تونـس اختارت الحياة

حتى لاننسـى شـهداء الإنتفاضة التونسـية كانون الثاني 2011

تونسُ اختـارَت ِ الحياة ْ

ذهَـبَ الحاكِـمُ وبَـقيَّ الشـابي

قالَ الشـَعبُ كَـلِمَتَـهُ

فاسـتَعادَ الشَـعبُ عِـزَّتَهُ

وكـانَتِ الكَـلِمَةُ مُدَويةْ

أعلَنَ بِها ثَورَتَـهُ

مَشـى إلى قَصرِ حاكِـمِهِ

مُسـتَعيداً مِنهُ كَـرامَتَهُ

أقسَـمَ أنْ لايَعـودَ إلى بَيتِـهِ

إلا وحامِـلاً مَـعَهُ حُـرِّيَتَـهُ

مُسـتَقبِلاً بِصَدرِهِ الرَصاصَ

مُـوَدِعاً مِـنْ قَـلبِهِ رَهـبَتَهُ

فَذَهَـبَ عَـرّابُ قِـرطاجَ

آخـذاً مَعَـهُ حاشِـيَتَـهُ

ذَهَـبَ الحاكِـمُ الذي ظَـنَّ

ما أنجَـبَتْ مِثـلَهُ أُمَّـتُهُ

ذَهَـبَ القـائِدُ الذي نَدِمَـتْ

الأمَّـةُ أنَّـها أنجَـبَتَهُ

ما ذَهَـبَ إلا مِـنْ بَعـدِ

أنْ بانَتْ عَـلى الدُنيا عَورَتُـهُ

صَوَّرَ الشـابي أمثـالَهُ بسـلاسِـلِ القَـيدِ

أبدَعَ الشـابي وأبدَعَـتْ صورَتُـهُ

***

أيُهـا الحاكِـمُ ولماذا هَـرَبتْ؟

أما حَكَـمْتَ فعَـدَلْتَ فأمِـنْتْ؟

ولمَّـا كـانَ الشَـعبُ انتخَبَـكْ

فلِماذا اليوَمَ رَحَـلْتْ؟

هل لأنَّـكَ سَـرَقـتَ ونَهَـبْتْ؟

أمْ لأنَّـكَ ظَـلَمْتَ وفرَّقْـتْ؟

هل لأنَّـكَ سَـجَنتَ وعَـذَّبتْ؟

أمْ لأنَّـكَ رَمَّـلْتَ ويَتَّمْـتْ؟

أمْ لِكُـلِها مُجـتَمِعةْ

عنِ الأنظارِ اليومَ توارَيتْ؟

لا أسـتبعِدُ أنْ تكـونَ

مِنَ المُرسَـلينَ نَفسَـكَ قَـدْ ظَنَنتْ!

ولا أشُـكُ أيضاً أنَّـكَ

البَـلَدَ وسُـكانَها لِنَفسِـكَ قَـدْ وَرَّثْـتْ!

إنْ أحـرَقَ البوعـزيزي نَفسَـهُ مَـرةً

فأنتَ قَبـلَها ألفَ مَرَّةٍ لَـهُ أحرقتْ

فاشـرَبِ اليَـومَ مِـنَ الكَـأسِ التي

لِلشَـعبِ مِنهـا في الأمـسِ سَـقَيتْ

شَـبَّهَكَ الشـابي بِمَـنْ لا يُماشـي الزمـانَ

صَدَقَ الشـابي وأنتَ كَـذَبَتْ

***

الزَمـانُ اليَومَ لِتونُـسَ قَـدْ راقْ

مِـنْ بَعِـدِ أنْ سـالَ الدَمُ رَقـراقْ

أيُهـا الحاكِـمُ إنَّ الهُـروبَ يَعـني الخوفَ

تَـذَوَّقْ مالشَـعبُ مِـنْ نِظامِـكَ قَـد ذاقْ

وهـوَ أيضاً مِـنْ شِـيَم ِ اللُصوصِ

أنتَ وعَـلي بابا تُـذكَـرانِ في نَفـسِ السـياقْ

وعَـدتَ أنْ تَحكُـمَ ثلاثَـةَ أعوام ٍ

فَرَسَـبْتَ في الحِسـابِ ونَجَحـتَ في النِفـاقْ

ويَومَ كَشَـفتَ لِلشَـعبِ عَـنْ أنيابِـكَ

سَـقَطَتْ مِنـكَ آخِـرُ الأوراقْ

ألَـمْ تُـخبركَ حاشِـيَتُـكَ

بأنَّـكَ عِـندَ الشَـعبِ لاتُـطاقْ؟

وزَوجَـتُكَ التي لَقَـبَتْ نَفسَـها بالفاضِلةْ

لا يَذكُـرُ الفَـضلُ أنَّـهُ لَهـا يوماً اشـتاقْ

تِلمـيذَة ُ دَليـلةَ والزَّيبَـقْ

كَـمْ كـانَ الشَـعبُ لِقَـصِ رقَـبَتِها تَـواقْ

فِـراقِكُـمُ تونُـسَ اليَومَ لأشـبَهُ بما كـانَ

بَيـنَ الشَـيطانِ والجَنَّـةِ مِـنْ فِـراقْ

وَصَـفَ نِـزارُ بلادَ أمثالِكُـمْ بالمَخافِـرِ

لا أحَـدَ لِنِـزارَ في وَصـفِهِ قَـد فـاقْ

ووَصَـفَ الشـابي أمثالَكُـمْ باللّيـلِ

ماكـانَ بَينَ الشـابي وأمثالِكُـمْ أشـواقْ

***

تَجاهَـلَ الحاكِـمُ الشَـعبَ

ظَـنَّهُ أصبَحَ كَسُـكانِ التُـرَبْ

نَسِـيَ الحاكِـمُ أنَّ الرَمـادَ إذا ماتَحَـرَكَ

ارتَـفَعَ مِـنْ تَحتِـهِ اللَهَـبْ

نَسِـيَ أنَّ الشَـعبَ إذا انتَـفَضَ

صَنَـعَ بحُكَّـامِهِ العَجَـبْ

فمَـبروكٌ على تونُـسَ اليَومَ

مِـنْ دونِ كُـلِ العَـرَبْ

مَبروكٌ على تونُـسَ اليَومَ

فشَـعبُها اسـتَعادَ اللقَـبْ

وكَـلَّلَ بالغارِ جَـبينَهُ

وحَصَدَ كُـلَّ الذَهَـبْ

وللجَوائِزِ بَـقيةٌ تَنتَظِـرْ

مَنْ لِلحُـرِّيَةِ دِمائَهُ وَهَـبْ

أما الآخرونَ فما لَهُمْ

سِـوى القَـمْع ِ والطَفَـرِ والجَـرَبْ

الآخرونَ الدافِـنونَ رؤوسَـهُمْ في الأرضِ

أو في الكَـيفِ واللَّهوِ ورَخيصِ الطَـرَبْ

وَصَفَهُـمْ الشـابيْ بِسُـكانِ الحُـفَرْ

صَدَقَ الشـابيْ فيما كَـتَبْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

صفر 1432 / كانون الثاني 2011