زمن الثورات العربية

زمنُ الثوراتِ العربية

حين يعيد التاريخ نفسه

مِن بَعدِ أنْ مَضَتْ قُرونٌ

على رَحيلِ أبي لَهَبْ

ومِن بَعدِ أنْ تبِعَهُ أشـرارٌ

حَكموا الناسَ بالحَديدِ واللَهَبْ

ونَهبوا البِلادَ وذلّوا العِبادَ

وسَـفكوا الدِماءَ في سَـبيلِ الذهَبْ

ذهبوا جميعاً إلى مقابرهِمْ ولكِنْ

لَونُ الدِماءِ عن أسـمائِهِمْ ماذهَبْ

***

كُلَّما أُغرِقَ الشَـعبُ في الدَمِ

وظنَّهُ الحاكِمُ مِنَ المَوتِ اقترَبْ

عادَ الشـعبُ مِن جَديدٍ وارتفعَ مُحَلِّقاً

كطائِرِ فينيق تعمَّدَ باللهَبْ

فحامَ فوقَ رؤوسِ جلاديهْ

ورؤوسِ مَن للوَطَنِ نهَبْ

وانقضَّ عليهمْ كلمحِ البصرِ ناسِـخاً

عشَـراتِ السِـنينِ مِنَ القهرِ والكَرَبْ

***

كُلَّما طَغى السَـيلُ والظَهرُ انقصَمْ

صارَتْ أرضُ الوطَنِ سـاحةً للغَضَبْ

وصارتِ الكرامَةُ ريشَـةً والشَـوارعُ صفحةً

عليها تاريخُ الثورةِ انكتبْ

وكُلَّما حزمَ الشَـعبُ أمرَهُ

ألقى المَهانَةَ وللحُريَةِ طَلَبْ

وقررَ مُحاكَمَةَ جَلاّديهِ

وكل مَن إنسـانيتهُ مِنهُ سَـلَبْ

***

هذا هوَ زمَنُ الثوراتِ العرَبية

تُعقمُ البلادَ مِمَنْ أُصيبوا بالكَلَبْ

وحينَ تقومُ الثورةُ يُقامُ مَعَها ميزانُها

لااعتذارٌ حينها يُجدي ولاحَسَـبٌ ولانَسَـبْ

وكَما جَنَتْ على نفسِـها بَراقِـشُ

فظِلمُ الحاكِمِ عليهِ بالبَلاءِ جَلَبْ

والحُكمُ ليـسَ إلا امتِحانٌ

مَن لا يَعدلُ فيهِ فقد رَسَـبْ

***

لايَلومَنَّ الحاكِمُ إلا نفسَـهُ

إنَّما ثورَةُ الشَـعبِ مِما كَسَـبْ

وإنْ كانَ سَـيُعاتِبُ أحداً

فليواجهِ المِرآةَ وليبدأ العتبَ

وإنْ كانَ جاهِلاً لِما فعلَ فلينظُر إلى

أعمِدَةِ الظُلمِ كَمْ عليها صَلَبْ

وليَنظُر إلى رصيدِهِ ورصيدِ أقاربهِ

لا تتجمَّعُ ثروةٌ كَهذهِ إلا لِمَن نَهَبْ

***

هذا مَن يَدَّعي بأنَّهُ بالرئاسَـةِ زاهِداً

وهذا مَن يَدَّعي عُمرَهُ لِلشَـعبِ وَهَبْ

وهذا بأنَّهُ على اسـتعدادٍ لِكُلِ شـئ

وهذا بأنَّهُ ثائِرٌ أتى مِن خيمَةِ العَرَبْ

أما هذا فيدَّعي بأنَّهُ كشَـفَ المَرَضَ

واكتشَـفَ جَراثيماً القضاءُ عليها وَجَبْ

وهكذا يَتقلَبُ الحُكامُ في أقوالِهمْ

حتى يَنقلبونَ في النهايةِ شَـرَ مُنقَلَبْ

***

يَسـألونَ عن سَـببِ الثوراتِ عليهمْ

ولماذا الآنَ مِن بينِ بقيةِ الحقَبْ؟

هلْ حقاً يهمُ التوقيتُ؟

وهلْ حقاً لايعرفونَ السَـببْ؟

فالثورةُ ليسَـتْ بحاجةٍ لإذنٍ

ولا لمَلءِ اسـتمارةٍ ولا لتقديمِ طلبْ

كلُ ماتحتاجُهُ تنكيلٌ وتجويعٌ وهَدرُ كرامَةْ

وإغراقٌ للشـعبِ بالوعودِ وفارغِ الخُطَبْ

ولصوصيةٌ وفسـادٌ على رؤوسِ الشُّـهادِ

وتأليهٌ لحاكِمٍ كُلَّما تكلَّمَ كَذبْ

***

ماأكثرَ ماتكرَرت الثَوراتُ عبرَ التاريخِ

وماأقلَ مااعتَبرَ الحاكمُ مِنها أو حِسـابها حَسَـبْ

فهوَ إمّا قرَأها ولمْ يفهمْ دُروسَـها

فهَزَّ رأسَـهُ ببَلاهَةٍ ثمَ لها قلَبْ

أو ظنَّها لاتعنيهِ ورماها خلفَهُ

فنكبَ الشَـعبَ ثمَ الشَـعبُ لهُ نكَبْ

ومَهما حَجَبَ الحاكِمُ عنِ الشَـعبِ فهوَ

لِنور الشَـمـسِ لايَحجِبُ ولاحَجَبْ

والحاكِمُ الذي لايفهمْ قانونَ الثوراتِ

هوَ حاكمٌ بيدِ الشَـعبِ تغييرهُ وَجَبْ

***

في نهايةِ كلِ الثوراتِ تتشـابهُ الأدوارُ

فالشَـعبْ مَن يُغني والحاكِمُ مَن نَدَبْ

كما وتتشـابهُ المشـاهِدُ والصورُ

فالشَـعبُ يحتفلُ والحاكِمُ مَسـجونٌ أو قد هَرَبْ

والمَحاكِمُ تَعقِدُ جلسـاتِها حُضورياً أو غِيابياً

وأزلامُ النِظامِ في الأقفاصِ كَحزَمِ الحَطَبْ

جَنباً إلى جنبٍ مَعَ أقرانِهمْ

مِن كُلِ مَن قَتَلَ ومَن نَصَبْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

الأربعاء 27 رجب 1432 / 29 حزيران 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry