تقاسيم على القلب

قدمت في أمسياتي السابقة في هيوستن ألوانا مختلفة من الشعر: التاريخي والتراثي،

الوطني والمقاومة والثناء والرثاء. إلى أن سألني بعض الأصدقاء عن مكانة الغزل

في أعمالي، فالشعر والغزل بالنسبة للبعض توأمان أو مرادفان أو وجهان لعملة

واحدة، فلا غزل من دون شعر، ولاشعر من دون غزل. المشكلة في شعر الغزل،

وكلنا نعرف ذلك، أنه سهل السقوط في فخ المجون وسريع الانزلاق بصاحبه إلى

منحدر خدش الحياء العام. فكانت هذه القصيدة التي حرصت فيها أن تكون مناسبة

لكافة القراء بكافة أعمارهم ومعتقداتهم وخلفياتهم الاجتماعية من جهة، دون أن

يفقدها ذلك صفة قصيدة الغزل من جهة ثانية. وقد ألقيت لأول مرة أمام جمهور

الجالية العربية في هيوستن الأحد 10 تشرين الأول 2010 خلال أمسية قصيدة

(خواطر عربية من المهجر) وبمشاركة عدد من شعراء المدينة العرب.

لدينا هنا عاشق يظن أن له في ساحات العشق صولات وجولات حتى ظن أنه

العاشق الذي لايقهر: يأسر القلوب حين يشاء ويطلق سراحها حين يشاء. حتى أتى

اليوم الذي واجه فيه فتاة ً ظنها كغيرها، ولكنه حين عاد إلى قواعده، وظن أنه عاد

سالما بنفسه، غانما بقلبها، تفقد قلبه فلم يجده. ولما أمعن النظر من حوله، لم يجد

نفسه في قواعده، ولكن في شباك الأسر وخلف قضبان الوجد. فغضب وهاج وماج

وطلب فك أسره وإعادة قلبه وإعتباره، فأتاه الجواب.

يمكن مشاهدة فيديو القصيدة من الرابط في أسفل الصفحة.

تقاسـيم ٌ عـلى القـلب ْ

عـندما تعـزف ُ الكـلمات ُ عـلى أوتار ِ القـلوب ْ

لما سَــرَقـت ْ قـلبي ْ قـلت ُ لها

ياسَـيدتي هَـلا َّ تكـَـرَّمْـت ِ ولي ْ أعـدتيه ْ !

