بين المجلس والائتلاف، المي بتكذب الغطاس

بين المجلس والائتلاف

(المي بتكذب الغطاس)

علق السوريون في الداخل والخارج آمالاً كبيرة على المجلس الوطني حين تشكيله منذ أكثر من السنة ليكون الواجهة السياسية للثورة السورية المباركة التي قامت من أجل الحرية والكرامة. لاأحد يشك أو يحب أن يشك بوطنية أعضاء ذلك المجلس وتاريخهم في معارضة نظام الأسد المافيوي، حتى أن الكثيرين منهم قد تعرض للسجن والتعذيب في سجون ذلك النظام. ولكن لابد من الاقرار هنا، وباعتراف معظم أعضاء المجلس أنفسهم، أنه فشل في مهمته الرئيسية وهي دعم الثورة بالصورة التي تتناسب مع عظمتها وعظمة تضحياتها.

هناك طبعاً العديد من الأسباب التي تم استنتاجها لتفسير ذلك الفشل، من عدم اتفاق مكونات المجلس إلى الصراعات الدولية والاقليمية لكسب ولائه والتأثير على قراره. كما أن هناك عدم نجاحه في إقناع الدول المؤيدة لتقديم الأسلحة النوعية التي يحتاجها الجيش الحر وعدم نجاحه في توحيد الكتائب المقاتلة. بغض النظر عن تلك الأسباب ومن المسؤول عنها، فهذا كله لايهم الناس الذين يعملون على الارض في الداخل السوري، إن كانوا ممن يتظاهرون سلمياً أو أولئك الذين يحملون السلاح. وبالتالي فاني أرى أن موافقته على الانزياح جانباً وفسح المجال للائتلاف الجديد الذي تم إنشائه مؤخراً في الدوحة إنما هو القرار الأمثل والأفضل وكما يقال (عين العقل) لخدمة الثورة.

لاشك ستكون هناك للائتلاف الجديد مهلة، هي حتماً أقصر من تلك التي منحت للمجلس، لتوحيد المعارضة وكسب الدعم الدولي والاقليمي وترجمة ذلك على الأرض بما يفيد الثورة السلمية والمسلحة معاً ويكسب ثقتهما، وكما يقول المثل الشعبي الدمشقي فان (المي بتكذب الغطاس). وإلا فعليه هو أيضاً الانزياح جانباً وافساح المجال لغيره، فهذه ثورة شعب، وليست ثورة أفراد أو مجالس أو إئتلافات، وبالتالي لاتهمها الأسماء مهما كانت ولمن كانت. لايهمها إن كان من سيفيدها هو سيدا أو صبرا أو سيف أو الخطيب، أو كان بذقن أو بلا ذقن أو بربطة عنق أو بدونها. فالشعب السوري لن يقع من جديد في فخ تعظيم الأفراد وإعطائهم أكثر من حجمهم، وإلا سيجد نفسه قد تحرر من سجن الأسد ليقع في سجن شخص آخر بغير اسم ووجه وشعارات ولكن بنفس الحماقة والغرور.

بعد طي صفحة (سورية الأسد) لن يكون هناك مكان سوى لسورية واحدة، هي (سورية الجميع). أما رئيسها المنتخب فلن يكون (قائدها) بل (خادمها)، وعليه أن يكون مستعداً لذلك وأن يقدم شهادة خبرة في (خدمة) الناس قبل أن يسمح له بالترشح لهذا المنصب. وأن يكون حتماً من الوسط المدني وليس من المؤسسة العسكرية أو الأمنية، فالوطن بحاجة لمن يستعمل عقله وقلبه وضميره معاً لابسطاره ومسدسه ودبابته، وإلا فكما يقول المثل: (الباب بفوت جمل)

***

بقلم: طريف يوسف آغا

كاتب وشاعر عربي سوري مغترب

عضو رابطة كتاب الثورة السورية

الاثنين 5 محرم 1434، 19 تشرين الثاني، نوفمبر 2012

هيوستن / تكساس