هل الطائفة العلوية مريضة؟ وإذا كانت كذلك، فما هو علاجها؟

هل الطائفة العلوية مريضة؟

وإذا كانت كذلك، فماهو علاجها؟

لاشك أن سؤالي في عنوان المقال ليس له علاقة بأمراض صحية أو جسدية، فأبناء الطائفة العلوية، وكونهم استوطنوا في مناطق جبلية نقية واعتمدوا على الموارد الزراعية الطبيعية، فهم جسدياً أصح بكثير من غيرهم من سكان المدن، ولكن ماعنيته في الواقع هي أمراض من أنواع مختلفة.

المرض العقائدي

كما سبق وأشرت في مقالات سابقة، فقد ولدت هذه العقيدة في العصر العباسي في القرن الثالث الهجري والتاسع الميلادي في (سامراء) العراقية على يد (محمد بن نصير) وسميت نسبة له بالطائفة (النصيرية). وقد كانت ولادة صعبة منذ بدايتها حيث تم رفضها وتكفيرها من قبل السنة والشيعة معاً بسبب عقائدها الغرائبية والتي تخلط بين الأساطير القديمة وبقية الأديان السماوية والوثنية. ومن أهم تلك المعتقدات تأليه البشر والتناسخ. فما كان من أتباعها إلا الهروب من العراق ليستوطنوا في جبال شمال غرب سورية على سواحل المتوسط. وقد حرصوا على البقاء منغلقين أمام بقية مكونات المجتمع السوري خوفاً من الاضطهاد والملاحقة، وهي العلاقة التي سرعان ماتطورت إلى عداء باطني أحياناً وظاهري أحياناً اخرى، تجلت أكثر فيما تجلت بتحالفهم مع كافة الحملات التي غزت سورية.

المرض الأخلاقي

سمح (ابن نصير) لأتباعه بممارسة علاقات حرمتها كافة الأديان السماوية ومعظم القوانين المدنية الوضعية، مثل التسامح مع الزنى ومع إقامة علاقة مع المحرمات وبالعلاقات الشاذة مع نفس الجنس.

المرض الاجتماعي

بسبب انغلاقهم على أنفسهم، فقد اضطروا لممارسة أعمال تصنف في خانة الجرائم، مثل التهريب والاغتيال المأجور والاتجار بالرقيق.

المرض النفسي

بسبب حقدهم على محيطهم وعدم وجود رادع أخلاقي أو ديني، فقد أصيبوا بالسادية وصاروا يستمتعون بتعذيب ضحاياهم وذبحهم وحرقهم والتمثيل بجثثهم كما ويستمتعون بسماع تلك الضحايا تسترحمهم وتتوسل إليهم قبل الاجهاز عليها.

ربما احتج أحدهم هنا وقال أنه لاتوجد طائفة أو أمة خالية من الأمراض والعلل وبعض الزلات التاريخية، وأقول أن هذا صحيح، ولكن لم يجتمع في طائفة واحدة كل هذا العدد من الأمراض والعلل كما اجتمعت في (طائفتنا الكريمة)، كما يحلو للبعض تسميتهم، فالمشكلة هنا هي عندما تتحول تلك العلل إلى إجرام ومجازر. وفي الواقع فلم يواجه النصيريون خطراً حقيقياً إلا في زمن الدولتين الأيوبية والعثمانية، حيث وجهت إلى مناطقهم عدة حملات عسكرية تأديبية بسبب تعاونهم مع الحملات الصليبية والغزو المغولي ابتداء من القرن الثاني عشر الميلادي. وقد زاد هذا من حقدهم على محيطهم السني حتى بعد خروج العثمانيين، فوجدوا في الاحتلال الفرنسي المنقذ والحليف، وكلنا بات يعرف قصة الوثيقة التي وجهوها لفرنسا وطالبوها بعدم الجلاء عن سورية، أو منحهم وطناً قومياً على الساحل، إسوة باليهود، قبل مغادرتها. وقد ساعد طرح مشروع دولة إسرائيل حينها على تحقيق أحلامهم بدولة يكونون هم على رأسها، فمن الواضح أن التوافق الفرنسي-البريطاني حينها رأى أن منحهم حكم سورية بأكملها أفضل لأمن وأمان إسرائيل من إبقائهم على الساحل فقط، وهذا ماحصل، علماً بأن فرنسا كانت من نصحتهم أثناء فترة الاحتلال أن يغيروا اسم طائفتهم إلى (العلوية) بسبب تلوث اسم (النصيرية) عبر التاريخ. ولايسعني هنا إلا تشبيه ذلك التوافق الفرنسي-البريطاني قبل قرن بالتوافق الأمريكي-الأوربي-الروسي-الايراني قبل أيام والذي يرى أن إبقاء سورية تحت الحكم العلوي هو الأفضل لأمن وأمان إسرائيل وكافة الجهات المذكورة.

