حقيقة النظام السوري
كلمة إفتتاح أمسية (الثورة السورية في عيون الشعراء العرب) في هيوستن/تكساس
السلام عليكم، والرحمة لأرواح شهداء الثورة السورية المباركة التي قامت من أجل الحرية والكرامة.
اسمي طريف يوسف آغا وأنا من العاصمة دمشق ومضى على وجودي في هيوستن أكثر من ربع قرن. أشكر لكم تلبية دعوتي لهذه الأمسية التي يشرفني تنظيمها وتقديمها.
أمسيتي اليوم ستكون عن الثورة السورية تحديداً كما تراها أعين الشعراء العرب. وهي تؤكد من جديد أن الشعر يقف دائماً في جانب ثورات الشعوب ضد الظلم والاستبداد، فيحمسها ويدون لها. وهي كسابقاتيها، انسانية بامتياز، فالمجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه الأعزل، ليس لها علاقة بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد، وهي مجازر لايرتكبها إلا لصٌ يحاول الدفاع باستماتة عن مسروقاته. من أجمل ماقرأته عن هذا الموضوع هو (الاستسلام والتوقف في منتصف الثورة لهو أخطر بكثير وأكثر كلفة بالأرواح والأموال من متابعتها للنهاية، فالديكتاتور لايرحم المستسلمين)
وقفت الجالية السورية في هيوستن ومنذ البداية مع الثورة ضد النظام القاتل، ورأينا كيف تشكلت منظمة تكساس من أجل سورية الحرة وحاولت قصارى جهدها لفت انتباه الرأي العام الأمريكي إلى الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد. من مظاهرات يوم الأحد على ويست هايمر وبوست أوك، إلى التجمعات الاحتجاجية أمام قنصليتي روسيا والصين إلى المشاركة في النشاطات المشابهة على مستوى كل أمريكا.
بعد أمسيتي الشعرية الأخيرة التي أقمتها هنا في هيوستن في الثامن عشر من ايلول/سيبتمبر من العام الماضي، طرأت الكثير من الأحداث على مسرح ثورات الربيع العربي. حيث وقع حاكم ليبيا المقبور في يد من وصفهم بالجرذان، فقتلوه شر قتلة بعد أن أخرجوه من مجرور المياه. حاكم اليمن المحروق تمت تنحيته عن الرئاسة وهو اليوم هائم على وجهه لايرغب أحد باستقباله. حاكم تونس الهارب تمت محاكمته غيابياً وحكم بالاعدام وهو مازال مختفياً عن الأنظار. حاكم مصر المخلوع صدر عليه حكم بالسجن المؤبد في حين تم انتخاب أول رئيس في تاريخ البلاد ديمقراطياً. وهناك بوادر ثورات شعبية مشابهة بدأت تتبلور في موريتانيا والجزائر والسودان حيث بدأ حاكم الأخير بالسير على خطى من سبقوه وافتتح الثورة في بلاده بنعت المتظاهرين بالشواذ.
أما في سورية، فيبدو أن الثورة ستكون مختلفة عن غيرها، ليس فقط على مستوى الدول العربية، ولكن أيضاً على مستوى العالم والتاريخ. فالوحشية التي أظهرها النظام في قمع الشعب الثائر على الطغيان والاستبداد لم تعرفها الانسانية من قبل، إذ لم يسجل التاريخ أن نظاماً يدعي الوطنية يذبح الأطفال والنساء بالسكاكين كما تذبح الخراف. وبالمناسبة فلم يسجل التاريخ أن السوريين تعرضوا للحرق والذبح بالسكاكين إلا أثناء الغزو المغولي الأول بقيادة هولاكو قبل حوالي 700 عام والثاني بقيادة تيمور لنك بعدها بمئة عام. ولم تتعرض المدن السورية للقصف بالمدفعية والطيران الحربي إلا على يد الاحتلال الفرنسي أثناء الثورة السورية الكبرى عام 1925، وأيضاً على يد الإسرائيليين أثناء حرب تشرين عام 1973. وهذا يشير إلى أن النظام الحاكم في سورية اليوم ليس سورياً ولاعربياً أصلاً، فلا يقصف المدن على رؤوس سكانها من هو من الشعب. ولكن، ومقابل ذلك، فالبطولة والشجاعة والصلابة التي أظهرها الشعب السوري في مواجهة ذلك القمع والحقد باتت تعد أقرب إلى الاسطورة منها إلى الحقيقة، فهو وبعد حوالي السنة والنصف مازال مصمماً على إزالة هذا النظام الذي يبدو وكأنه من مخلفات التاريخ، والذي لايحمي إلا أعداء الوطن، ولايحميه إلا أعداء الوطن.
طريف يوسـف آغا
كاتب وشـاعر عربي سوري مغترب
عضو رابطة كتاب الثورة السورية
هيوسـتن / تكسـاس
أمسية (الثورة السورية في أعين الشعراء العرب)
الأحد 18 شعبان 1433 / 8 تموز، جولاي 2012
http://sites.google.com/site/tarifspoetry