خواطر عربية من المهجر

ألقيت هذه القصيدة أمام جمهور حي في قاعة صالة الأمير في هيوستن مساء

الأحد 10/10/10. يمكن مشاهدة فيديو الأمسية من الرابط في أسفل الصفحة

قصيدة

خـواطِـرُ عَـربية . . . مِـن َ المَهْجَـر ْ

عِـنـدما تحـن ُ الكلمة ْ للماضي القريب ْ وتتغنى بالتاريخ ِ العريق ْ

ودارَت ِ الأيـام ُ يا وَطـَني

واسْــتـَـحْـكــَم َ مابَـينـَـنا البُـعـاد ُ

وَطـَـني ياجَـنـَّة َ اللهِ في أرضِه ِ ...

بحـارُك َ وأنهارُك َ... وجـبالـُـك َ والوهـاد ُ

عِـطرُ الياسَـمين ِ عِـطرُك َ... والفِـل ُّ والزَنبَـق ُ

وشـجَـرَة ُ الزَيتون ِ عِـنوانـُـك َ ... والنـَخـلة ُ والكـَـبَّـاد ُ

مِـن َ الخـليج ِ إلى جَـبَـل ِ طـارق ٍ

ومِـن َ اليَـمَـن ِ السَـعـيد ِ حَـتى تأتيـك َ أرواد ُ

*****

عِـندَك َ مَلاعِـب ُ الصِبا حَـيث ُ لعِـبنا

وجـيران ٌ وخِـلان ٌ تعـوَدنا عَـليهم ْ ... وعَـلينا اعـتادوا

عِـندَك َ مَدارس ُ الطـُفـولـَة ِ والشـَباب ِ

ومَخابئ ُ العُـشـّاق ِ حَـيث ُ الراوي هـوَ الفـُؤادُ

قـَـصَص ُ العِـشْــق ِ التي عِـشـناها مَعا ً

هـَل ْ يأتي ْ يَوم ٌ يا وَطـَني ... وتـُعاد ُ ؟

أطفالا ً على أرضِك َ لـَعِـبنا ... و شـَبابا ً عَـشِـقـناها

أيامَـنا مَعَـك َ عِـشـناها وكأنـَّها أعـياد ُ

هُـنا مَدرَسَـة ٌ جَـلسْـنا عَـلى مَقاعِـدِها ...

وهُـناك َ حـارَة ٌ مَـشـَينا فيها ... وكـَذلِك َ الأجْـدادُ

بَصَمات ُ أقـدامِنا مَطبوعَـة ٌ في كـُل ِّ مَكـان ٍ ...

في أسـواقِـك َ والمَقـاهي حـَيث ُ لايـَنام ُ الرُوّاد ُ

أغـانيك َ والموسـيقى طالما أسْـكـَرَتـنا بعِـطـْر ِ الأرض ِ

كـَلِمات ٌ وأنغام ٌ جَـمَعَـت ِ الناس َ ورَدَّدَتها البـِلاد ُ

شـَـدوُ رَبابَـة ٍ هـُنا ... و تـَغـريد ُ نـاي ٍ هـُناكَ ...

وعلى العـود ِ تقاسـيم ٌ كـأنـَّه ُ يَعـز ِفـُها للقـمَـر ِ عَـوّاد ُ

*****

أما بَـيـتـُـنا الذي فـيهِ كـَبـِرنا ... فالقــَلب ُ سُــكـْـناه ُ

صِغارا ً مَـشـينا على أرضِه ِ كـَأننا أكـْباد ُ

لو كـان َ حَـقلا ً ... لفاح َ بزَهـْر ِ الذِكـْـريات ِ

مَوضِع ٌ للثِـمار ِ قـَـطـّاف ٌ ... ومَوضِع ٌ للسَـنابـِل ِ حَصّاد ُ

لو كـان َ لـَـوحَـة ً... لتـَـباهى الرَسـام ُ بألـوانِـها

ألـوان ٌ زاهِـية ٌ هُـنا ... وقاتـَمَة ٌ هُـناك َ وسَـواد ُ

لو كـان َ لوحـَة ً ... لتخـَـيَّـلتـُـها بَحـريَة ً

أصداف ٌ تبوح ُ بأسـرارها ... والرمال ُ كـَأنـَّها سَــجَّـاد ُ

هُـنا أولاد ٌ يَـلعَـبون َ في حُضن ِ مَـنارة ٍ

وعلى البُعـد ِ مَـوج ٌ ونـَوْرَس ٌ ... ومَـركـَب ٌ وصَـيَّـاد ُ

بَـيـتـَـنا يا مَخـبَأ َ عُـيوبـِنا ومَعـر ِض َ أحـْلامِـنا

كـُـلما عُـدت َ لِذاكِـرَتي ... أهـلي إليْها عـادوا

حَـنان ُ أمي ْ و دُروس ُ أبي ْ...

