ووصل الطوفان إلى بلاد البعث

تم إلقاء هذه القصيدة أمام جمهور حي في قاعة المركز الثقافي العربي الأمريكي في هيوستن إلى جانب مجموعة من القصائد عن ثورات فلسطين، تونس، مصر، اليمن، وليبيا، وذلك يوم الأحد 15 أيار 2011 في الذكرى 63 للنكبة وكذلك تكريماً لشهداء الثورات العربية. وقد اخترت عنوان القصيدة تكريماً لذكرى (خالي) مخرج الأفلام التسجيلية السوري العالمي عمر أميرالاي الذي توفي أثناء أحداث الثورة التونسية قبل عدة أشهر، وتذكيراً بفيلمه (طوفان في بلاد البعث) الذي قدمه عام 2003. وهو الفيلم الذي كان، وكبقية أفلامه، صرخة في ضمير الوجدان العربي عموماً والسوري خصوصاً.

ووَصَـلَ الطـوفانُ إلى بِـلادِ البَعَـثْ

الحـلقة الأخيرة في مُسـلسـلٍ سـوري

ووَصلَ الطـوفـانُ إلى بِـلادِ البَعـثِ

وَصلَ الطـوفـانُ ليأخُـذَ معهُ سِـنينَ العارْ

وشـارفَ معهُ أطولُ المُسَـلسَـلاتِ على النهايـةْ

المُسَـلسَـلُ الذي بدأَ وودَّعَ في آذارْ

مُسَـلسَـلٌ وعدونـا بأنـهُ سَـيروي

قِصةَ الثـورةِ والثـوارْ

فإذا بهِ يروي قِصةَ شـعبٍ

قهـرَهُ حكـامُهُ بالحـديدِ والنـارْ

***

حـولوا الوطـنَ إلى مزرعَـةٍ

فأصبحَ جميعُ مَـنْ فيـهِ إمـا عـبيدٌ أو أخـيارْ

إمـا مَجـلودونَ أو جَـلادونَ

وإمـا جَـوارٍ أو جُـوّارْ

إمـا غـنمٌ أو قصابونَ

إمـا موتى أو حُـفّارْ

علاقَـتُهمْ مَـعَ الشـعبِ

كَـمنْ لـهُ مَـعَ الآخـرِ تـارْ

قتلـوهُ ومشـوا في جَـنازتِهِ

إنْ لـمْ تُصَدِقـوا فاقـرأوا أشـعارَ نِـزارْ

واسـمعوا أغنيـةَ يا حـيفْ

هـلْ حـقاً يا سَـميحُ ما تَـوَقعـتَ ما صارْ؟

***

لمّا كـتبوا الدُسـتورَ فصَّلوهُ على مقاسـاتِهمْ

عدَّلـوا مقاسـاتِهِ في مَجلـسِ المِرسـيدسْ والسـيجارْ

وكـتبوا مَـوادَهُ على رمـالِ الصَحراءِ لتختفي

وكي يمسحوها، كـتبوها على ألـواحِ الحـوّارْ

وكانَ كـلامُهمْ ككلامِ مُسَّـيلِمَةْ

كـلامُ الليلِ يمحوهُ النهـارْ

زاودوا عـلينا وتاجـروا بنـا

باعـونا واشـترونا في البازارْ

وجـعلوا مِـنَ القضيةِ قميصَ عثمـانَ

يأكُـلونَ منها كَـما يأكُـلُ المِنشـارْ

وتناسـوا أنَّ الجَـولانَ مُحتَـلٌ

ليـسَ مُؤجَـراً وليـسَ للإيجـارْ

وأنَّ زمـانَ ومَـكانَ المعركَـةِ

أصابَهُما السَـقمُ بانتظارِ القـَرارْ

***

لايريدُ الشَـعبُ اليومَ سَـوى كرامَـتَهِ

هلْ تظنونَ حقاً أنَّهُ يَبيعُها بوَظيفةٍ أو دولارْ ؟

مِـنْ دِمشـقَ هَـذِهِ المَـرةَ

بدأتِ الثـورةُ وهتفَ الأحـرارْ

مِـنَ الجـامعِ الأمَـويِّ سـاروا

وقالـوا للنِظامِ إرحـلْ عـنِ الـدارْ

ومِـنْ دَرعـا تقدمـوا ورفعـوا الرايَةَ

دُروعـاً للوطـنِ وحُمـاةً للديـارْ

وزأرَ لهـا أحفـادُ ابنِ الوليـدِ

أنْ لانامتْ أعينُ الأحرارِ على منْ جـارْ

مِـنْ مَيـدانِ السِـباعِ انتفضوا سِـباعاً

وهتفـوا حـانَ دَورُنـا لِـنَصنَعَ الأقـدارْ

وهَـذهِ الصنمينِ وهَـذهِ دوما وجبلةَ وبانياسْ

وهـذي اللاذقيةَ وهـذي الميادينَ وبقيـةِ الأقطـارْ

كُـلُ المُـدنِ هَـبَّتْ وأقسَـمَتْ

أنْ يكـونَ لها نصيبٌ منْ أكـاليلِ الغـارْ

وأنْ تَـدُقَ مِسـماراً في عرشِ الظـلامِ

فتتركَ لبصَماتِها على نعشـهِ آثـارْ

ما زحفَ يوسُـفُ إلى مَيسَـلونَ

إلا لتعيـشَ ســوريةَ مَـعِ الأحـرارْ

والكَـرامةُ سَـيسـتعيدُها الشَـعبُ

على خُطى أحـفادِ عُـرابي أو أحـفادِ المُختـارْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن/ تكساس

جماد الثاني 1431/ أيار، مايس 2011