. [ وَاجِبَاتُ الْحَجِّ ] وَوَاجِبَاتُ الْحَجِّ: الإحْرَامُ مِنَ الْمِيْقَاتِ. وَالْمَبِيْتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ. وَالْمَبِيْتُ لَيَالِيَ التَّشْرِيْقِ بِمِنًى. وَالرَّمْيُ. وَطَوَافُ الْوَدَاعِ. [ سُنَنُ الْحَجِّ ] وَأمَّا السُّنَنُ: فَكُلُّ مَا سِوَى الأرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ؛ فَمَنْ تَرَكَ رُكْنَاً لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ. وَلاَ يَحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ. وَلاَ يَجْبُرُهُ دَمٌ وَلاَ غَيْرُهُ. وَثَلاثَةٌ مِنَ الأَرْكَانِ لاَ تَفُوْتُهُ مَا دَامَ حَيًّا، وَهِيَ: الطَّوَافُ. والسّعْيُ. والْحَلْقُ. وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً مِنَ الْوَاجِبَاتِ صَحَّ حَجُّهُ وَلَزِمَهُ دَمٌ، وَعَلَيْهِ إِثْمٌ إنْ لَمْ يُعْذَرْ .

وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً مِنَ السُّنَنِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ تَفُوْتُهُ الْفَضِيْلَةُ. وَيَحْرُمُ سَتْرُ رَأْسِ الرَّجُلِ وَوَجْهِ الْمَرأَةِ الْمُحْرِمَيْنِ أوْ بَعْضِهِمَا، وَإزَالَةُ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ، وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَتَطْيِيْبُ جَمِيْعِ الْبَدَنِ. وَيَحْرُمُ عَقْدُ النِّكَاحِ، وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ، وَإتْلاَفُ كلِّ حَيَوَانٍ بَرِّيِّ وَحْشِيِّ مَأْكُولٍ. وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ في الْمُحَرَّمَاتِ.

[ حِفْظُ الْقَلْبِ مِنَ الْمَعَاصِي ]

وَحِفْظُ الْقَلْبِ مِنَ الْمَعَاصِي؛ وَاجِبٌ عَلَى كلِّ مُسْلِمٍ. وَكَذَا حِفْظُ الأعْضَاءِ السَّبْعَةِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِم. فَمِنْ مَعَاصِي الْقَلْبِ: الشَّكُّ في الله تَعَالَى. وَالأمْنُ مِنْ مَكْرِ الله. وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى. وَالتَّكْبُّرُ عَلَى عِبَادِ الله تَعَالَى. والرِّيَاءُ. وَالْعُجْبُ بِطَاعَةِ الله تَعَالَى. وَالْحَسَدُ والْحِقْدُ عَلَى عَبِيْدِ الله. وَمَعْنَى الْحَسَدٍ: كَرَاهِيَةُ النِّعْمَةِ عَلَى المُسْلِمِ وَاسْتِثْقَالُهَا. وَمِنْهَا: الإصْرَارُ عَلَى مَعْصِيَةِ الله. وَالْبُخْلُ بِمَا أوْجَبَ الله تَعَالَى. وَسُوءُ الظَّنِّ بالله وَبِخَلْقِ الله. وَالتَّصْغِيْرُ لِمَا عَظَمَ الله مِنْ طَاعَةٍ أوْ مَعْصِيَةٍ أوْ قُرْآنٍ أوْ عِلْم أوْ جَنَّةٍ أوْ نَارٍ. وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي الْخَبَائِثِ الْمُهْلِكَاتِ؛ بَلْ بَعْضُ ذَلِكَ مِمَّا يُدْخِلُ في الْكُفْرِ، وَالْعِيَاذُ بالله تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ!

[ مِنْ طَاعَةِ الْقَلْبِ ]

وَمِنْ طَاعَةِ الْقَلْبِ: الإيْمَانُ بالله. والْيَقِيْنُ. وَالإخْلاَصُ. وَالتَّوَاضُعُ. والنَّصِيْحَةُ لِلْمُسْلِمِيْنَ. وَالسَّخَاءُ. وَحُسْنُ الظَّنِّ. وَتَعْظِيْمُ شَعَائِرِ الله. وَالشُّكْرُ عَلَى نِعَمِ الله: كَالإسْلاَمِ وَالطَّاعَةِ وَسَائِر النِّعَمِ وَالصَّبْرُ عَلَى الْبَلاَءِ: مِثْل الأمْرَاضِ، وَالمِحَنِ، وَمَوْتِ الأحِبَّةِ، وَفَقْدِ الْمَالِ، وَتَسَلُّطِ الْنَّاسِ. وَالصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالصَّبْرُ عَنِ الْمَعَاصِي، وَالثِّقَةُ بالرِّزْقِ مِنَ الله، وبُغْضُ الدُّنْيَا، وَعَدَاوَةُ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ. وَمَحَبَّةُ الله وَرَسُوْلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَأهْلِ بَيْتِهِ وَالتَّابِعِيْنَ وَالصَّالِحِيْن، وَالرِّضَا عَنِ الله، وَالتَّوْكُّلُ عَلْيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الْمُنْجِيَةِ.