فأنا ياسَـيدتي طالما تجَـنـَّـبْـت ُ الحُـب

مَـرَّة ً كـنت ُ أهـرُب ُ مِـنه ُ ومَرَّات ٍ أ ُعـاديه ْ

وقـلبي ْ الذي ْ طالما سـافرَ وعاد َ سـالما ً

لا أعـر ِف ُ أنت ِ بماذا وعَـدتيه ْ ؟

ماكـان َ يَعـرف ُ أنـَّـك ِ آخِـرَ أســفـاره ِ

وأنـَّه ُ لـن ْ يُوَدِعَـك ِ ولـن ْ تـُـوَدِعـيه ْ

كـان َ يَـظـُـنـُها زيارة ً كـغـَـير ِها ولكِـن ْ

قـبل َ أن ْ يَـدري ما حَـصل ْ، في جيبك ِ وَدَعـتيه ْ

كـان َ يَـظـُـن ُ أنـَّه ُ سَــيَـكـتـُـب ُ عَـنـك ِ

فانتهى يَـكـتـُـب ُ لك ِ بكـُـل ِ ماألهَـمـتيه ْ

وماكـان َ يَعـر ِف ُ أنـَّه ُ يُجـيد ُ القـوافي ْ

إلى أن ْ عَـرَفــَـك ِ، فـشـاعِـرا ً جَـعـلتيه ْ

لطالما حَـذرتـُه ُ مِـن ْ سِـحـْر ِك ِ ولـكِـن ْ

بشـَـعـوَذة ِ النِسـاء ِ كـنت ِ للخـَـطـف ِ قـَـد ْ أُعـدَدتيه ْ

ولطالـما حَـذرتـُه ُ مِـن َ السَـمراء ِ ولـكـِن ْ

لم ْ يَسـمَعـْـني ْ لمّا كـُـنت ُ أ ُناديه ْ

بأمـواج ِ الشـَـعـر ِ الفـاحِـم ِ غـمَرتيه ْ

ثــُم َّ في بَحـر ِ هَـواك ِ أغـرَقـتيه ْ

وقـبلـَها نادَتـه ُ عَـيناك ِ فأتى

فـرَمَـته ُ ثــُم َّ بشِــباك ِ الأهـداب ِ رَمَـيتيه ْ

عَـيناك ِ التي كـثيرا ً ماقـتـَـلت ْ غـَـيرَه ُ

تـلطـَّـفـَـت ْ به ِ، واكـتـَـفـَـيت ِ بأن ْ أسَـرتـيه ْ

سَــقـَـيتيه ِ ابتِسـامات ٍ وذرَفـت ِ له ُ بَعـض َ دُمـوع ٍ

وَصفـَة ٌ أتت ْ به ِ مُسـتـَسـلِما ً وآسِـرة ً أتيتيه ْ

وَصفـَة ٌ لاأظـُنـُها تـَخـيب ُ مَع َ رَجُـل ٍ

إلا إذا كـان َ الجَـمال ُ لايَعـنيه ْ

***

قالـت ْ ياسَـيدي ماعـاد َ الأمـرُ بيـدي ْ

فأنا أيضا ً قـلبي ْ لاأعـر ِف ُ أيـن َ أراضيه ْ ؟

مُـنذ ُ التـَقـَـيتـُك َ، ترَكـَـني ْ وذهَـب َ إلـيك َ

فـبـِت ُّ لا أعـرف ُ هَـل ْ أ ُراضيك َ أم ْ أ ُراضيه ْ ؟

مُـنذ ُ رآك َ وهُـو َّ يَطيرُ حَـولـَـك َ

كـَـطـَـير ٍ ظامِئ ٍ يَـبحَـث ُ عـن ْ سَــبيل ٍ يَرويه ْ

لوْ كـان َ للقـَـلب ِ لِسـان ٌ لما عَـرَف َ

أي َ خـبَر ٍ في المُسْـتـقـبل ِ هو َ راويه ْ ؟

ولو كـان َ فراشـة ً لجَهـل َ أين َ نِهايَـته ُ ؟

بين َ أزهار ٍ أم ْ فوق َ نار ٍ رَمادا ً سَــتـُـرديه ْ ؟

فالعِـشــق ُ ياسَـيدي ْ إن ْ كـُـنت َ لاتدري ْ

يُدفِئ ُ القـلب َ يَوما ً، وأياما ً يَـكـويه ْ

يَجعَـل ُ صاحِـبَه ُ يَرقـُـص ُ فـوق َ الأرض ِ

ولكـن ْ تحـتـَها بعـد َ ذلك َ قـد ْ يُـواريه ْ

وحـدائِـق ُ الذِكـريات ِ التي يَـرتـادُها العُـشـاق ُ

إن ْ فاحَـت ْ ورودُها عَـبيرا ً، فالأشـواك ُ القـلب َ تـُـدميه ْ

ولا أظـن ُ ياسَـيدي إلا أن َّ قـدَرَنا واحِـد ٌ

فـدَعـك َ والشـكـوى ْ، فهي َ الحُـب َّ لاتـُواســيه ْ

وهَـلا ّ أوقـفـت َ مَعـزوفـة َ اللـَـوم ِ والتـُهَـم ِ

وعَـزَفـت َ لي ْ مِـن َ الكـَلام ِ أحـلى مَـعـانيه ْ ؟

فأنا أمـضَيت ُ حـياتي ْ أبحَـث ُ عَـنك َ

حَـياتي ْ قـبلك َ كـانت ْ فـراغا ً أ ُعـانيه ْ

ويَـوم َ التـَـقـَـينا عـلى مَـقاعِـد ِ العِـلم ِ

عَـلِمْـت ُ بَأن َ بَحثِي ْ تـُوِّجَـت ْ مَسـاعـيه ْ

وكـان لِقـاؤنـا صُدْفـة ً أم ْ غـَـيرَ صُـدْفـة ْ

يَومَـها هَمَـسَ قـلبي ْ في أ ُذني ْ أن ْ لاتتـرُكـيه ْ !

يَومَـها لـَم ْ يُدرك ْ قـلبي ْ ما أصابَـه ُ ؟

كـأنــَّه سِـحرٌ، وسِـحرُ العِشـق ِ لاشـيئ َ يُرقـيه ْ

ماعـاد َ حينـَها داريا ً بما يَجـري ْ

فعـلى طيفـِك َ بات َ يَغـفـو وطـيفـُـك َ يُصَّحـيه ْ

نظراتـُـك َ له ُ كانت ْ تـُسَّـر ِع ُ مِـن ْ دقاتِـه ِ

ونظراتـُـك َ لِغـَـيره ِ كانت ْ بالغِـيرَة ِ تـُـشـقـيه ْ

وقـلبُـك َ الذي كـانت ْ أسْــراب ُ النِسـاء ِ تـُلاحِـقــُه ُ

دَعَـوتـُه ُ إلي َّ وخـَـبَّـأتـُه ُ مِـنهُن َ لأحـميه ْ

فـقـَـلب ُ الرَجُـل ِ، وأنت َ به ِ أعـلم ُ

نسـمَة ٌ تـُـلقـيه ِ ونسـمَة ٌ تسْــتـَـلقـيه ْ

وإذ ْ يَـظـُـن ُ أنـَّه ُ في الهَوى فـار ِس ٌ

فالنـَـظـرَة ُ مِـنا تـُـرديه ِ والنـَـظـرَة ُ تـُـنـَجّـيه ْ

وبَـعـد َ كـُـل ِ هذا وتـَـدعـوها شـَـعـْوَذ َة ً ؟

لـو ترَكـتـُه ُ يَمْضي، فـغـيري كـانت ْ سَــتـُـناديه ْ

أنا ياسَـيدي وَجَـدت ُ للحُـب ِ قـَـبلـَـك َ أســماء َ

ولكِـن ْ مَعَـك َ وَجـَـدت ُ كـُـل َ أسـامـيه ْ

الكـَلام ُ الذي قـُـلناه ُ مُـنذ ُ تـَـعـارَفـنا

لوْ كـَـتـَـبناه ُ، لاحـتـَـرَق َ الوَرَق ُ مِـن ْ مَعـانيه ْ

وإن ْ وَضَعـناه ُ شِـعـرا ً فـكـُـل ُ

قـوافي الشِـعـر ِ إن ِ اجـتمَعَـت ْ فـَـلن ْ تكـفـيه ْ

الأماكِـن ُ التي جَـلسـنا فـيها أو عَـبَرناها

لو صادرَها الحُـب ُ لجَـعَـلها مَدرَسَــة ً لمُحِـبـيه ْ

وإن ِ الأيام ُ يَـوما ً جـارَت ْ عَـلـينا

فـليس َ لـنا أنيـس ٌ يُجـاريه ْ

العُـمرُ نِصفـُه ُ جُـروح ٌ ونِـصفـُه ُ ألـَم ٌ

والحـُـب ُ لـَه ُ ياسَــيدي خـَـير ُ مَـن ْ يُـداويه ْ

***

يرجى الضغط هنا للتعليق على القصيدة

شـعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

أوكـتوبر 2010