صُوَرٌ مِـن َ الحَـياة ِ تـَـمُـرُّ ولاتـُعـاد ُ

وحِـكـايات ُ جَـدَتي التي كـانت ْ لاتـَـنـتـَهي ْ ...

الشـاطِـرُ حَـسَـن ْ وعَـلاء ُ الديـن ِ والسِــندِباد ُ

لو كـان َ لِجُـدران ِ بَـيـتِـنا لِسـان ٌ لحَـكى ...

ولاســتـَـقـالــَت ْ مِـن ْ ألف ِ ليلة ٍ شـَـهرَزاد ُ

جـِدارٌ سَــيَـروي قِـصَص َ أفـراحِـنا ...

وجـِدارٌ لأتـراحِـنا سَــرَّاد ُ

فـيه ِ ضَحِـكـْـنا وفـيه ِ بَـكـينا ...

وفـيه ِ أهـْـلـُـنا بأسْـمائِـنا غـنـّوا ونادوا

بَـيت ُ قـَريب ٍ هـُنا... وبَـيت ُ صَديق ٍ هـُناك َ

أماكِـن ٌ كـُـلـَّـما راسَـلـَت ْ مُخَـيِّـلـَـتي ... فـَكـَأن َ دُمُـوعي ْ مِـداد ُ

*****

مَهْـما طال َ البُعـادُ ياوَطـَـني ْ ...

تبقى صورَة ً في قــَصيدَة ٍ عُـنوانـُها الو ِداد ُ

في الصورَة ِ تاريخ ٌ يَعْـبَـق ُ بالعِـزَّة ِ ...

فـُـرسـان ٌ و رايات ٌ ... و سُــيوف ٌ و جـِـياد ُ

وفي القـصيدة ِ أعـمال ٌ تـُحـاكي المُسـتحـيل َ ...

فـُتوحـات ٌ أ ُسْــطورية ٌ... و مَلاحِـم ُ و أمْجاد ُ

مِـن ْ عـَواصِمِك َ حُـكِـم َ العالـَـم ُ ...

المَـدينة ُ ودِمَـشـْـق ُ... والقـاهِـرَة ُ وبَغـداد ُ

وَهَـبْـتـَـنا تـُـراثا ً ليـس َ لـَه ُ في الدُنـيا مَـثـيل ٌ...

بُطولات ٌ وآداب ٌ وعُـلوم ٌ أصحابُها لِعُـصورهِـم ْ سـادوا

البُطولات ُ لانعـرف ُ كـَيف َ عَـبَرَ أصحابُها ...

إلى عالـَم ِ الأمْـثال ِ ... وهـَل ْ عـادوا ؟

عَـنتـَرَة ُ والزيرُ وأبو زَيْـد ٍ ...

سَــعـد ٌ وخـالِـد ٌ وطارق ٌ ... وغـَـيرُهـم ْ مِمَـن ْ الجُـند َ قـادوا

الآداب ُ نظـَـرَ الأعـْمى إليهـا ...

والشـُـعـَراء ُ أسْــمَعـوا مَـن ْ بـِه ِ صَمَـم ُ أو كـادوا

المُـتـَـنـَـبي ْ و أبو فِـراس ٍ ...الخـَـنسـاء ُ و ابن ُ زَيـدون َ

كـانوا عَـمالِـقــَة َ عَـصرهِـم ْ ... وغـَـيرُهـُم ْ أولاد ُ

صاغـوا الشِـعْـرَ كـصِياغـَة ِ الذهـَـب ِ ...