ينقسم علويو سورية إلى عدة عشائر وفرق كالخياطين والحدادين والمرشدين وغيرهم، وهم قد يختلفون في بعض التفاصيل ولكنهم يتفقون في الأساسيات وخاصة في كراهيتهم للأكثرية السنية. وهم وبعد أن وصلوا إلى الحكم المطلق بانقلاب الأسد الأب عام 1970، أتوا بأمراضهم المذكورة إلى بقية المدن السورية، فنشروا الفساد والاجرام والالحاد والدعارة. ولكنهم أيضاً أتوا بحقدهم الذي سرعان ماظهر بأشكال أعمال وحشية وسادية وكذلك أعمال تصفية واغتصاب غير مسبوقة مارسوها على الشعب السوري في مئات أفرع المخابرات والسجون والمعتقلات وحتى في الشوارع كما حصل في مجزرة حماة عام 1982 وكما يحصل اليوم، وصار قتل السنة عندهم من الأعمال التي يعتقدون أنها تقربهم من ربهم. وهنا يأتي ردنا على من يقول أن الناس أحرار بعقيدتهم ومن يعبدون ومن لايعبدون، فالرد هو نعم حرية العقيدة من حق الجميع ولكن ليس عندما تتحول إلى آلة ترتكب المجازر وتحرق البلد، فعندها يصبح سيد الموقف يتمثل في المقولة الشهيرة (العين بالعين والسن بالسن).

تعرضنا لأمراض (الطائفة الكريمة)، فما هو العلاج؟ حتى نعرف العلاج فلا بد من تلخيص السبب الرئيسي لتلك الأمراض، وهو طبعاً (الجهل والتخلف). فلا يمكن لأحد أن يجمع كل تلك الآفات إلا إذا كان مغسول الدماغ كلياً، وهذا يصل بنا إلى العلاج الذي هم بحاجته اليوم أكثر من أي وقت مضى وأكثر من أي شئ آخر: (العلم والمعرفة). والدليل على ذلك أن الكثير منهم ممن سنحت لهم فرصة حقيقية للعلم والمعرفة، تبرؤا من نظام الأسد منذ بدايته، وليس فقط بعد مجزرتي تدمر وحماة في بداية الثمانينيات، أو بعد نشوب الثورة السورية المباركة، كما أن بعضهم تعرض للسجن والتعذيب والتصفية. وأقول لمن منهم لايتقبلون العلاج المذكور، بأن مستقبلهم غير مرتبط بنتيجة الثورة السورية أو بشكل الحكم القادم، فهم أينما ذهبوا وفي أي مجتمع عاشوا، وطالما يرفضون الخروج من قوقعة الجهل والتخلف والخرافات، فسيواجهون مشاكل حقيقية تجبرهم على التقوقع من جديد والدخول في متاهة الحقد والكراهية والاجرام من جديد. ومن جهة ثانية فان المجتمع النموذجي الذي يمكن أن يستوعب كافة شرائح المجتمع السوري على اختلاف معتقداتها، طالما أنها لاتخالف القانون ولاتعتدي على الغير، هو المجتمع المدني الذي تتحقق فيه رغبة الأكثرية وتحترم حقوق الأقليات ويعمل الجميع من أجل الوطن، وليس من أجل عائلة بذاتها.

أما فيما يخص هؤلاء الذين مازالوا مصرين على نقل أمراضهم الاجرامية وممارسة ساديتهم وإجرامهم على الشعب السوري، ولايرغبون في أخذ العلاج المذكور الذي ينفعهم ويقي الآخرين من شرهم ويقيهم شر الآخرين، بل يصرون على الاستنجاد والاستقواء بأعداء سورية لدعمهم، أذكر هؤلاء أن العلاج البديل لهم حينئذ يكمن في مقولة واحدة لاثاني لها وهي (آخر العلاج الكي).

***

(يسمح بنشرها دون إذن مسبق)

بقلم: طريف يوسف آغا

كاتب وشاعر عربي سوري مغترب

عضو رابطة كتاب الثورة السورية

الاثنين 6 صفر 1435، 9 كانون الأول، ديسيمبر 2013

هيوستن / تكساس

http://sites.google.com/site/tarifspoetry