بيـان رقـم واحـد

تم إلقاء هذه القصيدة مسـاء الأحد 27 فيبراير 2011 في المركز الثقافي العربي الأمريكي في هيوسـتن وذلك في افتتاح المحاضرة التي ألقتها ناشـطة الحقوق الإنسـانية الفلسـطينية هـويدا عـراف عن تجربتها في حركـة (غـزة الحـرة) الهادفة لفك الحصار الإسـرائيلي عن القطاع بالوسـائل السـلمية.

***

عاش المواطن العربي بعد الإستقلال تحت كابوس مايسمى (بيـان رقـم واحـد).

فكل ضابط في الجيش يسـبق في الوصول بدبابته إلى قصر الحاكم أو مبنى الإذاعة والتلفزيون قبل أصدقائه يصبح الحاكم الجديد. والملفت للنظر أن هذا الفرد العسـكري يكون دائما شـديد الحرص لأن يبدأ البيان المذكور بنفس العبارة التقليدية والتي تقول (باسم الله والشعب والوطن). ولاداعي هنا للإشـارة كم هو بعيد عن روح تلك المفردات. فكان من الأجدر به لو أنه يبدأ البيان بإسـمه وإسـم عائلته وعائلة زوجته وأقاربه وأقاربها وبقية العصابة، وكان من المفيد أيضا الإشـارة للجهة المحلية أو الأجنبية التي دفعته أو دفعت له للإشـتراك في هذا السـباق.

أما اليوم فقد قرر الشـعب، وبعد أن تعب من دور المُسـتمِع ِ والمتفرج ِ والمفعولِ بهِ والمُتَحَـدَثُ باسـمهِ، قرر هذه المرة أن يأخذ المبادرة ويذهب بنفسـه إلى قصر الحاكم ومبنى الإذاعة والتلفزيون ليقرأ ويذيع بيانه رقم واحد، وذلك كما حدث في تونس ومصر وما يحدث في ليبيا واليمن وغيرها

بَيـان ْ رَقَـم ْ واحـد ْ

هذه المرة بصوت الشـعب

يامَـن ْ تُسَـمي نَفسَـك َ أبا الشَـعب ِ والوَطَـن ِ

باسـم ِ الله ِ والشَـعب ِ والوَطَـن ِ

أُعـلِن ُ الثَـورَة َ عَـليك ْ

خِطاباتُـك َ النارية ْ وشِـعاراتُـك َ القوميَة ْ

مَسـرَحِياتُـك َ الأَبَـويّـة وألقابُـك َ الأَخَـويّـة ْ

لاتُخبِـر ُ عَــن ِ البَلاييـن ِ العائِدة ْ إليك ْ

جَـوَعـتَـني وقُـلت َ "مِـن ْ أجـل ِ بناء ِ الوَطَـن ْ"

وجَـلدتَـني وقُـلت َ "لِضَمـانِ أمن ِ الوَطَـن ْ"

ماسـالَت ْ لَك َ دَمعَـة ٌ واحِـدة ْ على خَـدَّيـك ْ

لاأعـرف ُ كَـيف َ ظَنَنت َ أنَّـك َ الـواحِـد ُ القهار ْ؟

وأنَّـك َ الواهِـب ُ والقـابِض ُ وأنَّـك َ المنتقم ُ الجَـبار ْ؟

وكَـيف َ أمَـرتني أن ْ أطوف َ حَـولَـك َ وأقـول َ لَـبَّيك ْ؟

جَعَـلتَني ْ أعيـش ُ والحَـبل ُ في ْ عُـنُقي ْ

وجَعَـلتَني ْ أمشـي ْ والكَـفَن ُ على ظَهـري ْ

لَـو ْ تَـقَع ُ بيَـدي ْ، لأصفَعَنَّـك َ بنَعـلَيك ْ

إن ْ أرَدت َ أن ْ تَعـرِف َ مَـن ْ أنا

فأنا المواطِـن ُ العَـربي ْ

الذي صَحـا اليوم َ ليُـؤرِق َ عَـينَيك ْ

ودَعـني أعتَـرِف ُ لك َ أيضا ً بأني ْ عَـميل ٌ

لالِجهَـة ٍ واحِـدة ْ، ولَكِـن ْ لِجِهَـتَين ْ

فَـلا حـاجَة َ لِتَسـألَني ولا لِتَسـحق َ عِظامي بِقَـرنَيك ْ

أنا عَـميل ٌ لِلحُـريَّـة ِ التي مِـنّي صادَرتَـها

وللكرامَـة ِ التي مِـن ْ حَـياتي فَـرَّغـتَها

فهَــلّا سَـألتُـك َ أنت َ مَـن ْ يَمـلأُ جَـيبَيك ْ؟

فأنت َ عَـميل ٌ للجِـهات ِ الـتي ْ

تَـدفَع ُ بالعُـملَة ِ الأجنَبيَـة ْ

والتي إذا سَــقَطتَ، تَـوارَت ْ عَـن ْ ناظِريَـك ْ

وكَـما سَـبَق َ ووَعَـدتُـك َ أيُّها الطاغِـية ْ

فَها أنـا قَـد ْ أهَـنتُـك َ كَـما أهَـنتَني

وجَعَلتُـك َ في النهاية ِ تَـفتَح ُ لي ْ أذُنَيـك ْ

وهـا أنـا قَـد ْ طاردتُـك َ كَـما طارَدتَـني ْ

وشَـرَّدتُـك َ كَـما شَـرَدتَـني ْ

جَعلتُـك َ تدفَع ُ ثَـمَن َ ما اقتَرَفَـته ُ يَدَيـك ْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

24 ربيع الأول 1432 / 27 شـباط (فيبراير) 2011