ويَوم َ صاغـَـه ُ غـيرُهـُم ْ فكـَما يَطـْرُق ُ الحَـديد َ الحَـدّاد ُ

أما العـُـلوم ُ ... فأصْحـابُها لِـعُـلماء ِ الدُنـيا

خـَلفـَهُـم ْ كـقــُطعان ِ الأغـنام ِ اقـتادوا

الكِـندي ُ و ابن ُ الهَـيْـثــَـم ِ ... الزَهـراوي ُ و ابن ُ حَـيَّـان َ

يَوم َ لـَـف َّ الظلام ُ العالـَـم َ ... شـَـع َّ عِـلمُهُـم ُ الوَقــَّاد ُ

يومَهـا أناروا الأرض َ بمَـشـاعِـل ِ العِـلـْم ِ

والآخـرون َ، إن ْ لم ْ نـَقــُل ْ أمواتا ً، فـرُقــّاد ُ

مَـن ْ يُـنكِـرون َ على الحـَضارات ِ فضائِـلـَـنا

مُنافِـقـون َ أو جاهِـلون َ أو جـُحّـاد ُ

وإن ْ كـان َ هـُـناك َ مَـن ْ يَشـهَـد ُ لـنا

فالحـُروف ُ والأرقـام ُ على مانـَقـول ُ شـُـهـّاد ُ

*****

بَـوابَـة ُ التاريخ ِ أنت َ ...

ليـس َ للتاريخ ِ مِـن ْ دونِـك َ زاد ُ

مِـن َ القــُدس ِ مَـرَّت ْ كـُل ُّ الأديان ِ

وإلى مَـكـَّة َ تحُـج ُّ أ ُمَـم ٌ وأفـراد ُ

أرض ُ الأنبياء ِ أرضُـك َ... والأولياء ِ والقِـديسـين َ

وكـُل ِ مَـن ْ وَقـَف َ لأعـدائِـك َ أنـداد ُ

كـَم ْ مَـرة ً دَنـَّسَــك َ الغـُـزاة ُ ...

فعـاد َ أبناؤك َ والكـَرامَة َ اسـتعادوا ؟

الناصِرُ والظاهِـرُ ... والمُظـَـفـَّـرُ وسَــيف ُ الدَولة ِ

وكـُل ُّ مَـن ْ في سَــبيلِك َ خـَـلـَّـدَهُـم ُ جـِهـاد ُ

يوسُــف ُ العَـظمَة ْ والمُخـتارْ ... والقـسَّـام ُ وياسـين ْ

والمَلايين ُ مِـمَن ْ لأجـلِـك َ بأرواحِـهـِم ْ جـادوا

في رمَـضان َ اعـتـلى جُـنـدُنا قِـمَـم َ الشــيخ ِ

وقـناة َ السُـوَيس ِ عَـبَـروا، فـتحَـقــَّـق َ المُـراد ُ

كـُل ُّ مَـن ْ أتاك َ في يَـوم ٍ غـازيا ً...

فـسَــيف ُ أهـْـلِـك َ برقـابـِهـِم ْ جَـوَّاد ُ

أهـْـلـُـك َ هـُم ُ كـُل ُّ مَـن ْ ناداك َ بيا وَطـَـني ...

عـيسى ْ وأحـمَـد ُ ... ومـاري ْ وسُــعاد ُ

في كـُل ِّ مَـكـان ٍ مآذِن ُ تـُعانِـق ُ كـنائِـس َ ...

على أرضِك َ كـُل ُّ الناس ِ للصَلاة ِ تنادوا

الصَلاة ُ حـين َ يُـؤَذِن ُ المُؤَذِن ُ أوْ تـُـقـرَع ُ الأجْـراسُ

والخـُطبَة ُ... إما الجُـمَع ُ وإما الآحـاد ُ

*****

لا تحْـزَنوا ياأهـل َ وَطـَـني ... فالزمان ُ دَوَّارُ

إن ْ كـُـنـّا اليَوم َ في مَهانة ٍ ... فالمُسـتـَـقـبَـل ُ تمْـلِـكـُه ُ الأحـفاد ُ

ارفعـوا رؤوسَــكـُم ُ فعلى هذه ِ الأرض ِ في يوم ٍ ...

دُقـَّـت ْ لِكـُل ِّ الحَـضارات ِ الأوتاد ُ

إرفعـوا رؤوسَـكـُم ُ فأنتم ْ في مَهْـد ِ الحَـضارات ِ

الفـينيقـيوون َ والفراعِـنة ُ... والآشـوريوون َ وأكـَّاد ُ

سـادوا التِجارَة َ وصاغـوا الأحـرُف َ.. وبنوا الأهـرامات ِ والمَنارة ْ

سَــنـّوا الشــرائِع َ وعَـلـَّـقـوا الحَـدائِـق َ .. ولا يَـنتهي ْ التِـعـداد ُ

وأتى العَـرَب ُ واســتـَـلـَـموا الرسـالة َ مِـن ْ بَعـدِهِـم ْ ...

