شكراً مايكل مور

شكراً مايكل مور

النص الكامل لرسالة المخرج الأمريكي مايكل مور للنظام والشعب السوريين أيار 2011

لفتت نظري رسالة المخرج السينمائي العالمي مايكل مور والموجهة للنظام السوري الذي ينكل بشعبه هذه الأيام بالطريقة التي نتابعها ويتابعها العالم على شاشات التلفزيون. وكوني من متابعي أعمال مايكل مور الجادة والجريئة والتي تنتقد أول ماتنتقد سياسة حكومته الداخلية والخارجية (وخاصة سياسة الحزب الجمهوري) فأرى أن هذا أعطاه وأعطى أعماله مصداقية لامثيل لها في الولايات المتحدة والعالم، نال على أحدها جائزة الأوسكار. وإن كان هناك مثيلاً لمايكل مور في بلادنا العربية فلست أرى سوى أبو السينما التسجيلية السورية والعربية المخرج الراحل عمر أميرالاي الذي توفي بأزمة قلبية أثناء الأيام الأخيرة من أحداث الثورة التونسية.

فمايكل مور الذي وقف أمام الكونغرس في واشنطن ووزع طلبات تطوع في الجيش الأمريكي على النواب الذين أيدوا غزو العراق، ليثبتوا وطنيتهم بالفعل وليس بالقول، وليملؤوها نيابة عن أبنائهم ليصار إلى سوقهم إلى الحرب، هو رجل جدير بالمصداقية فيما يقول.

لكل هذا وغيره رأيت أن أضع النص الكامل لرسالة مايكل مور على موقعي الخاص وكذلك على صفحتي على الفيسبوك شكراً واحتراماً لهذا الانسان الذي عز وجود أمثاله هذه الأيام.

قال مايكل مور:

أود أن أتوجه بملاحظاتي إلى الحكومة السورية، إلى أولئك الجالسين في مواقع السلطة والمسؤولية، أعتقد أنكم تعرفونني، وأعتقد أنكم تعرفون أنني لستُ جزءاً من الحكومة الأمريكية، فأنا لطالما كنتُ ناقداً جريئاً وعلنياً لسياسات حكومتنا، ولا سيما لسياساتها العسكرية. وأنا أعارض بشدّة اجتياح البلدان الأخرى، بما فيها سورية، وأؤمن بانعدام أي واجب أو مسؤولية لجيشنا الأمريكي في بلدان أخرى، وبأنه لا يجدر به التدخل ببلدان ذات سيادة مثل سورية

أما بعد، فإنني أحب أن أتوجه لكم مباشرة بهذا الكلام:

لقد انتهى وقتكم... كفى... إنها النهاية! أنتم تعلمون أن البشر، كل البشر، على مر التاريخ، يطلبون الحرية.

كل البشر يريدون أن يتمكنوا من العيش بالطريقة التي يختارونها، وفي إطار القيم الأخلاقية الأساسية لمجتمعاتهم، لكنهم يريدون أن يكونوا أحراراً، أن يتمكنوا من انتخاب ممثليهم. ويريدون أن يتمكنوا من قول ما يريدون قوله،

وأن يجتمعوا بعضهم ببعض متى أرادوا. لقد ولّت أيام منعكم ذلك، لقد انتهى ذلك في تونس، وانتهى في مصر، وسينتهي في سورية، وأنتم تعلمون ذلك بلا شك.

المسألة مسألة وقت فحسب، السؤال الآن هو (متى؟) وليس (هل؟)

ها أنتم اليوم أمام هذه اللحظة التاريخية العظيمة، وأنتم تملكون القدرة على اتخاذ ذلك القرار وتستطيعون أن تكونوا كما كان غيركم. فكروا بنظام (بوتا) في جنوب أفريقيا الذي أدرك أن النهاية أزفت، إن مجموعة صغيرة من البشر لم يعد بإمكانها أن تحكم وتتحكم بالأغلبية... فقرروا التنحّي جانباً، وفازوا بجائزة نوبل على قرارهم ذلك. وتعلمون أنهم ما زالوا مقيمين هناك، انهم مازالوا يتمتعون بثرواتهم ويعيشون في بحبوحتهم.

أنا أعرف أنكم تحبون السُلْطة، وأنكم تحبون تملّككم كل ما تملكون، ولذلك أقول انكم على الأرجح لن تضطروا للتخلي عن الكثير من ذلك، لكن عليكم التخلي عن بطشكم بالشعب، عن يدكم المُحكمة على رقبته... هذا هو ما عليكم التخلي عنه، هذا هو ما يجب أن ينتهي.

أنا أسألكم، أطلب منكم بكل جدية، بصفتي مواطناً من هذا العالم، وكشخص يكنّ احتراماً عميقاً للشعب السوري، أن تفعلوا ذلك، وأن تفعلوه الآن، أن تتوقفوا عن سفك الدماء. صورتكم أمام العالم ليست حسنةً اليوم، ولا أرى في ذلك خيراً.

أما للشعب السوري، فما سأقوله الآن هو أنني أعلم أنكم تمرون بوقت عصيب جداً، وأن دفاعكم عن حقوقكم هو صراع حقيقي، وأنكم تتعرضون للأذى وللطلقات النارية والقتل. كم هو سهل عليّ الآن من نيويورك أن أقول: (انزلوا إلى الشوارع ودافعوا عما تؤمنون به وخاطروا بحياتكم)... لكنها حقيقة تاريخية، أن كل الحركات العظيمة، وكل لحظات التحررالعظيمة، لم تحدث إلا لأن أهلها كانوا مستعدين للتضحية والمجازفة. شعب بلدي فعل ذلك يوماً، منذ أكثر من 200 عام. تعلمون أن أكثر من 20 ألف شخص ماتوا في ثورتنا التي امتدت طوال 8 سنوات. أحياناً لا تحدث الأمور بين يوم وليلة، وأحياناً يموت كثيرون، لكن في أحيان أخرى، بل في كثير من الأحيان، لا تقدّم الحرية على طبق من فضة. أحياناً يكون عليك أن تنهض وتنتزعها. أحياناً يجب عليك أن تقف وتطالب بها. وأحياناً، يكون على البعض أن يضحوا بحياتهم، وهؤلاء هم من ستعيش ذكراهم إلى الأبد. لا تستسلموا! التاريخ في صفكم! كل ديكتاتور وكل طاغية على مر التاريخ سقط واحترق، كلهم يرحلون عاجلاً أم آجلاً، مهما بلغ شرّهم، التاريخ يتقدم، والبشرية تتطور، وهذا هو ما يحدث الآن في سورية.

لدي إيمان كبير بقدرتكم على تحقيق ذلك، الجميع هنا يؤمن بذلك، لديكم مؤيدون ودعم كبير ليس فقط بين أبناء الشعب الأمريكي، بل بين شعوب العالم أجمع، وفي العالم العربي طبعاً، أنظارنا موجهة إليكم الآن.

فليكن الله معكم.

مايكل مور

المخرج السينمائي الأمريكي