[ مَعَاصِي الْجَوَارِحِ ]

وَأَمَّا مَعَاصِي الْجَوَارِحِ فَمَعَاصِي الْبَطْنِ: مِثْلُ أكْلِ الرِّبَا. وَشُرْبِ كلِّ مُسْكِرٍ. وَأكْلِ مَالِ الْيَتِيْم. وكلِّ مَا حَرَّمَ الله َلَيِهِ مِنَ الْمَأْكُوْلاَتِ وَالْمَشْرُوْبَاتِ. وَقَدْ لَعَنَ الله وَرَسُوْلُهُ آكِلَ الرِّبَا وَكُلَّ مَنْ أعَانَ عَلَى أكْلِهِ. وَلَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ وَكُلَّ مَنْ أعَانَ عَلَى شُرْبِهَا حَتَّى الْبَائِعَ لَهَا. [ مَعَاصِي اللِّسَانِ ] وَمَعَاصِي اللِّسَانِ كَثِيْرَةٌ أيْضَاً: مِثْلُ الْغِيْبَةِ، وَهِيَ ذِكْرُكَ أخَاك الْمُسْلِمَ بِمَا يَكْرَهُ وَإنْ كُنْتَ صَادِقَاً. وَالنَّمِيْمَةِ، وَالْكَذِبِ، وَالشَّتْمِ وَالسَّبِّ، وَاللَّعْنِ وَغَيْرِهَا. [ مَعَاصِي الْعَيْن ] وَمَعَاصِي الْعَيْنِ: مِثْلُ النَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ الأجْنَبِيَّاتِ. وَنَظَرِ الْعَوْرَاتِ. وَالنَّظَرِ بالاسْتِحْقَارِ إِلَى الْمُسْلِمِ. وَالنَّظَرِ فِي بَيْتِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. [ مَعَاصِي الأُذُنِ ] وَمَعَاصِي الأذُنِ: كالإسْتِمَاعِ إِلَى الْغِيْبَةِ. وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.

[ مَعَاصِي الْيَدِ ] وَمَعَاصِي الْيَدِ: كالتَّطْفِيْفِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. والْخِيَانَةِ. وَالسَّرِقَةِ. وَسَائِرِ الْمُعَامَلاَتِ الْمُحَرَّمَةِ: كالْقَتْلِ وَالْضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقّ. [ مَعَاصِي الرِّجْلِ ] وَمَعَاصِي الرِّجْلِ: الْمَشْيُ في سِعَايَةٍ بِمُسْلِم أوْ قَتْلِهِ. أوْ مَا يَضُرُّهُ بِغَيْرِ حَقِّ. وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا حَرُمَ الْمَشْيُ إِلَيْهِ. [ مَعَاصِي الْفَرْجِ ] وَمَعَاصِي الْفَرْجِ: كالزِّنَى وَاللِّوَاطِ، وَالاسْتِمْنَاءِ بالْيَدِ، وَغَيْرِهَا مِنْ مَعَاصِي الْفَرْجِ. [ مَعَاصِي الْبَدَنِ ] مَعَاصِي الْبَدَنِ، وَالْمَعْصِيَةُ بِكُلِّ الْبَدَنِ: كالعُقُوْقِ لِلوَالِدَيْنِ.

وَالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِر. وَغَيْرِ مَا ذُكِرَ: مِثْلُ قَطِيْعَةِ الرَّحِمِ، وَظُلْمِ النَّاسِ. وَالله الْمُوَفِّقُ وَالْمُعِيْنُ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى. وَصَلَّى الله عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قُنُوْتُ الشَّافِعِيَّةِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيْمَنْ هَدَيْتَ. وَعَافِنَا فِيْمَنْ عَافَيْتَ. وَتَوَلَّنَا فِيْمَنْ تَوَلَّيْتَ. وَبَارِكْ لَنَا فِيْمَا أعْطَيْتَ. وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيَتَ. فإنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ. وإنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ. وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ. تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ. فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْتَ. وَلَكَ الشُّكْرُ عَلَى مَا أنْعَمْتَ بِهِ وَأوْلَيْت. نَسْتَغْفِرُكَ وَنَتُوْبُ إلَيْكَ. وَصَلَّى الله عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأصْحَابِهِ وَسَلَّم.

فهرس

الرسالة الجامعة والتذكرة النافعة

تم بحمد الله

([1]) باختصار من كتاب الشعراء الحضرميين (2/58).