وعَـليها مِن ْ مَكـارم ِ الأخـلاق ِ زادوا

لا تدَعـوا الزَمان َ الرَدِئ َ يُـنســيَـكـم ْ أجْـدادَكـُم ْ ...

أجْـدادُكـُم ْ وَصَلوا الصين َ بالأندَلـُـس ِ وعَـنها بدمائِهم ْ ذادوا

على مَـوائِد ِ التاريخ ِ مَـدّوا للفـَـخـر ِ أطـباقـا ً

والكـؤوس َ مَـلؤوهـا شـرابا ً مَـذاقـُه ُ اعـتِداد ُ

ماعـاشـوا في يوم ٍ على الفـُـتات ِ

كـانوا دائما ً بموائِد ِ الغـَـير ِ زُهـّاد ُ

*****

لا يَحـيد ُ المَـجْـد ُ عَـن ِ القـوم ِ ...

إلا إذا القـوم ُ عَـن ِ المَـجْـد ِ حـادوا

وما وَهَـبْـتـَـنا يَـوما ً مِـن َ السُــمُـوِّ يا وَطـَـني ...

كـَـفـيل ٌ بأن ْ يَـبْعَـثــَـنا مِـن ْ رُفـات ِ مَـن ْ بادوا

كـَـفـيل ٌ بأن ْ يُخـرجَـنا يَـوما ً مِـن َ الظـُـلـُـمات ِ ...

فالنارُ تعـود ُ إلى الحَـياة ِ إذا ماتحَـرَّ ك َ الرَماد ُ

بالوحـدَة ِ ياصاحبي نعـود ُ إلى وجـه ِ الأرض ِ

مَسـألـَة ٌ ماعـاد َ فـيها إجـتهاد ُ

الوحـدَة ُ ياصاحِـبي أمَـلـُـنا ولـَـيْس َ غـَـيرَها أمَـل ٌ ...

لاتـُـكـسَــرُ الحِـزمَـة ُ ... ولكِـن ْ تـُـكـسَـرُ الأعـواد ُ

العِـلـْم ُ مِـن ْ هذا البَـلـَـد َ والمـال ُ مِـن ْ ذاك َ

والرايَـة ُ ترفـَـعـُها الغـيرَة ُ ويَصونـُها أشـراف ٌ وأسـياد ُ

إذا زُفـَّـت ْ في الشـام ِ صَبـيـَة ٌ

فـَـرح َ لهـا في القـَـيْرَوان ِ العِـبـاد ُ

وإذا أ ُقـيم َ في أرض ِ الرافِـدَين ِ مَـأتـَم ٌ

ســالـَـت ِ الـدُمـوع ُ في المَـغـرب ِ وأ ُعـلِـن َ الحِـداد ُ

إن ْ اسـتغـاثـَـت ْ حُـرَة ٌ في القـُـدس ِ بمُـعـْـتـَـصِم ٍ

ســارَت ْ إليهـا جُـند ٌ مِـن َ الجَـزائِـر ِ شِــداد ُ

وإن ْ نـَـزَفـَـت ْ في لـُـبنان َ أرزَة ٌ

تـَـضَرَّجَـت ْ رمال ُ نـَجـْد ٍ وزَحَـفـَـت ْ إليها فـُـرسـان ٌ و أجنـاد ُ

لو صَرَخـَـت ْ مَـدينة ٌ لهَـبَّـت ْ لنُصْرَتِـها المَـلايين ُ

لااحـتلال ٌ ولااغـتِصاب ٌ، ولاوصايَـة ٌ ولااسـتِفـراد ُ

والثـَـرَوات ُ تعود ُ إلى أيادينا

والحُـدود ُ تحـرسـُـها مِـن َ الضِبـاع ِ آســاد ُ

مَـتى نعـود ُ أ ُمَّـة ً واحِـدَة ً و وَطـَـنا ً واحِـدا ً ؟

تـُـرى الأ ُمَـم ُ و لكِـن ْ لايُـرى الأفـراد ُ

وَطـَـن ٌ واحِـد ٌ مِـن َ المُـحـيط ِ إلى جَـبَـل ِ طـارق ٍ

ومِـن َ اليَـمَـن ِ السَـعـيد ِ حَـتى تأتيـك َ أرواد ُ

*****

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

شـوال1431

تشـرين الأول / أوكتوبر 2010

يرجى الضغط هنا للتعليق على القصيدة