أسئلة لمؤيدي الديكتاتور
أجب بنعم أو لا
لاحظت خلال الثورات العربية المندلعة في بلادنا بأن هناك شرائحاً من شعوبنا، المقيمة في البلاد أو تلك المقيمة في المهجر، مازالت تؤيد النظم الديكتاتورية وتدافع عنها، وهذا في الحقيقة تركني في حالة من الدهشة الممزوجة بعدم التصديق. وقد استنتجت أن دوافع هذه الأقليات تختلف باختلافها السياسي والديني والمذهبي والطائفي، فرأيت أن اقف قليلاً لأتأمل فيها وأحاول فهم دوافعها.
من جهتي، فأنا أعرف من قرائة التاريخ أنه ليس للديكتاتور سوى وجه واحد، مهما اختلف زمانه ومكانه، وهو وجه الوحش (أو الغول كما وصفته في واحدة من مقالاتي السابقة) والمستعد دائماً لالتهام كل من يهدد كرسيه. وهو إن كان أحياناً يضع على وجهه أقنعة إنسانية أو حضارية أو نضالية، فهذا لايتعدى كونه علاقات عامة. وقد وجدت أن بعض الأقليات تؤيد الديكتاتور، ليس بالضرورة لأنها تحبه، بما فيها تلك التي ينتمي إليها مذهبياً أو قبلياً، ولكن لأنها تخاف المجهول الذي ينتظرها في حال رحيله ورحيل نظامه. ولأنه أيضاً كان قد منحها خلال عقود حكمه امتيازات قفزت في حالات كثيرة فوق سقف القانون. ولا يعود فعله هذا لأنه بالضرورة يحبها، ولكن ليضمن ولائها لنظامه الذي هو نفسه فوق القانون ضد الأغلبية المقهورة من الشعب التي تعيش تحت خط الفقر.
إذاً فسبب استمرار تأييدها له، حتى وبعد ظهور كل هذه الصور التي يندى لها جبين الانسانية على شاشات وكالات الإعلام، فهو مزيج من الخوف من المجهول وأيضاً من فقدان الامتيازات التي منحها إياها في الماضي، وبالتالي من أن تحاسب معه إذا سقط. فرأيت أن أخاطب كل فرد من هذه الأقليات بتوجيه عدد من الأسئلة إليه من تلك التي يجاب عليها بنعم أو لا. والاجابات التي سيختارها تخصه وحده لأنها اجابات ضميره وليس لسانه وبالتالي فليس من المطلوب منه سوى توجيه تلك الاجابات لنفسه فقط.
السؤال الأول: هل حقاً تفتخر بالانتماء لوطن يحكمه ديكتاتور على مدى عقود، وهو إما ورثه أو سيورثه، تماماً كالعصور الوسطى (التي كانت أيضاً تدعى بعصور الظلام)؟ نعم لا
السؤال الثاني: هل حقاً تثق بأمانة ديكتاتور قفز على السلطة وهو في حالة مادية أقل من عادية، ليصبح هو وأقاربه والمقربين منه من أثرى اثرياء العالم في حين أن حال غالبية الشعب هو كما تراه؟ نعم لا
السؤال الثالث: هل حقاً تثق بعدالة ديكتاتور أسس حكمه على أفرع الأمن والسجون العلنية والسرية وقهر الشعب؟ نعم لا
السؤال الرابع: هل حقاً تثق بوطنية ديكتاتور فرط بالأرض وبرر ذلك ولعقود طويلة بانتظاره لزمان ومكان المعركة المناسبين؟ نعم لا
السؤال الخامس: هل حقاً تثق بمزاجية ديكتاتور لم يتردد بسفك دماء شعبه، أن لاينقلب عليك في المستقبل فيأتي دورك ويضمك للائحة أعدائه؟ نعم لا
السؤال السادس: هل حقاً تثق بشرعية ديكتاتور ليس لديه ضوابط ولا ثوابت أخلاقية، وليس للقانون ولا للدستور لديه أية قيمة، وكل شئ عنده قابل للمساومة والتعديل حسب مصالحه؟ نعم لا
السؤال السابع: هل حقاُ تثق باتزان ديكتاتور يضع نفسه في مرتبة الألوهية، فلا حساب ولا مسائلة وعلى الشعب أن يسبح بحمده ويسجد له؟ نعم لا
النتيجة
إذا كانت كل إجاباتك بنعم، فأنا آسف لأقول لك بأنك إما تكذب على نفسك، وهذا هو الأرجح، وإما أنك أصبحت كالديكتاتور، بلا ضمير، وتعيش حالياً خارج دائرة الإنسانية بغض النظر عن طيفك السياسي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي.
ولكن هناك دائماً متسع من الوقت للصدق مع النفس ولإيقاظ الضمير من سباته وذلك بالتفكير والتغلب على الخوف وعلى المصالح الشخصية الضيقة والانضمام لقافلة الحرية والكرامة. فهذا الجيل العربي الشاب الذي يقوم اليوم بإقصاء الديكتاتور بعد الآخر، لن يسمحبعد اليوم وبأي شكل من الأشكال أن يحكمه ديكتاتور جديد مهما كانت هويته أو ديانته أو شعاراته. وهو لن يرضى بديلاً عن حكم الدستور والقانون الذي يضمن حقوق كل المواطنين بكافة أطيافهم ومعتقداتهم.
فكروا قبل أن يفوتكم القطار كما فات مؤيدي الأنظمة التي تهاوت أمام أعيننا وأعينكم وأعين العالم، واركبوا موجة ثورة القهر التي لا يعلو عليها أحد اليوم قبل أن تجرفكم وأنتم تقفون في وجهها.
بقلم: طريف يوسف آغا
هيوستن / تكساس
الاثنين 18 رجب 1432 / 20 حزيران 2011
http://sites.google.com/site/tarifspoetry