المقابلة

حين يُطلبُ منكِ أن تجري مقابلة مع رئيس دولة غير قادر على رؤية أو سماع ثورة شعبية عارمة تشتعل في بلده منذ تسعة أشهر، فلا تتوقعي أن تحصلي على أجوبة مفيدة لأسئلتك.

المُـقابَلة

حديث الطرشان

قابَلـوهُ ... ويالَيتهُـمْ ماقابَلـوهْ!

وحاوَروهُ ... ويالَيتهُـمْ ماحاوَروهْ!

قالـوا عنـهُ أنَّـهُ يجيـدُ اللغَةَ

فلا شَـفِعتْ لهُ اللغةُ ولاالقتلى سـامِحوهْ

وقالوا أنَّـهُ طبيبٌ مختصٌ مِـنَ الخارجِ

ربَّـما إلى الخـارجِ يجبُ أنْ يُعيـدوهْ

إنْ كانَ (آخِّـرُ الطِبِ الكَـيَّ) فطبيبنا

منذُ اليومِ الأولِ أمرَ أنْ يَسـتعملوهْ!

ولما سَـألوهُ عَـنْ رأيهِ بلقبِ الديكتاتورِ؟

قالَ لايَهُمُـهُ مـادامَ ناسُـهُ يُحبِّـوهْ!

فسَـألوهُ ولماذا سَـمَحَ بكلِ ماحصلْ؟

فتحداهُـمْ بِما حصلَ أنْ يُخبِـروهْ

ولما أخبَـروهُ عَـنِ الثَـورةِ أنكَـرَهـا

فقالوا أنَّ الرجلَ إمّـا مجنونٌ أو معتوهْ!

وإمّـا مُنقطِـعٌ عَـنِ العالَـمِ

وبِما يجري مِـنْ حولهِ، أعوانُهُ لمْ يُعـلِموهْ

قالوا لهُ كلُّ العالَـمِ قاطَعَـهُ

حتى جيرانهُ وأصدقائهُ مِمَنْ سـانَدوهْ

فقالَ لايَهمّـهُ مادامَ الشَـعبُ لمْ يقاطِعَـهُ

فناسُ الداخلِ همْ فقطْ مَـنْ يَهُمّـوهْ

وأنَّـهُ يَحظى بدَعـمِ الأغلبيـةِ!

فهوَ ماقَبِلَ بالرئاسـةِ إلا لأنَّهمْ يُحبّـوهْ!

فقالوا لهُ أنَّ الناسَ تُـقتَلُ بالآلافِ

فسَـألهمْ عَـنِ الدليلِ الذي يَملِكـوهْ؟

قالوا أنَّـها قواتُـهُ فأجابَ ليسَـتْ بقواتِـهِ!

فهـوَ مُجَـردُ رئيسٍ الناسُ اختـاروهْ!

مُجَـردُ رئيـسٍ ولكنْ ليـسَ بملكٍ!

والدليلُ أنَّهُـمْ اسـتفتوا عليهِ ولمْ يتوِّجـوهْ

"لايُنتخبُ الرئيسُ عندنا" قالها بلا خجلٍ

ثمَّ قالَ أيضاً أهلهُ للحكمِ لمْ يُورِّثـوهْ

وسـألوهُ عَمّـا جَـرى للأطفـالِ؟

فقالَ أنَّ أهلَ الأطفـالِ قابلوهُ وبَـرّأوهْ

وعَـنْ رسـامِ الثورةِ قالَ بأنَّـهُ ليسَ

بمسـؤولٍ عَـنْ كُـلِ الذيـنَ رسـموهْ

وعمَّـنْ قتلَ شَـحرورَ الثورةِ قالَ

لايعرفُـهُ ولايعرِفُ الذيـنَ قتلـوهْ

فسـألوهُ إنْ كانَ ضميرُهُ يُعَـذِّبـهُ؟

وهلْ لأمثالِـهِ ضميرٌ حتى يَسـألوهْ؟

ولمّـا ذكَّـروهُ بحقوقِ الانسـانِ ضحكَ

وكأنَّهمْ قطعـوا المُحيطَ إليهِ ليُضحِكوهْ!

وفيما إذا كانَ يشـعرُ بالذنبِ، ضحكَ أيضاً

أما للرجلِ أعـوانٌ للمُقابلاتِ يُحَضِّروهْ؟

فمنْ أولِ المقابلةِ إلى نهايتِهـا، لا يبـدو أنَّ

مُحاوريهِ مَـرّةً واحدةً صَدَّقـوهُ أو قَبضـوهْ

جوابٌ مِـنَ الشَـرقِ وجوابٌ مِـنَ الغربِ

إنْ ظنَّـهُ ذكـاءً، فالذكـاءُ آخِـرُ ماظنّـوهْ

وظنَّ البعضُ أنَّ المقابلَـةَ فيها رِسـالة

رِسـالتي لأهلِهِ أنْ بلا رقابَةٍ لاتتركـوهْ

***

شـعر: طريف يوسـف آغا

كاتب وشـاعر عربي سـوري مغترب

هيوسـتن / تكسـاس

الاثنين 17 محرم 1433 / 12 كانون الأول، ديسيمبر2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry