لاحظت بعد اندلاع ثورات الربيع العربي ظاهرة جديرة بالدراسة، وهي قيام كل ديكتاتور بزيارة عاجلة إلى مجلس الشعب وإلقائه خطاباً أمام أعضائه لتبرير الجرائم التي يرتكبها. وطبعاً مقاطعته من قبلهم عشرات المرات بالتصفيق والتهليل والعبارات والشعارات الطنانة، ورده عليهم بالابتسامات والتلويح باليدين. متناسياً أن خطابه يجب أن يوجه للناس المتظاهرة في الشوارع والساحات، وليس لأعضاء المجلس الذين لايمثلون سوى أنفسهم، والذين تم تعيينهم أصلاً من قبله وقبل أجهزته الأمنية. ومن هنا أتت هذه القصيدة للتعرف على هذه المجالس التي كثرت زيارة الحكام إليها هذه الأيام.
مايُسمى بمجلسِ الشَعبْ
لأكثر مِنْ أربعةِ عقودٍ ونحنُ نعاني
مما يُدعى زوراً بمجلسِ الشَعبْ
فهو مجلسٌ لمْ ينتخبهُ أحدٌ منَ الشَعبِ
ولكنْ زجّوا فيهِ مِما هَبَّ ودَبْ
معظمُ مقاعدهِ يحتلُها اللصوصُ
مِنْ خبراءِ الرشوةِ والاحتيالِ والنَصبْ
على تِلكَ المقاعِدِ يجلسُ المَهوسونَ بالألقابِ
ممنْ لمّوا الدَكتَرةَ مِنْ كلِ حَدبٍ وصَوبْ
وعلى تِلكَ يجلسُ أصحابُ عِقدَةِ المَناصِبِ
ممنْ في سبيلِ مقاعِدِهمْ يُعلنونَ الحَربْ
أمّا هناكَ فينتشرُ النابِحونَ خِلالَ الكلماتِ
لايعرفونَ أنَّ النُباحَ مِنْ صِفاتِ الكَلبْ
وأينما نظرتَ فينتشرُ أصحابُ الآذانِ الطويلةِ
مُهِمتُهمْ سَماعُ دَبيبَ النملِ إذا دَبْ
ومنهمْ مَنْ هوَ تكمِلةَ عددٍ
لاتتجاوزُ أهميةُ واحدهِمْ أهميةَ ضَبْ
ولكنْ إنْ كانَ هناكَ مايجمعُهمْ
فهوَ أنَّهمْ جميعاً بلا ضميرٍ ولا قَلبْ
وإنْ كانوا يُجيدونَ شيئاً فهو
التصفيقُ والتهريجُ والسيرُ معَ الرَكبْ
كمْ صفقوا حينَ كانَ الناسُ ثُكالى
ويومَ انفرجَ الناسُ، انفجروا بالبُكاءِ والنَدبْ
وإنْ سمعتَهمْ يُقسمونَ الأيمانَ، صُم أذنَيكْ
الخنوعُ هو نبيهمْ والمالُ عندَهمْ هوَ الرَبْ
وأختامهمُ المطاطيةُ تمررُ أيَ قانونٍ
تأخذُ جملاً إلى إبرةٍ وتمررهُ مِنَ الثُقبْ
همْ والدجاجُ يَسيرونَ على دَربٍ واحدٍ
وقبلوا أنْ لايَحيدوا عنِ الدَربْ
تراهمْ مِنْ بعيدٍ كالطواويسِ
ولكنهمْ مُسوخٌ إذا رأيتَهمْ عنْ قُربْ
يستحقونَ على كلامِهمْ رفيعَ الأوسمةِ
ويستحقونَ على أفعالِهمْ الركلَ والضَربْ
إنْ شبهتَهمْ بالخنازيرِ فما ظلمتَهمْ
بلْ ظلمتَ الخنازيرَ بلا ذَنبْ
لمْ يُبقوا على قطرةٍ مِنْ ماءِ وجهٍ
لايستحقونَ أكثرَ مِنْ الطردِ والسَبْ
ماأشبههمْ بدُمى مسرحِ العرائِسِ
يُحرَكونَ بالخيطانِ وكل يومٍ بلونٍ وثَوبْ
لا الوجوهُ وجوههمْ ولا الأصواتُ أصواتهمْ
خِرَقٌ باليةٌ تُثَبَّتُ على الأعوادِ بطريقةِ الصَلبْ
يُلَقّبونَ في بلادهمْ بالطَراطيرِ
ويُعرَفونَ أيضاً بأساتذةِ السَلبْ
لوْ أنَّ الأمرَ بيدي لكنتُ أصدَرتُ
بحقهمْ جميعاً إلى المحكمةِ مذكَّرةَ جَلبْ
ولوَضعتهمْ خلفَ القضبانِ معَ بقيةِ المُجرمينَ
مكانُهمْ معَهمْ جنباً إلى جَنبْ
هوَ باختصارٍ مَجلسٌ ولا كل المَجالسِ
إنْ أصفَهُ بكلمتينِ لقلتُ بأنهُ "جاهزٌ لِلكَبْ"
***
شـعر: طريف يوسـف آغا
هيوسـتن / تكساس
جمعة (الله وأكبر) 8 ذي الحجة 1432 / 4 تشرين الثاني، نوفمبر2011
http://sites.google.com/site/tarifspoetry